أعلن الفنان المصري عمرو واكد «بفخر» عن مشاركته في الجزء الثاني من فيلم «المرأة الخارقة 1984». من بطولة الممثلة الإسرائيلية جال جادوت. وفي هذا الصدد كتبت «ندى إيليا» الكاتبة الفلسطينية المغتربة والعضوة بالجماعة التوجيهية للحملة الأمريكية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، مقالاً بموقع «ميدل إيست آي» البريطاني عن التطبيع الفني مع إسرائيل، معتبرةً أن مشاركة الفنانين العرب مع ممثلين إسرائيليين يُعد بمثابة تبييض ثقافي لانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان.

وتقول ندى إن واكد، المعروف عنه أنه مؤيد قوي لحقوق الفلسطينيين، واجه عاصفة من الردود من معجبيه المحبطين، والذين انتقد العديد منهم بشدة قبوله هذا الدور، واستخدموا وسم #التطبيع_خيانة، والذي يظهر بشكل متكرر عندما يتخطى الفنانون الحدود التي أقرتها حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل «BDS» ويقومون بالتمثيل داخل إسرائيل أو بالتعاون مع أي إنتاج ثقافي ممول منها.

هل يسمو الفن فوق السياسية؟

تقول ندى إن واكد مثله مثل العديد من الفنانين الذين تقاربوا سابقًا مع إسرائيل، كتب لمتابعيه وتحدث بابتذال عن أن الفن يسمو فوق السياسة ورد قائلاً إن الفن علمني أن أكون إنسانًا قبل أي شيء. وتابع واكد: «علمني الفن أن أعمل على نصرة قيم الإنسانية والحق والأخلاق. علمني أن أقف ضد الفعل والسلوك وليس الشخص. أعمل على ذلك ليلًا ونهارًا وأحارب في نفسي التطرف والضغينة والكره لأي إنسان».

تشير الكاتبة أيضًا إلى أنه بينما كان معجبو واكد مستمرون في انتقاداتهم له مشيرين إلى أنه يتعاون مع جندية سابقة في قوات الاحتلال الإسرائيلي، بدا وأن صبر الممثل المصري قد نفد ورد: «كلهم جنود»، في إشارة إلى أن غالبية الإسرائيليين يتم تجنيدهم للعمل في الجيش، حيث تخدم النساء لمدة عامين والرجال لمدة ثلاثة أعوام.

Embed from Getty Images

وتضيف «ندى» أن جادوت لم تكن مجرد شابة إسرائيلية اضطرت للخدمة في جيش دولتها، ففي العام 2014 أثناء تنفيذ إسرائيل لعدوانها العسكري على قطاع غزة المحاصر، نشرت الممثلة الإسرائيلية عبر صفحتها على موقع فيسبوك منشورًا قالت فيه: «أرسل حبي وصلواتي إلى إخوتي المواطنين الإسرائيليين. خاصة لجميع الأولاد والبنات الذين يخاطرون بحياتهم لحماية بلدي من الأعمال المروعة التي تقوم بها حماس، الذين يختبئون مثل الجبناء وراء النساء والأطفال.. سوف ننتصر».

وترى «ندى» أن مثل تلك المنشورات والتي تنتقد «الأعمال المروعة» التي تقوم بها حماس بدلاً من المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في ذلك الوقت ضد الفلسطينيين والإصرار على «أننا على صواب ونحب الجيش الإسرائيلي»، لا تعبِر عن مجرد مجندة أجبِرت على إطاعة الأوامر.

وفي حين لم تهدأ حدة الانتقادات الموجهة إليه، واصل واكد الرد على معجبيه متسائلاً ما هو التطبيع؟ قبل أن يخلص إلى أن قبول التمثيل في فيلم مع ممثلة إسرائيلية ليس تطبيعًا، بحسب رأيه.

مخرجة سعودية تتجاوز الحدود

تنتقل ندى للحديث عن حالة تطبيع فنية أخرى أو ما وصفته بأنه تجاوز للحدود من المخرجة السينمائية السعودية هيفاء المنصور، حيث أعلنت الخارجية الإسرائيلية مؤخرًا أن أحدث أفلام هيفاء «المرشحة المثالية» سيتم عرضه في مهرجان سينما المرأة الذي يُقام في القدس خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

توضح الكاتبة أن هيفاء من المتوقع أن تطير إلى القدس لحضور المهرجان والذي يستضيفه رئيس بلدية القدس موشيه ليون بالإضافة إلى مسؤولين آخرين.

وترى أن هذه الأخبار تُعد انتهاكًا فاضحًا لجهود مقاطعة إسرائيل، وكما ذكرت وسائل الإعلام الصهيونية «أن الإعلان عن عرض الفيلم في الدولة الإسرائيلية يُعتبر خطوة أخرى نحو تطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج العربي».

ويُعد فيلم «المرشحة المثالية» مدخل السعودية لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية ويتحدث عن قصة تمكين واستقلالية النساء وتتمحور حول طبيبة سعودية شابة، ينتابها الإحباط من النظام الأبوي لبلادها، وتقرر الترشح في الانتخابات البلدية.

وكانت هيفاء قد أخرجت الفيلم الفائز بالعديد من الجوائز الدولية «ماري شيلي» والذي يتحدث عن الروائية البريطانية ماري شيلي مؤلفة رواية فرانكنشتاين وهي رواية خيال علمي، وقبل ذلك أخرجت فيلم وجدة الذي يحكي قصة فتاة سعودية تحلم بشراء دراجة وركوبها في شوارع الضاحية التي تقطن بها، مثلما يفعل الأولاد تمامًا.

Embed from Getty Images

حين يستخدم الفن لتقوية ودعم الظالم

تقول الكاتبة «ندى إيليا» إن منصور، التي تعيش في كاليفورنيا مع زوجها الدبلوماسي الأمريكي وطفليها، ربما تفكر في الشعار النسوي لفرجينيا وولف: «إنني كامرأة، ليس لدي بلد. إنني كامرأة، لا أريد بلدًا. إنني كامرأة بلدي هو العالم كله». وتشير الكاتبة إلى أن هيفاء كما فعل العديد من الفنانين قبلها وسيستمرون في ذلك، جادلت بأن الفن يجمع الناس عبر العرق والدين والجنسية.

تعلق ندى أنه رغم التقدير الكامل لرؤية هيفاء التي تتخطى الحدود وأفلامها التي تقدم تحليلات رائعة للقيود الاجتماعية وتهميش النساء، فيبدو أنها لا تفهم أن الفن في حالة إسرائيل والتعاون معها، لا دور له وسط فراغ سياسي.

ويمثل ظهور هيفاء في القدس، وعرض فيلمها الروائي هناك جزءًا من التبييض الثقافي لانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها إسرائيل تجاه شعب بأكمله، ليس لدى نسائه وأطفاله ورجاله أي بلد آخر على الإطلاق ويتم جعلهم لاجئين داخل أرضهم في الوقت الذي تستمتع فيه منصور بمزايا الحياة العالمية.

وتقول «ندى» في ختام مقالها إنه «طالما كانت هناك حدود تضعها إسرائيل على شعب مضطهد، في صورة نظام الأبارتايد «الفصل العنصري»، والاحتلال والحرمان من حق العودة والحصار الذي يقترب من الإبادة الجماعية في قطاع غزة، ينبغي على الفنانين الوقوف إلى جانب المضطهدين وإما سيستخدم فنهم لتقوية ودعم الظالم».

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد