نشر موقع «جزمودو»، الذي يهتم بالتصميم والتكنولوجيا والعلوم والخيال العلمي، مقالًا للكاتب خوسيه رودريغيز جونيور حول رجل قضى 20 عامًا على متن سفينة سياحية، ومع أن الأمر يبدو غريبًا إلا أن هناك مَنْ يصف هذا الرجل بأنه أسعد رجل في العالم.

وفي مطلع مقاله، يشير الكاتب إلى أن قطاع السفر تعرَّض لضربة موجِعة خلال الجائحة، وبخاصة سفن الرحلات البحرية. وفي بعض الحالات، عُزِل المسافرون على متن السفن لأسابيع، حيث كانت تحتاط الموانئ من انتشار فيروس كورونا. وفكرة أن يَعْلَق شخص ما على متن سفينة -قد تكون بالأساس مكانًا تكثر فيه الفيروسات- لمدة أسابيع أو شهور تبدو فكرة مروِّعة، ومع ذلك هناك مسافرون يقضون سنواتٍ على متن السفن السياحية عن طيب خاطر. ومن بينهم ماريو سالسيدو؛ أو «الملك». لقد عاش سالسيدو ينتقل من سفينة إلى أخرى لمدة عقدين من الزمان، ووفقًا لمجلة إيون وصحيفة نيويورك تايمز، إنه «أسعد رجل في العالم».

سوبر ماريو

يلفت الكاتب إلى أن أطقم العاملين على متن السفن يُسمُّونه «سوبر ماريو». وفي عام 2018، صعد لانس أوبنهايم (مخرج وموثِّق ومنتج أمريكي) على متن سفينة إنتشانتمنت أوف ذا سيز (Enchantment of the Seas) السياحية لتوثيق طبيعة حياة سوبر ماريو:

«كان المال أول ما خطر ببالي عندما رأيت طبيعة حياتهم. كيف يستطيع هؤلاء الأشخاص تدبير النفقات للعيش على نحو دائم على متن سفن الرحلات البحرية الملكية الكاريبية؟ أعني، أنهم لا يشعرون بأي قلق بشأن الرهن العقاري والفواتير التي يتعين على عشاق الحياة على اليابسة التعامل معها. كما أن كثيرًا من هؤلاء الأشخاص في منتصف العمر ومتقاعدون. وتنحصر وظائفهم الآن في التنسيق وحجز الإقامة (الإقامات) القادمة على متن سفن الرحلات البحرية، مع صفوف وصفوف من جداول البيانات التي يستعرضونها من أجل الحجز».

Embed from Getty Images

وهكذا أصبح سالسيدو «الملك البحَّار»، كما تسمِّيه نيويورك تايمز. لقد أضناه العمل لأكثر من 20 عامًا في مجال الماليات، مشيرًا إلى أنه قضى وقتًا خارج المنزل أكثر من الذي قضاه بداخله، واعتقد أن الوقت قد حان لإجراء تغيير.

وبحسب نيويورك تايمز: «عاش ماريو، لما يقرب من عقدين من الزمان، في ترحالٍ بلا انقطاع، إذ سافر كثيرًا من أجل أداء وظيفته بصفته مديرًا للتمويل الدولي في شركة متعددة الجنسيات. لقد أمضى وقتًا أطول داخل وخارج غرف الفنادق المنتشرة في أنحاء أمريكا اللاتينية أكثر من الذي قضاه داخل منزله في ميامي. وبعد العمل دون توقف لما يقرب من 21 عامًا، قرر ماريو – بعد أن خارت قواه – أن الوقت قد حان للسعي وراء تحقيق هدف الحياة: السفر حول العالم، دون مغادرة المنزل. وفي عام 1997، استقال من وظيفته وحزم حقيبة أمتعته واختفى بهدوء من حياة أصدقائه وعائلته لمتابعة حياة جديدة وسط المياه المفتوحة.

حياة دائمة

يقول الكاتب: يبدو ما أقدم عليه سالسيدو مُجافيًا للمنطق، لكن المفارقات لا تتوقف عند هذا الحد. إذ يقول سالسيدو إنه صنع لنفسه مكانًا متميزًا، وأنه شعر بالوحشة بين عددٍ لا يحصى من السياح الذين يغدون ويروحون. إنه تقريبًا حوَّل حياته العابرة إلى حياة دائمة حتى يتمكن من التعامل معها وتقبُّلها، ووجد طريقة لتحويل الغرباء إلى مُقرَّبين، على الأقل أثناء وجوده في البحر. وبحسب مجلة «إيون» فقد وضعت الجائحة حياة سالسيدو البحرية الدائمة في فترة توقف، لكنه عاد على متن السفينة منذ ذلك الحين.

مجتمع

منذ 6 سنوات
وحيدًا في الغابة 27 عامًا.. ماذا فعلت حياة البرية بـ«كريستوفر الراهب»؟

ذكرت المجلة في تقريرها: «إنه أسلوب حياة انتهجه منذ حوالي 23 عامًا بعد أن ترك مهنته المربحة في مجال الماليات، وباستثناء فترة توقف امتدت لمدة 15 شهرًا بسبب جائحة كوفيد-19، لم يغادر الحياة البحرية منذ ذلك الحين. ويتخلص سالسيدو من جميع «الأنشطة غير ذات القيمة المضافة» من حياته، مثل إخراج القمامة أو غسيل الملابس، ليستمتع بالإبحار وفقًا لشروطه الخاصة، ونادرًا ما يترك السفينة نحو اليابسة في محطات التوقف، ويتجنب المشاركة في الأنشطة الجماعية الكبيرة الأخرى التي يتمتع بها معظم زملائه على السفينة الذين يقضون عطلاتهم.

ويظل سالسيدو غير خائف ولا منزعج مما يُسمِّيه «الحياة على اليابسة». وإذا استمرت أسعار الغاز في الارتفاع، فربما يكون العيش على متن سفينة سياحية ليس بالفكرة السيئة، بحسب ما يختم الكاتب.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد