تحدث المراسل الصحفي «عدنان خان» في مقال له على موقع مجلة «ماكليانز» الكندية عن تبعات محاولة الانقلاب العسكري التي قامت به مجموعة من الضباط في تركيا، قائلًا إنه قد فشلت محاولة الانقلاب العسكري في تركيا، لكن ثمة انقلابًا آخر الآن يحدث على مؤسسات الدولة، وقد حقق نجاحًا باهرًا.

ثمة سمات لكل انقلاب عسكري ناجح، كما يقول «خان»، ففي الأيام التالية لنجاحه يعمل المنقلبون على الهتاف باسم القومية والوطنية، في محاولة منهم لإضفاء الشرعية على حكمهم. ثم ما يلبثون يتحدثون عن مؤامرات داخلية وخارجية تحاك ضد الوطن لتبرير الإجراءات القمعية، وفرض حالة الطوارئ.

هذا ما شهدناه في مصر قبل ثلاث سنوات. وهذا أيضًا ما نشهده الآن في تركيا على يد رئيسها أردوغان. فعلى ما يبدو، شهدت تركيا انقلابين في أسبوع واحد، أولهما عسكري مُني بفشل ذريع، وثانيهما مؤسسي، وهو ما يبدو أنه يحقق نجاحًا استثنائيًّا.

سياسة

منذ 6 سنوات
«فورين أفيرز»: لماذا ينجح الجيش المصري فيما فشل فيه الجيش التركي؟

 

ويتناول «خان» ما يصفه بـ«حالة من القمع غير المسبوق»، مستشهدًا بتقارير منظمة العفو الدولية التي تقول إنه قد جرى سحب تراخيص 25 وكالةً إعلاميةً و34 صحافيًّا، واختفى منتقدو أردوغان تمامًا خوفًا من توجيه تهم دعم الانقلاب إليهم. طبقت حالة الطوارئ، وفي ظرف أسبوع، فُصِل حوالي ألفا موظف من مؤسسات الدولة المختلفة، وألقي القبض على حوالي 2277 آخرين.

ويتابع المقال: «دعا النظام الحاكم المواطنين إلى التظاهر لحماية الديمقراطية التركية، مستخدمًا كافة الوسائل المتاحة، بما في ذلك إرسال رسائل نصية عبر الهاتف. كما ندد النظام بالخونة والإرهابيين مع وعد من جانب أردوغان بالمزيد من الاعتقالات».

وفي محاولة منه للدفاع عن نفسه أمام حملة الانتقادات الدولية العنيفة، استشهد أردوغان بالإجراءات التي اتخذتها فرنسا عقب الأحداث الإرهابية التي ضربتها. «ألم يشنوا حملة اعتقالات عنيفة؟ ألم يعتقلوا الناس عشوائيًّا؟»، قال هذا أردوغان في لقاء له مع شبكة الجزيرة الإخبارية.

إلا أنه لا وجه للمقارنة بين ما جرى في فرنسا وتركيا، كما يقول الكاتب. فحالة الطوارئ لم تدم أكثر من شهرين ونصف في فرنسا. واعتقل حوالي 400 شخص فقط. أما في تركيا، فقد تأثر حوالي 60000 شخص خلال أقل من أسبوع.

ومع ذلك، يُقِر المقال بنجاحٍ على مستوى آخر؛ فما زالت المؤسسات الديمقراطية تقوم بعملها في البلاد: البرلمان المنتخب متماسك ويؤدي على أكمل وجه. وقد رفض أعضاؤه المحاولة الانقلابية بالإجماع. إلا أنه بعد إعلان حالة الطوارئ، سيطرت السلطة التنفيذية بقيادة أردوغان على كافة الصلاحيات، بما فيها الصلاحيات التشريعية، ما يعني من الناحية العملية تعليق عمل نظام الديمقراطية البرلمانية المطبق في تركيا.

«من المفارقات المثيرة للسخرية أن إعلان حالة الطوارئ كان في صالح البلاد»، كما يقول خبير دستوري فضل عدم الكشف عن اسمه لـ«خان»، ويضيف: «هذا تحرك شرعي في الإطار القانوني التركي. وجاء بعد أن خرق أردوغان الدستور لسنوات».

رغم فرض حالة الطوارئ، إلا أن الدستور التركي يضع قيودًا على تحركات الحكومة. فليس قانونيًّا انتهاك حرية العبادة أو تعذيب الأشخاص. إلا أن ثمة مؤشرات تثير القلق عن الحد الذي التزمت به الحكومة بهذا الأمر.

يقول الكاتب إن علامات على إساءة المعاملة قد ظهرت واضحة على منفذي المحاولة الانقلابية عبر الصور التي عرضت لهم بعد اعتقالهم بأيام. وقد أكد أهالي هؤلاء المعتقلين أنهم يجهلون ما حدث لأبنائهم.

يقول والد أحد المعتقلين وهو ينتظر أمام المحكمة «أنا أنتظر هنا منذ يومين ولم يخبرني أحد بأي شيء».

ويؤكد الخبير القانوني أن حالة الطوارئ ستعطي شرعية للانتهاكات الدستورية التي يرتكبها أردوغان منذ سنوات. «إنه يلقي خطابات دينية تتجاهل الطبيعة العلمانية للبلاد. ويشن حملة تطهير واسعة على فئات عدة في البلاد، منتهكًا التعددية التي يتميز بها النظام التركي».

ويمكن القول ختامًا، بتعبير المقال، إن الانقلاب العسكري الفاشل الذي وصفه أردوغان بـ«هدية من الله» يجري تحويله إلى انقلاب دستوري من تنفيذ أردوغان نفسه.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد