نشر موقع «ذا كونفرزيشن» الأسترالي تقريرًا أعدَّه جواو فيليب فيريرا، محاضر أول في علوم الكمبيوتر بجامعة نوتنجهام ترنت البريطانية، يُسلِّط فيه الضوء على خمسة من أصغر الروبوتات في العالم.
يبدأ الكاتب تقريره بالإشارة إلى أنه منذ طفولته كان يتخيل أن العلم سيتوصل يومًا ما إلى ابتكار نوع من الآلات المصغَّرة التي تؤدي العمليات الجراحية من داخل الجسم، مضيفًا أنه عندما بدأ حياته المهنية بصفته باحثًا في مجال الروبوتات بدأ يسمع أولى التلميحاتٍ حول البحث في الروبوتات المصغَّرة التي تضطلع بالضبط بالدور ذاته الذي لطالما تخيله منذ صغره.
وأوضح الكاتب أن فريقًا من الباحثين من جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا حقَّق في الآونة الأخيرة الإنجاز الأول نحو تطوير روبوتات الأوريغامي (المستوحى من فن طي الورق الياباني أو فن الأوريجامي) التي يبلغ عرضها 7.8 ملم، وهي نموذج أولي لإثبات المفهوم. وأطلقوا عليه اسم ميلي روبوت. ويستخدِم الروبوت خاصية الطي/البسط لدى نمط الكريسلينج أوريغامي للزحف، والقلب، والدوران. وتُشغَّل هذه الروبوتات لاسلكيًّا باستخدام المجالات المغناطيسية للتحرك في مساحات ضيقة، وتحويل شكلها لتأدية المهام الطبية، مثل تشخيص الأمراض وتوصيل الأدوية، بل إجراء الجراحة. وهي جزء من اتجاه جديد فيما يسمى بأبحاث «الروبوت الصغير».
وأشار الكاتب إلى مجموعة واسعة من التقنيات والاستخدامات للروبوتات الصغيرة، من الطائرات المسيَّرة إلى الحبوب، ومن المراقبة والإنقاذ إلى الطب الحيوي. ويسرد الكاتب خمسة أمثلة بارزة للروبوتات الصغيرة على النحو الآتي:
1- طائرات تجسس الدبور الأسود
يقول الكاتب إن طائرة التجسس التي تُعرف باسم «الدبور الأسود» صَمَّمها وسوَّقها عملاق التكنولوجيا الأمريكية «تيليدين» لمنح جنود المشاة الاستطلاع الشخصي بالتهديدات المحتملة. و«الدبور الأسود» عبارة عن طائرة صغيرة للغاية لا يتعدى حجمها راحة كف يد شخص بالغ، وتكاد لا تصدر صوتًا. ويبلغ عمر البطارية 25 دقيقة، ويصل مداها إلى كيلومترين. وتنقل هذه الطائرات من دون طيار مقاطع فيديو حية وصورًا عالية الدقة إلى مُشغِّلها. وتبلغ تكلفتها 200 ألف دولار.
2- روبو بي (النحلة الآلية)
وأوضح الكاتب أن روبو بي عبارة عن روبوت مستوحى من بيولوجيا النحلة. وهو روبوت بحجم قطعة نقدية صغيرة وله استخدامات مستقبلية محتملة في تلقيح المحاصيل ومهام البحث والإنقاذ والمراقبة، بالإضافة إلى مراقبة الطقس والمناخ. ويجري تشغيل هذا الروبوت النموذجي والتحكم فيه من خلال سلك كهربائي صغير.
3- روبو فلاي (الذبابة الآلية)
وينتقل الكاتب إلى «روبو فلاي» أو «الذبابة الآلية» لافتًا إلى أنها مشابهة جدًّا لـ«روبو بي» أو «النحلة الآلية» (والواقع أن فريق تطويرها من جامعة واشنطن يضم أحد الباحثين الأصليين وراء اختراع روبو بي). و«روبوفلاي» عبارة عن روبوت أثقل قليلًا من خِلة الأسنان، بحجم ذبابة حقيقية ومدعوم بشعاع ليزر يحتاج إلى توجيه نحو جسمه. ويأمل صانعو «روبو فلاي» أن يتمكن الروبوت في النهاية من اكتشاف تسربات الغاز وجمع الطاقة من إشارات التردد اللاسلكي، أو استخدام بطارية صغيرة مصدرًا للطاقة.
4- الأصداف متناهية الصغر
يلفت الكاتب إلى أن هذا الروبوت يشبه في تصميمه المصادفة المفتوحة؛ ويبلغ حجمها جزءًا صغيرًا من ملليمتر، وهي نماذج أولية مصممة للتنقل داخل مجرى الدم أو حول العين، ومخصصة للاستخدام في التطبيقات الطبية المستقبلية، مدعومة بمجال مغناطيسي خارجي، مثل الميليروبوتات.
5- حبة روبوت راني العلاجية
ويصل الكاتب في محطته الأخيرة إلى حبة «راني» العلاجية، موضحًا أنها عبارة عن كبسولة أرجوانية يمكن ابتلاعها، وتنتقل عبر المعدة والأمعاء لحقن أدوية مثل الأنسولين في جدار الأمعاء، حيث لا توجد مستقبلات ألم حادة.
ويرى الكاتب أن كل هذه الأنظمة يبدو أنها تشترك في التحديات ذاتها؛ وآية ذلك أنها جميعًا يصعب شحنها. ولا توجد حتى الآن تقنية بطارية صغيرة بما يكفي لتخزين الطاقة على هذه الروبوتات. وهذا يعني أن هذه الروبوتات لديها عمر طاقة قصير، أو أنها بحاجة إلى سلك، أو نوع من الطاقة اللاسلكية الموجهة نحوها.
وأضاف الكاتب أن هذه الروبوتات صغيرة للغاية بحيث لا يمكن حملها وتشغيل أدمغة اصطناعية مكتملة العناصر، موضحًا أن الأجهزة الحسابية التي يمكن تركيبها على أحد هذه الروبوتات لتوفير الذكاء الاصطناعي المدمج لن توفر القدرة على تجاوز «كيفية رفع جناحها الأيسر»، ولا تملك ما من شأنه أن يجعلها مستقلة تمامًا. وسيعرف روبوت النحلة الآلية (روبو بي) كيف يرفع أجنحته، ولكنه سيكون غير قادر على تحديد المكان الذي يذهب إليه بمفرده.
ويخلص الكاتب في ختام تقريره إلى أن الروبوتات الصغيرة أقرب من أي وقت مضى إلى تصبح شائعة الاستخدام. وباتت براهين المفهوم الخاص بتلك التقنيات متوفرة، وأصبحت مقنعة أكثر فأكثر. لكن لا يمكنك ضمان أن هذه التكنولوجيا ستكون قابلة للتطبيق في المستقبل القريب (السنوات العشر القادمة).
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».