نشر موقع سيكولوجي توداي الأمريكي مقالًا للكاتبة بيج ستريب، المهتمة بموضوعات التربية، وعلم النفس، والممارسات الروحية، والتي ألفت وشاركت في كتابة نحو 12 كتابًا، تحدثت فيه عن بعض التمارين، التي تساعد الفتيات اللاتي مررن بمشكلات، وآثار طفولة سامة، والنصائح للتخلص منها، واستعادة حياتهن الطبيعية والهانئة.
تقول الكاتبة في مستهل تقريرها: على مدار العقدين الماضيين، ركَّزتُ انتباهي على العلاقة بين الأم وابنتها بجميع تكراراتها، ولكن مع التركيز خصوصًا على الضرر الذي يحيق بالطفلة عندما تكون أمها غير ودودة، وجافَّة عاطفيًّا، ومهتمة بأمورها الخاصة، ومتحكِّمة، وشديدة الانتقاد، ومتجاهلة لآراء الآخرين. ولوهلة يبدو عملي هذا مختلفًا تمامًا عن الكتب الروحية التي كتبتُها من قبل، ولكنه ليس مختلفًا كما تظن.
إن معظم هذه الفتيات تخرجن من طفولتهن مصاباتٍ بندوب في أماكن كثيرة من أرواحهن، ويعانين من مشكلة في التعرُّف على مشاعرهن وكيفية إدارتها، ومع أنهن في حاجة إلى العاطفة، إلا أنهن يَملْن عادةً إلى اختيار شركاء أو أصدقاء يعاملونهن كما كانت تعاملهن أمهاتهن، أو ربما بَنينَ جدرانَ حصينة حول أنفسهن كي لا ينخرطن في علاقات عميقة. (وتعكس هذه السيناريوهات أنماطًا مختلفة من التعلق: التعلق القلق/المشغول، والتعلق الخائف/التجنبي، التعلق الرافض/التجنبي). وهن يجدن صعوبة في التعرف على الحدود التي تسمح للعلاقات بالنمو والازدهار، ويفتقرن إلى الإحساس الحقيقي بالذات.
وهذه مشكلات نفسية تتطلب التعرُّف على أنماط التفكير اللاواعي والسلوكيات، ومن ثم تضافر الجهود لتفكيك الأساليب القديمة في التفاعل والتصرف. وأخيرًا يتحقق التعافي من خلال تعلم سلوكيات جديدة، وهذه رحلة طويلة كما أوضحت في كتابي (Daughter Detox: Recovering from an Unloving Mother and Reclaiming Your Life).
ومع أن هذا العمل نفسي إلى حد كبير، إلا أنه من المهم أن نتذكر أن كلمة «psychology» مشتقة من الكلمات اليونانية «psyche» بمعنى روح، أو نفس، ومن كلمة «logos» بمعنى كلمة أو سبب. وأنا لستُ معالِجة ولا اختصاصية نفسية، ولكنني وجدتُ هذه الأفكار الروحية مفيدة لي شخصيًّا، وكذلك وجدها آخرون. ويمكن لبعض التمرينات الروحية أن تدعم عملية الشفاء وتساندها، وفيما يلي بعض اقتراحات التمارين التي قد ترغبين في دمجها مع برنامج التعافي الخاص بكِ. فإليكِ خمسة تمارين روحية تمهد الطريق.
1- تخلِّي عن الطمأنة واطرحي الأسئلة
تقول الكاتبة: أعلم مدى شيوع التطمينات وكم هي مريحة، ولكن الأبحاث تُظهر أنها لا تُحفز العقل كما تفعل التساؤلات. فيمكنكِ أن تقفي أمام المرآة وتقولي لنفسكِ «سأحب نفسي اليوم وأقبلها»، ولن تحدث لكِ أمور كثيرة في ذلك اليوم. ولكن إذا سألتِ نفسكِ هذا السؤال: «هل سأحب نفسي وأقبلها اليوم؟» سيبدأ عقلكِ في البحث عن إجابات محتملة لما يمكن أن تفعليه لتحبي نفسكِ وتقبليها.
هل يعني قبول نفسكِ أن تغلقي الإعدادات الافتراضية لِلَوم الذات لمدة ست ساعات أو ربما يوم كامل؟ أم يعني أن تقدمي لنفسكِ الزهور مكافأة؟ أو ربما أن تطلبي الطعام من الخارج والاسترخاء في الوقت الذي كنتِ ستقضينه في الطهي؟ أو ربما يعني أن تمنحي لنفسكِ إذنًا ولا تشعريها بالذنب لكل ما لم تستطع إنجازه. وجزء من التعافي يكمن في اكتشاف كيفية الشعور بقبول الذات وحبِّها، لذا جربي هذا أكثر من مرة.
2- آثار طفولة سامة؟ اصنعي وعاءً للنِّعم
تلفت الكاتبة إلى أنه من السهل حقًا أن تشعري بالعجز من كل ما يعتمل بداخلكِ نتيجة للتعرض لطفولة سامة، وأحيانًا تشعرين أن الرحلة بلا نهاية. وصحيح أن التفكير في الأفكار الإيجابية على مدار الساعة لن تعمل وحدها على شفائكِ، إلا أنه من المفيد حقًا أن تتذكري كل الأشياء الجيدة التي تفعلها في حياتكِ وكل الأشخاص والفرص التي تضعها الحياة في طريقكِ. وتأتي النِّعم في أشكال شتى، نِعَم صغيرة وأخرى تغيِّر مجرى الحياة.
اكتبي كل يوم شيئًا تعدينه نِعمة على قطعة صغيرة من الورق، ثم اطويها وضعيها في وعاء (الوعاء الذي استخدمه مصنوع من الزجاج، وأستخدم الورق الملون لكتابة النِّعم عليه كي يبدو جميلًا). والنِّعم يمكن أن تكون أي شيء من غياب الأشياء المزعجة من حياتنا (القطار جاء في موعده، أو لم تكن هناك أزمة مرورية)، أو لحظة أو تغيير إيجابي (الإطراء الذي تلقيتِه من رئيسكِ في العمل، أو الملحوظة اللطيفة التي كتبها لكِ ابنكِ، أو ممارسة التمارين على جهاز المشي لمدة 10 دقائق)، أو لحظة ارتفعت بها معنوياتكِ وجعلتكِ سعيدة (صديقة جاءت لزيارتك فجأة، أو خططتِ للقيام بشيء ممتع، أو حللتِ مشكلة بينك وبين زوجك). افعلي ذلك لمدة شهر، ثم أعيدي قراءة كل ما كتبته في اليوم الأخير من الشهر.
ويمكن أن تبدأ في صنع وعاء النِّعم الخاص بكِ عندما تتوقعين حدوث لحظة توتر وتعب وتشعرين أنك بحاجة إلى بعض المساعدة لتجاوزها. (هذا أمر أقترح القيام به مثلًا قبل عيد الأم أو اجتماع عائلي وشيك).
3- كوني بستانية
تؤكد الكاتب أنه ليس لديها حديقة أو شرفة، ولم يجرب جميعنا العناية بالنباتات وزراعتها، ولكن يمكننا جميعًا أن نحصل على نباتات داخل المنزل. أنا أؤمن بشدة بأهمية أن نحيط أنفسنا بالكائنات الحية مثل النباتات. فالنباتات تساعدنا على ترسيخ فكرة العناية بالنفس ورعايتها، وتسمح لنا برؤية أنفسنا في صورة بستانيين ناجحين في العناية بأرواحنا. إذا كنتِ تعتنين بالمزروعات، فتجاوزي هذا الجزء من المقال، وإن لم تكوني كذلك، فتابعي القراءة.
يمكنكِ أن تشتري نبات البوثوس، أو شجرة الحب، وتتعلمي الصبر، وأنتِ تنتظرينها لتنمو (مع أنها تتحدى الموت وتتغاضى عن سوء المعاملة). أو يمكنك أن تفعلي ما هو مفضل عندي وهو زراعة البطاطا الحلوة. نعم، أنت والبطاطا الحلوة ووعاء الماء تصنعون سحرًا معًا. استخدمي حبة بطاطا حلوة عضوية، واغرزي بها أربعة أعواد أسنان، واغمريها من نهايتها المدببة في الماء. ثم ضعيها على نافذة مشمسة أو أي مكان يصل إليه الضوء جيدًا. ستنمو الجذور ثم النبات الجميل.
والشيء المستفاد من التجربة هو أنكِ ستتعلمين العناية وستعززين إيمانكِ بتبدُّل الأحوال.
4- نظرة جادة على طفولتكِ
تلفت الكاتبة إلى أن هذا التمرين أجرته مع قراء صفحتها على الفيسبوك وكانت النتائج مذهلة ومبهجة. فأحد أصعب جوانب رحلة التعافي هو تفكيك الموقف الافتراضي للنقد الذاتي، وإغلاق الشريط الدائر في الدماغ الذي يكرر ما قالته عائلة الشخص له وهو صغير (أنت كسول، غبي، حساس جدًّا، أقل من فلان، وغيرها). ابحثي عن صورة لكِ وأنتِ طفلة، وانظري إليها كأنكِ شخص آخر. هل ذلك الشخص نفسه الذي رآه كل أفراد العائلة؟ ماذا ترين أو تفكرين بشأن هذه الطفلة الصغيرة؟ تحدثي إلى تلك الفتاة الصغيرة وتعاطفي مع حزنها ووحدتها. قالت كثيرات إنهن شعرن بتعاطف كبير مع الذات عند قضائهن وقتًا مع صورهن في مرحلة الطفولة.
5- اصنعي طقسًا للتخلي
تقول الكاتبة إنه على عكس ما هو متوقع، ينطوي كثير من التعافي على التخلي عن الأمتعة القديمة التي لم نكن نعي أننا نحملها في المقام الأول. وهذه الحقائب مليئة بالسلوكيات التي تمنعنا في الحقيقة من الحصول على ما نريد، والعواطف التي تجعلنا عالقين نجتر أفكارنا، كما تجعلنا غير قادرين على رؤية أنفسنا بوضوح. فقد نستمر في علاقات نعرف أنها تجعلنا تعساء، بما فيها علاقتنا بأمهاتنا أو أقاربنا الآخرين، لأن الأمل والإنكار يجعلانا مقيدين دائمًا بسارية السفينة التي دائمًا ما تجنح. وما يجعل التخلي أكثر صعوبة ليس فقط ثقافتنا التي تخبرنا أن المثابرة هي مفتاح النجاح وتحقيق الأهداف، ولكن أيضًا لأن البشر محافظون جدًّا ويفضلون البقاء في أماكنهم، بدلًا عن الانتقال إلى المستقبل المجهول، حتى لو كانوا بائسين.
وتعلُّم التخلي أمر مهم جدًّا، ودائمًا ما ينطوي على خسائر حتى وإن كان يبشِّر بالتقدم. ويفيدكِ التخلي إذا دمجتِ طقوسًا احتفالية بالانتصارات الصغيرة كما الخسائر، وفقًا لما تُظهره دراسات عديدة. وليس هناك قواعد ثابتة لفعل ذلك، ويمكنكِ أن تصنعي طقسًا خاصًا بكِ بكل تأكيد، ولكني أُقدِّم لكِ هنا ما وجدته مفيدًا لي وللآخرين.
- الكتابة: يمكنكِ أن تكتبي رسالة وداع لشخص أو سلوك تريدين أن تتخلي عنه، وهذا يمنحكِ فرصة للتعبير كتابيًّا عن سبب اتخاذكِ لهذا القرار ويساعدكِ في توضيح أفكاركِ ومشاعركِ. وليست هناك حاجة إلى إرسالها، في الواقع إذا كان مَنْ تكتبين له شخصًا، فإن إرسال الرسالة سيتطلب ردًا، وهذا ليس تخليًا أو مغادرة. والعديد من الفتيات غير المحبوبات كتبن لأمهاتهن رسائل ولم يرسلنها، بل أحرقنها أحيانًا. فالهدف هنا هو الكتابة (هناك أدلة كثيرة على أن الكتابة وكتابة المذكرات تساعد في الشفاء، إذا أردتِ الاستزادة فاطلعي على أعمال جيمس بينيبيكر).
- طقوس النار: هناك العديد من الأشخاص يجدونه مفيدًا للغاية، أن يكتبوا ما يريدون التخلي عنه على الورق ثم حرقه، إحدى القراء أحرقت صورة كانت تمثل لها رمزًا للفترات التي فقدت فيها نفسها. ويمكن أن تكون إضاءة الشموع أيضًا وسيلة لإلقاء الضوء على مساحتهم الخاصة ورؤيتكِ لنفسكِ.
- طقوس الماء: منذ أقدم العصور استُخدم الماء طقسًا للتطهير رمزيًّا وحرفيًّا، نعم، يمكنكِ «غسل يديكِ» من الأفكار والمشاعر. (صابون اللافندر يساعد في ذلك، بالمناسبة). وهناك تمرين آخر يتضمن تخطي الحجارة، أو رميها (أو القفز كما فعلت) في بركة أو أي مسطح مائي، والتخلي عما تريدين مع ذلك الحجر.
- النقطة المهمة حول هذه الطقوس هي أنها تسمح لنا بأداء أعمال رمزية، وتكون هذه الرمزية في بعض الأحيان هي كل ما نريد، بحسب ما تختم الكاتبة.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».