دعم روسي كامل لحفتر
على ضوء التدخل الروسي في سوريا – يقول معدا المقال – يبدو أن التاريخ يعيد نفسه. تحاول روسيا مجددًا دعم حليف قوي لها داخل ليبيا وتدشين منطقة نفوذ لها في الشرق الأوسط. كما يبدو أيضًا أن القلق الغربي له ما يبرره؛ إذ لطالما زعم حفتر – مثلما فعل الأسد – أنه يتصدى للإرهاب في ليبيا، حيث وجد تنظيم الدولة الإسلامية موطئ قدم راسخًا له.
على عكس تحركاتها الفردية في سوريا، لا تشتمل استراتيجية روسيا في ليبيا فرض حفتر رئيسًا لليبيا بالقوة، وإنما التعاون مع المجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار في ليبيا بما يضمن مصالح موسكو.
روسيا تصنع دور الزعامة في الشرق الأوسط
يرى معدا التقرير أن روسيا تأمل في تحقيق ثلاثة أهداف من دعمها لحفتر:
أولًا، تأمل موسكو أن ينمو نفوذ حفتر في ليبيا بما يكفي لإعطاء روسيا امتيازات اقتصادية، مما يعوض الخسائر المالية التي تكبدتها – 150 مليون دولار من الأرباح من مشاريع البناء، و3 مليارات دولار من عقد السكك الحديدية الروسية وحوالي 3.5 مليارات دولار في أرباح من صفقات الطاقة وما لا يقل عن 4 مليارات دولار في مبيعات الأسلحة – بسبب سقوط الديكتاتور الليبي معمر القذافي.
ومع بلوغ حجم إنتاج النفط في ليبيا 700 ألف برميل يوميًا في يناير (كانون الثاني) وسقوط منطقة الهلال النفطي في يد قوات حفتر، تعتبر الطاقة مجالًا مربحًا. وفي يوليو (تموز) الماضي بدأت شركة روسنيفت النفطية الروسية العملاقة شراء النفط من شركة النفط الوطنية الليبية في إطار عقد مدته سنة واحدة ليكون بمنزلة خطوة مبدئية نحو «تجديد العقود المبرمة في عهد القذافي» وفقًا لتصريح مسؤول روسي.
على الرغم من شراكتها مع حفتر، تواصل روسيا تأييدها رسميًا لجهود صنع السلام في ليبيا عبر التحاور مع حكومة الوفاق الوطني المدعومة دوليًا.
استطاعت روسيا إيجاد موطئ قدم دائم في المنطقة بتدخلها في سوريا، لا سيما من خلال تأجير قاعدة بحرية في طرطوس لمدة 49 سنة. لكن الوجود في ليبيا يجعل مبادرات روسيا تجاه الحكومات الإقليمية تبدو أكثر واقعية بكثير، وسيحبط المحاولات الأوروبية لردع التدخل الروسي.
اقرأ أيضًا: بعد تهديدات حفتر.. هل سنشهد حربًا في البحر الأبيض المتوسط قريبًا؟
روسيا لا تريد لحفتر الانفراد بالسلطة
يؤكد التقرير على أن هناك أدلة تشير إلى أن موسكو ستعرض نفسها وسيطًا بين الفرقاء الليبيين بدلًا من السعي لمساعدة حفتر على تحقيق نصر عسكري كامل. في مايو (أيار)، نجحت روسيا في عقد لقاء بين حفتر ورئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، وهو أول اجتماع منذ 16 شهرًا. كما استقبلت الحكومة الروسية السراج في موسكو، وفي هذا الأسبوع زار نائب السراج – أحمد معيتيق – روسيا واجتمع مع الرئيس الشيشاني رمضان قديروف في جروزني والمندوب الروسي للشرق الأوسط ميخائيل بوجدانوف في موسكو.
تعليقًا على ذلك، قال ليف دينجوف – رئيس مجموعة العمل الروسية المعنية بليبيا التي تديرها وزارة الخارجية ومجلس النواب – في مقابلة أجريت مؤخرًا «إننا لا نريد أن نرتبط بأي من جانبي النزاع». وأضاف أنه لا يمكن لأي من حفتر أو السراج أن يحكم ليبيا بمفرده. ونفى قيام حفتر بمكافحة الإرهاب قائلًا إنه لم يلعب أي دور في تحرير مدينة سرت من الدولة الإسلامية، وأعاد دينغوف الفضل في ذلك إلى «المجموعات التي تتبع الحكومة في طرابلس»، حيث مقر حكومة الوفاق الوطني، وقال إن السراج «معارض للإسلام الراديكالي».
كيف ترى أمريكا الوجود الروسي في ليبيا؟
لكن التقرير يرى أن التدخل الروسي المتزايد في ليبيا لا يحظى بشعبية عالمية. إذ تنظر الولايات المتحدة على وجه الخصوص بعين الشك إلى دور روسيا؛ فقد حذر قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا مؤخرًا من أن موسكو «تحاول التأثير على القرار النهائي وعن تحديد الجهة المسؤولة عن الحكومة داخل ليبيا».
لطالما أكد المسؤولون الروس على أن ليبيا سقطت في وحل الفوضى بعد تدخل الناتو عام 2011، الذي انتقده رئيس الوزراء آنذاك بوتين، باعتباره المثال الأوضح على عدم الاستقرار الذي تسببه التدخلات التي تقودها الولايات المتحدة. إذا كانت مغامرة بوتين الليبية تؤتي ثمارها، فإن روسيا قد أظهرت أنها يمكن أن تشكل نتائج سياسية دائمة في الخارج دون غزوات أرضية مكلفة أو حملات جوية مدمرة. ومثل هذا الانتصار النفسي قد يكون أثمن مكافأة على الإطلاق.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».