يتفاقم القلق والتوتر اضطرادًا مع الأزمات، وهو ما يتسبب بخفتِ الدافع الجنسي والتأثير سلبًا على الحياة العاطفية والحميمية للكثير من الشركاء، لذلك تتناول الكاتبة أليس بروستر في مقالها المنشور حديثًا في موقع «Bustle» عن تقنيةٍ جديدة يجري تعليمها وتطبيقها لتحسين الحياة الجنسية ومعالجة العديد من المسائل في هذا المجال.
لماذا يتوجه الناس للتركيز الحسي؟
وصل تأثير الجائحة لكل جانبٍ من جوانب الحياة، بما في ذلك دوافعنا الجنسية. عانى الكثيرون من التكيف مع مختلف القيود والقواعد الموضوعة لضبط انتشار فيروس كوفيد 19، وتفاقم القلق والتوتر اللذان يُعتبران ضمن الأسباب الرئيسة القاتلة للرغبة الجنسية.
ولذلك، أورد تطبيق بلو هارت المختص بالعلاج الجنسي ازديادًا في توجه الناس نحو تعلّم تقنيةٍ علاجية ذهنية تُسمى بالتركيز الحسي مختصة بمساعدة الذهن على توجيه انتباهه على أحاسيس الجسم، وهي تقنية يؤكد المقال أهمية دورها في المساعدة في مجال تحسين الحياة الجنسية.
يوضح المقال أن التركيز الحسي (Sensate Focus: ويُترجم أحيانًا لـ: التركيز الحواسيّ، أو رفع مستوى الإدراك بالحواسّ) هو تقنية مستخدمة في العلاج الجنسي، قدمها الباحثان الرائدان ويليام إتش ماسترز وفيرجينيا إي جونسون في الستينات. تعمل هذه التقنيّة المستهدفة لرفع مستوى الحميمية على تدريب العقل للتركيز على درجة الحرارة واللمس والضغط، من أجل منع أيّ أفكار أخرى قد تصرف انتباهك عن المتعة.
لاحظ تطبيق بلو هارت المختص بالعلاج الجنسي ارتفاعًا كبيرًا في عدد الأشخاص الذين جربوا تقنية التركيز الحسي، إذ وصل العدد إلى 12 ألف منذ شهر مارس (آذار) 2020، ويُعزى هذا الارتفاع إلى الإرهاق والإجهاد الناجم عن ضغط الأشهر الإثني عشر الماضية. ودليل ذلك الإحصائية التي ينقلها المقال عن جمعية مايند الخيرية المعنية بشؤون الصحة النفسية، والتي ورد فيها أن 60٪ من البالغين قالوا إن صحتهم العقلية غدت أسوأ نتيجة لجائحة فيروس كورونا.
يعتبر المؤسس المشارك لتطبيق بلو هارت ساشين راؤول أن «التركيز الحسي طريقة رائعة للأزواج للتعامل مع القلق والتوتر الذي تسببه الجائحة في حياتهم الجنسية»، شارحًا ذلك بالقول: «يسمح – التركيز الحسي – للأزواج بإعادة التواصل بوتيرةٍ مريحة لكليهما.
من خلال ممارسة التركيز الحسي، يصبح الأزواج قادرين على إخماد الأفكار المتطفلة التي قد تحدث أثناء ممارسة الجنس، سواء تعلقت الأفكار بمظهرهم أو بالأحداث الأخرى غير المرتبطة باللحظة، ليستطيعوا التركيز على المشاعر والأحاسيس التي يختبرونها».
ويشرح معالج العلاقات بيتر سادنجتون أنه عندما تواجه صعوبة جنسية أو تشعر بحالة من الانفصال في غرفة النوم، قد تجد نفسك توقف اللمس الجسدي تمامًا، ولذلك فإن التركيز الحسي هو طريقة دمثة لإعادة التواصل، فهو تقنية «تتغلب على الحاجز الذي قد ينشأ نتيجة للصعوبات الجنسية».
ما سرّ التركيز الحسي وكيف يعمل؟
يوضح المقال أن التركيز الحسي يمنحك الأدوات اللازمة للتركيز على الأحاسيس التي تختبرها أثناء العلاقة الحميمة والطريقة التي تجعلك تشعر بها. عند تطبيق التركيز الحسي، قد يُطلب منك التركيز على ما يمكنك أن تشعر به وتسمعه وتشمه. في نفس الوقت، تتعلم تبديد الأفكار السلبية من عقلك وأي خواطر أو مؤثرات قد تشتت انتباهك عن مشاعرك. بهذه التقنية يركز عقلك على ما يحدث معك في الوقت الحاضر ويمكن أن يقلل من التوتر والقلق.
يفرز جسمك الكورتيزول عند تعرضك للتوتر، ويضعك هذا الهرمون في وضع «المواجهة أو الهروب» (fight or flight)، وهو مفيد للحماية من المواقف الخطيرة بصورة أساسية. لكن، قد يضرّ الشعور بمستويات عالية من التوتر لفتراتٍ طويلة من الزمن بالدافع الجنسي. يشدد المقال أن التوتر المزمن (تأهبك وشعورك بالتوتر لفترةٍ طويلة) يتسبب باستنفاد الهرمونات الجنسية لديك، لأن جسمك منهمك بتلبية احتياجات زيادة الكورتيزول.
التوتر هو القاتل الأول للدافع الجنسي، وقد أتت الجائحة محمّلة بفيضٍ من مسببات التوتر. قال راؤول إن أحد مستخدمي التطبيق قال إن دافعه الجنسي قد تعرض للـ«إبادة»: «كانت المستويات المرتفعة من الضغوط المالية، وانعدام الأمن الوظيفي، والقلق الصحي واقعًا يواجه الكثيرين، ويمكن أن يتسبب هذه التوتر في فقدان الرغبة الجنسية (اللبيدو) أو انخفاضها».
قد يؤدي الشعور بالتوتر لفترة طويلة إلى الشعور بالاستنزاف. يحتمل أن جائحة كوفيد19 قد شغلت الكثير من قدراتك من العاطفية والعقلية على مدى العام الماضي، ولا يستغرب أن يؤدي ذلك إلى عسر الشعور بالإثارة الجنسية.يرشدك التركيز الحسي لتوجيه انتباهك على محيطك المباشر وما يحدث في الحاضر، وبالتالي يمكن أن يساعد الناس على الشعور بترابطٍ أكبر، كما يفيد في علاج الألم أثناء ممارسة الجنس والقلق المتعلق بتفاصيل المعاشرة واضطرابات الرغبة والإثارة.
ينقل التقرير عن أخصائية العلاج الجنسي والعلاقات وخبيرة الإدراك الحسي جوجي سلي تعقيبها: «يعزز التركيز الحسي إنتاج الجسم للأوكسيتوسين والدوبامين (النواقل العصبية المسؤولة عن المشاعر الجيدة)، والتي يمكن أن تحسّن من الحالة المزاجية المنخفضة وتزيد من الترابط. التركيز الحسي طريقة عاطفية فعالة أيضًا لمعالجة مسائل جودة الأداء الجنسي عبر تحويل الانتباه بعيدًا عن الأعضاء التناسلية، ما يسمح للمشاركين بتجربة المتعة دون القلق المرتبط بالأداء الجنسي الموجه نحو تحقيق الأهداف».
الدافع الجنسي والتركيز الحسي
لا شك في جمال مبدأ التركيز على التواصل ما بين عقلك وجسدك، ولكن قد يصعب معرفة السبيل لتحقيق ذلك عند محاولة التطبيق العملي للأمر. تقترح سلي البدء بتخصيص فتراتٍ من الوقت للاهتمام بالشريك تقارب الساعة ونصف متوسطًا، وتنوّه إلى أن هذه الأوقات يجب أن تكون مواتية: لا يجب أن تكون أوقات متأخرة في الليل أو مضغوطة أو في حالة تعب أحد الشريكين، وتشدد على وجوب إبعاد المشتتات: «الهاتف مغلق. الأبواب مغلقة. الأطفال نائمون أو في مكان آخر».
خلق بيئة مريحة وهادئة وملائمة هو الخطوة الأولى نحو التركيز على تريد فعله. تقترح سلي بعدها بالبدء في لمس شريكك في كل مكان: «يُمنع عادةً الاتصال الجنسي في هذه الحالات بغية السماح للأشخاص بتجربة اللمس الجسدي فقط دون ضغط الوصول لأي هدف. وإذا كان القلق الشديد يعتريك، يمكن أيضًا حظر ملامسة الأجزاء الأكثر جنسانية في الجسم (مثل الثديين والأعضاء التناسلية) حتى لا يتشكل أي ضغط أو قلق من الشعور بالإثارة الجنسية أو تحويل الجلسة لأغراضٍ أخرى».
إذا كان احتمال لمس شريكك بصمت يبدو وكأنه خطوة كبيرة في علاقتكما، توصي سلي بالبدء بذراعيك وساقيك قبل الانتقال إلى المناطق الأكثر حميمية. وينقل المقال عن سادنجتون قوله بأنه لا يوجد شخصان متماثلان وتوصيته بأن تفعل الأمور كما يناسب وتيرتك ببساطة. المفتاح لكسر الحاجز أمام ممارسة التركيز الحسي وتقبله يكمن في فعله بانتظام، ويقترح سادنجتون أن يُطبق بوتيرة ثلاث مرات أسبوعيًا.
يساعد سادنجتون بنصائح أخرى أكثر تفصيلًا: «إذا كنت لا تستطيع تحمل فكرة العريّ مع شريكك، يمكنكما قضاء بعض الوقت بإمساك الأيدي، ويمكنكما أيضًا الوقوف والعناق. يعد الذهاب للتنزه والإمساك بالأيدي خطوة ابتدائية جيدة.
وإذا بدأت بالشعور بقدرةٍ أفضل على تطوير الأمور يمكنكما تدليك ظهر بعضكما»، ويوضح سادنجتون الفائدة من هذه السلوكيات، إذ إنها برغم لا جنسانيتها إلا أنها تجعلك أكثر تواصلًا مع قابلية التأثر لديك: «يمكن أن يشعرك ذلك بالسعادة والراحة والطمأنينة». ينصح سادنجتون بفعل ذلك لفترة زمنية محددة – 10 دقائق على سبيل المثال – ليصبح فعلًا تقصديًا ويفهم الشريكان أنها لحظات محددة لاستحضار الحميمية.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».