نشرت صحيفة «واشنطن بوست» مقالًا لمحرر الشؤون المالية والمصرفية بموقع بلومبرج ماثيو مارتين حلل فيه الأسباب التي تجعل صفقة طرح أسهم «شركة النفط السعودية (أرامكو)» للاكتتاب العام غير عادية.
وفي مستهل مقاله يشير الكاتب إلى أن الطرح العام الأولي الذي أصبح التأخير سِمَتَه بالرغم من الترويج له كثيرًا لشركة النفط السعودية «أرامكو» يمضي قدمًا، وإن كان بصورة مصغرة من الخطة الأصلية لولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ويضيف أن بيع أسهم الشركة سيقتصر على البورصة السعودية كما لن يتم تسويقها من قبل مدراء الأموال الدوليين، ولن يكون هناك افتتاح كبير لبيع الأسهم في بورصات لندن أو نيويورك.
ويوضح أن المستثمرين سيمكنهم شراء 1.5% فقط من أسهم الشركة الأكثر ربحيةً على مستوى العالم، ما يمثل نسبة النصف مما كان يُعتقد أنه سيتم طرحه سابقًا. ومع ذلك، فإن بيع الأسهم في أوائل ديسمبر (كانون الأول) يقترب من، أو حتى يتجاوز أكبر اكتتاب عام في التاريخ.
1- لماذا قُلِّص حجم الاكتتاب؟
لأن المستثمرين الدوليين ترددوا في تقييم أسهمها. ويُعد الطرح العام الأولي لأسهم «أرامكو» عنصرًا أساسيًا في رؤية ولي العهد محمد بن سلمان لتقليل اعتماد اقتصاد المملكة على النفط.
وقد تسبب إعلان ولي العهد عن خطة طرح أسهم «أرامكو» للاكتتاب العام في عام 2016 في صدمة إلى جانب تقييمه للقيمة السوقية للشركة بتريليوني دولار. ومن شأن ذلك أن يجعل قيمتها ضعف قيمة شركة «آبل» للإلكترونيات، أكبر شركات العالم من حيث القيمة السوقية.
ورغم أنه تم تسوية القيمة المنخفضة للاكتتاب والتي تتراوح ما بين 1.6 تريليون دولار و1.71 تريليون في نهاية المطاف، فإن العديد من المدراء الماليين العالميين يعتقدون أن تلك القيمة مرتفعة للغاية. وأشارت دراسة إلى أن النطاق العادل لقيمة الاكتتاب يتراوح ما بين 1.2 تريليون دولار و1.5 تريليون دولار.
2- من هم المستثمرون؟
يقول مارتين: تعتمد المملكة العربية السعودية على حلفائها ورعاياها وحتى رجال الدين للمساعدة، كما أنه تم تشجيع العائلات الثرية داخل المملكة، والتي تم اعتقال بعض أفرادها واتهمتهم الحكومة بالفساد قبل عامين على المشاركة في الاستثمار.
ولحث المواطنين على الاستثمار سمحت الشركة لمستثمري التجزئة السعوديين الحصول على سهم واحد من كل 10 أسهم شريطة عدم التصرف بها لمدة 180 يومًا من تاريخ الإدراج.
وقبل ساعات من عرض أسهم أرامكو أمام المستثمرين المحليين، فاجأت الشركة المصرفيين والمستثمرين بإلغاء الطرح الدولي من العملية، ما يعني أن «أرامكو» لن تسوق الصفقة مباشرةً في الولايات المتحدة أو اليابان أو كندا. كما تخلت الشركة عن عرض الأسهم أمام بورصة لندن.
3- هل سيكون اكتتاب «أرامكو» رقمًا قياسيًا عالميًا؟
يجيب التحليل: وفقًا لأقصى تقدير، سيتخطى الطرح العام الأولي لأسهم «أرامكو» 25 مليار دولار وهي قيمة اكتتاب شركة «علي بابا» القابضة في بورصة نيويورك عام 2014، لكن وفقًا لأقل تقدير ستقصُر الشركة عن بلوغ هذا السقف.
4- لماذا لا يوجد بيع لأسهم الشركة خارجيًا؟
ربما تقوم الشركة ببيع أسهمها دوليًا في نهاية المطاف، بالرغم من أنه أمر محفوف بالمصاعب. كما يُعد سعي بورصة نيويورك لشراء أسهم الشركة محدودًا نظرًا للقانون الأمريكي الذي يتيح لضحايا الإرهاب مقاضاة الحكومات الأجنبية المرتبطة بهجمات؛ الأمر الذي قد يؤول إلى رفع دعاوى ضد «أرامكو». كما أن إدارج أسهم الشركة خارج السعودية يعرضها لتدقيق مكثف وغير مسبوق، بحسب مارتين.
وكشفت «أرامكو» النقاب عن عملياتها من خلال إصدار نتائجها المالية نصف السنوية، وقالت إنها ربحت 68 مليار دولار في الأشهر التسع الأولى من العام الجاري. ومن إحدى مزايا إدراج الحكومة لأسهم الشركة في السوق المالية السعودية «تداول»، هي أنها ستساعد البورصة في أن تصبح بوابة للاستثمار الأجنبي داخل المملكة.
وستصبح «أرامكو» جزءًا مهمًا من مؤشر «MSCI» للأسواق الناشئة بالسعودية، ومن المرجح أن يبدأ مديرو الصناديق الذين يراقبون المؤشر في الاستثمار حينها. وقد أدى التركيز المحلي إلى تهميش كيانات البنوك العالمية التي تقدم المشورة بشأن صفقة الاكتتاب.
5- لماذا طرح أسهم الشركة للاكتتاب الآن؟
يتابع مارتين: لقد تسبب توقيت طرح أسهم الشركة للاكتتاب المحلي في شعور الكثيرين بالدهشة. وتضخ شركة «أرامكو» حوالي 10% من النفط العالمي، لكن أسعار النفط الخام انخفضت بنسبة 16% خلال الاثني عشر شهرًا الماضية وتشير توقعات النمو العالمي إلى أنها قد تنخفض بشكل أكبر.
وقد أدى الهجوم الجوي على أكبر حقول الشركة لمعالجة النفط في منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي للقضاء على نصف الطاقة الإنتاجية للشركة؛ ما يسلط الضوء على ضعف الشركة وأيضًا تزايد التوترات الجيوسياسية. وربما تتمسك السعودية بوجهة النظر القائلة إنه من الأفضل المضي قدمًا في حال استمرار انخفاض أسعار النفط.
يسلط الطرح العام الأولي لأسهم شركة أرامكو ضوءًا ساطعا على حقيقة غير مريحة تتعلق بتباطؤ الطلب على النفط، حتى مع اعتراف «أرامكو» للمرة الأولى بأن بلوغ مستوى الذروة ربما يلوح في الأفق.
6- ما مدى جاذبية اكتتاب «أرامكو»؟
يختم التحليل بالقول: تعيد السلطات السعودية تشكيل الموارد المالية لمنتجي النفط «والتي يذهب معظم إيراداتها إلى الضرائب والإتاوات الحكومية» كما تبشر بأرباح وفيرة. على سبيل المثال، ستنخفض الإتاوة، التي ستدفعها الشركة في حال كانت أسعار خام برنت أقل من 70 دولار للبرميل، من 20% إلى 15%.
وستكون قاعدة الأرباح 75 مليار دولار في عام 2020، وهو أكبر بكثير مما تدفعه شركات النفط الكبرى الأخرى، ولكنها صفقة جيدة أصغر من حيث العائد. تدرس «أرامكو» رفع هذا المبلغ إلى 80 مليار دولار.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».