في هذا المقال الذي نشرته مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية عام 2009، يُسلط عالم السياسة الأمريكي، ستيفن إم والت، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد، الضوء على الأفكار المهمة التي يُمكن لنظريات العلاقات الدولية أن توفرها للأشخاص الواقعين في الحب، وذلك بمناسبة الاحتفال العالمي بعيد الحب هذه الأيام.

في مستهل مقاله، يقول الكاتب: بادئ ذي بدء، يُمكن النظر إلى أي شراكة عاطفية على أنها عبارة عن تحالف بالأساس، وتعد التحالفات أحد المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية. وتعطي التحالفات عديدًا من المزايا والفوائد لأعضائها (وإلا لماذا نُشكِّل هذه التحالفات؟)، إلا أنها كما نعلم أيضًا، تعكس في بعض الأحيان أهواء غير منطقية وتحدِّ بالضرورة من استقلالية كل عضو فيها.

هجر وفخ!

يُنوه الكاتب إلى أن عديدًا من واضعي نظريات العلاقات الدولية يعتقدون أن إضفاء الطابع المؤسسي على التحالف يجعله أكثر فاعلية واستمرارية، لكن هذا الطابع المؤسسي هو السبب أيضًا في أن تغدو العلاقات أكثر رسمية وهو أمر بالغ الأهمية ينبغي دراسته بدقة وعناية.

وبطبيعة الحال، حذَّر واضعو نظريات العلاقات الدولية أيضًا من مواجهة الحلفاء للمخاطر المزدوجة المتمثلة في الهجر والفخ: فكلما زاد خوفنا من أن شركاءنا قد يتخلون عنا في موقف حرج (هجر)، زادت إمكانية السماح لهم بِتوريطنا في التزامات لم نكن نتوقع حدوثها في الأساس (فخ). وستعرف ما أعنيه، عندما تجد نفسك تحضر لقاءات لم شمل المدرسة الثانوية الخاصة بشريكك، أو تجد نفسك تسافر إلى أهل زوجك لتناول عشاء عيد الشكر كل عام.

ويوضح الكاتب أنه منذ وقت طويل، يرى الواقعيون أن الأنظمة ثنائية القطب هي الأكثر استقرارًا، لذلك، إذا كان أي من المحبين يُفكر في إضافة مزيد من الأطراف الرئيسية إلى المنظومة – ويرجوك الكاتب هنا أن تعيد التفكير في الأمر- وكما يتعلم معظمنا في نهاية المطاف أن أي محاولة للتوفيق بين العلاقات العاطفية في بيئة متعددة الأقطاب تُؤدي عادةً إلى حدوث أزمات، وأحيانًا إلى اندلاع حرب مفتوحة، وهذا الأمر ليس جيدًا بالتأكيد لاستقرار التحالف.

احذر التقلبات!

وبحسب ما يقول الكاتب، تُحذرنا نظريات العلاقات الدولية كذلك من خطورة التحولات التي تحدث لموازين القوى، ويوجد هنا تحذير واضح: فمن المحتمل أن تُواجه العلاقات مشكلة إذا طرأ على وضع أحد الشركاء أو قوته تغير سريع، ولذلك، قد يكون احتفَالكما بالحصول على ترقية كبيرة في العمل أمرًا جيدًا عمومًا، لكن هذه الترقية قد تُغير التطلعات وتُرغمك أنت وشريكك على إجراء تعديلات جدية. وينطبق الأمر ذاته، إذا فُصِل أحدكما من عمله. وخلاصة القول: قد يتطلب الأمر كثيرًا من الصبر والحب للتعامل مع حدوث نقلة كبيرة في توازن القوى داخل العلاقة.

Embed from Getty Images

ومن المؤكد أن حتى أفضل العلاقات تمر بأوقات صعبة، وذلك لأنه حتى البشر الذين يحبون بعضهم بعضًا من أعماق قلوبهم قد يُواجهون صعوبات في إدراك ما يريده الشخص الآخر ولماذا يتصرف بهذه الطريقة. وقد كتب واضعو نظريات العلاقات الدولية كثيرًا من الأشياء الذكية عن سوء الفهم، ومن الجيد أن نضع بعضها نصب أعيننا، فعلى سبيل المثال، يميل معظم البشر إلى النظر إلى تصرفاتهم على أنها مقيدة بالظروف، بينما ننْسب تصرفات الآخرين إلى صفاتهم ورغباتهم، كأن نقول «أنا أفعل ذلك لأنه ينبغي لي ذلك، لكن الآخر يتصرف على هذا النحو لأن هذه هي طباعه فحسب!».

وصفة قوية لاستدامة الصراعات!

يلفت الكاتب إلى أن هذا النوع من التحيز الإدراكي هو وصفة فعالة لتصاعد الصراعات واستدامتها، وهو أمر حذر منه واضعو نظريات العلاقات الدولية منذ أمد طويل، إذ يحدث سوء تفاهم بسيط بين الطرفين، وسرعان ما تبدو محاولة كل طرف في الدفاع عن موقفه وكأنها هجوم عدواني وغير مبرر، وهكذا نكتشف مفهومًا أساسيًّا آخر للعلاقات الدولية: وهو التصعيد، وأتمنى أن يومئ قليل من القراء رؤوسهم بالاتفاق معي في هذه النقطة، وهو ما يأخذنا إلى مفهوم مفيد للعلاقات الدولية على نحو خاص: وهو التهدئة.

وقد تعرضت سمعة مصطلح التهدئة للتشويه دون وجه حق منذ معاهدة ميونيخ، لكنها إستراتيجية مهمة للحفاظ على أي علاقة عاطفية، ويضيف الكاتب: إذا لم تكن تصدقني، اسأل زوجتي، التي جعلتني أُضيف هذه الفقرة إلى المقال.

ويخلص الكاتب إلى أنه لهذا السبب، قد يساعدنا تعلم بعض نظريات العلاقات الدولية بالفعل في حياتنا العاطفية، وهذا إذا كنت محظوظًا بالقدر الكافي للعثور على الشخص المناسب، وربما قررت بعد ذلك إضفاء الطابع المؤسسي على العلاقة من خلال الزواج، ثم قد يقرر كلاكما أيضًا حشد مواردكما المشتركة وتنمية شبكة التحالف الخاصة بكما، أي بأن يكون لديكما أطفال، سواء من خلال الطريقة التقليدية أو عن طريق التبني، وإذا فعلت ذلك، فسوف تتعلم مجموعة جديدة كاملة من مفاهيم العلاقات الدولية، مثل الردع والإكراه والتكتيكات الجزيئية والإفراط في الالتزام، لكن هذه مجموعة أخرى من المشكلات ربما سأنتظر حتى يأتي عيد الأب لأكتب عنها، بحسب ما يختم الكاتب مقاله.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد