نشهد الآن أعلى مستويات النزوح المسجلة. هناك حوالي 258 مليون شخص، أو واحد من كل 30 شخصًا يعيشون خارج البلد التي ولدوا بها في عام 2017.

يمكن القول: إن الحركة الجماهيرية هي أكبر قصة في عصرنا. كيف نحدد الأنواع المختلفة من المهاجرين، كم هي أعدادهم؟ وهل الأزمة الحالية هي بالفعل مشكلة غير مسبوقة؟ كانت تلك التساؤلات محط اهتمام تقرير نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية.

1- مهاجرون ووافدون وطالبو اللجوء ولاجئون ونازحون.. ما الفرق بين هذه التسميات؟

تحتمل هذه الكلمات الكثير من المعاني؛ لأنها تشير في الغالب إلى خلفية أو دافع قد يكون غير دقيق. ووفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951، فإن الفرق بين اللاجئين وطالبي اللجوء واضح. غادر طالبو اللجوء بلدانهم وسعوا للحماية من الاضطهاد. فيما تلقى اللاجئ بالفعل هذه الحماية.

يتمتع اللاجئون بالحق في الحماية الدولية، بينما طلب اللجوء هو حق من حقوق الإنسان؛ مما يعني أنه يجب السماح للجميع بدخول بلد آخر لطلب اللجوء. النازحون داخليًا هم بالضرورة هاربون في موطنهم: اللاجئون المفترضون الذين لم يكونوا قادرين، أو راغبين في عبور حدود دولية.

عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين، فإن التعريفات أكثر صخبًا. يفترض البعض أن المهاجر في طريقه للانتقال إلى حياة أفضل. ولكن إذا كان هؤلاء الأشخاص يفرون من مجاعة من أجل البقاء، فهل هم مهاجرون أم لاجئون؟

لذلك تعرف المنظمة الدولية للهجرة المهاجر على أنه أي شخص يتحرك عبر حدود دولية، أو داخل دولة، بغض النظر عن وضعه القانوني، سواء كانت الحركة طوعية، أو غير طوعية، وأيًا ما كانت أسباب الحركة، ولا يرتبط التعريف بقصر أو طول فترة الإقامة. أما المغترب فهو مصطلح محدد بشكل ضعيف، ويعني في الأساس: أي شخص يعيش خارج وطنه الأم.

2- كم تبلغ أعداد هذه الفئات؟

آخر توقعات منقحة هي أنه سيكون هناك 405 ملايين مهاجر دولي بحلول عام 2050.

نحن نشهد الآن أعلى مستويات النزوح المسجلة. هناك حوالي 258 مليون شخص، أو واحد من كل 30 شخص، يعيشون خارج البلد التي ولدوا بها في عام 2017.

وهذا رقم قياسي، حيث كان هناك 173 مليون في عام 2000 يعيشون خارج بلد ولادتهم. وفي عام 2003، كانت هناك توقعات أنه بحلول عام 2050، سيكون هناك ما يصل إلى 230 مليون مهاجر دولي. آخر توقعات منقحة هي أنه سيكون هناك 405 ملايين مهاجر دولي بحلول عام 2050.

حتى هذه الأرقام تفشل في التعبير عن الواقع الكامل. كان هناك 25.9 مليون لاجئ وطالب لجوء في منتصف عام 2017، لكن اللاجئين المسجلين لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من جميع الذين أجبروا على ترك ديارهم لأسباب تمتد من الحرب إلى الأزمة البيئية. إجمالًا يعاني 66 مليون شخص على الأقل من النزوح القسري على مستوى العالم، حوالي 40.3 مليون منهم من النازحين داخليًا.

بالنسبة للمغتربين، تختلف التقديرات بشكل كبير، اعتمادًا على التعريف. وأخيرًا هناك 10 ملايين شخص عديم الجنسية، بدون جنسية على الإطلاق.

3- ما هي البلدان التي تنتج – وتستقبل – أكبر عدد من المهاجرين؟

وفقًا لمنظمة الهجرة الدولية، كانت الولايات المتحدة وألمانيا وروسيا والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة هي الوجهات الخمسة الأولى للمهاجرين في عام 2015. ولدى الولايات المتحدة حوالي 46 مليون مقيم أجنبي المولد، ولدى ألمانيا حوالي 12 مليونًا.

وكانت الهند والمكسيك وروسيا والصين وبنجلادش من أكبر خمس دول ينتمي إليها المهاجرون. ما يقرب من نصف جميع المهاجرين الدوليين جاءوا من آسيا، على الرغم من أنه لا يزال من الشائع أكثر أن يتحرك الآسيويون والأفارقة داخل قارتهم الخاصة.

4- ما هي الدول التي تستقبل وتنتج معظم اللاجئين؟

بعض البلدان الأكثر فقرًا في العالم، والتي هي في الغالب أقل استقرارًا –
مثل الأردن ولبنان وباكستان وأوغندا – هي الآن الدول المستضيفة لأكبر عدد
من اللاجئين في العالم

استقبلت الولايات المتحدة تاريخيًا المزيد من اللاجئين أكثر من جميع الدول الأخرى في العالم مجتمعة، على الرغم من أن أعداد هؤلاء اللاجئين قد تباطأت في السنوات الأخيرة. في عام 2016، استقبلت أمريكا 85 ألف لاجئ. في ذلك العام نفسه، تعهد الرئيس السابق، باراك أوباما، بإعادة توطين 110 ألف لاجئ في السنة المالية 2017، بزيادة قدرها 57% عن أرقام عام 2015. لكن في وقت لاحق من عام 2017، خفض الرئيس دونالد ترامب الحد الأقصى إلى 45 ألف لاجئ. ووفقًا للجنة الإنقاذ الدولية، فإن الولايات المتحدة سوف تعيد توطين 21.292 لاجئًا فقط في السنة المالية الحالية.

وعلى النقيض من ذلك، فإن بعض البلدان الأكثر فقرًا في العالم، والتي هي في الغالب أقل استقرارًا – مثل الأردن ولبنان وباكستان وأوغندا – هي الآن الدول المستضيفة لأكبر عدد من اللاجئين في العالم لفترات طويلة الأجل. تركيا هي البلد المضيف الرئيسي للاجئين، مع 3.5 مليون لاجئ، تليها أوغندا وباكستان، والتي تستضيف حوالي 1.4 مليون، وفقًا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

إجمالاً، يأتي 57% من اللاجئين من ثلاثة بلدان فقط: سوريا (6.3 مليون) أفغانستان (2.4 مليون) وجنوب السودان (2.3 مليون). وفي الوقت نفسه، تستضيف كولومبيا أكبر عدد من النازحين داخليًا، 7.6 مليون شخص في عام 2017.

عادة ما تستبعد الأرقام الرسمية اللاجئين الفلسطينيين الذين تختلف أعدادهم حسب المصدر، لكن يُقدر أن يتراوح عددهم بين 5.3 مليون و 6.5 مليون، حوالي واحد من بين كل ثلاثة من جميع اللاجئين في جميع أنحاء العالم. أعلنت الولايات المتحدة الشهر الماضي أنها ستقطع كل التمويل لبرنامج اللاجئين الفلسطينيين الرئيس.

5- ما المدة التي يبقى فيها الناس لاجئين ونازحين؟

لم تكن أعداد اللاجئين فقط التي لم يتم تقديرها بالشكل الوافي، ولكن أيضًا طول الفترة الزمنية للاجئين الذين لا يزالون نازحين في المخيمات وما يسمى بالحالات «المؤقتة».

لا يزال هناك لاجئون فلسطينيون أجبروا على مغادرة بلادهم عام 1948 في مخيمات في سوريا، ولاجئون إريتريون وإثيوبيون كانوا يعيشون في مخيمات في السودان منذ منتصف الستينات، ولاجئون أفغان دخلوا مخيمات في باكستان منذ الغزو السوفيتي في عام 1979. والقائمة تطول.

وعلاوة على ذلك، فإن العديد من البلدان التي يضطر فيها عدد كبير من الناس إلى الفرار من الصراع – مثل سوريا وجنوب السودان والعراق واليمن – تستضيف أيضًا أعدادًا كبيرة جدًا من المشردين داخليًا.

وقال ستيف فالديز سيموندز، مدير حقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة العفو الدولية: «من الناحية السياسية، كانت أوروبا تعاني من الذعر في 2015 و2016 حول حجم حركة الناس إلى القارة بأكملها». وأضاف: «لكن حجم الحركة هذا لا يطابق الانتقال من جنوب السودان إلى أوغندا بعد أقل من عام ولا يتجاوز بكثير ما حدث مؤخرًا عبر حدود ميانمار – بنجلاديش، أو في فنزويلا حيث تتحرك أعداد كبيرة من الناس إلى الإكوادور وبيرو وكولومبيا وبلدان أخرى في تلك المنطقة».

6- ماذا عن الاستجابة السياسية؟

إذا كانت حياة شخص ما في خطر، فلا ينبغي أن يكون السؤال ما إذا كان ذلك بسبب
بندقية أو انهيار أرضي أو زلزال. *بيل فريليك، مدير برنامج حقوق الإنسان في منظمة «هيومن رايتس ووتش».

يمكن القول إن الاستجابة للهجرة كانت أقل قبولاً من الناحية السياسية من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. لقد أرسلت استجابة الحكومات المناهضة للهجرة في جميع أنحاء أوروبا، وفي أمريكا وأستراليا، إشارات واضحة إلى بعض بلدان خط المواجهة بأنها تستطيع بناء الجدران وإعادة أولئك الذين يبحثون عن ملاذات آمنة.

وقال فالديز سيموندز: «شهدت السنوات القليلة الماضية حركات تهديدية من جانب البلدان التي قدمت للاجئين درجة نسبية من الأمان، من كينيا تجاه لاجئيها الصوماليين اللاجئين، على سبيل المثال، وباكستان تجاه اللاجئين الأفغان».

هناك تعقيدات إضافية تشمل أولئك الذين يفرون من الكوارث البيئية، مثل الفيضانات أو التصحر. لم يعرف مؤتمر عام 1951 هؤلاء الأشخاص بأنهم لاجئون، ولكن كما يقول بيل فريليك، مدير برنامج حقوق الإنسان في منظمة هيومن رايتس ووتش: «إذا كانت حياة شخص ما في خطر، فلا ينبغي أن يكون السؤال ما إذا كان ذلك بسبب بندقية أو انهيار أرضي أو زلزال».

7- ماذا عن عمليات الإتجار بالبشر؟

لقي حوالي 30 ألف شخص حتفهم أثناء العبور خلال السنوات الخمس الماضية، حيث
كان البحر المتوسط وشمال أفريقيا وأمريكا الوسطى مناطق مميتة بشكل خاص.

أدى العداء السياسي والعام للهجرة إلى انخفاض كبير في الطرق القانونية للهجرة في العشرين سنة الماضية. وقد شجع ذلك على قيام نشاط مزدهر في الإتجار غير المشروع بالبشر، والذي يُقدر الآن بأكثر من 150 مليار دولار كل عام.

مناطق النشاط الرئيسة هي من الجنوب إلى الشمال في الأمريكتين (هناك ما يقدر بـ3 ملايين مهاجر غير قانوني إلى الولايات المتحدة كل عام، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة)، ومن أفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا ومن جنوب آسيا إلى الخليج وأوروبا إلى ما وراء ذلك.

ووفقًا لمشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة، لقي حوالي 30 ألف شخص حتفهم أثناء العبور خلال السنوات الخمس الماضية، حيث كان البحر المتوسط وشمال أفريقيا وأمريكا الوسطى مناطق مميتة بشكل خاص.

8- ماذا بعد؟

من المقرر أن توافق الأمم المتحدة رسميًا على ميثاق عالمي جديد بشأن الهجرة، في مراكش في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعد 18 شهرًا من المفاوضات. ويقول المؤيدون: «إن الصفقة تعد بنهج أفضل وأكثر تنسيقًا للهجرة، رغم أن الجهود قد تضررت بسبب انسحاب الولايات المتحدة من المحادثات في منتصف الطريق».

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد