بينما يتظاهر المحتجون ضد عنف الشرطة الأمريكية، يقدَّم موقع «ڤوكس» ثماني أفكار لإصلاح منظومة تنفيذ القانون في الولايات المتحدة. فهل يمكن أن تتعلم دول أخرى، تعاني من مشكلات مشابهة، مما يجري في بلاد ترامب، فتطبق ما ينصح به الخبراء في السطور التالية؛ لتفكيك هذه القنبلة الموقوتة قبل فوات الأوان؟
عندما وضع ضابط شرطة مينيابوليس سابقًا، ديريك تشوفين، ركبته على رقبة جورج فلويد، ليثبته على الأرض، ولم يفلته حتى عندما صرخ الرجل الأسود بأنه لا يستطيع التنفس؛ أصبح فلويد، الذي مات، وتشوفين، المتهم بقتله، جزءًا من قصة أمريكية أكبر، تكتسي برداء المأساة، على حد قول مراسل موقع «ڤوكس»، جيرمان لوبيز.
وهذه القصة ليست وليدة مقتل فلويد، بل هي حكاية تستمر أحداثها منذ قرون في الولايات المتحدة. فبعد تأسيس الدولة، طبَّقت الشرطة الأمريكية بسفور قوانين عنصرية تتعلق بالعبودية والفصل بين المواطنين على أساس العرق. وفي العقود الأخيرة، كان تطبيق القانون في طليعة السياسات المتبعة في الحرب على الجريمة والمخدرات، وهو اتجاهٌ بلغ ذروته في التفرقة العرقية الهائلة، على مستويات متعددة: توقيف الشرطة، واستخدام القوة، والاعتقالات، والسجن، وعقوبة الإعدام، وكل جانب آخر من جوانب منظومة العدالة الجنائية.
يضيف مراسل «ڤوكس»: إنها القصة التي دفعت وزارة العدل الأمريكية في عهد الرئيس باراك أوباما إلى التحقيق في ممارسات شرطة بالتيمور، وكليفلاند، ونيو أورليانز، وفيرجسون، وميزوري، وشيكاغو، والعديد من المدن الأمريكية الأخرى، وفي كل تحقيق كانت تكتشف مشكلات ضخمة.
وكتبت الوزارة في تقريرها عن شرطة بالتيمور أن التفرقة العرقية «موجودة في كل مرحلة من مراحل تنفيذ القانون التي تتبعها دائرة شرطة بالتيمور، بدءًا من القرار الأوليِّ بتوقيف الأفراد في شوارع بالتيمور، مرورًا بعمليات التفتيش الجسدي والاعتقال، وصولًا إلى استخدام القوة»، وحذَّرت من أن هذه التفرقة «تقوِّض ثقة المجتمع، وهي عامل بالغ الأهمية للشرطة كي تؤدي دورها بفعالية».
إنها القصة ذاتها التي جعلت السود يثقون في الشرطة بنصف معدل ثقة نظرائهم البيض. وهذه القصة ذاتها هي التي جعلت مجتمعات السود أقل أمانًا، وتعاني على نحوٍ غير متناسب، ليس فقط من عنف الشرطة، ولكن أيضًا من الجرائم التي لا تحظى باهتمام كافٍ من الشرطة.
ويستشهد المراسل على ذلك بقول توماس أبت، الزميل الأقدم في مجلس العدالة الجنائية: «بالإضافة إلى كل هذه الأعباء التي نثقل بها كاهل المجتمعات الأمريكية– الأفريقية، فيما يتعلق بممارسات الشرطة العدوانية؛ فنحن نفشل في الأساس في الحفاظ على سلامتهم».
هذه هي القصة التي دفعت آلاف الأمريكيين خلال الأسبوعين الماضيين، إلى الاحتجاج في الشوارع ضد عنف الشرطة والعنصرية النظامية. لكن بعيدًا عن التذمُّر، كيف يمكن لأمريكا بالضبط إصلاح الشرطة؟
للإجابة عن هذا السؤال، يستدعي مراسل موقع «ڤوكس» مقابلاتٍ أجراها مع تسعة من خبراء العدالة الجنائية حول هذا الموضوع. وعلى الرغم من أن هذه المقابلات أجريت في عام 2016، فإنها ما تزال صالحة للتطبيق حتى اليوم؛ إذ لم يُنفَّذ أي منها على المستوى الوطني، وهو دليلٌ آخر على أن الأمور لم تتغير من ذلك الحين.
تتمحور المقترحات التي يقدمها الخبراء حول إصلاح الضرر الذي خلفته قرون من ممارسات الشرطة التعسفية داخل مجتمعات الأقليات، بدءًا من معالجة التحيزات العنصرية مرورًا بتحجيم استخدام القوة ووصولًا إلى مساءلة الشرطة وعدم إفلات المتجاوزين من العقاب. ومن أجل إعادة بناء الثقة في الشرطة، يمكن للأفكار التي يقدمها هؤلاء الخبراء أن تساعد رجال الشرطة على أداء عملهم بكفاءة؛ بما يُمَكِّنهم من الحفاظ على أمن الأقليات، بدلًا من ترويع هذه المجتمعات.
يضيف المراسل: يبدو أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ليست متحمسة لتطبيق مثل هذه الإصلاحات، ولكن لا يجب أن تكون هذه عقبة في طريق الإصلاح؛ ذلك أن كل أعمال الشرطة تقريبًا تحدث على المستوى المحلي وعلى مستوى الولاية، وليس على المستوى الفيدرالي. فمن بين ما يقرب من 18 ألف وكالة لتنفيذ القانون في الولايات المتحدة، هناك حوالي 12 وكالة فيدرالية فقط. ولذلك يمكن تطبيق هذه الإصلاحات على المستوى المحلي وعلى مستوى الولاية.
تستعرض السطور التالية تلك الأفكار، على غير ترتيبٍ محدد، لكن الخبراء لطالما قالوا باستمرار، إن أي خطوة إصلاحية لن تنجح إلا بعد أن تبادر وكالات تنفيذ القانون إلى اتخاذ الخطوة الأولى بحذافيرها في جميع أنحاء البلاد.
الخطوة الأولى: تحتاج الشرطة إلى الاعتذار عن قرون من الانتهاكات
مرارًا وتكرارًا، سمع مراسل موقع «ڤوكس» النصيحة ذاتها من عدة خبراء: لن تكون الشرطة قادرة على ممارسة مهامها بفعالية في مجتمعات الأقليات إلا بعدما تتحمل المسؤولية عن الصورة المرسومة لهم داخل هذه المجتمعات.
قد يشعر بعض ضباط الشرطة بأن العديد من الانتقادات الموجهة إليهم تفتقر إلى الإنصاف. وقد يرفض البعض تحمُّل مسؤولية أخطاء تاريخية وقعت في أزمنة العبيد، حتى قبل ولادتهم بزمن طويل. وقد يشعر البعض بأنهم رجال شرطة جيدون، وأن العدد القليل من الضباط السيئين لا ينبغي أن يشوه صورة الباقين.
لكن هذا كله لا يغير من الواقع شيئًا، بحسب لوبيز. وتبقى الحقيقة الراسخة هي: أن مجتمعات الأقليات لا تثق في الشرطة. ويستند هذا الشعور إلى تاريخٍ طويل من العنصرية الصارخة التي ابتليت بها الشرطة في أمريكا، حتى لو لم يعد ينطبق هذا الأمر على كل ضابط أو قسم في الوقت الحاضر. وحتى تعترف الشرطة بذلك، سوف ينظر إليهم كثيرون بوصفهم يحاولون التستر على تاريخٍ طويل من القمع.
يستشهد المراسل برأى ديفيد كينيدي، عالم الجريمة في كلية جون جاي، الذي شدد في عام 2016 على أن انعدام الثقة بين الشرطة والمجتمعات السوداء سيظل قائمًا حتى يعترف رجال الشرطة بالانتهاكات التاريخية، ويتبنون الخطاب نفسه الذي قد يصرِّح به قائد الشرطة للمجتمع: «نحن نعترف بهذه الحقائق، سواء كنا هناك أم لا، وسواء كنا حاضرين أم لا خلال حقبة العبودية، أو فترة إعادة البناء، أو قوانين جيم كرو، أو الهجمات على حركة الحقوق المدنية، أو كان الأمر يتعلق بالتصرفات الأحدث التي ارتكبناها، وترونها تفتقر إلى الاحترام واللياقة، مثل تجرُّد الشرطة من التسامح، والإفراط في ممارسات التوقيف والتفتيش الجسدي».
فكيف يمكن للشرطة الأمريكية إصلاح هذا كله؟ على سبيل المثال، يقول الخبراء: إن الشرطة بحاجة إلى بذل جهد كبير – من خلال عقد اجتماعات مع أبناء الأقليات، والذهاب إلى أعتابهم بيتًا تلو الآخر، وتحسين طرق التعامل أثناء الدوريات اليومية، وطمأنتهم أثناء الظهور على التلفاز؛ ليتكاتف الجميع من أجل تحقيق مهام الشرطة بفعالية.
حول هذا الأمر، قال ريتشارد روزنفيلد، عالم الجريمة في جامعة ميزوري – سانت لويس، لمراسل «ڤوكس» في عام 2016: «من أجل التغلب على انعدام الثقة؛ يجب على الشرطة التواصل مع أفراد مجتمعها؛ من خلال حملات طرق الأبواب، ومحاورة المواطنين وجهًا لوجه».
وأضاف: «سيلقى رجال الشرطة صدودًا في بعض الأحيان، ولكن هذه هي الطريقة الوحيدة التي أعتقد أنها يمكن أن تؤدي إلى ترميم الثقة في الشرطة، على المدى الطويل، أو في الواقع وضع أساس بنائها لأول مرة في أوساط هذه المجتمعات».
وشبَّه والتر كاتز، الذي يشغل الآن منصب نائب رئيس العدالة الجنائية في مؤسسة Arnold Ventures، هذه العملية المحتملة بلجنة الحقيقة والمصالحة التي دُشِّنَت بعد نهاية الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. فطوال جلسات الاستماع آنذاك، كان المحققون يتحدثون بصراحة مع الضحايا ومنفذي سياسات الفصل العنصري عما حدث. وبثَّ التلفاز جزءًا كبيرًا من جلسات الاستماع. هذا الإجراء منح الناس فرصة للتعبير عن مظالمهم، وطرح مخاوفهم على طاولة النقاش، ليس هذا فقط، بل أتاح أيضًا فرصة لوضع الخطط – ومنها التعويضات – للمساعدة في إزالة الضرر الذي وقع.
وفوق ذلك كله، فإن الهدف من وراء مثل هذا الإجراء هو إخبار المجتمعات المحلية بأن للشرطة آذانًا مصغية، وأنها تتعامل بجدية مع ما يقولونه، كما تخطط لاتخاذ مزيد من الخطوات لمعالجة شكاواهم.
الخطوة الثانية: ينبغي تدريب الشرطة على معالجة تحيزاتهم العنصرية
من بين كل الشكاوى الموجهة ضد الشرطة، فإن أكبر شكوى ترددت خلال السنوات الأخيرة – ورفعتها حركة «حياة السود مهمة» – هي: أن الشرطة متحيزة عنصريًّا. وفي بعض الأحيان يكون السبب هو: العنصرية الصريحة؛ كما حدث في شمال ميامي بيتش، فلوريدا، عندما استهدف ضباط الشرطة صور أشخاص سود للتدريب على إطلاق النار.
ولكن في أحيان أخرى، قد تحدث مثل هذه التحيزات على المستوى الضمني في اللاشعور، ذلك أن تحيزات الناس الكامنة في اللاواعي توجه اختياراتهم حتى عندما لا يكونون على دراية كاملة بهذا الدافع (على الرغم من وجود بعض الانتقادات الموجهة لهذا النوع من البحث).
يستشهد التقرير باختبار أجراه أستاذ علم النفس بجامعة كولورادو بولدر، جوش كوريل، على الشرطة لقياس مدى التحيز العنصري من خلال محاكاة لإطلاق النار. وأظهرت نتائج البحث الأولية أن الضباط أبلوا بلاء حسنًا بشكل عام لتجنب إطلاق النار على أهداف غير مسلحة من جميع الأعراق. ولكن عندما كان هناك ما يبرر إطلاق النار، أطلق الضباط الرصاص ضد المشتبه بهم السود بسرعة أكبر من إطلاقهم النار على نظرائهم البيض. وهذا يشير إلى أن الضباط يُظهِرون بعض التحيز العنصري حتى في إطلاق النار.
على أرض الواقع، قد يؤدي هذا التوجُّه إلى إطلاق النار على السود بمعدلات غير متناسبة. فغالبًا ما تكون المواقف الحقيقية التي يجد أفراد الشرطة أنفسهم فيها أكثر تعقيدًا بكثير؛ ذلك أن عددًا من العوامل – مثل: التهديد الحقيقي المحدق بحياة الضابط، واحتمالية أن تطيش الرصاصة وتصيب أحد المارة عن طريق الخطأ – يمكن أن تجعل الموقف أكثر إرباكًا للضباط.
وينقل مراسل «ڤوكس» عن كوريل استهجانه لطريقة تدريب الشرطة، التي تداوي المرض بالتي كانت هي الداء، قائلًا: «هذا الوضع نفسه الذي يحتاج فيه (الضباط) بشدة إلى التدريب، لدينا سبب للاعتقاد بأن هذا التدريب نفسه سوف يجعلهم يفشلون على الأرجح».
وهذا أحد الأسباب الكامنة وراء وجود تفاوتات عرقية في استخدام الشرطة للقوة. ويستشهد التقرير على ذلك بمشروع The Counted الذي ترعاه صحيفة الجارديان لإحصاء عدد الأشخاص الذين قتلتهم الشرطة في الولايات المتحدة بمساعدة القراء، ويظهر أنه ابتداء من عام 2016، كانت احتمالية أن تقتل الشرطة الأشخاص السود تفوق بأكثر من الضعف الاحتمالية ذاتها في صفوف السكان البيض، بمعدل 6.66 من بين كل مليون شخص أسود، مقابل 2.9 من بين كل مليون شخص أبيض.
السود هم أكبر ضحايا الشرطة الأمريكية مقارنة بنسبتهم من إجمالي تعداد السكان

مصدر البيانات: تقرير تكميلي عن معدلات القتل في الولايات المتحدة صادر عن مكتب التحقيقات الفيدرالي عام 2012.
لا تقتصر المشكلة على التحيزات الفردية التي تدفع رجال الشرطة إلى التفرقة في المعاملة بناء على اختلاف العرق، ولكن هناك مشكلات هيكلية أخرى؛ نتيجة لسنوات متراكمة من الفصل العنصري، وعدم المساواة الاقتصادية والتعليمية بين المواطنين من مختلف الأعراق، وتركُّز الفقر في مجتمعات الأقليات، وإهمال نظام العدالة الجنائية للجرائم التي تُرتَكب ضد الأقليات، وهي كلها آفات تؤدي إلى زيادة معدلات الجرائم في الأحياء التي يقطنها السود. لذلك تنتشر الشرطة مرارًا وتكرارًا في هذه المناطق، وبالتالي تزداد احتمالية أن يطلقوا النار على شخص ما ويقتلوه.
بيدَ أن ارتفاع معدل الجريمة في مجتمعات الأقليات لا يكفي وحده لتقديم تفسير كامل لهذه التفرقة في التعامل على أساس العرق. إذ خلُصَت دراسة أجراها الباحث كودي روس عام 2015 إلى أنه «لا توجد علاقة بين التحيز العنصري لدى رجال الشرطة في إطلاق النار على مستوى المقاطعة، ومعدلات الجريمة (حتى معدلات الجريمة المتعلقة بالعرق)». يشير ذلك إلى وجود شيء آخر – مثل التحيز العنصري المحتمل – يسهم في مثل هذه الظاهرة.
يستشهد مراسل «ڤوكس» بما أخبره به فيليب أتيبا جوف، الرئيس التنفيذي لمركز Policing Equity، في عام 2016، من أن هذا لا يتعلق بما إذا كان الضباط جميعًا عنصريين وأشرارًا أم لا. بل إنه تحيز سيثبت وجوده مرارًا وتكرارًا في كل شخص تقريبًا. فإذا كنت بشرًا، فمن المحتمل أن تكون مبتلى بمستوى ما من التحيز؛ بناءً على العرق والجنس والدين وما إلى ذلك. لكن وسائل الإعلام والثقافة الأمريكية، مع تصويرهم المستمر للسود كمجرمين، شكَّلت تحيزات الأمريكيين، وجعلتهم يربطون السود على الدوام بالإجرام.
يضيف جوف: «تبدأ مشكلة تحيُّز الشرطة مع عملية التوظيف التي تشرف عليها سلطات تنفيذ القانون، حين توظف بشرًا… ينتهي بهم المطاف إلى ممارسة التحيز، على الأقل بقدر بقية المواطنين. وفي بعض الحالات، أعتقد أن تحيزهم العنصري قد يكون أكثر قليلًا».
تزداد خطورة التحيُّز حين يتفشى في صفوف رجال الشرطة؛ لأنهم يواجهون باستمرار مواقف تحتِّم عليهم اتخاذ قرارات سريعة، وهذا يزيد من احتمالية أن تتولى تحيزاتهم زمام الأمور، حين يكونون تحت الضغط. يقول جوف عن ذلك: «إذا استطعت أن أضعك في الموقف الصحيح؛ فيمكنني أن أجعل هذا الارتباط تحديدًا يسهم في تعزيز أنماط معينة من السلوكيات».
لعلاج هذه المشكلة، ينصح الخبراء بتدريب ضباط الشرطة لمساعدتهم على مقاومة تحيزاتهم. وينقل التقرير عن لوري فريدل، عالم الجريمة في جامعة جنوب فلوريدا الذي يعمل مع الشرطة لمساعدتهم على مقاومة التحيزات، قوله: يمكن تعليمهم كيف يحملون أنفسهم على التركيز على عوامل أخرى غير لون البشرة، مثل: لغة الجسد، وهوية الشخص المحتجز. ومع ذلك، أشار خبراء آخرون إلى عدم وجود بحث مثبت حول آثار هذا النوع من التدريب على مستوى التحيُّز العنصري. ونادرًا ما تفصح إدارات الشرطة بوضوح عن مدى جدوى مثل هذا التدريب.
وخلُص تقرير أصدرته وزارة العدل الأمريكية عام 2006 إلى أن ضباط الشرطة يتلقون عادةً تدريبات تمتد إلى قرابة 111 ساعة لإتقان استخدام الأسلحة النارية والدفاع عن النفس، ولكنهم لا يمضون سوى 11 ساعة فقط في التدريبات المتعلقة بالتنوع الثقافي والعلاقات الإنسانية، وثماني ساعات فقط للتدريب على استراتيجيات الشرطة المجتمعية، وثماني مثلها للتدريب على مهارات الوساطة وإدارة النزاعات.
هذا لا يكشف فقط عن مدى النقص في تدريب رجال الشرطة على التعامل مع التحيزات العنصرية، ولكنه ينسحب أيضًا على جميع أنواع المواقف الأخرى التي يتعاملون معها، سواء كانت أزمات الصحة العقلية، أو التفاعلات مع مجتمع مثليي الجنس ومزدوجي التوجه الجنسي، والمتحولين جنسيًّا «LGBTQ»، وحالات الاعتداء المنزلي والجنسي، على سبيل المثال لا الحصر.
بيت القصيد: الشرطة ليست مدربة جيدًا على التعامل مع مجموعة واسعة من المواقف الحساسة والصعبة. وإذا أرادت الشرطة ترميم ثقة المجتمع برجالها، فإنها بحاجة إلى تغيير نهجها. وحتى لو لم يعالج هذا التغيير جميع المشكلات – ذلك أن التحيز العنصري يحتمل أن يستمر إلى حد ما بغض النظر عن مدى تدريب الشرطة على مقاومته – فإنه قد يساعد في تخفيف حدة المشكلة.
الخطوة الثالثة: يجب على رجال الشرطة تجنب المواقف التي تدفعهم إلى استخدام القوة
الخطأ الذي يؤدي إلى إطلاق نار غير ضروري – وربما التحيُّز كعامل يدفع الشرطي إلى استخدام القوة المفرطة – يأتي في كثير من الأحيان قبل وقت طويل من سحب المسدس، وهذا يمكن أن يحدث عندما يقرر الضابط الاقتراب من مكان الحادث بطريقة معينة.
لتوضيح المقصود، يدعو مراسل «ڤوكس» القراء إلى التفكير في اللحظات الأخيرة التي سبقت إطلاق ضابط شرطة كليفلاند النار على تامير رايس الذي لم يتجاوز عمره 12 ربيعًا، وقتله في عام 2014. في تلك المأساة، اشتبه الضباط في أن رايس، الذي كان فتى أسود البشرة، يمسك بسلاح ناري حقيقي، بينما كانت بحوزته لعبة على شكل مسدس. توجه الضباط مباشرة إلى الحديقة التي كان رايس يلعب فيها، وأطلقوا النار على الصبي في غضون ثانيتين من خروجهم من سيارة الدورية التي كانوا يستقلونها.
يقترح جيرمان لوبيز سلوكًا بديلًا فيقول: ماذا لو كان الضباط، بدلًا من الدخول بسيارة الدورية إلى مكان الحادث، أوقفوا مركبتهم بعيدًا، ثم مسحوا المنطقة، وساروا إلى الحديقة بخطى أبطأ، وهم يوجهون تحذيرًا إلى رايس؟ من المستحيل بالطبع أن نقول ما كانت لتكون عليه النتيجة، ولكن المراسل يرجح أن رايس ربما كان على قيد الحياة اليوم؛ إذا اختلفت طريقة تعامل الضباط مع الموقف.
احتجاجات منددة بقتل الطفل تامير رايس – كليفلاند 2015
يقول جوف: «نتحدث عن قرارات يتعين على الضابط اتخاذها في جزء من الثانية عند استخدام القوة المميتة، لكن هذا الطرح ليس سوى ذرٍّ للرماد في الأعين؛ لتشتيت الانتباه عن لُبِّ المشكلة. ذلك أن رجال الشرطة لا يجدون أنفسهم في معظم الأحيان محاصَرين، ظهورهم إلى الحائط، ومضطرين إلى اتخاذ قرار سريع بشأن ما ينبغي لهم فعله. بل ما يحدث في معظم الأحيان هو أن الشرطي يكون قد اتخذ عددًا من القرارات التكتيكية قبل وصول الأمور إلى تلك المرحلة، وعرضت سلامته للخطر».
وبناء عليه، إذا كان الضباط مُبتَلين بالتحيزات العنصرية، وأقحمتَهم في موقفٍ عصيب، فإنهم تحت هذا الضغط الشديد سيسترشدون تلقائيًّا بتحيزاتهم الخاصة، التي ستقود دفة تصرفاتهم. يقول جوف عن ذلك: «يجب أن نكون قادرين على تحديد مجموعة المواقف التي من المرجح أن تقدح شرارة السلوك المتحيز. ينبغي أن نعترف بذلك، وأن تكون لدينا الرغبة في تولي زمام الأمور، ونزع فتيل التوتر مبكرًا، بسحب سلاح الشرطي أو عرقلة استخدامه للعنف».
يستشهد جوف بالبحث الذي أجراه في لاس فيجاس؛ حيث وضعت الشرطة سياسة للمطاردات التي يقوم بها رجال الشرطة سيرًا على الأقدام، وقالت إن الضابط الذي يقوم بالمطاردة لا ينبغي أن يكون أول شخص يضع يديه على المشتبه به، بل عليه بدلًا من ذلك أن ينتظر وصول دعم منسق إلى مكان الحادث لتولي هذه المهمة.
يستند هذا التوجيه إلى أن الملاحقات من هذا النوع غالبًا ما تنتهي بالاستخدام المفرط للقوة. ففي نهاية المطاف، تؤدي المطاردة الجسدية إلى ضخ معدلات عالية من الأدرينالين في جسد الطرفين؛ بما يكفي لإشعال غضب الضابط والمشتبه به بسرعة. لذلك، من خلال وضع هذا القيد على الضابط الذي يتولى المطاردة، كلما كان ذلك ممكنًا، قبل وضع يديه على المشتبه به، خلُصَ جوف إلى أنه بالإمكان الحد من استخدام القوة.
ويبدو أن هذا التغيير في أسلوب عمل الشرطة نجح في كبح جماح المشكلة. فوفقًا لما ذكره جوف، حدث انخفاض بنسبة 23% في إجمالي استخدام القوة، وانخفاض بنسبة 11% في إصابات الضباط، على مدار عدة سنوات، بالإضافة إلى تقليل التفرقة في التعامل مع المواطنين على أساس العرق. وأضاف الباحث: «هذا أكثر أمانًا للضابط، وأكثر أمانًا للمشتبه بهم».
وتابع قائلًا: «لم يكن يتحتم عليَّ الحديث عن العرق؛ لتقليل التفرقة التي تنطوي على عوامل عنصرية. بل تعيَّن عليَّ تغيير الموقف الأساسي الذي تتعامل فيه الشرطة باستمرار مع المشتبه بهم. وهذا هو المثال الذي أضربه حين أتحدث عن كيفية عرقلة التحيزات في السلوكيات الحياتية».
هذا مثال واحد فقط. وعلى نطاق أوسع، تحتاج الشرطة إلى التوقف عن الانتشار بطريقة عدائية، خاصة ضد مجتمعات الأقليات. ومثال ذلك؛ عندما استهدف رجال الشرطة في مدينة نيويورك بفعالية الأشخاص الملونين ومجتمعاتهم بأكملها، من خلال عملية «التوقيف والتفتيش الجسديِّ».
ينقل مراسل «ڤوكس» عن جوناثان بلانكس، وهو الآن زميل زائر في مؤسسة أبحاث تكافؤ الفرص، قوله: «طالما لديك (استراتيجيات شرطية متباينة عنصريًّا)، يمكنك تطبيق كل هذه الأفكار المتعلقة بكيفية إحصاء عدد الأشخاص السود الذين نستوقفهم، والتي تقلل من الممارسات المتحيزة في مثل هذه المواقف، لكني لا أعتقد أن هذا سينجح حقًّا». (بل ينبغي نزع فتيل الأزمة مبكرًا بتجنُّب المواقف التي تؤدي إلى اشتعالها في المقام الأول).
الخطوة الرابعة: يجب مساءلة الضباط بشفافية
مع الخطوات المذكورة أعلاه، يمكن للشرطة تجنب المزيد من الاستخدامات غير الضرورية للقوة. ولكن هناك مشكلة أخرى يسلط التقرير الضوء عليها: عندما تستخدم الشرطة القوة المفرطة، أو يمارس أفرادها أنواعًا أخرى من السلوك السيئ؛ يجب أن يكون هناك مزيد من الشفافية والمساءلة في أعقاب ذلك.
ولتوضيح مدى انعدام الشفافية، يستشهد التقرير بالإحصائيات. فحين حلل مشروع «الإبلاغ عن سوء سلوك الشرطة على المستوى الوطني» 3238 قضية جنائية رفعت ضد ضباط الشرطة من أبريل (نيسان) 2009 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2010، وجدو أن 33% فقط صدرت إدانات بحقهم، و36% فقط من الضباط الذين أدينوا انتهى بهم المطاف إلى السجن. وهاتان النسبتان مجتمعتان تبلغان فقط حوالي نصف معدل الإدانة أو الحبس في القضايا المشابهة المرفوعة ضد المواطنين العاديين.
ويعود جزء من ذلك إلى القوانين والمحاكم التي تجعل من الصعب محاسبة الشرطة على الاستخدام المفرط للقوة. ولذلك دعا بعض النشطاء إلى تخفيف المعايير القانونية، بما يسمح بمحاسبة رجال الشرطة على استخدام القوة المميتة، على مستوى أقرب إلى مستوى محاسبة المدنيين. لكن جزءًا آخر من ذلك يتعلق بالمواقف العامة، والتي يمكن أن تدفع هيئات المحلفين إلى تبني وجهة نظر أكثر تعاطفًا تجاه الشرطة.
ولتحقيق هذا الهدف، يطرح التقرير نهجًا آخر للمساءلة، وهو: تجهيز الشرطة بكاميرات جسدية. تعتمد هذه الفكرة على أن المقاطع التي تسجلها هذه الكاميرات المثبتة على أجساد رجال الشرطة يمكن أن تساعد في القضاء على الشكوك التي تساور كلًّا من الشرطة والمدنيين حول ما وقع بالفعل أثناء حادث إطلاق النار، وما إذا كان استخدام القوة له ما يبرره.
يضرب التقرير على ذلك مثلًا حادث إطلاق شرطيٍّ النار على والتر سكوت عام 2015 في نورث تشارلستون، كارولينا الجنوبية. ادَّعى الضابط، مايكل سلاجر، أن سكوت حاول انتزاع مسدسه الصاعق، واستخدامه ضده قبل الفرار. بيد أن لقطات فيديو صورها شخص مدني في موقع الحادث كشفت عن أن سكوت لم يحاول انتزاع مسدس سلاجر الصاعق، بل سلاجر هو الذي أطلق النار على ظهر سكوت، بينما كان الرجل الأسود البالغ من العمر 50 عامًا يلوذ بالفرار. بعد إطلاق النار، دسَّ سلاجر المسدس الصاعق بالقرب من جثة سكوت؛ في محاولة لإضفاء المصداقية على روايته الزائفة.
إذا لم يكن هذا الفيديو الذي التقطه شخصٌ صادف مروره بجوار موقع الحادث باستخدام هاتفه المحمول موجودًا، فهل كان سليجر سيُتَّهم بالقتل وانتهاك الحقوق المدنية؟ هل كان سيُسَرَّح من وظيفته؟ أم كان سينجو من إطلاق نارٍ غير مبرر على الإطلاق؟ في نهاية المطاف، بدون وجود مثل هذا الفيديو، قد يتوقف الأخذ بشهادة الشهود على سجل سليجر. وبالمثل، في حادث قتل فلويد، أدى السلوك المصوَّر الذي ارتكبه الضباط المتورطون في إثارة الاشمئزاز على نطاق واسع، حتى بين ضباط الشرطة الآخرين. ولم يكن مثل هذا ممكنًا لولا مقطع الفيديو الذي وثَّق الحادث.
بالإضافة إلى الفيديو، يمكن أيضًا جعل سجلات الشرطة أكثر شفافية؛ مما يُسَهِّل، على سبيل المثال، معرفة ما إذا كان ضابط الشرطة قد خضع لعقوبة تأديبية في الماضي. ويمكن أن يُظهِر ذلك ما إذا كانت هناك شكاوى سابقة قُدِّمَت بحق الضابط، أو ما إذا كان قد تورط في مشكلات أخرى، وهو ما قد يسهِّل محاسبة رجال الشرطة السيئين.
بيدَ أن سجلات الشرطة غالبًا ما تكون غارقة في لُجَجِ السريَّة. ففي تحقيق أُجري عام 2015، تحدث روبرت لويس، ونوا فيلتمان، وكساندر لاندين من محطة الإذاعة العامة في نيويورك «WNYC» مع المدعين العامين والخبراء في كل الولايات الخمسين وواشنطن العاصمة (مقاطعة فيدرالية)، وراجعوا القوانين وقضايا المحاكم لمعرفة الولايات التي تقيِّد الاطلاع على سجلات تأديب الشرطة.
خلص التحقيق إلى أن 23 ولاية، إلى جانب واشنطن العاصمة، تفرض سرية على هذه السجلات. و15 ولاية أخرى تقيِّد الوصول إلى السجلات، على سبيل المثال، عن طريق السماح للجمهور بالاطلاع فقط على أمثلة تثبت الانضباط الشديد، مثل تعليق الخدمة أو إنهائها. وإجمالًا، تفتح الولايات الـ12 المتبقية سجلات الشرطة التأديبية للجمهور (غيَّرت بعض الولايات قوانينها منذ الوقت الذي أجري فيه التحقيق).
تنعكس هذه السرية أيضًا على ثقافة الشرطة. ذلك أن «جدار الصمت الأزرق» (مبدأ يحثُّ الشرطة على «التحفُّظ والصمت») يتطلب من رجال الشرطة أن يلتزموا الصمت حيال سوء سلوك الضباط الآخرين. وهذا المبدأ ينفذ بطريقة رسمية وغير رسمية. ففي بالتيمور، على سبيل المثال، عندما حاول رقيب أسود الإبلاغ عن سوء سلوك داخل الشرطة قيل له: «الزم حدك»، بحسب وزارة العدل.
ترجع هذه الحكاية إلى عام 2014، حين وضع ملازم من دائرة شرطة بالتيمور العديد من اللافتات بجوار مكتب رقيب أمريكي من أصل أفريقي، يشتهر بانتقاد سوء السلوك المزعوم داخل الإدارة. ومن بين تلك اللافتات كانت هناك تحذيرات مفادها: «الزم حدودك»، و«لتوفر قلقك لنفسك»، و«اهتم بخاصة أمرك!»، و«لا تنشر الشائعات!».
بعد أن قدم الرقيب شكوى بشأن تلك اللافتات، اعترف الملازم بأنه هو الذي كتبها ووضعها بجوار مكتب الرقيب. ومع ذلك، لم تتخذ دائرة شرطة بالتيمور أي إجراءات تصحيحية ذات مغزى بهذا الشأن. وعلى الرغم من استمرار الشكوى، فإن الإدارة لم تتخذ أي موقف تجاه الملازم، لا إيقاف عن العمل، ولا توقيع غرامة، ولا حتى حرمان من الامتيازات.
ينقل مراسل «ڤوكس» عن توماس نولان، المتخصص في علم الجريمة بكلية إيمانويل، والملازم السابق في شرطة بوسطن، قوله: «العمل الذي يجب فعله بالتأكيد يشمل القيادة التقدمية. لكن للأسف لم يُبذَل الكثير في هذا الصدد. ويبدو أننا نشاهد تعيين النوع نفسه من الأشخاص – وإن كانت هناك استثناءات – في المناصب التنفيذية الرئيسية داخل أقسام الشرطة في جميع أنحاء البلاد».
يلفت التقرير إلى أن الشرطة في أمريكا، خاصة على مستوى القيادة، تميل إلى الانعزالية الشديدة. ويستشهد لوبيز بحالة ويليام براتون، الذي عمل مفوضًا للشرطة في بوسطن خلال أوائل التسعينيات، ومفوضًا للشرطة في مدينة نيويورك خلال منتصف التسعينيات، ورئيسًا للشرطة في لوس أنجلوس خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأخيرًا مفوضًا للشرطة مرة أخرى في مدينة نيويورك ما بين عامي 2014 و2016. وهناك العديد من الأمثلة المشابهة في أقسام شرطة المدن الكبيرة والمتوسطة.
والحجة التي يدفع بها نولان في هذا الصدد بسيطة، ومفادها: إذا كان الأشخاص أنفسهم يتولون في الغالب المسؤولية عن أجهزة الشرطة، فكيف نتوقع منهم أن يتغيروا ليصبحوا أكثر تطبيقًا لقواعد المساءلة والشفافية؟
الخطوة الخامسة: يجب تغيير المُحَفِّزات التي تُفرَض على ضباط الشرطة أثناء العمل
كجزء من تغيير ثقافة الشفافية والمساءلة، دفع العديد من الخبراء الذين استطلع جيرمان لوبيز آراءهم أيضًا بضرورة تغيير المُحَفِّزات التي تفرضها العديد من أقسام الشرطة على ضباطها في جميع أنحاء البلاد. والمثال الأكثر شيوعًا على ذلك يأتي من فيرغسون بولاية ميزوري؛ حيث كان لوفاة مايكل براون على يد الشرطة في عام 2014 دور فعال في إطلاق احتجاجات «حياة السود مهمة».
وحين حققت وزارة العدل مع إدارة شرطة فيرغسون بشأن الاحتجاجات؛ وجدت أنها كانت تحفز رجال الشرطة على احتجاز أكبر عدد ممكن من الأشخاص؛ لتحقيق هدف واضح، وهو: تحصيل أكبر قدر ممكن من الإيرادات التي يدفعها المحتجزون غرامات ورسومًا. ولكن حتى يستطيع رجال الشرطة تحقيق هذا الهدف، كانوا مضطرين إلى استهداف الأشخاص الأكثر ضعفًا – وكان الضحية الرئيسية من السكان السود – بتهم تافهة.
وتؤكد وزارة العدل أن الضباط كثيرًا ما يقبضون على أشخاصٍ بموجب البند الأول من القسم 29-16، استنادًا إلى حقائق غير كافية لا تستوفي المعايير المطلوبة. وتجرِّم هذه المادة عدم امتثال المواطن للأمر القانوني أو طلب الضابط، فيما يندرج تحت واجباته الرسمية، بما يتشابك مع أداء الضابط، أو يعرقله عن تنفيذ مهام عمله.
تبدأ العديد من حالات الاعتقال بموجب هذا البند بضابط شرطة يأمر شخصًا بالتوقف، على الرغم من عدم وجود مؤشرات موضوعية على أن هذا الشخص متورط في أي مخالفة. وأمر التوقف الذي يصدره الشرطي في ظل هذه الظروف لا يرقى إلى مرتبة «الأمر القانوني»؛ لأن الضابط ليس لديه شك معقول في ارتكاب هذا الشخص نشاطًا إجراميًّا… ومع ذلك، عندما لا يتوقف الأفراد في مثل هذه المواقف، يتعامل ضباط إدارة شرطة فيرغستون مع هذا السلوك بوصفه رفض امتثالٍ لـ«أمر قانوني»، ويلقون القبض على هذا الشخص.
لا يقتصر هذا السلوك على فيرغسون. ففي مدينة نيويورك، حاولت مجموعة من ضباط الشرطة مقاضاة المدينة وإدارة الشرطة بسبب فرض «حصة» تحتم عليهم إيقاف أكبر عدد ممكن من الأشخاص واعتقالهم. وأقر البعض بأن الضباط ينجزون هذا الهدف التي تحفزهم إدارة الشرطة على تحقيقه من خلال استهداف الأحياء ذات الدخل المنخفض، التي لا يمتلك سكانها قوة سياسية كافية تحميهم.
وقال أديل بولانكو، أحد ضباط شرطة مدينة نيويورك لمحطة «WNBC»: «عندما تُقَيِّم أداء ضابط الشرطة بالأرقام؛ فإننا (أي الضباط) سنستهدف الشرائح الأكثر ضعفًا»… سنلاحق مثليي الجنس، ومزدوجي التوجه الجنسي، والمتحولين جنسيًّا «LGBTQ»، ونستهدف مجتمع السود، ونلاحق من لا يمتلكون مالًا، وليس لهم حول ولا قوة».
يقول الخبراء الذين استطلع مراسل «ڤوكس» آراءهم إنه ما يزال من الممكن تحفيز الشرطة على رفع كفاءتهم الإنتاجية، ولكن يمكن فعل ذلك بدون التركيز كثيرًا على إلزامهم بتحصيل أعداد محددة من الاعتقالات أو مخالفات المرور. بل يمكن فعل ذلك بطريقة أكثر ذاتية، من خلال الإشراف المباشر. ويمكن أن يقترن هذا التقييم أيضًا بأنواع أخرى من البيانات، مثل: عدد الشكاوى المرفوعة ضد الضابط، وعدد المرات التي لجأ فيها الشرطي إلى استخدام القوة.
لكن خلاصة القول هي أن الشرطة بحاجة إلى أن تدرك كيف أن الفرض الصارم لنظام الحصص، وتحفيز إنتاجية الضباط بهذه الطريقة؛ يمكن أن يقود الضباط إلى الزلل، وبالتالي يجب اتخاذ خطوات لتصحيح أي من هذه الآثار الجانبية غير المرغوب فيها.
الخطوة السادسة: نحن بحاجة إلى تطبيق معايير أعلى لاختيار ضباط الشرطة مع منحهم رواتب أفضل
يلفت التقرير إلى أهمية تغيير معايير اختيار ضابط الشرطة؛ برفع سقف مواصفات التأهل التي تتطلبها الوظيفة. ولأنه لا توجد معايير فيدرالية لضباط الشرطة، يمكن للمشرعين الفيدراليين وضع مثل هذه المبادئ التوجيهية، بما يسمح للولايات لاعتبارها حدًّا أدنى، أو حتى رفع سقفها.
كما يمكن للولايات أن ترفع سقف شروط منح تراخيص اعتماد الشرطة. على سبيل المثال، كان الحلاَّقون في فلوريدا ابتداء من عام 2016 مطالبين بموجب قانون الولاية بالحصول على ساعات تدريب أكثر مما يطلب من رجال الشرطة: يحتاج الحلاقون إلى تسجيل 1200 ساعة، بينما يحتاج رجال الشرطة إلى 770 ساعة فقط. صحيح أنها ولاية واحدة، ولكنها توضح مدى ضعف المعايير التي يمكن أن تطبق لمنح تراخيص اعتماد الشرطة عبر الولايات المتحدة.
ثم هناك اعتبارات أخرى، مثل: ما إذا كانت المدن والولايات تشترط الحصول على شهادة جامعية للالتحاق بسلك الشرطة، وهو شرط غير موجود في معظم أنحاء البلاد في الوقت الحالي. ولكن إجمالًا، يقول الخبراء بضرورة اشتراط متطلبات صارمة كفيلة بالتحقق من المهارات والسمات التي ينبغي أن نتوقعها من رجال الشرطة، قبل إقحامهم في مواجهة مواقف حية على الأرض.
يقول جيفري فاجان، المتخصص في علم الإجرام في جامعة كولومبيا: «نريد توظيف أشخاص يتمتعون بالقدرة على الانضباط الانفعالي؛ وبالتالي فإنهم لا يدخلون في نوبات غضب، ولا ينظرون إلى من يتحدى السلطات بوصفه يتحداهم هم شخصيًّا، ولا يهرعون إلى استخدام القوة كأول رد فعل منهم فور إقدام أي شخص على تحدي سلطتهم».
ويضيف: «نريد توظيف أشخاص يجيدون التخطيط، ويتمتعون بالتبصُّر. نريد أشخاصًا يستطيعون التأثير في عملهم، وتحديث طريقة أدائهم، بعبارة أخرى: يتعلمون من أخطائهم».
لكن فاجان يستدرك قائلًا: «من أجل تحقيق هذا الهدف؛ نحن بحاجة إلى التفكير بجدية في دفع رواتب أفضل لهؤلاء الرجال». وهذه هي المشكلة: فمن شبه المؤكد أن اشتراط معايير أعلى ستحتم ضرورة دفع المزيد من الأموال لرجال الشرطة. وإلا فماذا يجبر شخصًا يحمل شهادةً جامعية، على سبيل المثال، أن يشغل وظيفة ضابط شرطة (في الولايات المتحدة)، عندما يمكنه أو يمكنها الحصول على أجر أكبر بكثير إذا عمل في شركة أمن خاصة؟
يوافق جون رومان، خبير العدالة الجنائية في معهد «NORC» البحثي بجامعة شيكاغو، على «أنه يتعين تبني معايير أعلى. وإذا كنت ستشترط معايير أعلى؛ فسيتعين عليك دفع رواتب أفضل؛ لجذب أشخاص الأكثر كفاءة لهذه المهمة. هذه هي الطريقة التي تعمل بها السوق الحرة».
