«حلم مصر القديم»، ها هو يتحقق، كما يقول عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية. ليس حلم حكومة قادرة أو خدمات عامة جيدة، ولكنه حلم أن ينتج برنامج الطاقة النووية، الذي بدأ في عام 1954، في نهاية المطاف (واط) من الطاقة قابلة للاستخدام، وقعت الحكومة المصرية اتفاقًا مع روسيا في 19 من نوفمبر؛ لبناء أول محطة نووية في منطقة الضبعة على الساحل الشمالي.
لم تعُد الطاقة النووية تجذب انتباه الكثير من البلدان في العالم، وانخفض سهم الكهرباء من المفاعلات النووية إلى 10.8٪ ، بينما كانت في ذروتها في عام 1996 بنسبة 17.6٪، ولكن توسع الصين وروسيا والهند برامجها النووية، ويسعى العديد من البلدان في الشرق الأوسط لامتلاك الطاقة النووية، صانعةً ما أطلق عليه البعض للأسف (ازدهارًا) في المنطقة.
البعض يتخوف من أن يؤدي سباق التسلح النووي إلى تأليب الدول السنية ضد إيران الشيعية؛ سعيًا وراء القنبلة، وإن كان الاتفاق النووي بين إيران والغرب قد خفف إلى حد ما من تلك المخاوف. يتم التحكم في الوقود النووي في المنطقة في الغالب من قبل الموردين الدوليين.
وعلاوة على ذلك، هناك أسباب مشروعة لبلدان الشرق الأوسط للبحث عن مصادر بديلة للطاقة؛ فالطلب على الكهرباء آخذ في الارتفاع، جنبًا إلى جنب مع الضغط من أجل خفض انبعاثات الكربون، التنوع بعيدا عن الوقود الحفري لابد أن يأتي عاجلًا أو آجلًا، كما يقول الخبراء، نقص النفط والغاز لدى كل من مصر والأردن يدفعهما نحو السعي إلى امتلاك الطاقة النووية؛ لتعزيز أمن إمدادات الطاقة، ولكنهما يواجهان عقبات كبيرة.
من جانب، يفتقر الموقع الذي اختارته الأردن للمفاعلات المخطط لها، واللاتي سيتم بناؤها من قبل روسيا، يفتقر إلى المياه (وهي ضرورية للتبريد)، واعتراض رجال القبائل المحليين على ذلك، وعلى الجانب الآخر، فشلت الخطط السابقة في مصر لبناء المفاعل النووي؛ بسبب المخاوف من الاضطرابات السياسية والسلامة، يمثل التمويل أيضًا تحديًا لهذه البلدان التي تعاني ضائقة مالية.
الخطط النووية للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تبدو أكثر احتمالًا للنجاح، ويأمل كلا البلدين في إتاحة النفط والغاز الطبيعي، الذي يستخدم الآن لتوليد الكهرباء، للتصدير، وتحقيقًا لهذه الغاية، توصلت المملكة العربية السعودية إلى اتفاقات مع خمس دول، بما فيها روسيا؛ لبناء 16 مفاعلا نوويا بحلول 2032.
وتعمل دولة الإمارات العربية المتحدة بالفعل مع شريكتها كوريا الجنوبية على 4 مفاعلات مخطط لها، والتي ينبغي أن تبدأ توريد الطاقة في عام 2017. وعندما يكتمل المشروع بعد ثلاث سنوات، فإنه المتوقع أن تفي الطاقة النووية بربع احتياجات البلاد من الكهرباء.
تبدو المشاريع في المملكة العربية السعودية، التي تحرق النفط الذي يمكن أن تستفيد ببيعه في الخارج، وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، التي حصلت على صفقة بشأن مفاعلاتها، تبدو المشاريع أكثر منطقية من الناحية الاقتصادية، ولكن معظم المفاعلات المخطط لها في المنطقة من شأنها أن تحل محل المحطات التي تعمل على الغاز، والتي هي أرخص.
ويعتقد علي أحمد من جامعة برينستون أن دولة مثل المملكة العربية السعودية ستستفيد من الطاقة النووية فقط إذا أمكنها محاسبة الزبائن المحتملين في الخارج بأضعاف السعر المخصص لغازها (وإلا، فإنه سيكون أرخص لها أن تحرقه في الداخل وتتخلى عن المفاعلات)، يجب أن يلتزم المستوردون، من جانبهم، بالمحطات التي تعمل على الغاز، طالما أن سعر الغاز لا يرتفع بشكل كبير.
على المدى البعيد، يمكن أن يكون للطاقة النووية معنى كجزء من مزيج الطاقة منخفضة الكربون، ولكن من الغريب أن الدول العربية تهمل مصدرا للطاقة النظيفة، الأكثر وفرة في منطقة تتمتع بأجواء شمسية حارقة.
وحسب أحد التقديرات، يمكن للطاقة الشمسية أن توفر لإيران 13 ضعفًا من احتياجاتها من الطاقة، وتقلل اعتمادها على روسيا، التي منعت الوقود النووي في الماضي.
تراجع سعر الألواح الشمسية يجعل الطاقة الشمسية أكثر جاذبية: ففي جميع أنحاء العالم، قد تم استثمار مال في الطاقة الشمسية في العام الماضي أكثر مما تم إنفاقه في الطاقة النووية.
بعض الدول العربية يفكر بهذه الطريقة، فالمغرب، التي تستورد الكهرباء من إسبانيا، تبني واحدة من أكبر محطات الطاقة الشمسية في العالم بتكلفة أقل من سعر مفاعلين نوويين في الأردن، إنها تأمل في الحصول على 42٪ من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2020، وفي تصدير الطاقة إلى أوروبا في نهاية المطاف. ومع ذلك يقول المحللون: إنَّ الشرق الأوسط، بصحاريه الشاسعة، يمكنه أن يفعل ما هو أكثر من ذلك بكثير.
كما توجد خيارات أخرى أقل جاذبيةً أمام الدول التي تسعى لتحسين إمداداتها من الكهرباء، فإصلاح خطوط النقل البالية في إيران سيوفر كهرباء أكثر من تلك التي تنتجها محطة الطاقة النووية الوحيدة بها، ولكن هناك مكانة خاصة متعلقة بالطاقة النووية، التي يُنظَر إليها باعتبارها تميمة التقدم التكنولوجي، والتي تسمح بالطبع بتنمية المهارات التي قد تتجه يومًا ما إلى صناعة القنابل.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».