نشر موقع أوبن كلتشر الأمريكي الذي يهتم بنشر الثقافة والعلم والمعرفة تقريرًا نقلًا عن موقع «Literary Hub» حول أهم خمسة كتب مفضلة لدى الكاتب الياباني الشهير هاروكي موراكامي، الذي تصدرت كتبه قوائم أفضل الكتب مبيعًا على الصعيدين المحلي والعالمي وتُرجِمت إلى أكثر من 50 لغة.
هاروكي موراكامي.. كاتب أمريكي أم ياباني؟
وفي البداية، يشير التقرير إلى أنه يمكن القول إن موراكامي كاتب ياباني. ونظرًا لأنه وُلِد في اليابان لأبوين يابانيين وترعرع فيها ولم يزل يعيش فيها حتى يومنا هذا، فسنجد أن الجغرافيا والثقافة وعلم الأحياء تتفق مع هذا الرأي. ومع ذلك وصف ألفريد بيرنباوم، أحد مترجمي كتب موراكامي إلى اللغة الإنجليزية، بأنه «كاتب أمريكي يكتب باللغة اليابانية من قبيل المصادفة». ولفهم كيف يمكن أن يحدث هذا، يتطلب الأمر منَّا النظر، ليس في كِتابات موراكامي وحده، ولكن فيما كتبه مُلهِمُوه. خذ مثلًا الروائي رايموند تشاندلر، الذي يظهر كتابه – الأول في مفضلات موراكامي – «The Long Goodbye أو الوداع الطويل» في قائمة الكتب الخمسة المفضَّلة لدى الروائي الياباني والتي نُشِرت لتوها على موقع Literary Hub.
حياة أدبية طويلة
ولفت التقرير إلى أن موراكامي قال ذات مرة: «ترجمتُ جميع روايات ريموند تشاندلر. وأحب أسلوبه كثيرًا. وقرأتُ كتابه The Long Goodbye خمس أو ست مرات». ولا شك أنه قرأها لأول مرة في مدينة كوبه، حيث نشأ في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، حين قدَّمت المكتبات الخاصة بتلك العقدين كثيرًا من روايات الخيال الرخيص التي خلَّفها الأفراد العسكريون الأمريكيون. ومن الممكن أن يكون صوت تشاندلر أحد الأصوات الأدبية التي استوعبها موراكامي قبل كتابة روايته الأولى، «Hear the Wind Sing أو اسمع إلى الريح فهي تغني»، بطريقة غير معتادة تمامًا لبدء القصة باللغة الإنجليزية، أو باللغة الإنجليزية التي أتقنها. ثم ترجم موراكامي تجربة فيليب مارلوفيان هذه مرةً أخرى إلى اللغة اليابانية، ليبدأ حياة أدبية دامت لأربعة عقود وما زالت مستمرة.
ولأن موراكامي كان يترجم عندما لا يكتب رواياته الخاصة، فقد نقل رواية «The Great Gatsby أو جاتسبي العظيم» – الكتاب الثاني في القائمة – لسكوت فيتزجيرالد أيضًا إلى لغته الأم، وربما تكون هذه الرواية بمثابة الرواية الأمريكية الأكثر رمزية له على الإطلاق.
وينقل موقع Literary Hub عنه قوله: «لولا رواية فيتزجيرالد، لم أكن لأكتب هذا النوع من الأدب الذي أكتبه اليوم في الواقع، ربما لم أتمكن من الكتابة على الإطلاق، على الرغم من أن هذا ليس له علاقة بالأمر». وكان نثره أيضًا هو السبيل الذي تذوَّق من خلاله عديد من القراء اليابانيين رواية (The Catcher in the Rye أو الحارس في حقل الشوفان) للكاتب الأمريكي جيروم ديفيد سالينجر، وهي العمل المفضل الثالث له – يقول موراكامي: «لقد استمتعتُ بهذه الرواية عندما كنت في السابعة عشرة من عمري، لذلك قررتُ أن أترجمها. وظننتُ أنها مضحكة، لكنها غامضة وقوية. ولا بد أنني كنتُ مشوَّشًا عندما كنت صغيرًا».
ليس في قائمة مفضلاته كتب يابانية
وأوضح التقرير أنه لا توجد كتب يابانية من بين أفضل خمسة كُتب من التي يفضلها الروائي الياباني، ولكن ليس جميع الكتب أمريكية. وتتضمن القائمة أيضًا الكتاب الرابع المفضل للكاتب الياباني الشهير؛ كتاب «The Castle أو القلعة» لفرانز كافكا، وهو كتاب آخر وقف عليه موراكامي عندما كان مراهقًا في مدينة كوبه، يقول: «أصابني هذا الكتاب بصدمة هائلة. كان العالم الذي وصفه كافكا في ذلك الكتاب حقيقيًّا وغير واقعي للغاية في الوقت نفسه، حيث بدا أن قلبي وروحي ممزقان إلى جزأين».
وعلى الرغم من وجود اختلافات في الأسلوب بين الكاتبين، فإن عبارة «عالم حقيقي وغير واقعي للغاية في الوقت نفسه» يمكن أن تصف نوعية الأدب الذي اخترعه موراكامي، ولم يزل يتقدم حتى اليوم. قال موراكامي ذات مرة: «يضعُف معظم الكتَّاب أكثر فأكثر مع تقدمهم في العمر، لكن دوستويفسكي لم يكن كذلك؛ إذ ظل يقوى أكثر فأكثر. وكتب روايته – الكتاب المفضل الخامس لدى موراكامي – (The Brothers Karamazov أو الإخوة كارامازوف) في أواخر الخمسينيات من عمره (قبيل وفاته). إن هاروكي موراكامي الآن في أوائل السبعينات من عمره، ولكن – حتى من بين أولئك المطلعين على إلهامه – من يجرؤ على توقع نوع الرواية التي سيقدمها لنا بعد ذلك، بحسب ما يُختم التقرير.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».