الخطوة السابعة: تركيز الشرطة على الأشخاص القلائل الذين يسببون الفوضى والعنف
إلى جانب كل هذه التغييرات المطروحة، يقترح التقرير على الشرطة أيضًا أن تتخذ خطوات لملاحقة الجريمة رأسًا، مع الحرص على تقليل تأثُّر المواطنين الآخرين بالإجراءات التي تتخذها الشرطة لتحقيق هذا الهدف. فمن يرتكبون الغالبية العظمى من الجرائم داخل المجتمعات هم عدد قليل من الأشخاص، يوجدون في أجزاء محددة من المدينة.
يستشهد المراسل بما كتبه توماس أبت عن ذلك لموقع «ڤوكس»: «في معظم المدن، في جميع أنحاء البلاد، يرتكب الأشخاص الذين يقطنون ما بين 3 و5% من المجمعات السكنية في المدينة ما بين 50 إلى 75% من إجمالي عمليات إطلاق النار وجرائم القتل، و1% فقط من سكان المدينة هم المسؤولون عن 50 إلى 60% من إجمالي جرائم القتل».
إذا ركَّزت الشرطة على هذه المجمعات السكنية، وتحديدًا الأفراد، من خلال استراتيجيات الشرطة المعروفة باسم «المتابعة الشرطية للمناطق الساخنة» (التركيز على مناطق جغرافية صغيرة تتركز فيها الجريمة) و«الردع المُرَكَّز»؛ فسيكون بمقدورها وقف الكثير من الجرائم أو ردعها في مدنها، حسبما يؤكد التقرير.
وأحرزت استراتيجية «الردع المُرَكَّز»، على وجه الخصوص، نجاحًا كبيرًا، وهو ما تؤكده الدراسة تلو الدراسة، وينسب إليها الكثير من الفضل فيما يسمى بـ«معجزة بوسطن»؛ إذ انخفض معدل الجرائم العنيفة في المدينة بنسبة 79% خلال حقبة التسعينيات. وتناول توماس أبت نجاح هذه الاستراتيجية في كتابه الصادر عام 2019 بعنوان «Bleeding Out»، ويسلط فيه الضوء على الأدلة التي تؤيد الدعوة للتعامل مع العنف الحضريِّ بجدية أكبر، بوصفه مشكلة تعتري السياسة التي تتبعها الشرطة.
ويوضح روزنفيلد أن استراتيجية «الردع المُرَكَّز» تطير بجناحين؛ أولهما مفاده: نحن نعرف بوضوح من أنت، وأين تعيش، وسنفعل كل ما في وسعنا لوقف العنف في هذا المجتمع. وإذا كان هذا يستدعي أن نعتقلك ونتهمك بارتكاب جرائم عنف خطيرة؛ فسنفعل ذلك. والثاني مفاده: إذا كنتَ تريد النجاة بنفسك من هذه الحياة (الجريمة)، فها نحن نقدم لك الخدمات والدعم الذي قد تجده مفيدًا لتسلك دربًا مختلفًا في حياتك».
يمكن أن تكون الخدمات الاجتماعية المقدمة باهظة الثمن، لكنها ضرورية لنجاح هذه الاستراتيجية، حسبما يخلص تقرير «ڤوكس». على سبيل المثال، تقدم هذه الخدمات مخرجًا لشخصٍ عالقٍ في مكان سيئ في الحياة؛ فغالبًا ما يقع الناس في شَرَك المواقف العنيفة بسبب الظروف الاقتصادية البائسة. وعندما يقدم رجال الشرطة هذه الخدمات، فإنهم يبعثون برسالة مفادها أنهم ليسوا موجودين فقط لفرض القانون، ولكن أيضًا لمحاولة مساعدة الناس على الخروج من الظروف العصيبة.
يلفت روزنفيلد إلى أن ذلك «يضفي نوعًا من الشرعية على الشرطة. فهم ليسوا موجودين لمجرد إشهار المذكرات القضائية، أو تحذير الناس بشأن ما سيحدث لهم إذا ارتكبوا جريمة أخرى، ولكنهم يحملون أيضًا بين جوانحهم درجة من الاهتمام بهؤلاء الأفراد وحياتهم».
على هذا النحو، يمكن لهذه الاستراتيجيات أن تقلل عدد الأشخاص الذين يتأثرون مباشرة بإجراءات الشرطة؛ من خلال استهداف عدد قليل من الأشخاص في مناطق قليلة، بدلًا من اكتساح أحياء بأكملها وتوقيف عدد كبير من سكانها بطريقة عدائية. كما يمكن أيضًا أن تبعث هذه الاستراتيجيات برسالة إلى أبناء المجتمع مفادها أن الشرطة تفهمهم: معظم الناس في هذه المجتمعات أبرياء، وستركز الشرطة فقط على الجُناة.
يقول توماس أبت عن ذلك: «إذا كنتَ محددًا للغاية؛ سيكون أداؤك أفضل في مكافحة الجريمة والحد من العنف. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك تعزيز شرعيتك من خلال إخبار المجتمع بأنك لا تحتلهم، كما لو كنتَ جيشًا غازيًا، ولكنك تخدمهم من خلال مساعدتهم على تحديد العدد القليل من الأشخاص الذين يلحقون ضررًا حقيقيًّا بالمجتمع».
إحدى العقبات الكبرى أمام هذه الاستراتيجيات هي أنها يمكن أن تتطلب استثمارًا أوليًّا كبيرًا. وقد تُظهِر أقسام الشرطة، المعتادة على مكافحة الجريمة بطريقة معينة، مقاومة للأفكار الجديدة، خاصة إذا كانت تكلف المزيد من المال مقدمًا. وقد يكون تنفيذ هذه الاستراتيجيات صعبًا؛ وهو ما يتطلب من الجهات الفاعلة في جميع أفرع الحكومة، من العمدة (رئيس البلدية) إلى الشرطة، مرورًا بالاختصاصيين الاجتماعيين، أن يحشدوا جهودهم لإنجاح استراتيجية محددة، والتمسك بتطبيقها حتى ولو تعثرت في بعض الأحيان. ولكن إذا نجحت هذه الاستراتيجيات في إنقاذ الأرواح وتحسين حياة المواطنين؛ فسيكون هناك واجب أخلاقي على جميع مستويات الحكومة بأن تأخذها على محمل الجد.
الخطوة الثامنة: نحتاج إلى بيانات أفضل لتقييم أداء الشرطة ومعدلات الجريمة
يشكو التقرير من الطريقة السيئة التي تدير بها الحكومة الفيدرالية عملية جمع البيانات المتعلقة بمعدلات الجريمة وأداء الشرطة. إذ تصدر تقارير الجرائم على الصعيد الوطني متأخرة لمدة عام أو أكثر. ويؤكد كل الخبراء تقريبًا الذين استعرض موقع «ڤوكس» آراءهم أن هذه البيانات من المحتمل جدًّا أن تكون أقل من معدلات الجريمة؛ لأنها لا تضع في الاعتبار الجرائم التي لم تبلغ الشرطة عنها.
