رصد جيمس إسترين في تقرير مصور في صحيفة «نيويورك تايمز» أوضاعًا عائلة عراقية لجأت إلى الولايات المتحدة مع اشتعال حرب الخليج الأولى في عام 1991.

وأوضح إسترين في تقريره بالصور – التي التقطها وسام البدري أحد أفراد العائلة – كيف تعيش العائلة العراقية، حيث يقول: «كانت المرة الأولى التي يزور فيها وسام والده، ستّار، في سجن عراقي، حيث كان الأخير قد تعرض للسجن والتعذيب لرفضه القتال في الحرب العراقية الإيرانية. وكان هناك ما لا يقل عن 20 سجينًا آخرين في الزنزانة نفسها، ويتذكر وسام كيف احتضنه والده».

كان اللقاء غريبًا ومشحونًا بالعاطفة، لكن وسام وعائلته تعلموا كيف يجدوا الراحة. ربت أمه خمسة أطفال في مدينة الناصرية الفقيرة، التي فروا منها عندما اقترب القتال في حرب الخليج عام 1991. وبعد قضاء سنوات في مخيمات اللاجئين حيث كان الغذاء نادرًا، مُنحت العائلة حق اللجوء في الولايات المتحدة واستقرت في مبنى سكني متهدم بجوار خطوط السكك الحديدية ومصنع البلاستيك في لينكولن بولاية نبراسكا.

عباس – شقيق المصور وسام- يقص شعره فناء منزل والدته

عويدة الخفاجي – والدة وسام – في غرفة المعيشة. عبرت منطقة حرب في العراق مع خمسة أطفال وأمضت خمس سنوات في مخيمات اللاجئين.

حسام – شقيق المصور – ويبلغ من العمر 34 عامًا، فكان يزور أقرباءه في ديربورن بولاية ميشيجان، بما في ذلك عمتهم أم رحيم، الجالسة يسارًا، وابن عمه علي، إلى اليسار، وابن عمهما رحيم، إلى اليمين، وابن عمه عبد الله، مباشرة أمام الكاميرا.

شقيقات المصور الثلاث ينظرن إلى المجوهرات التي سترتدينها لحفل. من اليسار: زينب وشانون وشمس.

شانون مع والدتها أم رحيم –  الجالسة – في حفل زفاف.

وبعد 23 عامًا، قام وسام، وهو مصور في مدرسة للدراسات العليا، بتوثيق تجربة عائلته في اللجوء في نبراسكا – يشير إسترين – وينقلها بالنص والصورة كما يراها، لتبدو جميلة وأنيقة. «ليست هناك عائلة مثالية، ولكن عائلتي مثالية بالنسبة لي»، أوضح وسام. وأضاف «عائلتي ليست شخصيات ذات بعد واحد في قصة لاجئ. فلديهم طبقات متعددة، شخصياتهم الخاصة، وأعمالهم الخاصة وطرقهم في الحياة».

في لينكولن، عانت العائلة، التي تضم الآن سبعة أطفال، من أجل التكيف. ففي غضون أسبوع من وصولهم، تأثر وسام، الذي كان في الحادية عشرة ولم يكن يتكلم الإنجليزية، بسبب التغييرات الجذرية في حياته لدرجة أنه أصيب بأزمة تنفسية وتم نقله إلى أحد المستشفيات من قبل الجيران. لكنه عاد إلى المنزل – بعد أربع ساعات – مع جهاز استنشاق وأول وجبة له من مطعم ماكدونالدز في حقيبة.

وقد عثر والده على وظيفة كسائق شاحنة لشركة طباعة – يضيف إيسترن – لكنه انفصل عن عايدة بعد أربع سنوات من وصولهم. وقال وسام إنه كان نادرًا ما يظهر في حياة أسرته بعد ذلك. لملمت عايدة شمل الأسرة معًا. كانوا يعيشون في مساكن مدعومة واعتمدوا على بنوك الغذاء ، بينما كان وسام ، الابن  الأكبر، يعمل صيفًا في سن 14 عامًا في مطعم للبيتزا.

مشهد لفصل الشتاء في لنكولن من شرفة والدة المصور.

ثاوغة – يسار – وعباس – يمين – بعد حفل زفافهما.

عباس في منزل أمه، حيث تم نفخ البالونات لحفلة زفاف أحد الجيران. وهو يخضع للمراقبة بعد إعادة التأهيل من المخدرات كجزء من برنامج إطلاق السراح المشروط ويرتدي جهاز مراقبة في الكاحل.

شعر وسام بالغربة – ينوه إسترين – لذلك تصاحب مع اللاجئين الآخرين من البوسنة وصربيا والسودان والصومال. كان معظمهم بالكاد يتحدثون الإنجليزية، لكنهم استمتعوا بصداقة هادئة. ومع ذلك، فقد تعرض للتنمر لكونه مختلفًا، وبدأ يتغيب عن المدرسة وينخرط في مشاجرات. وهو يرى الآن هذا السلوك نتيجة لضغوط ما بعد الصدمة الناجمة عن الحرب والعيش في مخيمات اللاجئين. كان معظم أفراد عائلته يعانون أيضاً – لكنهم لم يتحدثوا أبداً عما حدث لهم.

«كانت هناك سحابة من الحرب والاضطرابات الناجمة عن اضطرابات ما بعد الصدمة التي ظلت تحوم فوق غرفة المعيشة»، يقول وسام، ويضيف «لكننا لم نواجه الأمر في الواقع. وقد ساهم ذلك في خلافات بين أبي وأمي. فقد طلبت أمي المساعدة لكن أبي لم يفعل».

وقال إن كل واحد من إخوته تأثر بتجارب أسرتهم بشكل مختلف. وقد ذهبت أخواته، شمس 27 عامًا، وزينب 26 عامًا، وشانون 23 عامًا، إلى الكلية، وهن يعشن حياة ناجحة وينشطن في مجتمعاتهن.

لكنه واثنين من أشقائه قد مروا بوقت عصيب – يستدرك إسترين – فبعد ثماني سنوات من المدرسة الثانوية، عمل وسام في مصنع لتعبئة اللحوم، ثم مسلخ، فمصنع لختم المعادن وإزالة الأسبستوس. وقال إنه ذهب إلى حيث كان يرتاد الحانات بعد العمل، وأفرط في الشرب لفترة طويلة.

شقيق المصور – علي البدري – مع ابنته إيلا ابنة الست سنوات – يسارًا – وابنة أخته مايا التي تبلغ 11 سنة – يمينًا.

إحدى عمات المصور – أم علي – في دبورا بولاية ميتشجان وهي تقرأ مقالًا بالعربية عن العراق.

حسام في فناء أمه الأمامي في نبراسكا.

يقول وسام إن شقيقه حسام، 34 عامًا، الذي يعمل في مصنع طلاء معدني ولديه ابنتان صغيرتان، نادرًا ما يتحدث عن تجاربه، على الرغم من تأثره الشديد بها. أما عباس – 29 عامًا – فقد قضى وقته في المرح وسجن لبيعه الكوكايين وهو الآن في مرحلة إعادة التأهيل من المخدرات ضمن برنامج إطلاق السراح المشروط.

في عام 2008 – يؤكد إسترين – تابع وسام اهتمامه الطويل بالتصوير الفوتوغرافي عن طريق شراء كاميرا رقمية ونشر مقال مصور عن والدته وصديقاتها العراقيات على عدة مواقع، بما في ذلك كانساس سيتي ستار، واستخدمت إحدى الصور في حملة الأمم المتحدة للاجئين. وقد شجعته زوجته، مليحة الزبيري، على الذهاب إلى كلية في معهد سان فرانسيسكو للفنون، حيث حصل على درجة البكالوريوس في الفنون الجميلة، ثم التحق بمدرسة الصحافة في بيركلي.

يريد وسام إظهار قوة إرادة الأشخاص الذين تم تهميشهم. ففي حين أن عائلته لم تتحدث عن «ألمهم أو معاناتهم»، كما قال، فقد ثابروا، وأعطاهم هذا المشروع فرصة أخرى للانفتاح.

قال: «أرى أن الشفاء بدأ لأنني أسأل عائلتي بالفعل ما حدث لهم، وهو أمر لم أفعله في الماضي. إنها عملية بطيئة، ولكنها شافية لي أيضًا».

شانون وعلي في فناء أمهم الأمامي.

ابنتا أخ المصور أميرة وإيلا – ثماني وست سنوات على التوالي من اليسار.

والدة المصور – في المنتصف – وأم رحمن – يمين – وإحدى جاراتها – يسار.

إيلا – يسار – وأميرة – يمين – في مرآب جدتهما في نبراسكا.

زينب في منزل والدتها في نبراسكا.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».