نشر مركز الدراسات الاستراتيجي والأمني الأمريكي، «ستراتفور»، تقريرًا تناول فيه معطيات اختبار النظام الصاروخي الروسي الجديد، الذي تعتزم تركيا إجراءه محليًّا ودوليًّا. بدأ التقرير بالإشارة إلى استعداد تركيا لاختبار نظامها الصاروخي الروسي الجديد إس-400 قريبًا، في الوقت الذي تراهن فيه على أن الرد الأمريكي سيبقى رمزيًّا ولن يشتمل على عقوبات.

ويلفت التقرير إلى أن تركيا أوضحت أنها ستختبر نظام الصواريخ إس-400 بالقرب من مقاطعة سينوب الواقعة على مقربة من البحر الأسود في المدة من 13 إلى 16 أكتوبر (تشرين الأول)، وفقًا للإشعار الذي وجهته الحكومة التركية لسلطة الطيران لتنبيه الطائرات من الأخطار المحتملة نتيجة إجراء تجارب صاروخية غير محددة.

عقوبات ناعمة ومواقف هادئة تعوِّل عليها أنقرة

وكانت واشنطن قد أنهت بالفعل مشاركة تركيا في برنامج إف-35 عقوبة لها على شراء النظام الصاروخي إس-400، والذي كانت تخشى أن يصبح بوابة خلفية لروسيا للحصول على معلومات حول أنظمة أسلحة الناتو المتطورة، مثل إف-35، إضافة إلى تعزيز التعاون الأمني بين تركيا وروسيا بوجه عام. ومع ذلك، لم يُشِر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حتى الآن إلى أي خطط لفرض عقوبات جديدة على تركيا، التي، على الرغم من كثرة الحديث عنها في الكونجرس، يجب أن تتخطى الفيتو الرئاسي. 

Embed from Getty Images

ويذكر التقرير بعض مواقف المواجهات السابقة بين الولايات المتحدة وتركيا: 

  • حمى ترامب تركيا من دعوات المشرعين المتزايدة لفرض عقوبات عليها تتعلق بتسلمها نظام إس-400، فضلًا عن الغزو التركي لسوريا في أكتوبر 2019. وصحيح أن الأغلبية المؤيدة للعقوبات في الكونجرس قوية بما يكفي لفرض تشريعات دون موافقة البيت الأبيض، إلا أن هذا الأمر لم تتضح ملامحه بعد أيضًا. 
  • في نوفمبر (تشرين الثاني)، اختبرت تركيا نظام إس-400 ضد طائرات أمريكية من طراز إف-16 دون أن يثير ذلك رد فعل أمريكي كبير. ومع ذلك، عزز الاختبار مخاوف الولايات المتحدة من أن نظام إس-400 هذا سيقدم معلومات جديدة لروسيا حول مدى الفائدة المرجوة منه. 

مشكلات الليرة التركية والاختبار الصاروخي القادم

يوضح التقرير أنه إضافة إلى السلوك الإقليمي العدواني بوجه عام لتركيا، سيؤدي هذا الاختبار إلى تفاقم أزمة العملة التركية عبر تقويض ثقة المستثمرين في البلاد. وتسببت المخاوف بشأن اختبار تركيا لنظام إس-400، إلى جانب مشاركتها في الصراع الدائر بين أذربيجان وأرمينيا، في انخفاض الليرة التركية بالفعل أمام الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوًى لها على الإطلاق في أكتوبر. وتحديدًا، يشعر المستثمرون بالقلق أن تدفع مثل هذه الإجراءات أوروبا والولايات المتحدة إلى فرض عقوبات على تركيا، عبر تأجيج المشاعر المعادية لتركيا في الغرب. 

ويشير التقرير إلى بعض النقاط التي فاقمت من مشكلة انخفاض الليرة التركية، ومنها على سبيل المثال: 

  • أصبحت الليرة التركية أكثر عرضة لتغيرات مشاعر المستثمرين المدفوعة جيوسياسيًّا منذ عام 2018، عندما هددت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على تركيا لمدة قصيرة؛ على إثر احتجاز الأخيرة للقس الأمريكي، أندرو روبنسن؛ مما أثار أزمة عملة في تركيا. 
  • أدَّت استراتيجيات الدفاع عن العملة غير المستدامة للبنك المركزي التركي إلى تراجع الاحتياطات الأجنبية في البلاد إلى المنطقة السالبة (أقل من الحد الأدنى المفترض وجوده في خزينة البنك المركزي). كما تأثرت الليرة التركية كثيرًا بجائحة كوفيد-19 التي أثرت في قطاع السياحة، الذي كان يؤمِّن مصدرًا لجلب العملة الصعبة للبلاد.
  • لمعالجة انخفاض الليرة، أعلنت تركيا رفعًا نادرًا لأسعار الفائدة في منتصف سبتمبر (أيلول). 
  • وجدت البنوك التركية أيضًا مجموعة مختلفة من الوسائل غير الرسمية لرفع أسعار الفائدة وتخفيف الضغط عن الليرة، وإن استمر انخفاض قيمة العملة على الرغم من ذلك. 

ما الذي سيفعله حزب العدالة والتنمية الحاكم؟

وردًّا على هذه الضغوط، من المرجح أن يواصل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تعديل سياساته الاقتصادية، بدلًا من التراجع عن المواجهة مع الولايات المتحدة بشأن نظام الصواريخ الروسي. إذ يُعد نظام إس-400 بمثابة مفخرة لحزب العدالة والتنمية ذي الميول القومية المتزايدة، بحسب التقرير، وسيساعد اختبار هذا النظام في تعزيز شرعية الحزب في الوقت الذي يتحسس فيه موضع قدمه في السياق الجديد الذي فرضه الوضع الاقتصادي التركي الضعيف. 

Embed from Getty Images

ويختم التقرير بالإشارة إلى توقعاته بشأن سلوك حزب العدالة والتنمية الحاكم في ضوء هذه الأحداث، فيقول:

  • وسط أزمة العملة المتزايدة في البلاد، سيعتمد حزب العدالة والتنمية أكثر على الخطاب القومي والسياسات الخارجية لحشد الدعم قبل الانتخابات الوطنية في 2023. 
  • لن تؤدي التهديدات بعقوبات أمريكية بشأن نظام الصواريخ الجديد دورًا سوى في إثارة المشاعر القومية بين الأتراك، الذين يثمِّنون السياسة الخارجية المستقلة لبلادهم.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد