اعتقلت السعودية ثاني أغنى رجل في البلاد، الشيخ محمد حسين العمودي، في إطار حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد. وقال تقرير نشره موقع «إنترناشيونال بيزنس تايمز» الأمريكي إنّ التُّهم التي يواجهها الملياردير الإثيوبي المولد البالغ من العمر 71 عامًا، والذي يحمل الجنسية السعودية، لم تتضح بعد؛ لكنه ينضم إلى العشرات من الشخصيات الملكية السعودية والوزراء ورجال الأعمال المحتجزين في فندق ريتز كارلتون بالرياض.

غير أنّ اعتقاله –بحسب التقرير– يسبِّب أيضًا موجاتٍ من الفزع على بُعد أكثر من ألف ميل في إثيوبيا، حيث يعدُّ الملياردير السعودي المستثمر الأكثر أهمية في واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في إفريقيا.

يذكر أنَّ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، البالغ من العمر 32 سنة، يقود حملة التطهير التي لم يسبق لها مثيل، والتي بدأت في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لمواجهة ما يعتبر على نطاق واسع فسادًا عميقًا في المملكة منذ عقود. ومن بين المعتقلين ما لا يقل عن 11 أميرًا، اثنان منهم من أبناء أشقاء الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. ووصفت الحكومة السعودية الاعتقالات بأنها «مجرد بداية لعملية حيوية للقضاء على الفساد أينما وجد».

وكان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعلن في وقتٍ سابق من هذا الشهر عن تأييده للتحركات في الرياض. وقال في تغريدة على موقع تويتر: «لديّ ثقة كبيرة في الملك سلمان وولي عهده، وهما يعرفان بالضبط ما يفعلانه، بعض أولئك الذين يعاملون بصرامة في السعودية (استنزفوا بلدهم لسنوات)!».

اقرأ أيضًا: «لا استيلاء على السلطة وخامنئي هتلر جديد».. ترجمة كاملة لمقابلة ابن سلمان وفريدمان

تسوية مع الدولة

وقال التقرير إن الكثيرين من المعتقلين يقومون حاليًا بعقد تسويات مع الحكومة السعودية لتسديد المليارات، واستعادة حريتهم. لكن اعتقال العمودي الذي تقدر قيمة ثرواته بحوالي 10.3 مليار دولار، دقَّ ناقوس الخطر في أديس أبابا، إذ تمثل استثماراته جزءًا كبيرًا من اقتصاد إثيوبيا. وتقدَّر استثمارات العمودي في إثيوبيا، التي تتركز في قطاعات الأغذية والطاقة وتجارة التجزئة، بمبلغ 3.4 مليار دولار، وهو ما يمثل 4.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي الحالي لإثيوبيا. وتوظف شركاته حوالي 100 ألف شخص، ما يمثِّل حوالي 14٪ ممن يعملون في القطاع الخاص في إثيوبيا، أسرع المناطق نموًا في إفريقيا.

فندق ريتز كارلتون- الرياض

وقالت مذكرة دبلوماسية مسربة من السفارة الأمريكية إلى وزارة الخزانة الأمريكية إن «تأثير الشيخ في الاقتصاد الإثيوبي لا يمكن الاستهانة به. لقد اختار الشيخ أفضل الشركات التي تم بيعها حتى الآن».

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلياماريام ديزاليغن، قد عقد مؤتمرًا صحافيًّا في 10 نوفمبر، وهو أول مؤتمر يعقده بعد شهرين من اعتقال العمودي، حاول فيه أن يطمئن البلد إلى أن استثمارات العمودي في إثيوبيا لن تتأثر بالتحركات في الرياض.

شخصية مؤثرة

ونقل التقرير عن متحدِّث باسم هيئة الاستثمار الإثيوبية قوله إن اقتصاد البلاد لا يمكن أن يرهن تماسكه بمستثمر واحد، وتساءل: كيف يمكن للاقتصاد أن يعتمد فقط على استثمار شخصٍ واحد؟

لكن المراقبين الاقتصاديين يقولون إن الاستيلاء المحتمل على أصول العمودي قد يكون له تأثير كبير في إثيوبيا. وقال هينوك جابيسا، وهو زميل باحث زائر فيجامعة واشنطن آند لي بولاية فيرجينيا، وباحثٌ في شؤون إثيوبيا، إنّ الحكومة في أديس بابا «ينتابها الفزع»، بحسب ما نقل عنه موقع «ميدل إيست آي» البريطاني.

الدكتور أول ألو، وهو محاضر في القانون في جامعة كيل، وصف العمودي بأنه «شخصية مؤثرة»، وأضاف: «إنه شخص قد يؤثر وجوده أو غيابه في اقتصاد البلاد»، وفقًا لما نقل عنه التقرير.

الشيخ محمد حسين العمودي (فيسبوك)

ولد العمودي في إثيوبيا عام 1946 لأمٍ إثيوبية وأبٍ سعودي، لكنَّه هاجر إلى السعودية وهو في السابعة عشر من عمره للعمل مع أقاربه، وأصبح مواطنًا سعوديًّا عام 1965. وبرز العمودي في أواخر الثمانينيات عندما كانت السعودية تحاول تعزيز أمنها خلال الحرب الإيرانية- العراقية. وعرضت عطاءات مربحة على سلسلة من مرافق تخزين النفط تحت الأرض، والتي مثلت فرصة للعمودي بعد أن تراجعت الشركات الغربية عن تولي المشروع.

وقد نما نفوذ العمودي في بلد ولادته في أوائل التسعينيات في أعقاب الانقلاب الذي أنهى نظام ديرج الماركسي البالغ من العمر 17 عامًا. ومع تحوُّل إثيوبيا إلى اقتصاد السوق الحرة، تحرَّك العمودي بسرعة للحصول على حصص كبيرة في الصناعات التي تم تأميمها. وهو يسيطر على أكثر من 70 شركةً في إثيوبيا، تغطِّي مجموعة واسعة من الأنشطة التي تشمل: القهوة، والشاي، واللحوم، والتعبئة، والتغليف، والتعدين، والسياحة.

واختتم التقرير بقوله إنه وفي حال أُجبر الشيخ العمودي على عقد تسوية مع السعوديين، تتضمن بعض أصوله الإثيوبية الكبيرة، فإن ذلك قد يشمل قطاعات رئيسية من اقتصاد البلاد المزدهر في إفريقيا.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد