المملكة العربية السعودية، التي تشن حملة ضد الحوثيين في اليمن بالمشاركة مع قوات التحالف العربي، تستهدف القطاع الزراعي في اليمن ومزارعها الفقيرة.

زعم «روبرت فيسك»، الصحافي البريطاني الشهير ومراسل صحيفة «الإندبندنت» البريطانية في الشرق الأوسط، أن المملكة العربية السعودية، التي تشن حملة ضد الحوثيين في اليمن بالمشاركة مع قوات التحالف العربي، تستهدف القطاع الزراعي في اليمن ومزارعها الفقيرة.

وقال «فيسك» في مقال نشرته الصحيفة البريطانية إن حرب اليمن تجمع بشكل فريد بين المأساة والنفاق والمهزلة. يأتي أولًا الضحايا: حوالي 10 آلاف من بينهم حوالي 4 آلاف من المدنيين. ثم يأتي هؤلاء المستشارون البريطانيون والأمريكيون المجهولون الذين يساعدون السعودية على استهداف الجنازات، والأسواق وغيرها من الأماكن التي يعتبرها هؤلاء أهدافًا عسكرية.

250 مليون دولار شهريًا

وأضاف «فيسك»: «ثم تأتي التكاليف السعودية: أكثر من 250 مليون دولار شهريًا، وفقًا لبنك ستاندرد تشارترد – وهذا بالنسبة لبلد لا يمكنه أن يدفع ديونه لشركات البناء. ولكن الآن تأتي الكوميديا السوداء: شمل القصف السعودي الأبقار والمزارع والذرة – والتي يمكن استخدامها للحصول على الخبز أو علف الحيوانات – وكذلك منشآت زراعية عديدة».

وأشار «فيسك» إلى أن هناك أدلة قوية تشير إلى أن السعوديين وحلفاءهم في التحالف وهؤلاء «المستشارين» البريطانيين يستهدفون عمدًا القطاع الزراعي الصغير في اليمن في حملة، في حال نجاحها، من شأنها أن تؤدي إلى مرحلة سيعاني فيها الشعب اليمني ليس فقط من المجاعة ولكن من الاعتماد الكلي على الواردات الغذائية من أجل البقاء. الكثير من هذه الواردات ستأتي بلا شك من دول الخليج، التي تقصف الآن هذا البلد الفقير.

وتابع «فيسك» بقوله إن حقيقة أن اليمن باتت منذ فترة طويلة جزءًا من حرب سعودية بالوكالة ضد الشيعة وخصوصًا إيران – التي اتُهمت، دون وجود أدلة، بتوريد أسلحة إلى الحوثيين الشيعة في اليمن – باتت من المسلم به الآن كجزء من رواية الشرق الأوسط الطائفية الحالية (مثل المتمردون «الأخيار» في شرق حلب والمتمردون «الأشرار» في الموصل).

استهداف سبل العيش

وقال إنه لذلك، وللأسف، لدينا تفجيرات فاحشة تستهدف المدنيين. ولكن الأهداف الزراعية شيء مختلف تمامًا.

وقال «فيسك» إن الأكاديميين يجمعون بيانات من اليمن تشير بقوة إلى أن حملة السعودية في اليمن تحتوي على برنامج لتدمير سبل العيش في المناطق الريفية.

«مارثا موندي»، أستاذ فخري في كلية لندن للاقتصاد، التي تعمل حاليًا في لبنان مع زميلها «سينثيا غاريوس»، تبحث في إحصاءات وزارة الزراعة اليمنية، وتقول إن البيانات «بدأت تظهر في بعض المناطق، أن السعوديين يستهدفون عمدًا البنية التحتية الزراعية من أجل تدمير المجتمع المدني»، وذلك بحسب ما ذكر «فيسك».

تشير «موندي» – وفقًا للكاتب البريطاني –  إلى أن التقرير المحافظ من وزارة الزراعة والري في العاصمة اليمنية صنعاء،  يحصي تفاصيل استهداف نحو 357 موقع زراعي داخل الـ20 محافظة يمنية بما في ذلك المزارع والحيوانات والبنى التحتية لموارد المياه ومتاجر الطعام والبنوك الزراعية والأسواق وعربات توصيل المواد الغذائية.

وقارنت «موندي» هذه الهجمات مع الأرقام الواردة في مشروع بيانات اليمن، والتي نشرت قبل عدة أسابيع.

ونقل «فيسك» عن «موندي» قولها: «وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة، يزرع 2.8% من أراضي اليمن».

وأضاف «فيسك» أن المملكة العربية السعودية اتُهمت بالفعل بارتكاب جرائم حرب، ولكن استهداف مجالات الزراعة والمنتجات الغذائية في اليمن يضيف حلقة أخرى في سلسلة الوعود التي خالفتها السعودية.

عواقب خطيرة

وقال إن المملكة وقعت على البروتوكول الإضافي لاتفاقيات جنيف أغسطس (آب) 1949 الذي ينص تحديدًا على أنه «يحظر مهاجمة أو تدمير أو نقل أو تعطيل الأعيان التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين ومن بينها المواد الغذائية والمناطق الزراعية التي تنتج المواد الغذائية والمحاصيل والماشية … ».

في محاضرة في بيروت، حددت «موندي» العواقب الخطيرة للسياسات الاقتصادية السابقة في اليمن – القمح الأمريكي الرخيص في فترة السبعينات وتدفق المواد الغذائية من البلدان الأخرى، الذي يثبط المزارعين على الحفاظ على الحياة الريفية – وتأثير حرب المملكة العربية السعودية على الأرض.

بحسب «فيسك»، هناك صور متوفرة للمزارع التي دمرت والمصانع والحيوانات النافقة ملقاة في الحقول والتي تم استهدافها، منعت بشكل فعال المزارعين من العودة إلى العمل لعدة شهور أو سنوات. كما تم تدمير مزارع الدواجن والنحل.

واختتم «فيسك» بقوله إنه حتى اليوم، أكثر من نصف سكان اليمن يعتمدون في جزء منه – أو كليا – على الزراعة والتربية الريفية. وتشير بحوث «موندي» من خلال ملفات الوزارات الأخرى، إلى أن مباني إدارة الدعم الفني للزراعة هوجمت أيضًا. هيئة تطوير تهامة الرئيسية في سهل البحر الأحمر الساحلي، التي أنشئت في السبعينات، قصفت بشدة مرتين.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد