قبل أيام قليلة، أعلن مسؤولون حكوميون في لندن عدم تجديدهم رخصة شركة «أوبر» للعمل في المدينة، وقد أعلنت شركة أوبر بعد ذلك مباشرة عن عزمها الطعن في القرار. ومن جانبه، ردّ الرئيس التنفيذي الجديد للشركة دارا خسروشاهي – الذي لم يمضِ على تعيينه شهر – على هذا الخبر ببريد إلكتروني إلى موظفيه، مما أعطى مؤشرًا على أنه الرجل المناسب لهذه الوظيفة.
في هذا التقرير، يوضح جاستن باريسو الكاتب لدى مجلة «Inc.» الأمريكية لماذا يعتبر خسروشاهي الرجل المناسب لمنصب الرئيس التنفيذي لشركة أوبر، وكيف يمكن أن ينقذ الشركة.
ردّ خسروشاهي هذه الأخبار في بريد إلكتروني أرسله لموظفيه، يقول فيه:
«قد يكون هذا القرار دافعًا للتعبير عن ظلمه، لكن أحد الدروس التي تعلمتها هو أن التغيير يأتي من التفكير الذاتي (والذي يعرف بتأمل الإنسان لأفكاره ودوافعه وجوهره)؛ لذلك من المهم أن نتأمل كيف وصلنا إلى هذه المرحلة. من المؤكد أن السمعة السيئة تكلف كثيرًا، وبصرف النظر عما إذا كانت هذه الاتهامات صحيحة – ولنكن واضحين، أعتقد أنها خاطئة -، فإن رأي الناس بنا مهم للغاية، خصوصًا في سوق عالمي كالذي نحن فيه، حيث يمكن أن يتسبب أمر مثل ذلك في عواقب خطيرة في مناطق أخرى من العالم».
من خلال هذه الرسالة، يعطينا خسروشاهي دروسًا هامة في ما يُسمّى بـ«الذكاء العاطفي».
سياسة جديدة
الذكاء العاطفي هو القدرة على تحديد مشاعرك ومشاعر الآخرين، والتعرف على الآثار القوية الناتجة عن تلك المشاعر، واتخاذ هذه المعلومات دليلًا لك في اتخاذ القرارات. باختصار، الذكاء العاطفي هو القدرة على جعل العاطفة تعمل في صفك، بدلًا من أن تعمل ضدك.
يرى الكاتب أن خسروشاهي يتبع إحدى أهم قواعد الذكاء العاطفي، وهي القدرة على التعلم من وجهات نظر أخرى. لو وُضِع شخص آخر أقل ذكاءً عاطفيًا في موقف خسروشاهي، فإنه قد يرى أن قرار هيئة النقل في لندن قرار ظالم ومهين، وربما يراه هجومًا صريحًا على الابتكار.
لكن خسروشاهي استطاع التعبير عن رفضه الشديد للقرار، وفي الوقت نفسه استطاع تحليل الموقف وإدراك عواقبه. فقد رفض خسروشاهي التركيز على صحة القرار، وفضّل مساعدة موظفيه على فهم اختلاف التصورات، والأسباب المؤدية لذلك، فهو يدرك أن ردود الفعل السلبية هدية؛ لأنها قد تكشف عن سلبيات غير ملحوظة، ومن ثم يمكن تحسين هذه السلبيات.
أشار الكاتب إلى أن خسروشاهي ينوي تغيير سياسة أوبر، فبدلًا من اقتصار الشركة على دورها التجاري، يرى الرئيس التنفيذي للشركة أن عليها التقدم خطوة أخرى تثبت للجميع حُسن نواياها. بعد السمعة السيئة التي عُرِفت عن أوبر لعدة أشهر – وإن كانت لأسباب خاطئة – قرر مجلس إدارة الشركة أن الرئيس التنفيذي السابق ترافيس كالانيك لم يعد الرجل المناسب لهذا المنصب، مما أدى إلى استقالته.
قام مجلس إدارة الشركة بالإجماع بالتصويت لخسروشاهي – الرئيس التنفيذي السابق لشركة إكسبيديا للسفر – ليشغل منصب الرئيس التنفيذي لأوبر. منذ تعيينه، أكد خسروشاهي أن طريقة الشركة يجب أن تتغير، وقال إن الأسلوب الذي اتبعته الشركة للوصول إلى المكانة الحالية يجب تركه واتباع أسلوب جديد حتى تتقدم الشركة إلى المرحلة التالية.
رد ذكيّ
نشر إيريك نيوكومر – الكاتب لدى شبكة «بلومبرج» – البريد الإلكتروني الذي أرسله خسروشاهي لموظفي أوبر كاملًا لأول مرة، والذي يعطي مؤشرًا أن خسروشاهي يعمل بجد من أجل التغيير. فيما يلي ما جاء في البريد الإلكتروني:
«مثلكم جميعًا، أشعر بخيبة أمل كبيرة بسبب قرار عمدة لندن وهيئة النقل في لندن والذي يمكن أن تكون له عواقب سلبية عميقة على 40 ألف سائق يعتمدون على أوبر للعمل، وعلى 3 ونصف مليون ساكن لندني ممن يتنقلون في المدينة باستخدام أوبر.
وإنه من المحبِط بشكل خاص أن يحدث هذا في المملكة المتحدة، حيث كان الفريق في طريقه لإقامة شراكات مع شركات محلية لزيادة عدد السيارات التي يمكن الوصول إليها بالكراسي المتحركة وكذلك السيارات الكهربائية على الطريق.
قد يكون هذا دافعًا للتعبير عن ظلم هذا القرار، لكن أحد الدروس التي تعلمتها هو أن التغيير يأتي من التفكير الذاتي (والذي يعرف بتأمل الإنسان لأفكاره ودوافعه وجوهره)؛ لذلك من المهم أن نتأمل كيف وصلنا إلى هذه المرحلة. من المؤكد أن السمعة السيئة تكلف كثيرًا، وبصرف النظر عما إذا كانت هذه الاتهامات صحيحة – ولنكن واضحين، أعتقد أنها خاطئة -، فإن رأي الناس بنا مهم للغاية، خصوصًا في سوق عالمي كالذي نحن فيه، حيث يمكن أن يتسبب أمر مثل ذلك في عواقب خطيرة في مناطق أخرى من العالم.
من أجل أن نمضي قدمًا، فمن المهم للغاية أن نعمل بنزاهة في كل ما نقوم به، وأن نتعلم كيف نكون شريكًا أفضل لكل مدينة نتواجد فيها. وهذا لا يعني التخلي عن مبادئنا، فإننا سوف نطعن على قرار هيئة النقل في لندن، لكن يجب أن نبني الثقة من خلال أفعالنا وسلوكنا. إذا ما قمنا بذلك، فسوف يتبين أن ليست مجرد خدمة عظيمة فحسب، وإنما هي شركة عظيمة أيضًا تساهم في خدمة المجتمع.
شكرًا على كل ما تقومون به لجعل أوبر في أفضل مكانة يمكن أن تكون فيها، وأخص بالشكر زملاءنا في لندن وعبر المملكة المتحدة.
-دارا».
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».