يُنشَر الكثير على صفحات الإنترنت حول الفوائد الملموسة لنظام الصيام المتقطع، ولكن ماذا يقول العلم؟ دعونا نتعمق في ذلك قليلًا.

نشر موقع ديج الأمريكي تقريرًا للكاتب جوشوا شنيل جمع فيه ما يقوله العلم والتجارب حول فوائد الصيام المتقطع، وهو نظام غذائي يتناول فيه الشخص الطعام خلال ساعات محدودة من اليوم، ويمتنع عن تناول أي شيء سوى السوائل الخالية من السعرات الحرارية فيما تبقى من اليوم، وأثره على العمليات الإدراكية والقوى العقلية في المجمل.

يستهل الكاتب تقريره بالقول إن الباحثين وجدوا أن الصيام المتقطع، وهي طريقة يستخدمها مَنْ يرغبون في خسارة أوزانهم، جعلت فئران التجارب أكثر ذكاءً، على الأقل في إيجادهم طريقة للهروب في اختبار المتاهة. ولكن هل هذه النتائج تنطبق على البشر؟

هل يجعلني الصيام المتقطع أكثر تركيزًا؟

حسنًا هذا ما يعتقده كثير من الناس. وظهرت شركة (HVMN) للتعديل المعرفي، ومقرها سان فرانسيسكو، في الأخبار منذ سنوات لأن فريقها انخرط بالكامل في نظام الصيام المتقطع بانتظام، وقالوا إن أكثر أيامهم إنتاجية كانت عندما لم يتناولوا شيئًا على الإطلاق، وأنهم شعروا «بالصفاء الذهني والسكينة».

ولكن أين الدليل العلمي؟

يقول الكاتب إن هناك دراساتٍ عديدة ظهرت في العقد الماضي حول فوائد الصيام المتقطع، ولكن قليلًا منها فقط ركَّز خصوصًا على تأثيره في الإدراك، أي عملية تفكيرنا. وحاولت دراسة حديثة أن تسد هذه الفجوة؛ إذ قسَّم الباحثون الفئران إلى ثلاث مجموعات: سُمِح للمجموعة الأولى أن تأكل في أي وقت شاءت، وسُمح للأخرى أن تأكل في أي وقت شاءت، ولكن مع تقييد السعرات بنسبة 10% فقط، بينما سُمح للأخيرة بتناول الطعام مرة كل يومين. ثم وُضعت الحيوانات في متاهة مائية مصممة لتقييم التعلم المكاني في القوارض، وكان على الفئران أن تسبح وتجد المخرج. وبعد 10 أيام، بدأت فئران الصيام المتقطع بالتفوق على المجموعات الأخرى في إيجاد طرق آمنة وسريعة للخروج.

حسنًا.. هذه دراسة واحدة.. هل هناك أدلة أخرى؟

أبرزت مراجعة أن الصيام المتقطع، مرةً أخرى الحديث هنا عن حيوانات المختبر، له العديد من الفوائد الإدراكية والمعرفية. ليس تفكيرًا أكثر ذكاءً، ولكن تحسُّن في الذاكرة المكانية، والذاكرة الترابطية، والذاكرة العاملة. كما أن الفوائد الإدراكية رُصدت لدى البشر، في تجربة سريرية ضمت كبار السن الذين يعانون من مشكلات معرفية متوسطة. وأدى الانتظام لمدة عام على نظام الصيام المتقطع إلى تحسن الإدراك الكلي، والذاكرة اللفظية، والوظائف التنفيذية لدى الأشخاص المشاركين.

Embed from Getty Images

وذكرت تجربة سريرية أخرى أن هناك «تحسُّنًا كبيرًا» في الذاكرة العاملة لدى كبار السن بعد عامين من الصيام المتقطع. وتوصلت «دراسة المتاهة» أيضًا إلى نتيجة مثيرة للاهتمام، وهي أن نشاط الجين المرتبط بالإدراك، كلوثو (Klotho)، قد ازداد في الفئران التي خضعت للصيام المتقطع. وهذا الجين موجود في البشر أيضًا، لذا فمن المحتمل أن يكون هذا الموضوع محط مزيد من الدراسات القادمة، وهذه الدراسات ستحدد هل يحسِّن الصيام المتقطع من الإدراك حقًا أم يبطئ التدهور فحسب.

هل هناك أي آثار مفيدة أخرى للصيام المتقطع على العقل؟

يجيب الكاتب: لدينا أدلة عن الدماغ، وعلى نحو أدق الخلايا العصبية، المرسلات في المادة الرمادية في أدمغتنا. فوفقًا لورقة المراجعة يتيح الصيام إصلاح الخلايا العصبية؛ إذ يجري خلال فترة الصيام «تشغيل» مفتاح الإصلاح؛ ما يدعم التفاعلات الكيميائية التي تسهم في إحياء الخلايا العصبية. وخلال الفترة التي يتناول فيها الشخص الطعام يتوقف تشغيل المفتاح للمساعدة في النمو. وخلُصت الدراسة نفسها إلى أن الصيام يحسِّن الإدراك، ويبطئ التدهور العصبي والمعرفي الناجم عن الشيخوخة، مع أننا لم نزل في حاجة إلى مزيد من الدراسات على البشر.

بماذا يختلف الصيام المتقطع عن الصيام المعتاد؟

الصيام المتقطع لا يعني عدم الأكل تمامًا، بل هو مزيج من «فترات الطعام» والصيام إما في اليوم الواحد أو في أيام محددة. ووفقًا لهذه المراجعة ثبت أن هناك فوائد على المدى القصير والمتوسط فيما يخص عمليات الأيض للجلوكوز والدهون. وهذا النظام يستلهم أفكاره من عصور ما قبل التاريخ عندما تكيفت أجسامنا مع ندرة الطعام؛ ما سمح لنا بالعمل على مستوى بدني وعقلي مرتفع. وتشير دراسات أخرى إلى أن الصيام المتقطع يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري، وأمراض القلب، والأوعية الدموية، ويساعد أيضًا في الوصول إلى وزن أقل، والحفاظ عليه، وتحقيق بين 0.8 – 13% من خسارة الوزن.

هل يمكن حقًا أن أكون عضلات بطن ممشوقة باتباع هذه الطريقة؟

يقول الكاتب: اعتقدتُ أنكَ مهتم بأن تصبح أكثر ذكاءً! حسنًا، لنفترض أنه يمكنك السير في الطريق الصحيح وعدم مراكمة الكيلوات من الوزن الزائد مرةً أخرى. فقد أفادت دراسة من عام 2015 أنه يمكن للإنسان أن يخفِّض ما نسبته 3 – 7% من وزنه في برنامج مدته 12 أسبوعًا.

Embed from Getty Images

ووجد الباحثون الذين قارنوا خطة الصيام المتقطع عالية البروتين منخفضة السعرات الحرارية بخطة إنقاص الوزن التي طُورت للأشخاص الذين يعانون من سمنة مفرطة أن مجموعة الصيام المتقطع تستعيد وزنًا أقل حتى بعد عام من إيقاف النظام.

هل يجب أن أتخطى وجبة الإفطار كي يصبح طعامي ضمن فترة الطعام؟

يجيب الكاتب: إذا كنت منضبطًا فحسب! فإشباع رغباتك بتناول الأطعمة السكرية أثناء فترات الطعام لن يسمح لك بتحقيق «الوضوح والهدوء والإنتاجية» التي بشَّر بها البيولوجيون في كاليفورنيا. وتذكر أيضًا أن الصيام المتقطع لم يثبت أنه يقدم نتائج جمالية أفضل كثيرًا مما تقدمه الأنظمة الغذائية الأخرى.

كيف تسير خطة الصيام المتقطع؟

أبسط طريقة هي أن تقيد فترات طعامك يوميًّا بثماني ساعات فقط إذا كنت رجلًا، ومن 10 – 12 ساعة إذا كنتِ امرأة. ولموافقة نمط الحياة ولأسباب اجتماعية (مثل العشاء مع الأصدقاء أو العائلة)، يتخطى العديد من متَّبعي الحمية وجبة الإفطار ويأكلون بدءًا من وقت الغداء. واشترك البعض من شركة (HVMN) في نظام أكثر صرامة وهو الامتناع عن تناول الطعام على الإطلاق من مساء الاثنين وحتى صباح الأربعاء.

صحة

منذ سنة واحدة
8 أسئلة تشرح لك نظام الصيام المتقطع الغذائي

ويختم الكاتب بالقول: أسس المدير التنفيذي في الشركة مجموعة وتمكن من جذب مئات المتابعين الذين يشاركون فريقه شغفهم بالصيام المتقطع.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

عرض التعليقات
تحميل المزيد