يقول رومان: «لا نعرف شيئًا تقريبًا عن الجريمة في أمريكا؛ بخلاف القتل والاختطاف والحرق العمد.. الاغتصاب والسطو والاعتداء وسرقة السيارات والعصابات والمخدرات، نحن لا نبلغ الحكومة الفيدرالية بالبيانات التي تسمح لها بتقديم التوجيهات التي يمكن أن تساعد جهات تنفيذ القانون على العمل بكفاءة أكبر، أو تساعد الباحثين على فهم كيفية نشأة الجريمة وتطورها».
يشدد التقرير على أهمية البيانات الأكثر حداثة وشمولية، بوصفها يمكن أن تكون مفيدة للغاية في مكافحة الجريمة، كما يؤكد العديد من الخبراء. يؤكد روزنفيلد ذلك قائلًا: «أنت بحاجة إلى هذه المعلومات المقارَنة؛ حتى تتمكن من تحديد ما إذا كانت المشكلة التي تواجهها في مجتمعك فريدة نسبيًّا أو خاصة بظروف المجتمع المحلي، أم أنها مشكلة شائعة في العديد من المجتمعات الأخرى. إذا كانت المشكلة شائعة؛ فأنت بحاجة إلى التشاور مع تلك المجتمعات الأخرى لمعرفة كيف يعالجونها. أما إذا كانت مشكلة خاصة؛ ستدرك أن عليك وضع استراتيجيات تتناسب مع نوعية المشكلات المخصوصة التي يواجهها مجتمعك».
هذا الأمر لا ينطبق فقط على الجريمة. بل يلفت جوف إلى أن هناك القليل من البيانات، وفي بعض الأحيان لا توجد بيانات، حول ما تفعله الشرطة، مثل: التوقيف والاعتقال، واستخدام القوة وما إلى ذلك. إذ خلصت دراسة أجريت عام 2015 إلى أن بيانات الوكالات الفيدرالية المتعلقة بحالات القتل التي ارتكبها رجال الشرطة تغفل ما يصل إلى نصف إجمالي الأشخاص الذين قتلوا بأيدي الشرطة في أمريكا. ولا تحاول الحكومة الفيدرالية تتبع المزيد من الإجراءات النموذجية التي تطبقها الشرطة، من التوقيف وحتى الاعتقال.
يعلق مراسل موقع «ڤوكس»، جيرمان لوبيز، على هذا الوضع قائلًا: طالما تعجز الولايات المتحدة عن جمع هذه البيانات، سيكون من المستحيل تقريبًا تقييم ما يصلح لمعالجة أي من المشكلات التي يواجهها الناس مع الشرطة، بدءًا من التحيز العنصري وصولًا إلى مكافحة الجريمة. صحيحٌ أن الأمر قد يتطلب المزيد من المال لجمع هذه البيانات بدقة، ولكن كل خبير شارك برأيه في هذا التقرير شدد على أهمية هذه المسألة الرئيسية التي تحتاج إلى معالجة.
إذا طبقت الشرطة هذه النصائح على الوجه الأمثل؛ سيكون بمقدورها تقوية الثقة في رجال الشرطة وتعزيز شرعيتها في مكافحة الجريمة
هناك نقطة أساسية في كل هذه الاستراتيجيات، هي أن الشرطة الأكثر فعالية وشفافية، يمكن أن تحل بالفعل مشكلتين كبيرتين تلازمان أجهزة الشرطة في أمريكا اليوم، هما: التحيز العنصري، وارتفاع معدلات الجريمة.
فكلما أذيع خبر صادم حول إطلاق رجل شرطة النار على شخص أسود؛ يميل معارضو حملة «حياة السود مهمة» إلى طرح سؤال مختلف، مفاده: «لكن ماذا عن جرائم السود ضد السود؟». وهم يقصدون بذلك أن المدنيين السود يقتلون أكثر بكثير من المدنيين السودانيين، وهذا ما يجب أن يقلق بشأنه أي شخص يهتم حقًا بحياة السود.
غير أن ثمة ثغرة في هذا الطرح يغفلها هؤلاء النقاد، ويرصدها التقرير، مفادها: أن انعدام الثقة في الشرطة – المحرك الرئيسي وراء حركة «حياة السود مهمة» – هو أيضًا محرك رئيسي للجريمة في أحياء الأقليات. ويستشهد جيرمان لوبيز بمقولة كينيدي: «عندما لا تثق المجتمعات بالشرطة، بل تخاف منها؛ فإنها لن تعمل مع الشرطة، بل لن تستطيع العمل معها، ولا في إطار القانون، بشأن المشكلات التي تواجه مجتمعها… ثم يجد المجتمع نفسه مضطرًّا إلى التعامل بمفرده مع هذه المشكلات التي تنخر في داخله، وهذا يؤدي إلى العنف».
ويلفت التقرير أيضًا إلى أن تحسين ممارسات الشرطة لا يمكن أن يوقف كل الجرائم؛ لأن هناك العديد من القضايا الأخرى، بدءًا من الوظائف وصولًا إلى الإسكان، التي لها تأثير أيضًا. لكن الشرطة، إذا نالت ثقة المجتمع، يمكن أن يكون لها تأثير كبير.
يقول مراسل «ڤوكس»: ينبغي أن يحظى هذا الطرح بالقبول العام؛ بوصفه طرحًا منطقيًّا. وقد أحسنت الصحفية جيل ليوفي عرضه في كتابها الرائع «Ghettoside: A True Story of Murder in America» مشيرة إلى استبعاد حل جرائم القتل في أحياء السود. وهي تدفع بأن بعض الناس في مجتمعات السود خلصوا إلى استنتاجٍ مفاده أن الشرطة لا تُقَدِّر حياة السود؛ ولذلك فإنهم مضطرون إلى تسوية النزاعات الشخصية بأنفسهم.
كتبت المؤلفة في كتابها: «انتزعِ حفنة من الفتيان المراهقين من الضاحية الأكثر بياضًا وأمانًا في أمريكا، وأقحِمهم في مكانٍ يُقتَل فيه أصدقاؤهم، ويتعرضون فيه للهجوم والتهديد باستمرار. وابعث إليهم بإشارات مفادها أن لا أحد يأبه بمعاناتهم، ثم زِد الطين بِلَّة بالفشل في حل جرائم القتل. وضيِّق عليهم الخناق حتى لا يجدوا مكانًا للهروب من هذا المستنقع. ثم انظر ماذا سيحدث».
يختم التقرير بالقول: هذا هو السبب في أن الشفافية والمساءلة وتعاون المجتمع – وهي الإجراءات الموصوفة كجزء من نموذج «العدالة الإجرائية» للشرطة – كلها أمور مهمة للغاية؛ فهي تشير إلى أن نظام العدالة يهتم بأبناء هذه المجتمعات. وإذا فعلت الشرطة ذلك بطريقة صحيحة – من خلال وقف الممارسات العدوانية المفرطة ومنع الجريمة والعنف في أحياء السود – فيمكنها أن تبعث إلى المواطنين بإشارة مفادها أنها تهتم حقًّا بحياة السود.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».
علامات
أمريكا, إصلاح, احتجاجات أمريكا, السود, الشرطة, الشرطة الأمريكية, الشرطة في أمريكا, العنف, ترامب, ترجمات, جورج فلويد, مينيابوليس, مينيسوتا