
ومع ذلك – يضيف كوك – شهدت مصر آنذاك مناخًا أكثر تسامحًا وانفتاحًا على الآخر عما هي عليه الآن. فقد كان الطبقة الأرستقراطية والناس من كل مشارب الحياة والخلفيات جزءًا من المجتمع السياسي والفكري والثقافي والاقتصادي.
اقرأ أيضًا: مترجم: ما هي الليبرالية الجديدة؟ تعريف مختصر
لم تكن القوة المفرطة التي استخدمها الضباط الأحرار لفرض رؤيتهم على مناوئيهم كافيًا – ينوه معد المقال – فقد اكتشف جمال عبد الناصر – قائد البلاد لاحقًا – أن ثمة حاجة لنظام سياسي جديد قائم على الشعبوية لتثبيت أركان حكمه. وبما أن مصر كانت محتلة من البريطانيين في ظل النظام الملكي الفاسد، فقد شهدت تظاهرات حاشدة ضد غياب العدالة في توزيع الدخل والفقر الناتجين عن هذا النظام. استغل الضباط الأحرار هذا الأمر وأكدوا على عدم ثقتهم في الأجانب، وتعهدوا برفع الظلم عن الفقراء، ولعبوا على وتر أن معظم أعضاء مجلس قيادة الثورة هم من الفقراء، على الرغم من أن معظم كان من الطبقة المتوسطة العليا.
وفي عام 1956، وقع العدوان الثلاثي على مصر إثر قيام عبد الناصر بتأميم قناة السويس التي سيطر عليها البريطانيون منذ أن باع الخديوي إسماعيل حصة مصر في القناة لسداد ديونه اتجاه أوروبا. يرى كوك أن خطوة التأميم كانت منطقية؛ لأن الأجانب كانوا هم المستفيدين من أهم الممرات المائية المصرية، وقد رفع ذلك من شعبية ناصر لدى عامة الشعب.

اقرأ أيضًا: «فورين أفيرز»: كيف تسقط الديمقراطيات؟
وتسببت مواقف الإسلاميين المتشددة حول ما هو مقبول مجتمعيًا، وما هو محظور؛ مما تسبب في شل مجتمع كان ديناميكيًا ذات يوم، وأنتج حربًا ثقافية قوضت طاقة بلد لديه ثروة هائلة من رأس المال البشري. فهل هذا ما يريده الأمريكيون؟ يتساءل كوك.
ومع ذلك، فقد كانوا يتلاعبون بالهويات، ويروجون للقومية ويزرعون الانقسامات. والنتيجة هي أن مصر عانت من اختلال من أزمة إلى أخرى، فباتت غير قادرة على حل مشاكلها؛ لأن المجتمع أصبح مستقطبًا جدًا، وتسوده عدم الثقة والسخرية والعنف بشكل دائم. وما لم يكن الأمريكيون حذرين، فإن واقع مصر الحالي يمكن أن يكون مستقبلهم.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».