نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرًا لمراسلتها في بيروت سارة دعدوش حول معاناة اللاجئين السوريين في مخيمات لبنان وسط أجواء الشتاء القارس الذي تخيم عليه الثلوج والعواصف الثلجية مع تداعي الخيام ونقص التدفئة ونشوب الحرائق من جراء استخدام مدافئ الوقود.

وتستهل الكاتبة تقريرها بالقول: أدَّت العواصف الثلجية الكثيفة والبرد الذي حطَّم الرقم القياسي في معظم أنحاء الشرق الأوسط هذا الشهر إلى تفاقم ظروف بعض الأشخاص الأكثر ضعفًا في المنطقة: لم يزل عشرات الآلاف من النازحين السوريين يعيشون في المخيمات. وفي الأردن، ولبنان، وسوريا، وتركيا، يعاني اللاجئون والنازحون من آثار الجبهات الباردة المتتالية التي تسببت في هجمة الطقس القاسي ووضعت الآلاف في مرمى الخطر.

وانخفضت درجات الحرارة إلى 23 درجة فهرنهايت (-5 درجة مئوية) في أجزاء من شمال سوريا الأسبوع الماضي، وفقًا للجنة الإنقاذ الدولية ومقرها نيويورك. ويعيش معظم الناس في المخيمات في خيام وأكواخ وملاجئ أخرى غير مكتملة الأركان، وهم معرضون بكل وضوح لفصول الشتاء القاسية نتيجةً لذلك.

الربيع العربي

منذ سنة واحدة
«ستراتفور»: ماذا يعني «انتصار» نظام الأسد بالنسبة للقادة المستبدين في المنطقة؟

وتمضي الكاتبة إلى أنه بحسب الأمم المتحدة ووكالات إغاثة أخرى، لقي ثلاثة أطفال حتفهم في شمال سوريا هذا الشهر وسط البرد، بينهم طفل لقي حتفه عندما تسبَّبت الثلوج في انهيار الخيمة التي كان يحتمي بها. ولقي اثنان آخران حتفهما عندما اشتعلت النيران في مدفأة في مأواهم المؤقَّت.

 وقالت جولييت توما، رئيسة الاتصالات في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «لقد أصبح شائعًا خلال فصل الشتاء، وعندما يصبح الطقس أكثر برودة، أن يلحق الضرر بالأطفال». وتقول وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن 6.2 مليون شخص نزحوا داخل سوريا، وجرى تسجيل 5.7 مليون لاجئ آخر في مصر والعراق، والأردن، ولبنان، وتركيا.

وتساقط الثلوج والطقس البارد أمر مألوف في المنطقة. غير أن الصراع المستمر منذ سنوات في سوريا والأزمات الاقتصادية الجديدة في لبنان وتركيا ضاعفت من مشكلات اللاجئين. وقالت جوليان فيلدويك، مديرة الفرع السوري لوكالة الإغاثة كير، ومقرها جنيف، في بيان الأسبوع الماضي: إن «الشتاء يزداد قسوة وفتكًا، بينما تتضاءل قدرة الأسر أكثر فأكثر على التعامل مع درجات الحرارة التي تصل إلى حد التجمد».

خشية التجمد حتى الموت

وقالت فيلدويك: «وهذه ضربة أخرى للأشخاص الذين تجاوزت حياتهم بالفعل حد التحمَّل. إن العائلات تخشى أن تتجمد حتى الموت». وفي مخيم صغير للاجئين في سهل البقاع بلبنان، والمعروف بفصول الشتاء المطيرة، يتجمع كل صباح ما يقرب من 20 رجلًا سوريًّا يعيشون هناك لإزالة الجليد الذي يتراكم على أسطح الخيام طوال الليل. وإذا لم يفعلوا ذلك فقد تتعرض أسرهم للخطر.

نازحة سورية – أحد مخيمات لبنان

ويصعد الرجال الذين لا يمتلكون من أدوات العمل سوى مسَّاحات أرضية المطبخ البلاستيكية فوق الهياكل الخشبية المتهالكة، ويزيلون أكوام الثلج لتسقط على الأرض، وفقًا لروايات السكان. ولكن هناك يذوب الثلج وينتهي به الأمر بالتسرب مرة أخرى إلى الخيام؛ مما يضعف الهياكل المرتجلة المغطَّاة بأقمشة بسيطة.

تقول مها الدود، 43 عامًا، وهي سورية من سكان المخيم، تعيش هناك منذ ما يقرب من 10 سنوات: «نخشى أن تنهار الخيام فوق رؤوسنا بسبب الجليد». وقالت مها الذي جرى الاتصال بها عبر الهاتف: «هناك أطفال وهناك مسنِّون. والوضع سيئ للغاية، ولا نعرف ماذا نفعل».

وتشير الكاتبة إلى أنه في لبنان، حيث دفع الانهيار الاقتصادي شبه الكامل كثيرًا من السكان تحت خط الفقر، تكافح وكالات الإغاثة المحلية أيضًا للتعامل مع الوضع. وقالت منظمة «سوا» للمساعدات والتنمية إن تكلفة خيمة من القماش المشمع قفزت من حوالي 102 دولار قبل الأزمة إلى ما يقرب من ألفي دولار الآن، بسعر الصرف الرسمي لليرة اللبنانية.

وتقول مها الدود إن سقفها الخشبي متصدِّع. ويصعب التعامل مع الثلج المنتشر في كل مكان: في الفراغات الصغيرة بين الخيام، ويغطي الطريق، ويمنع الوصول إلى المخيم. وفي كل مرة تغادر خيمتها، تغوص قدماها في بركة كبيرة من المياه الجليدية التي تتجمع خارج باب منزلها مباشرةً. وتقوم بإيقاف تشغيل مدفأة الوقود الخاصة بها أثناء الليل لأنها تعتقد أنها خطيرة للغاية – وتخشى أن يتحرك أحد أطفالها أثناء النوم فتسقط المدفأة فتشتعل النار في البطانية.

الثلوج والحرائق تحاصر اللاجئين السوريين

وقالت: «كنا سنتحول من أناس يحيط بهم الثلج إلى أناس تحيط بهم الحرائق». والوقود أيضًا باهظ الثمن في لبنان. ويتلقى اللاجئون السوريون راتبًا من الأمم المتحدة للتدفئة. لكن مها الدود تقول إنه لا يكفي لإبقاء أسرتها دافئة خلال فصول الشتاء الثلجية في الوادي (سهل البقاع).

وقالت: «لا توجد تدفئة، ولا توجد مواد غذائية، ونفتقد أشياء كثيرة في المخيم. كل أقمشة مشمع الخيام بها ثقوب من الثلج، وكل الخشب يبتل وينكسر ويصبح تالفًا». وقالت توما من اليونيسف: «إنه لأمر مروِّع أن تكرر أمام أعيننا القصة نفسها كل شتاء». وأضافت: «المسؤولية تقع على مَنْ يقاتلون في أن يوقفوا القتال في سوريا. وأن يعودوا إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حل سياسي»، بحسب ما تختم المراسلة تقريرها.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد