حصل الممثل الأمريكي من أصل مصري، رامي يوسف، على جائزة «جولدن جلوب» لأفضل ممثل تلفزيوني عن دوره في مسلسل «رامي Ramy». وفي هذا السياق، ننشر ترجمة مقابلة أجرتها مجلة «رولنج ستون»، تحدث فيها بطل المسلسل عن تجربة المصري الأمريكي المسلم الذي يعيش جامعًا بين ثقافتين. وأجرت الكاتبة جابريلا باييلا الحوار مع يوسف في أبريل (نيسان) 2019، قبيل شهر رمضان الماضي.
في البداية قالت الكاتبة: «قبل حلول رمضان، كان رامي يوسف يجلس في مطعم وسط مانهاتن، مرتديًا قبعة «نايكي» سوداء اللون، ويقبل على الطعام بنهم. أنهى الكوميديان البالغ من العمر 28 عامًا أداءه في الطابق السفلي بنادي الكوميديا المعروف باسم كوميدي سيلر في نيويورك، حيث بدأ بأسلوبه الكوميدي المعتاد، متحسرًا على أنه ليس لديه صديقة يمكن أن يتناول معها الزبادي المجمدة. ثم انتقل إلى مشاهدة فيلم «Surviving R. Kelly» الوثائقي، شاعرًا بالقلق المتزايد من أن الفيلم سيكشف أن مغني الآر آند بي اعتنق الإسلام. وقال: «كنت أنتظر منهم فقط أن يجدوا القرآن»، وأضاف «ربما كانت الحلقة الخامسة لتعلن أن حرف R في بداية اسمه هي اختصار لرحمن».
النقاد: المسلسل ثوري وعميق
تقول الكاتبة إن رامي يوسف مسلم متدين، وهو ممثل يؤدي أدوار الكوميديا ويخلط فيها بسلاسة بين مشاهد التقوى: «أنا أؤمن بالله. أعني الإله الحقيقي، وليس اليوجا»، والفحش «انزلقت مرة واحدة دون استخدام الواقي الذكري لمدة ثانية واحدة.. شعرت بشعور جيد جدًا، لكن في اللحظة التي انزلقت فيها واجهت مشكلة الرهن العقاري. وكان ابني بحاجة إلى تقويم أسنان»، وأحيانا يجمع بين التقوى والفحش في الوقت ذاته «أتذكر اللحظة التي آمنتُ فيها بالله حقًا. تلك الفتاة كتبت لي رسالة نصية بعد دقيقتين فقط من ممارستي العادة السرية على صورتها على موقع فيسبوك».
وظهر هذا المزيج الواضح في أول عرض كوميدي يقدمه، «فيلنجز»، والذي ظهر لأول مرة على شبكة «أتش بي أو». وهو ما ظهر في مسلسل «رامي» أيضًا الذي يشبه السيرة الذاتية، عن أمريكي مسلم يدعى رامي حسن، يعيش مع أسرته في نيو جيرسي، ويمر في خضم أزمة مقتبل العمر، مدفوعًا بالرغبة في التمسك بإيمانه بشكل أفضل.
أول عرض كوميدي تلفزيوني يحكي تجربة الأمريكيين المسلمين.
هو أول عرض كوميدي تلفزيوني يحكي تجربة الأمريكيين المسلمين، والذي أصبح على الفور محببًا للنقاد، كما كان موضع إشادة لكونه «ثوريًّا بهدوء» و«عميقًا» بعد عرضه الأول في أبريل (نيسان) (أعلنت شركة هولو بالفعل أنها ستعرض الموسم الثاني منه).
يتعلق دور البطولة في هذا العرض بأحد أبناء جيل الألفية من العرب المسلمين يدعى رامي، الذي يقوم بدور شاب عربي مسلم، ويقول رامي يوسف إنه يمكن أن ينتهي المطاف بالمشاهدين بأن يشعروا بأنه يشبه هذه الشخصية شبهًا كاملًا، في الظاهر على الأقل.
يجسد مسلسل رامي حياة شخص يعاني من بطء التطور، وما يزال يعيش في المنزل مع والديه (يلعب دورهما هيام عباس وعمرو واكد). لم ينجح رامي في عمله الأول، مما اضطره إلى الذهاب للعمل مع عمه العنصري في منطقة الماس.
ويقوم رامي في المسلسل، باعتراف الجميع، بدور شاب يتصرف بطريقة رعناء. ولحسن الحظ، فإن رامي الحقيقي يتمالك نفسه كثيرًا عنه.
ويوضح رامي يوسف: «أحاول أن أقوم بدور (الشخصية) التي أجيد القيام بتصرفاتها بدون تكلف، وأجعلها تعبر عما أشعر به». ويضيف: «لديّ منفذ إبداعي للحديث عن أشياء تدور في ذهني، وهي أشياء كثيرة. نتساءل: ترى كيف سيكون الأمر لو لم أكن أمتلك هذه الصفات؟ وتكون البداية من عيوبه. كان سيكون من الغريب تقديم مسلسل يسمى رامي، وإظهاره على أنه شخص جيد، بينما هو يعاني من اعتلال اجتماعي إلى حد ما».
من العلوم السياسية إلى الكوميديا
وُلد رامي يوسف في حي كوينز بمدينة نيويورك لمهاجرين مصريين – وكان والده يدير فندق بلازا عندما كان يمتلكه دونالد ترامب – ونشأ في روثرفورد القريبة بولاية نيوجيرسي، حيث كان معجبًا بالممثل الكوميدي جورج كارلين ولاعب كرة السلة ألن إيفرسون.
التحق يوسف في البداية بجامعة روتجرز لدراسة العلوم السياسية، وكان يعتزم أن يصبح محاميًا، لكنه تراجع في العشرين من عمره، وشق طريقه في مجال الكوميديا في لوس أنجلوس.
شارك لأول مرة في المسلسل الكوميدي «See Dad Run» الذي كان يقوم بدور البطل فيه الممثل سكوت بايو، وبث على شبكة قنوات نيكلوديون، ثم كان له دور آخر في الدراما الأمريكية التي تدور حول القرصنة الإلكترونية «Mr. Robot»، إلى جانب زميله المصري الأمريكي رامي مالك. (ملاحظة جانبية: ربما لا شيء يدل على قلة الممثلين الشرق أوسطيين على شاشات التلفزيون الأمريكي مثل موقف جدتي المصرية البالغة من العمر 84 عامًا، والتي أخبرتني بأنها تشاهد «مستر روبوت» لكونه المسلسل الوحيد على التلفزيون الذي كان نجمه مصريًّا).
كيف ولدت فكرة مسلسل «رامي»؟
تتابع الكاتبة أن فكرة مسلسل رامي بدأت لأول مرة في عام 2012، عندما كان يوسف يصلي بين فترات التصوير في مسلسل «See Dad Run». بعد ذلك بفترة قصيرة، أحضر صديقه آري كاتشر – الذي كان يشجعه على تطوير مفهوم الكوميديا الأمريكية المسلمة – جيرود كارمايكل إلى حفل في منزل يوسف.
وعلى الفور، وطد نجما الكوميديا صداقتهما بسبب كونهما متدينين (كارمايكل مسيحي)؛ وانتهى الأمر بمناقشة العرض أثناء مشاهدتهما لـ«روست جاستن بيبر»، وخلال جولاتهما سويًّا في عام 2017.
وعندما أصبح كارمايكل منتجًا تنفيذيًٌا، بدأوا في تقديم المسلسل للشبكات مع المبدعَيْن المشاركَيْن: كاتشر وريان ولش. وبعد أن أعطت قناة هولو الضوء الأخضر للمشروع، أحضروا بريدجيت بيدار التي أخرجت مسلسل «Transparent» للعمل في إدارة العرض.
وبحسب مقال مجلة «Vulture» حول كواليس صناعة مسلسل رامي، كان كل الكتاب الجدد الذين تعاقد معهم المسلسل من النساء، اثنتان منهم مسلمتان. (وركزت حلقتان مستقلتان على التوالي على شقيقة رامي، التي لعبت دورها ماي كالاماوي، ووالدته، وأخرجتهما المخرجة الفلسطينية الأمريكية شيرين دعيبس، وهما من بين أقوى حلقات المسلسل).
وتقول الكاتبة إن فكرة رفض سير المسلسل في المسار المتوقع – إذ تبدو عائلة رامي من عشاق ترامب، وتكشف إحدى الحلقات أن أحداث 11 سبتمبر (أيلول) حدثت أثناء ممارسته الاستمناء لأول مرة في حمام مدرسته المتوسطة – أضفَت عليه في النهاية ملامح الأصالة العميقة. كما ساعد على ذلك أيضًا كلمة «حبيبي» التي تقال في كل جملتين تقريبًا.
والأهم من ذلك، أنه مضحك للغاية، حتى مع أكثر اللحظات تأثيرًا التي تتمدد مثل شريط مطاطي ثم ترتد مرة أخرى فجأة مع مزحة. مثل تلك المحادثة التي يعنف فيها والد رامي ابنه بسبب نومه مع امرأة متزوجة؛ إذ وجه له عتابًا نابعًا من القلب ومثيرًا للحنين إلى الماضي، حول ما ضحى به عندما ترك عائلته في مصر قبل أن ينتهي بالقول: «على الأقل، أنت لست مثليًّا».
مشاهد جنسية ولكن بدون عري
وتتابع الكاتبة أن رامي يوسف يشعر بسعادة غامرة لأنه وضع رؤيته الكاملة في مسلسل «رامي» كما يقول، «هذا الهراء ليس مخففًا». ومع ذلك، كانت هناك بعض المعارك التي خسرها؛ إذ كان يأمل في أن يظهر في المشهد الأول وهو يتوضأ قبل الصلاة في مسجد.
«جعل هذا المشهد الجمهور يشعر وكأنه مسلسل عن الإرهاب».
يقول رامي: «جعل هذا المشهد الجمهور يشعر وكأنه مسلسل عن الإرهاب، لأنهم منفتحون على مشهد داخل مسجد ويتكلمون اللغة العربية». وسواء أكنت تعتقد أن رامي يميل بشدة إلى الفحش أم إلى التقوى فهذا يعتمد على وجهة نظرك.
وتشير الكاتبة إلى أن الموسم الأول للمسلسل يشتمل على العديد من المشاهد الجنسية، على الرغم من عدم وجود مشاهد عري.
ويقول يوسف إن «الأشخاص الذين هم جزء من المجتمعات الإسلامية التي لديها حساسية تجاه الجنس، يشاهدون هذا المسلسل ويرون أنه مسلسل لا يعرض إلا الجنس. أما الأشخاص الذين ليست لديهم تلك الحساسية يشاهدون المسلسل ويقولون لأنفسهم، كل ما يفعله هذا المتأنق هو أنه يصلي».
وتشير الكاتبة إلى أن مشاهد الصلاة أكثر من المشاهد الجنسية.
ما موقف رامي يوسف من التمثيل والمسؤولية؟
وأردفت الكاتبة أن نجاح موسم رامي الأول أثار نقاشات حول التمثيل والمسؤولية، على الرغم من أن هدف يوسف النهائي كان أن يروي قصة دقيقة حول شخصية شاب وعائلته بطريقة مضحكة. إنه يحب الكوميديا الهادفة، ويقول: «من المهم التأكد من أنني أفكر دائمًا: لماذا أقول هذه النكتة في هذا الموقف؟»، وفي الوقت ذاته يريد أيضًا أن يكون واقعيًّا.
يقول يوسف: «أعتقد أن هذه الكوميديا موجودة في مكان الآن حيث تثير الارتباك إلى حد ما. في بعض الأحيان يركز الناس على الغاية أكثر من الضحك. ويجب أن تكون الكوميديا مدفوعة بالضحك. وربما يقول شخص «نعم.. الكوميديا تغير الأشياء». ولكن أنا أكره حقيقة هذا النوع من المشاعر؛ لأن ذلك يفرض ثقلًا غير ضروري عليها».
ويتابع: «صديقتي باتريس كولورزٍ، هي واحدة من مؤسسي «حياة السود مهمة – Black Lives Matter». لم أستطع أن أتصل بها وأقول مثلًا «يا رفاق.. عليكم بالحصول على عطلة لمدة أسبوع، غرفة الكتّاب هذه مضحكة للغاية، نحن سوف نغير (الأشياء). لا تقلقوا، سنقوم بعملكم». آمل أن يساعد عملي في إعداد الناس ليكونوا أكثر انفتاحًا على ذلك العمل الذي يتم تنفيذه، لكن هذا ليس تغييرًا».
بعد الغداء، يخطط يوسف للتوجه إلى منزل والديه في نيو جيرسي، حيث ينام ويستيقظ في الساعة الرابعة صباحًا لتناول السحور قبل اليوم الأول من الصيام في شهر رمضان. بعد يومين، سيتوجه بالطائرة إلى لوس أنجلوس، حيث توجد غرفة كتاب رامي، للبدء في الموسم الثاني من المسلسل.
ثم هناك العرض الأول المرتقب لمسلسل «فيلنجز»، والذي سيعرض فيه مشاهد الكوميديا أمام جمهور أكبر بكثير. وعلى الرغم من أن يوسف كان يعمل منذ 10 سنوات، فإنه لا تكاد توجد أي مقاطع فيديو لمواده على الإنترنت، وهو أمر مقصود من جانبه.
يعترف قائلًا: «هناك القليل من الصدمة عندما تخرج الأمور للعلن. أشعر أنه من الغباء أن تقول متى كنت ممثلًا، وتحيد عن طريقك لتقديم برنامج تلفزيوني. ما يعجبني حقًّا في تقديم عروض الكوميديا هو أنها تمكنك من التأثير حتى لو كان موجودًا مائة شخص في الغرفة، ويصبح بمقدورك أن تشعرهم بنبض إحساسك. إنها شأن إنساني للغاية».
ويضيف يوسف: «بمجرد ظهور شيء ما على الشاشة، سيُفقَد جزء ضئيل من تلك الإنسانية. لن تصل نواياك إلى الجميع. ولكن المأمول أن يدرك هذه النوايا عدد أكبر من الناس».
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».