نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تقريرًا لمراسلها في الشرق الأوسط، مايكل صافي، تحدث فيه عن الجهود المستمرة التي دخلت يومها الثالث من أجل تحرير السفينة «إيفر جيفين» العملاقة التي كانت قد جنحت الثلاثاء الماضي وسدَّت قناة السويس، الممر الملاحي الذي يُعد من أكثر الممرات المائية نشاطًا في العالم.

استهل المراسل تقريره بالقول: دخلت مهمة إعادة فتح ممر قناة السويس يومها الثالث بعد أن علِقَت سفينة حاويات ضخمة فيها؛ ما تسبَّب في تزايد الضغوط على السلطات المصرية من أجل إعادة الحياة لأحد أهم الشرايين التجارية الرئيسة في العالم.

سياسة

منذ سنتين
3 مشاريع إسرائيلية تخشاها مصر.. هكذا تتحرك إسرائيل ضد قناة السويس

واستأنفت الجهات المختصة جهودها لإعادة تعويم سفينة «إيفر جيفين» العملاقة التي يبلغ وزنها 220 ألف طن وطولها 400 متر اليوم الخميس، بعد توقف قصير أثناء الليل وسط مخاوف من أن تستغرق العملية عدة أسابيع، إذا احتاج الأمر إلى تفريغ حمولتها. وقالت هيئة قناة السويس اليوم الخميس إنها علَّقت حركة المرور مؤقتًا بينما تعمل ثماني قاطرات على تحرير السفينة العالقة. وكانت 13 سفينة قد أبحرت يوم الأربعاء جنوبًا على طول القناة وتنتظر في بحيرات القناة حتى الانتهاء من تعويم سفينة «إيفر جيفين» الجانحة.

عاصفة ترابية ورياح عاتية تسببت في الارتطام

وأضاف التقرير أن شركة «برنارد شولت» نفَت التقارير المبكرة التي أشارت إلى أن نفاد الوقود من السفينة هو الذي أدَّى إلى جنوحها، وقالت: «إن التحقيقات الأولوية تستبعد أن يكون عطلًا ميكانيكيًّا أو خللًا في المحرك قد تسبب في جنوح السفينة». وأضافت الشركة أن طيَّارين من سلطة القناة المصرية كانا على متن السفينة لإرشادها عندما حدث الارتطام يوم الثلاثاء في تمام الساعة 7.45 صباحًا تقريبًا، وأن طاقم السفينة المكوَّن من 25 شخصًا كانوا جميعًا بخير ولم ترِد أي تقارير عن حدوث إصابات أو تلوث.

وقالت شركة «إيفر جيفين» البحرية المشغِّلة للسفن في بيان لها إن الرياح العاتية أثَّرت في السفينة «إيفر جيفين» مع دخولها قناة السويس من البحر الأحمر، إلا أن أيًّا من حاويتها لم تغرق في البحر. وأكَّد مسؤول مصري رفض الكشف عن اسمه الأمرَ نفسه متحدثًا لوكالة «أسوشيتد برس». وقالت الأرصاد الجوية المصرية إن رياحًا شديدة وعاصفة رملية اجتاحت المنطقة يوم الثلاثاء؛ حيث بلغت سرعة الرياح 50 كيلومترًا في الساعة.

Embed from Getty Images

وقال رانجيث راجا، المحلل الرئيس في شركة البيانات «ريفينيتيف»، إن طيارًا من سلطة القناة المصرية هبط على متن السفينة لإرشادها عبر الممر المائي مع احتفاظ قبطان السفينة بالسلطة الكاملة عليها. وقال إن السفينة دخلت القناة لمدة 45 دقيقة متحركة بسرعة 12.8 عقدة (حوالي 24 كيلومتر/الساعة أو 15 ميلًا/الساعة) ثم وقع الحادث وعلِقَت في القناة.

مخاوف وتكهنات حول مصير السفينة العالقة «إيفر جيفين»

نقل المراسل عن شركة «Leth Agencies» إحدى أكبر مزودي خدمات عبور في قناة السويس قولها إن ما لا يقل عن 150 سفينة قد تعطلت بسبب إغلاق الممر المائي، بما فيها سفن أبحرت بالقرب من بورسعيد على البحر الأبيض المتوسط وميناء السويس على البحر الأحمر.

فيما قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، إنه: «بمجرد أن نحرر السفينة ستعود الأمور إلى طبيعتها، وسنتمكَّن من ذلك اليوم بمشيئة الله». إلا أن بيتر بيردوفيسكي، الرئيس التنفيذي لشركة «بوسكاليس» المختصة في أعمال التجريف والتي أرسلت طاقمًا إلى الموقع، قال: «إن البيانات حتى الآن تُشير إلى أنه من غير الممكن تحرير السفينة وربما نحتاج إلى تفريغ حمولتها؛ الأمر الذي يستغرق أسابيع». وقال بيدروفيسكي لبرنامج «Nieuwsuur» الذي يذيعه التلفزيون الهولندي: «لا نستبعد أن الأمر قد يستغرق أسابيع وفق ما يتطلبه الموقف».

وأضاف بيدروفيسكي أنهم تمكنوا من رفع قوس السفينة ومؤخرتها على جانبي القناة، وأن صور مستوى الماء على السفينة توحي بأنها غاصت بشدة في رمال ضفة القناة وكأنها: «حوت ضخم مستلقٍ على الشاطئ. أي إن هناك ثقلًا كبيرًا يرسو داخل الرمال وقد نضطر إلى العمل على تقليل الوزن عن طريق تفريغ الحاويات والزيت والماء من السفينة، بينما تسحب زوارق السحب السفينة وتعمل المعدات الأخرى على إزاحة الرمال من حولها في الوقت نفسه».

وأظهر برنامج تتبع السفن صباح اليوم الخميس خمس قاطرات تحيط بسفينة «إيفر جيفين»، وثلاثة أخرى تتجه نحوها.

تكدُّس السفن في قناة السويس والعمل جار لتحرير السفينة

ويلفت التقرير إلى أنه في هذه الأثناء، تجمَّع ما لا يقل عن 150 سفينة محملة بالنفط، وقطع غيار السيارات، والسلع الاستهلاكية على جانبي الممر التجاري بين آسيا وأوروبا الذي كانت تمر من خلاله حوالي 50 سفينة يوميًّا في 2019، وهذا العدد يُمثِّل ما يقرب من ثلث حركة سفن الحاويات على مستوى العالم. وحذَّر خبراء الصناعة من سيل من المطالبات بالتعويضات لتغطية خسائر الكميات الهائلة من البضائع التي تعطَّلت.

Embed from Getty Images

وكانت السفينة «إيفر جيفين» التايوانية الصنع والمملوكة لشركة «شوي كيسن» اليابانية، قد جنحت صباح الثلاثاء الماضي؛ إذ قالت هيئة قناة السويس إن السفينة فقدت قدرتها على القيادة والتوجيه وسط الرياح العاتية والعاصفة الترابية التي شهدتها البلاد. ومنذ ذلك الحين، والجرَّافات تحاول إزالة الرمال والطين من حول السفينة، بينما تحاول القاطرات ورافعات سفينة «إيفر جيفين» الخاصة تعويم السفينة، وفقًا لما قالته «برنارد شولت سيب مانجمنت»، شركة الحلول البحرية والمدير الفني لسفينة «إيفر جيفين» الأربعاء. فيما تحاول الحفَّارات على ضفة القناة رفع قوس السفينة.

وقالت شركة الخدمات البحرية «GAC» التي يقع مقرها في دبي في الإمارات يوم الأربعاء إنه قد جرى تعويم السفينة جزئيًّا، وأنها تربض الآن على ضفة القناة. وأضافت الشركة: «ومن المتوقع أن تُستأنف حركة المرور والملاحة بمجرد سحب السفينة إلى مكان آخر». إلا أن برنامج تتبع السفن يُظهر أن هناك تغيرًا طفيفًا فقط على موقع سفينة «إيفر جيفين» خلال الـ24 ساعة الماضية.

وقالت شركة «Leth Agencies» إن سفن الشحن العالقة في القناة ستعود جنوبًا إلى بورسعيد لإخلاء القناة، وتأمل السلطات أن تفعل الأمر نفسه مع «إيفر جيفين» عندما تتمكن من تحريرها.

مخاوف من تداعيات اقتصادية وأمنية

وحذَّر سالفاتور ميركو جاليانو، ملَّاح تجاري سابق وأستاذ مشارك في قسم التاريخ في جامعة كامبل بولاية نورث كارولاينا، من أن الحظر المفروض على حركة السفن في قناة السويس قد يكون له تأثير كبير في حركة النقل البحري العالمية بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر. وقال: «كل يوم يمر على إغلاق القناة يعني أن سفن الحاويات والناقلات لا تتمكن من نقل النفط والغذاء والسلع المصنَّعة إلى أوروبا، ولا تستطيع أوروبا تصدير هذه البضائع إلى الشرق الأقصى».

وإضافة إلى التداعيات الاقتصادية، حذَّر خبراء أمنيون من أن السفن العالقة في البحر الأحمر قد تصبح أهدافًا للهجمات بعد سلسلة من الهجمات على سفن الشحن التي شهدها البحر المتوسط نتيجة للتوترات بين إيران والولايات المتحدة.

وحذَّرت شركة الاستخبارات البحرية الخاصة، «دريد جلوبال»، من أنه على جميع السفن أخذ أقصى درجات الحِيطة والحذر إذا اضطرت للبقاء في مكانها داخل البحر الأحمر أو خليج عدن.

Embed from Getty Images

وقد يؤثر الإغلاق أيضًا في تدفق الغاز والنفط إلى أوروبا من الشرق الأوسط. وبلغ سعر خام برنت أكثر من 63 دولارًا أمريكيًّا للبرميل الواحد اليوم الخميس.

وتُعد «إيفر جيفين» التي صُنِعت عام 2018 من أكبر سفن الشحن في العالم؛ إذ يمكنها أن تحمل ألفي حاوية معًا. وكانت في السابق تُبحِر في موانئ الصين قبل أن تتجه نحو روتردام في هولندا.

ويختم المراسل تقريره بلمحة تاريخية عن قناة السويس التي افتُتحت عام 1869، وتُعد همزة وصل لنقل النفط والغاز الطبيعي والبضائع. ولا تزال واحدة من أكبر مصادر دخل العملات الأجنبية إلى مصر. وأكمل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عمليات توسعة كبرى في القناة عام 2015 أتاحت لها استقبال أكبر السفن في العالم. وقد جنحت سفينة «إيفر جيفين» جنوب تلك التوسعة الجديدة من القناة.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد