نشر موقع مجلة «سيكولوجي توداي» تقريرًا أعدَّته إليزابيث جيجليك، وهي خبيرة دولية في مجال الوقاية من العنف الجنسي، يستعرض التداعيات السلبية الخطيرة للمراسلات الجنسية في سن المراهقة.
مخاوف الآباء
تستهل الكاتبة تقريرها بالقول: خلُصت دراسة حديثة أجراها مركز بيو للأبحاث أن 95% من المراهقين يستعملون الهواتف الذكية، من بينهم 45% يستخدمون هواتفهم الذكية بصورة شبه مستديمة. وبطبيعة الحال، يشعر الآباء بالقلق إزاء قضاء أطفالهم وقتًا أمام شاشات الهواتف وتأثير ذلك على صحتهم الإدراكية والبدنية والنفسية؛ إذ تُظهر بعض الأبحاث أن قضاء وقت طويل أمام الشاشات يرتبط بالإصابة بالسِمْنة، والاكتئاب، وتدنِّي مستوى المعيشة.
وهناك ظاهرة برزت في أوساط المراهقين تُعرَف باسم المراسلة الجنسية، تُزِيد من مخاوف الوالدين المتعلقة باستخدام الهاتف الذكي. وتُعرَّف المراسلة الجنسية بصفة عامة على أنها إرسال واستقبال صور تنطوي على إيحاءات جنسية، أو صور جنسية صريحة عبر جهاز رقمي.
ويبدو أن المراسلة الجنسية في أوساط المراهقين تشهد ارتفاعًا. وخلُص تحليل شامل (وهو عبارة عن دراسة أكبر تجمع النتائج المستخلَصة من عِدَّة دراسات أُجريَت على نطاق أصغر) أن سُبع المراهقين ذكروا أنهم أرسلوا رسائل جنسية، وأن رُبع المراهقين أوضحوا أنهم تلقَّوا رسالة جنسية، وأن عدد المراهقين الذين ذكروا أنهم انخرطوا في سلوك المراسلة الجنسية قد ارتفع. كما خلُصت دراسة أخرى حديثة أُجريَت على طلاب المدارس الثانوية أن 29% منهم شاركوا في المراسلة الجنسية بالتراضي.
وينخرط المراهقون في المراسلة الجنسية لعِدَّة أسباب؛ إذ يرى كثير من الشباب أن إرسال صور عارية واستقبالها يُعد من طقوس المغازلة الرقمية وأنهم في الأساس يغازلون بعضهم بعضًا أو يُبْدون التزامًا في علاقةٍ ما، في حين يقول مراهقون آخرون إنهم يفعلون ذلك على سبيل المزاح، أو من أجل إحداث بعضهم صدمة لبعض.
هل تُعد المراسلة الجنسية بين المراهقين مجرد تسلية غير ضارة؟
تجيب الكاتبة: مع الأسف الإجابة لا؛ إذ يُحذِّر تقرير نشرته مجلة طب الأطفال عام 2018 من أن تداعيات المراسلة الجنسية قد تكون وخيمة. وفي الولايات المتحدة، تنظر 23 ولاية إلى المراسلة الجنسية بين المراهقين باعتبارها جريمة حيازة الأطفال مواد إباحية وأنها قد تؤدي إلى فرض عقوبات بالسجن والإدراج في سجل مرتكبي الجرائم الجنسية.
ومع أن هذه الأنواع من النتائج ليست شائعة، إلا أنها ليست غريبة. وفي المملكة المتحدة، حيث تُعد المراسلة الجنسية بين القاصرين جريمة، أجرت الشرطة تحقيقات حول أكثر من 6 آلاف طفل دون سن 14 عامًا. ومع أن كثيرًا من الأشخاص يزعمون أن اتهام المراهقين المنخرطين في المراسلة الجنسية بارتكاب جرائم جنسية ليس معقولًا أو ملائمًا، تظل هذه الآفة خطرًا حقيقيًّا للغاية حتى تُغيَّر هذه القوانين.
ووفقًا للتقرير ذكر بعض المراهقين أنهم مكرهون على إرسال صور عارية. وتُظهر بعض الأبحاث أن المراسلة الجنسية قد تكون امتدادًا عبر الإنترنت للإكراه على المراسلة الجنسية على أرض الواقع في علاقات المراهقين وأن الأشخاص الذين عانوا من الإكراه على المراسلة الجنسية بدا عليهم مزيد من أعراض القلق، والاكتئاب، والصدمات العامة. وعلاوةً على ذلك فمن المُرجَّح أن يواجه الأشخاص الذين تعرَّضوا للإكراه عبر المراسلة الجنسية للإكراه الجنسي الجسدي وعنف الشريك الحميم.
وتتضمَّن التداعيات الخطيرة للمراسلة الجنسية إعادة إرسال هذه المواد إلى أشخاص آخرين أو نشرها عبر الإنترنت من دون الحصول على موافقة لاتخاذ هذا الإجراء. وأفادت إحدى الدراسات أن 12% من المراهقين أعادوا توجيه المراسلات الجنسية من دون الحصول على موافقة، فيما ذكر 8.4% من المراهقين أن لديهم مراسلات جنسية أعادوا توجيهها من دون الحصول على موافقة. وقد يؤدي إعادة توجيه المراسلات الجنسية إلى أشخاص آخرين من دون الحصول على موافقة إلى التحرُّش والتنمُّر عبر الإنترنت، بل قد يؤدي إلى الابتزاز.
ولذلك فقد تؤدي هذه الأنواع من السلوكيات إلى الإصابة بالاكتئاب، بل قد تدفع الضحايا إلى التفكير في الانتحار. وعلاوةً على ذلك، فبمجرد إرسال المواد الجنسية، لا يتحكَّم المُرسِل في ما يحدث للصورة، وحتى إذا أُرسِلَت هذه المواد عبر تطبيقات تدَّعي حذف الصور، فلا تزال هناك آثار رقمية ويمكن أخذ لقطات شاشة منها.
مقترحات للتعامل مع هذه التداعيات
ويضيف التقرير: وفي ضوء هذه التداعيات الخطيرة للمراسلة الجنسية، يجب أن يتخذ الآباء إجراءاتٍ استباقية، وأن يناقشوا مخاطر المراسلات الجنسية مع أطفالهم ومراهقيهم. وفيما يلي بعض المقترحات التي قد يأخذها الآباء في اعتبارهم فيما يتعلق بكيفية التعامل مع انخراط المراهقين في المراسلة الجنسية:
1) قبل أن يتمكَّن طفلك من حرية الوصول إلى الهاتف، ناقش معه مخاطر المراسلة الجنسية. وكلما بدأت المحادثة في سن أصغر، زادت احتمالية استيعاب طفلك للقيم التي تتبنَّاها.
2) تحدث مع ابنك المراهق عن الشعور بالضغط فيما يخص إرسال صور عارية والتعاطف معه، وذكِّره بعد ذلك بأنه بغض النظر عن مدى صعوبة مواجهة هذه الضغوطات، فإنه من الصعب للغاية التعامل مع تداعيات إرسال صورة عارية من دون الحصول على موافقة.
3) علِّم أطفالك أن يحذفوا أي صور عارية أو نصف عارية يتلقونها فورًا وأن يبلغوا أحد الوالدين بذلك.
4) استخدم مواقف افتراضية أو قصص إعلامية لتمثيل سيناريوهات عِدَّة مراسلات جنسية مع ابنك المراهق وكيفية تعامله معها. واستخدم هذه الأنواع من التمارين لتعليم مهارات حل المشكلات والتفكير النقدي فيما يتعلق بهذه القضايا.
5) ضع قواعد أساسية لاستخدام الهاتف الخلوي مع أبنائك المراهقين. ويطلب كثير من الآباء من أبنائهم المراهقين أن يسمحوا لهم بتفقُّد هواتفهم بانتظام باعتبار ذلك جزءًا من شروط استخدامه. وإذا انتهك المراهقون القواعد المفروضة، يجب تعليق امتيازات استخدام الهاتف، بحسب ما تختم الكاتبة تقريرها.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».