لا يقتصر النجاح في الحياة على أن تصبح رجل أعمال

لا تتوقف الدعوات لتبني «ريادة الأعمال» كهدف للحياة، كما لا تتوقف برامج التأهيل للشباب ليصبحوا رواد أعمال، وتستمر الأدوات الإعلامية في إظهار رواد الأعمال على أنهم نموذج النجاح الوحيد. «جون ويستنبرغ» يحاول في مقالته هذه معارضة هذا الاتجاه، والانتصار للأشكال الأخرى للحياة، والتي قد يختارها الناس بملء إرداتهم، دون أن يستحقوا نظرات متعالية.

 يرى «ويستنبرغ» أنه مذنب؛ لأنه عاش فترة ينظر إلى ريادة الأعمال باعتبارها الشيء الوحيد الذي يستحق أن يطمح الإنسان له في حياته. لقد كرس نفسه لهذه الفكرة؛ لأنها كانت تدفعه للأمام لفترة طويلة، ولأن الجميع أخبره أنها فكرة سديدة، كان مثل كثيرين متأثرًا بمقولات مثل هذه «إذا لم تبدأ بتحقيق أحلامك، سينتهي بك الأمر موظفًا تحقق أحلام الآخرين». – توني جاسكينز

 تتكرر جمل كهذه على مسامع الناس مرارًا وتكرارًا، كتعويذة عليهم أن يحفظوها عن ظهر قلب، شيئًا فشيئًا، يجد الناس أنفسهم قد اقتنعوا بها تمامًا، ويرغبون في تكريس حياتهم لها. تستمر الجمل حول الناس في التردد: إذا أردت حياة سعيدة، إذا أردت أن تشعر بالتحقق، ليس عليك سوى أن تصبح رائد أعمال، لكن الحياة أكثر من ذلك، أكثر من مجرد أن تصبح رأسماليًا جديدًا، ستتعلم بمرور الزمان أن تبني فكرة كهذه خطر. ليس ثمة عيب في أن تكون موظفًا، ليس ثمة عيب في أن تحقق حلم شخص آخر، ليس ثمة عيب في أن يكون لديك عمل تحبه بشدة.

 كيف للمرء أن يتخيل عالمًا لا يريد أن يعمل فيه أحد على فكرة شخص آخر؛ فقط لأنها ليست فكرته. هذا ما يعتبره «ويستنبرغ» مزعجًا بشدة في فكرة عبادة ريادة الأعمال تلك. هناك الكثير من التعالی ضد الموظفين، أولئك الذين ببساطة يبنون الأحلام الكبيرة، لكنهم يتم احتقارهم بواسطة الأشخاص الذين لديهم أفكار كبيرة. قائمة المنتجات التي ما كان لأحد أن أستمتع بها أبدًا، لو أن الجميع رواد أعمال طويلة لا تنتهي، ببساطة كل منتج تملكه عمل على تنفيذه موظفون، مثلما جاء بالفكرة صاحب الشركة. تحتاج الفكرة للمبرمجين والعمال والمصممين والإداريين، تمامًا بقدر احتياجها لذاك الذي أتي بالفكرة، وأسس لها شركة تنفذها.

 «إنني أتحدى من ينظرون بتعالي لأولئك الموظفين الذين يريدون أن يستمروا في عمل يحبونه ليحققوا به رؤية أكبر، أتحداهم أن يتخيلوا مجرد تخيل كيف ستصبح حياتهم لو أصبح الجميع في العالم يفكرون مثلهم».

 هناك آلاف الطرق التي تستطيع من خلالها أن تكون إنسانًا، أو ربما ملايين الطرق. ليست هناك قاعدة ذهبية للحياة ترضي الجميع. إخبار الناس باستمرار أن طريقًا واحدًا فقط سيجعلهم يشعرون بالتحقق، هو فعل مخادع، وغير مسؤول، وأحمق. الفكرة تغير العالم، وكذلك الرؤية السديدة، لكن كل فكرة لن تساوي شيئًا، إذا لم تكن هناك مجموعات من الموهوبين تجعلها حقيقة. لا شيء من كل ما حولنا، والذي كان مجرد أفكار، ما كان ليرى النور، لولا كل فريق عمل على تنفيذ كل فكرة.

 يختم «ويستنبرغ» بنبذة عن حياته، يرى أنه يحيا الآن حياة متوازنة، يحب كونه رجل أعمال، ويحب أن يعمل على مشاريع جانبية يحبها. يحب كذلك أن يتحدى نفسه بأدوار صعبة، والانضمام لفريق رائع يعمل معه، يحب الرسوم المتحركة، وكتابة أفلام مثيرة، وصناعة التطبيقات، وتصميم المواقع، وهو يقوم بهذا جميعًا، بشكل أو بآخر، لكنه يعتقد أنه ربما لم يكن بإمكانه أن يقوم بهذا كله، لو حصر نفسه في فكرة أن يصبح فقط رجل أعمال، ولو كان يهتم بما يقوله أولئك الذين يصرون على أن على كل شخص أن يصبح مؤسسًا هامًا لشركة ما؛ كي يحقق الهدف من حياته الفانية.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد