نشرت شبكة «سي إن إن» الأمريكية تقريرًا أعدَّته نادية كونانج تُسلِّط فيه الضوء على دراسة جديدة تكشف بعض تأثيرات الإصابة بفيروس كورونا (كوفيد-19) على تلف أنسجة ومناطق في الدماغ حتى في حالة الإصابة الخفيفة بالفيروس.

فيروس كورونا.. تسارع وتيرة شيخوخة الدماغ

تقول الكاتبة في مطلع تقريرها، إن دراسة جديدة كشفت أنه حتى الأشخاص الذين لديهم إصابة خفيفة لكوفيد-19، قد يعانون من تسارع وتيرة شيخوخة الدماغ والتغيرات الأخرى التي تطرأ على مناطق الدماغ.

ويُعتقد أن الدراسة، التي نُشرت يوم الاثنين في مجلة نيتشر، هي الأكبر من نوعها. ووجدت أن أدمغة أولئك الذين أصيبوا بفيروس كورونا (كوفيد-19) تعاني من فقدان أكبر للمادة الرمادية في الجهاز العصبي واضطرابات في أنسجة الدماغ مقارنةً بأولئك الذين لم يكن لديهم إصابة بكوفيد-19. ووقع عديد من هذه التغييرات في مناطق الدماغ المرتبطة بحاسة الشم.

أبحاث ودراسات

منذ سنة واحدة
مترجم: البشر أصبحوا أقل مادية.. والفضل لكورونا!

وقالت جوينيل داوود، الأستاذة المساعدة في علوم الأعصاب بجامعة أكسفورد، لشبكة «سي إن إن» في رسالة بالبريد الإلكتروني: «لقد فوجئنا للغاية برؤية اختلافات واضحة في الدماغ حتى مع الإصابة الخفيفة».

وتلفت الكاتبة إلى أن جوينيل وزملاءها قيَّموا التصوير الدماغي لـ 401 من الأشخاص المصابين بكوفيد-19 بين مارس (آذار) 2020 وأبريل (نيسان) 2021، قبل الإصابة وبعد 4 أشهر ونصف من الإصابة في المتوسط. وقارنوا النتائج مع إجراء تصوير دماغ على 384 شخصًا غير مصاب متشابهين في العمر والحالة الاقتصادية الاجتماعية وعوامل الخطر مثل ضغط الدم والسمنة. ومن بين المصابين البالغ عددهم 401، نُقِل 15 إلى المستشفى.

وتراوحت أعمار المشاركين الـ 785 بين 51 و81 عامًا وكانوا جميعًا جزءًا من بيانات البنك الحيوي في المملكة المتحدة، وهي قاعدة بيانات صحية حكومية عاملة تضم 500 ألف شخص بدأت في عام 2012.

فقدان بمعدل أعلى من الطبيعي

وأوضحت جوينيل أنه من الطبيعي أن يفقد الأشخاص 0.2% إلى 0.3% من المادة الرمادية كل عام في المناطق المرتبطة بالذاكرة في الدماغ مع تقدمهم في العمر، ولكن في تقييم الدراسة، فقد الأشخاص المصابون بفيروس كورونا نسبة إضافية تتراوح من 0.2% إلى 2% من الأنسجة مقارنةً بأولئك الذين لم يصابوا بالعدوى.

وبالإضافة إلى التصوير الدماغي، اختُبر المشاركون لوظائفهم التنفيذية والمعرفية باستخدام اختبار ربط النقاط (Trail Making Test)، وهي أداة تُستخدَم للمساعدة في اكتشاف الإعاقات المعرفية المرتبطة بالخرف واختبار سرعة ووظيفة معالجة دماغ الشخص. ووجد الباحثون أن أولئك الذين تعرضوا لأكبر قدر من فقدان أنسجة الدماغ كان أداؤهم أسوأ في هذا الاختبار. وعلى الرغم من أن مناطق الدماغ الأكثر تضررًا تبدو مرتبطة بحاسة الشم، إلا أن جوينيل قالت إنه لم يكن من الواضح ما السبب في ذلك.

Embed from Getty Images

وقالت: «نظرًا لأن التغييرات غير الطبيعية التي نراها في أدمغة المشاركين المصابين قد تكون مرتبطة جزئيًّا بفقدان حاسة الشم، فمن الممكن أن يؤدي التعافي منها إلى أن تصبح هذه الاضطرابات الدماغية أقل وضوحًا بمرور الوقت. وعلى نحو مماثل، من المحتمل أن تنخفض الآثار الضارة للفيروس (سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة عن طريق التفاعلات الالتهابية أو المناعية) بمرور الوقت بعد الإصابة. وأفضل طريقة لمعرفة ذلك هي فحصوصات لهؤلاء المشاركين مرةً أخرى في غضون عام أو عامين». وأضافت جوينيل أن الباحثين يتوقَّعون إعادة تصوير المشاركين وإجراء اختبارات عليهم في غضون عام أو عامين.

تأثيرات كورونا المحتملة

وتشير الشبكة الأمريكية إلى أنه وفي حين وجدت الدراسة بعض الارتباط بين الإصابة ووظيفة الدماغ، إلا أنه لا يزال من غير الواضح سبب ذلك، لافتةً إلى أن الدراسات السابقة أظهرت أن الأشخاص الذين يعانون من فقدان حاسة الشم بصورة كبيرة ومتكررة يعانون أيضًا من فقدان المادة الرمادية. ومع ذلك، لم تقيِّم هذه الدراسة هل فقد الأشخاص حاسة الشم بالفعل أم لا.

ونبَّه المؤلفون إلى أن النتائج ليست سوى نتائج للوقت الحالي، لكنهم أشاروا إلى أنها «تثير احتمالية أن العواقب الطويلة المدى للإصابة بسارس- كوف2 قد تسهم في المستقبل في الإصابة بمرض الزهايمر أو أي شكل آخر من أشكال الخِرَف». وقال الدكتور ريتشارد إيزاكسون، طبيب الأعصاب ومدير مركز صحة الدماغ بجامعة فلوريدا أتلانتيك، والذي لم يشارك في الدراسة، إن النتائج جديرة بالاهتمام، لكنها ليست كافية لإثارة القلق.

وقال آيزاكسون إن النتائج تستحق الاهتمام من الأطباء، لكنه أضاف أنه من الصعوبة بمكان تحديد التأثير الكلي في الأفراد، والذي قد يكون ضئيلًا. وقال: «من الصعب حقًا معرفة التأثير السريري الطويل المدى وتأثير نوعية الحياة في حالة من هذا القبيل».

وقال الدكتور آلان كارسون، أستاذ الطب النفسي العصبي في مركز علوم الدماغ السريري في جامعة إدنبرة، والذي لم يشارك في الدراسة: «قد يتأثر الدماغ بآليات تفاعل أخرى مثل التغيرات المناعية أو الالتهابية أو الوعائية أو النفسية/السلوكية ولكن ليس بالإصابة المباشرة».

وقال: «ما تُظهره هذه الدراسة بالتأكيد هو التأثير، من حيث التغيرات العصبية. ولكنني لا أعتقد أنها تساعدنا على فهم الآليات التي يقوم عليها التغيير المعرفي بعد الإصابة بكوفيد»، حسب ما يختم التقرير.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد