نشر موقع «المونيتور» الأمريكي تقريرًا أعدَّه هاني سمير، محرر صحفي في جريدة «الشروق» المصرية، سلَّط فيه الضوء على ما تُعانيه المساجد الأثرية التاريخية في مصر من إهمال حكومي وعدم إجراء فحص دوري لحالتها، مما أدَّى إلى تكرار حوادث سقوط أجزاء من هذه المساجد العريقة.
حوادث متكررة تتعرض لها مساجد مصر العريقة!
استهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى سقوط جزء من الرفرف الخشبي لقبة الفوَّارة (المضيئة) بمسجد السلطان حسن الأثري التاريخي في العاصمة المصرية القاهرة يوم 28 مايو (أيار)، ما دفع مجموعة من علماء الآثار والمِعماريين لفحص حالة النافورة والشروع في عملية ترميمها.
وفي بيان نُشِر على صفحة وزارة الخارجية المصرية على «فيسبوك»، صرَّح أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، والذي يترأس المجموعة التي تولَّت مهمة ترميم المسجد، أن قبة مسجد السلطان حسن في حالة جيدة، وأن الجزء الذي سقط ليس جزءًا من الرفرف الخشبي الأصلي المُجدَّد في القرن الماضي.
ووضعت لجنة الحفاظ على الآثار العربية رفرفًا حديثًا آخرَ، وهو الموجود حاليًا في المسجد مكان الرفرف الأثري المتهالك، عقب سقوط الرفرف القديم بفعل عوامل التعرية ومرور الزمن. وأشار التقرير إلى انتهاء أعمال تجديد الجزء المتهدم من الرفرف الخشبي لقبة المسجد وترميمه في يوم 2 يونيو (حزيران).
ويُضيف التقرير أن مسجد الرفاعي التاريخي الذي يقع في الجهة المقابلة لمسجد السلطان حسن، تعرض لحادثة أخرى في يوم 11 يونيو، وهي سقوط الغطاء الزجاجي الذي يعلو أحد أباليك الثريا النحاسية التي تتدلى من سقف القاعة الملكية للمسجد. وعلى الفور، شُكِّل فريق من المرممين لفحص حالة الغطاء الزجاجي المتهدم والشروع في عملية الترميم.
ضرورة تكوين لجنة فنية للحفاظ على المساجد!
ويُوضِّح التقرير أن هذه الحوادث المتكررة أثارت جولة أخرى من الجدل بشأن إهمال المساجد التاريخية في مصر، وعدم إجراء فحص دوري لحالتها. هذا فضلًا عن حالات السرقة، التي دفعت عضو مجلس النواب، أحمد إدريس، عضو لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب المصري، في يوم 12 يونيو إلى المطالبة بتشكيل لجنة فنية مكوَّنة من مهندسين معماريين، وخبراء وعلماء الآثار تتمثل مهمتها في صيانة المساجد التاريخية والحفاظ عليها.
وفي هذا الصدد، تحدث النائب إدريس إلى موقع «المونيتور» قائلًا: «يجب أن تكون المساجد التاريخية تابعة لوزارة السياحة والآثار المصرية فقط، لأنها الجهة الوحيدة التي تمتلك التقنيات المناسبة للتعامل مع المباني الأثرية، سواء فيما يتعلق بأعمال الترميم أو الصيانة.
وتمتلك وزارة السياحة والآثار الخبرة اللازمة لتنفيذ هذه المشروعات من ترميم وصيانة، والقدرة على وضع هذه المساجد على خرائط المعالم السياحية في مصر».
وأوضح إدريس أن السبب وراء تكرار هذه الحوادث هو أن معظم المساجد تقع في أحياء شعبية، والتي يفتقر سكانها في أغلب الأحيان إلى المعرفة الثقافية بهذه الآثار التاريخية العريقة ولا يعرفون كيفية المحافظة عليها.
وأضاف إدريس أن: «هناك أيضًا نقصًا في المشرفين المتخصصين لمتابعة هذه المساجد واكتشاف أي أضرار تلحق بها والتجاوب مع مثل هذه الحوادث».
تداخل المهام بين وزارتي السياحة والأوقاف المصرية!
واستشهد التقرير بما قاله عبد الرحيم ريحان، مدير عام إدارة البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بجنوب سيناء، التابعة لوزارة السياحة والآثار، لموقع «المونيتور»، إن: «تداخل المهام بين وزارتي السياحة والأوقاف يعوق أي محاولة لصيانة المساجد الأثرية والحفاظ عليها».
وأوضح ريحان أن المساجد الأثرية التابعة لوزارة الأوقاف يزورها مفتشو الآثار يوميًّا خلال ساعات العمل. واستدرك قائلًا: «لكن خارج ساعات العمل، يجب أن تكون الوزارة مسؤولة أيضًا عن أي أضرار تتعرض لها تلك المساجد».
وأضاف ريحان أن: «الحل لأزمة الأضرار التي تلحق بالمساجد التاريخية بصورة متكررة في مصر يكمن في تشريع قانون لحماية هذه المساجد، عن طريق وضع هذه المساجد بالكامل تحت رعاية وزارة السياحة والآثار المصرية من دون أي تداخل في المهام مع وزارة الأوقاف، والتي يجب أن يقتصر دورها على الجانب الديني وإقامة الشعائر الدينية فحسب».
تعديلات قانونية لإنقاذ مساجد مصر!
وكان وزير السياحة والآثار خالد العناني قد أعلن في 11 مارس (آذار) 2019، إجراء تعديلات قانونية لإنقاذ المساجد التاريخية التي كانت تُشرِف عليها أيضًا وزارة الأوقاف في الوقت نفسه. ووفقًا لإحصاءات قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، يوجد في مصر 349 مسجدًا أثريًّا.
وفي السياق ذاته، يرى معاذ لافي، باحث أكاديمي في الآثار والحضارة الإسلامية، أن حالة الإهمال والفوضى التي تعاني منها هذه المساجد تُعزَى إلى عدم وجود لجنة فنية للإشراف على كل مسجد، وتحمُّل مسؤولية أعمال التفتيش والترميم.
وأخبر لافي موقع «المونيتور» بأن: «لجنة الحفاظ على الآثار العربية كانت قد رمَّمت الرفرف الخشبي في قبة مسجد السلطان حسن بالفعل.
لكن بسبب التآكل وغياب أي إشراف أو فحص، تعرض جزءٌ من الرفرف الخشبي المرمم سابقًا للسقوط في شهر مايو. ونفذت وزارة السياحة والآثار المصرية أعمال الترميم في غضون أيام من دون التأكد من مدى لزوم تغيير الرفرف بالكامل من عدمه».
ضرورة إجراء فحص وتفتيش دوري!
وأوضح لافي أن الحادثة الأخرى التي تعرض لها مسجد الرفاعي التاريخي كانت نتيجة الإهمال الذي تسبب في سقوط جزء من الغطاء الزجاجي الذي يعلو أحد أباليك الثريا النحاسية. وأكدَّ ضرورة «عمل تقارير دورية وإجراء فحوصات دورية داخل هذه المساجد، وإلا ستستمر مثل هذه الحوادث الخطيرة».
كما أشار لافي إلى أن تداخل المهام بين وزارتي السياحة والأوقاف تُمثِّل أيضًا مشكلةً تعوق الحفاظ على المواقع الأثرية. وأوضح أنه: «فضلًا عن أن وزارة الأوقاف لا تأخذ في الحسبان أن هذه المساجد مواقع أثرية تاريخية، وليست مجرد مبانٍ عادية، لذلك ينبغي أن نكون أكثر حذرًا في التعامل معها».
واختتم المحرر الصحفي تقريره بما خلُص إليه لافي قائلًا إن: «أئمة هذه المساجد لا ينبغي تعيينهم إلا بعد تلقِّيهم التدريب المناسب لمعرفة القيمة التاريخية والأثرية لهذه المساجد التي تظهر متألقةً على خريطة مصر السياحية. ومن المهم جدًّا الحفاظ عليها».
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».