قال بول بيلر في مقال له على موقع «ناشيونال إنترست» إن الجمود سيطر على عملية السلام، وأنه حان الوقت لحل السلطة الفلسطينية؛ لأنها بلا فائدة.

وأوضح بيلر أن السلطة الفلسطينية التي أنشئت قبل ربع قرن بوصفها هيكلًا انتقاليًّا مفترضًا، قد عفا عليها الزمن. كانت الذكرى السنوية لاتفاقات أوسلو قد حلت في وقت سابق من هذا العام، التي أفضت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية، مناسبة لتقييم الصراع في الشرق الأوسط الذي يظل بلا حل حتى الآن. ومن غير المرجح أن تشهد العقود الثلاثة المقبلة أي تغيير في حالة هذا الصراع أكثر من العقود الثلاثة الأخيرة، طالما بقيت السلطة الفلسطينية جزءًا من «عملية السلام» القائمة.

تحظى السلطة الفلسطينية بدعم دبلوماسي من جانب بعض المنظمات الدولية المتعاطفة، بوصفها دولة. فخلال الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، على سبيل المثال، تم انتخاب السفير الفلسطيني رئيسًا لمجموعة الـ77، وهي أكبر كتلة من الدول الأقل تقدمًا. لكن بيلر يرى أن السلطة الفلسطينية ليست دولة، وفلسطين لا يمكن أبدًا أن تكون دولة طالما أن دولة أخرى تحتل الأراضي التي يعيش فيها مواطنوها، وتمارس أهم وظائف السيادة في تلك المنطقة.

لا شك أن الفلسطينيين يقدرون المجاملات، مثل تلك التي أبدتها مجموعة الـ77، ولكنها تظل مجاملات. لطالما اشتكت الحكومة الإسرائيلية من التحركات الفلسطينية «الأحادية»، وهو ادعاء سخيف لأن هذه التحركات جاءت من جانب هيئات كبيرة متعددة الأطراف مثل الجمعية العامة أو مجموعة الـ77. إن إسرائيل هي من تتخذ خطواتها الأحادية الخاصة لإثبات الحقائق الجديدة على الأرض في الضفة الغربية. وتزعم كذبًا بأن هدفًا مثل حق تقرير المصير قد تحقق، لكن ما اتخذته من خطوات جعل من تحقيق هذا الهدف مستحيلًا.

كان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، قد هدد غير مرة بحل السلطة الفلسطينية إذا استمر الجمود في عملية السلام. لكن عباس لم ينفذ تهديده قط. وجزء من السبب هو أن السلطة الفلسطينية قد تطورت لتصبح منظمة قائمة بذاتها، تنبع أهميتها اليومية الرئيسية من اعتبارها مصدر الوظائف للفلسطينيين.

 

 

الرئيس الراحل ياسر عرفات أول من تولى السلطة الفلسطينية

ولكن مع مرور الوقت -يشدد بيلر– يزداد الشعور لدى الفلسطينيين بأن السلطة الفلسطينية لم تعد تمثلهم. عباس الآن في السنة الرابعة عشر من ولاية مدتها أربع سنوات بدأها في عام 2005. وكانت آخر انتخابات تشريعية فلسطينية -حين فازت حماس على فتح- في عام 2006.

لقد كان إنشاء السلطة الفلسطينية نتيجة منطقية مؤقتة انتقالية مثلما تصورتها اتفاقات أوسلو. ولكنه أصبحت بلا معنى بعد فشل اتفاقات أوسلو في التوصل إلى تسوية سلمية حقيقية. بات حل السلطة الفلسطينية مناسبًا، كما يرى بيلر، وعلى منظمة التحرير الفلسطينية القيام بذلك. إن تردد عباس في الماضي في إلغاء إحدى المنظمات التي يرأسها قد يستمر، لكن الحل سيخدم عدة أغراض.

الفائدة الأولى أن هذا سينسف مزاعم إسرائيل الكاذبة بأن ما تفعله على الأرض الفلسطينية ليس احتلالًا؛ إذ لا تمارس السلطة الفلسطينية أعمال السيادة الكاملة في المناطق التي من المفترض أن السلطة المحلية تكون السلطة الرئيسية فيها. قسمت اتفاقية أوسلو ​​الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق، حيث تشكل المنطقة أ، التي يفترض أن تكون تحت إدارة السلطة الفلسطينية، 18% من الضفة الغربية. وتشكل المنطقة ب، الخاضعة للإدارة الإسرائيلية الفلسطينية المشتركة، 22% أخرى. أما الـ60٪ المتبقية، المسماة بالمنطقة ج، لا يملك الفلسطينيون أي سلطة فيها على الإطلاق.

ويقول بيلر إن حل السلطة الفلسطينية سيعطي الفلسطينيين فرصة لاختيار قيادة جديدة. وسيلغي الذريعة التي تستغلها إسرائيل في تأجيل الاتفاق حول حق تقرير المصير الفلسطيني إلى ما لا نهاية، وهي مطالبة الفلسطينيين بالقيام بواجباتهم تجاه السلام بوصفه شرطًا مسبقًا لأي تقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية.

الأهم من ذلك، أن حل السلطة الفلسطينية سيُحمّل الإسرائيليين تكاليف استمرار الاحتلال بشكل كامل. مثل هذا التطور ربما يكون ضروريًّا لتحقيق أي تقدم نحو السلام. إن السلطة الفلسطينية ليست سوى مساعد للاحتلال، أما إذا وقع العبء الكامل للاحتلال على إسرائيل، فإن الاحتلال المطلق لن يبدو مريحًا كما يبدو للعديد من الإسرائيليين الآن.

 

Embed from Getty Images

محمود عباس أصبح بلا حول أو قوة في نظر الكثيرين

إن التعاون بين السلطة الفلسطينية، وإسرائيل من أجل إبقاء سيطرة الأخيرة على الأراضي التي يسكنها الفلسطينيون -ينوه بيلر- هو جزء من استراتيجية الحكومة الإسرائيلية اليمينية للحفاظ على تلك السيطرة إلى أجل غير مسمى. وما تفعله السلطة الفلسطينية في جزء من الضفة الغربية، هو ما تفعله حماس في قطاع غزة. تساعد هذه الاستراتيجية على تفسير القرار الإسرائيلي الأخير بعدم معاقبة حماس بشدة بعد عملية إسرائيلية فاشلة في غزة، على الرغم من أن وزير الدفاع اليميني، أفيجدور ليبرمان، استقال من منصبه اعتراضًا على عدم شن هجوم على غزة. وقد حاول أن يسجل نقاطًا سياسية من خلال اتهام نتنياهو بالضعف أمام حماس، لكن نتنياهو كان على استعداد لفقد بعض النقاط السياسية لتفادي تحمل إسرائيل إدارة قطاع غزة إدارة مباشرة. فالأسهل هو إلقاء اللوم على حماس بسبب الظروف البائسة هناك.

وأيًّا كانت التحديات العملية التي قد تترتب على حل السلطة الفلسطينية، فسيكون من الممكن التغلب عليها، مثلما يتضح من السنوات الست والعشرين التي أدارت فيها إسرائيل الضفة الغربية المحتلة، قبل أن تكون هناك سلطة فلسطينية.

يختتم بيلر بالقول: يبقى أن نرى ما تأثير «خطة السلام» الخاصة بإدارة ترامب إذا تم إعلانها في أي من هذا. فإذا كانت الخطة تميل بشدة ضد المصالح الفلسطينية، مثل معظم القرارات الأخرى التي اتخذتها الإدارة حول هذا الموضوع، فحينئذ ربما سيحظى عباس بما يكفي من الحافز لحل السلطة الفلسطينية.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد