تساءلت صحيفة «الجارديان» في افتتاحيتها عن السبب الذي يدفع الناس إلى تعلم أمور الدين رغم أن البعض وصفه بـ«أفيون الشعوب»؟
وأوضحت الصحيفة أن الدين يرتبط في أذهان الكثيرين بالعنف وعدم العقلانية. وهذا أكسب الإلحاد قوة كبيرة في السنوات الأولى من هذا القرن. ومع ذلك، فإن الدراسات الدينية لا تزال موضوعًا لا يغيب عن النقاشات بين الناس، على الرغم من أن هذا قد يعطي انطباعًا بأنه موضوع بسيط. وجد استطلاع أجرته مؤسسة YouGov أن الجمهور البريطاني يعتقد أن الدين ليس مهمًا مثل اللغة اللاتينية، والتي لا يهتم الجمهور بها على الإطلاق. وقد وجهت الجمعية الوطنية لمعلمي التربية الدينية نداء لتوظيف مزيد من المعلمين.
اقرأ أيضًا: تجند النجوم وتخترق المؤسسات.. تعرف إلى ديانة الساينتولوجي التي يعتنقها الملايين
وترى الصحيفة أن التعليم الديني هام للغاية. إذ إنه على الأقل يمكن أن يشكل نوعًا من الإثنوغرافيا (وصف الأعراق البشرية)، فيتعلم الناس عن العادات والمعتقدات من مختلف الثقافات الدينية – وهو أمر مرغوب فيه في مجتمع متعدد الثقافات. إن معرفة أن أكل لحم الخنزير حرام لدى المسلمين واليهود، أو أن الهندوس يعتبرون الأبقار مقدسة، هو في الحقيقة جزء من التربية المدنية. لا يوجد شيء ديني على وجه التحديد في هذه التعاليم، حتى لو كانت جزءًا من التعليم الديني. فمن الممكن وضع هذه المعلومات تحت بند الجغرافيا أو التاريخ، وكذا الموضوعات المتعلقة بمعتقدات المتدينين وأفعالهم. فالمهمة الحقيقية للدين هي أكبر بكثير.

يتسم التعليم الديني بالصعوبة، وما يميزه عن جميع المواد الأخرى هو أنه يتعامل مع معتقدات لا تدعمها دلائل دامغة مثل حقائق الموضوعات الأخرى. تشتمل العلوم على حقائق قابلة للاختبار – تؤكد الصحيفة – إذ يمكن للتلاميذ أن يقوموا بإعادة اكتشاف حقائق الفيزياء أو الكيمياء. وحتى في التاريخ والاقتصاد والأدب، فهناك طرق للتحقق تلتقي حول الصورة المقبولة عمومًا في العالم.
ولكن لا توجد تجربة يمكن أن تحدد ما إذا كان الله محبة، أو ما إذا كان محمد نبيًّا. ولا توجد تجربة يمكن أن تحدد حقيقة الاعتقاد الإنساني بحقوق الإنسان. لذا تبدو هذه المعتقدات سخيفة من منظور عدائي، ولا يجري تدريسها في المدرسة ولكن يجري تقديمها في صورة العادة والطقوس: وهذا هو السبب في أن هناك الكثير من المدرسين الذين لا يزالون يحبون غناء تراتيل طفولتهم.
اقرأ أيضًا: مترجم: لمعارضة المتدينين والعلمانيين.. كيف تؤثر المسلمات في السياسة بالأزياء؟
إن ما يميز التعليم الديني عن غيره هو أنه يساعد الناس على التفكير في هذا النوع من المنطق الأخلاقي والخيال. فالأخلاق والفلسفة لا يمكن أن تدرس فقط في الفصول الدراسية. المدرسة الجيدة تعلم الأخلاقيات – مثل فضائل التسامح والاحترام – في كل درس وخارج الفصول الدراسية أيضًا بالممارسة. أما إذا جرى قصرها على مواد بعينها، فإن ذلك يقلل من أهميتها. ولكن يظل ثمة مساحة للتأمل فيما تقدمه المدرسة وكيف تصوره للتلاميذ.
تقول الصحيفة في ختام افتتاحيتها إن الدين هو دراسة للكيفية التي يتم بها تضمين القيم في الثقافة وكيف نتخيلها. وبالنسبة إلى معظم الشباب اليوم هذا يأتي من خلال نوع من التفكير المتحرر في الإنسانية. يجب أن يكون هذا أحد الموضوعات التي يجري دراستها في الدين. ولكن يجب أن يكون جزءًا من عملية أكبر بكثير. ففي الوقت الذي يسود فيه عدم اليقين في الهوية البريطانية، يوفر الدين أداة هامة لفهم أنفسنا وإلى أين نحن ذاهبون.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».