قال بيتر دوكريل في مقال له على موقع «ساينس أليرت»: إن العلماء اكتشفوا نوعًا جديدًا من العقاقير يطلق عليه اسم «أحادي الأمين»، وفي حين أنه يحسن حياة الملايين ممن يعانون من الاكتئاب، فإنه لم ينجح مع عدد آخر لا يحصى المرضى.

وأوضح دوكريل أن المرض، الذي يعود تاريخه إلى الخمسينات من القرن العشرين، جرى اكتشافه قبل جميع مضادات الاكتئاب تقريبًا – استنادًا إلى ملاحظة مفادها أن نقص الناقلات العصبية أحادية الأمين «بما في ذلك السيروتونين» يؤدي إلى الاكتئاب؛ مما يحفز تطوير علاجات مثل مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية.

ولكن يؤكد دوكريل أن العلاجات لم يكتب لها النجاح مع جميع المرضى. «لم يستجب 30% من الناس لهذه الأدوية»، يشرح علماء الأعصاب: ياميكو سايتو، ويوكي كوباياشي، من جامعة هيروشيما في اليابان. ويضيفان: «نحن بحاجة إلى تفسير آخر لما يمكن أن يسبب الاكتئاب»، ولعل العالمين قد توصلا إلى السبب في دراسة جديدة أجروها على الفئران.

يقول دوكريل: «إنه في بحث سابق لتحليل الخلايا في المختبر، اكتشف سايتو أن البروتين المفرز في الدماغ، ويدعى RGS8، يساعد على التحكم في مستقبِل هرمون MCHR1، الذي يتحكم في النوم والشهية والاستجابات العاطفية. وأظهر البحث أن بروتين RGS8 يعطل هرمون MCHR1 – مما يخفف من أعراض الاكتئاب افتراضيًا – ولكن لا يعرف أحد كيفية تأثير هذا على الاكتئاب في الحيوانات الحية».

في سبيل الوصول إلى إجابة – يشير دوكريل – قام الفريق في هذه الدراسة الجديدة بإجراء تجارب على مجموعتين من الفئران: مجموعة تتكون من حيوانات عادية، والفئة الأخرى من الفئران المهندسة جينيًا للتعبير عن مستويات أعلى من بروتين RGS8.

تم إخضاع الفئران لاختبار سباحة قسري، حيث يتم وضع الحيوانات في خزان من الماء الدافئ لا يستطيعون الخروج منه، ويخضعون للمراقبة المستمرة وهم يسبحون لمدة من الوقت قبل الدخول في حالة من الجمود أو الاستسلام، وهي تعتبر خاصية مشابهة للاكتئاب.

في الاختبارات، سجلت الفئران التي تمتلك نسبة أعلى من بروتين RGS8 أوقات أقل في الجمود – مما يوحي بأنها كانت تسبح أكثر، وبالتالي كانت أقل اكتئابًا. عندما أعطيت هذه الفئران العقار المضاد للاكتئاب Desipramine الذي يعمل على أحاديات الأمين، انخفضت المدة حتى أكثر من ذلك.

ويكشف دوكريل عن أنه عندما أعطيت الفئران العادية دواء يسمى SNAP94847 الذي يوقف هرمون MCHR1 عن العمل، انخفض وقت عدم الحركة في حوض السباحة – ولكن عندما أخذت الفئران المعززة RGS8 الدواء نفسه، لم يظهر له أي تأثير على مستويات مزاجها السلبي.

يوضح سايتو «أظهرت هذه الفئران نوعًا جديدًا من الاكتئاب. إذ يبدو أن أحاديات الأمين لا تشارك في هذا السلوك الاكتئابي. وهذا على عكس هرمون MCHR1». عندما قام الباحثون بفحص أدمغة الحيوانات المصابة بأمراض لا شفاء منها تحت المجهر، وجدوا أن الفئران المعززة بـRGS8 أظهرت أهدابًا عصبية أطول «حيث يتم توطين MCHR1» مقارنة بالفئران العادية، في منطقة من الحصين تسمى CA1.

ليس من المفهوم تمامًا كيف يرتبط هذا التباين في طول الأهداب بالاكتئاب، لكن دوكريل يقول: إن الباحثين بالتأكيد لا يعتقدون أنه صدفة. «تشير هذه النتائج إلى أن زيادة مستوى بروتين RGS8 في منطقة CA1 هو عامل مسبب محتمل لاستطالة أهداب MCHR1»، يكتب الفريق في ورقته. «وهكذا، يمكن التكهن بحدوث تغير كبير في طول الأهداب مع التبعات السلوكية الملاحظة في الفئران المعززة».

ما زال البحث في أوله – ينوه دوكريل – وهناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به قبل أن نعرف ما إذا كان من الممكن تكرار هذه النتائج بأمان بين البشر، ولكن الباحثين يشتبهون في أن هذا البروتين يمكن أن يكون مرشحًا واعدًا لجيل جديد من العقاقير المضادة للاكتئاب – وأن يكونوا قادرين على مساعدة ملايين الأشخاص الذين لا تعمل عقاقيرهم المستندة إلى أحادية الأمين في الوقت الحالي.

يقول الباحثون: «النتائج التي توصلنا إليها تظهر دورًا تحويليًا لـRGS8 في علم الأعصاب الخاص بالسلوك الشبيه بالاكتئاب. وقد تدعم النتائج الحالية التعديل المحتمل لوظيفة RGS8 لعلاج اضطرابات المزاج بما في ذلك الاكتئاب».

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد