قبل عام، دخل الصحفي السعودي جمال خاشقجي إلى قنصلية المملكة العربية السعودية في إسطنبول. ولم يخرج منها أبدًا. وبعد مرور 12 شهرًا، استعرض الكاتب آدم تايلور سبعة أسئلة حول الحادث لا تزال دون إجابة حتى الآن.
استهل الكاتب مقاله بالقول: لقد تسببت جريمة القتل الشنعاء للصحفي السعودي والكاتب المساهم بصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية والمنتقد لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في ردة فعل صادمة في عواصم دول الشرق الأوسط وأوروبا وأمريكا الشمالية، حيث كان ولي العهد الشاب يحاول بعناية أن يرسم لنفسه صورة المُصلِح المعاصر.
وكانت السعودية قد نفت في البداية أية معرفة لها بما حدث لخاشقجي، وزعمت أنه خرج من الباب الخلفي لمقر القنصلية. لكن بعد أكثر من أسبوعين على مقتل جمال خاشقجي في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، اعترفت السعودية بأن خاشقجي قُتِل على يد عملاء من المملكة، كما تعهدت بأن تقدم القتلة للعدالة.
والآن، وبعد 12 شهرًا على مقتل خاشقجي، يرى تايلور أن زخم القضية تراجع بشكل كبير، في حين لا يزال هناك عدد من الأسئلة الرئيسية لا تزال قائمة حول جريمة القتل دون إجابات:
1- ماذا حدث لجثة خاشقجي؟
يقول: تايلور نعرف أن خاشقجي قد قُتِل داخل القنصلية في الثاني من أكتوبر. لكن لا تزال هناك العديد من الحقائق التي لا نعلمها حول الكيفية التي وقعت بها جريمة القتل بما في ذلك ما حدث للجثة.
ووفقًا لتقرير عن مقتله أصدرته أنييس كالامار مقررة الأمم المتحدة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام التعسفي في يونيو (حزيران) الماضي، فإن رجالًا يحملون على ما يبدو أكياس قمامة بلاستيكية وحقيبة أخرى على الأقل قد خرجوا من مقر القنصلية بعد مقتل خاشقجي.
بعد فترة قصيرة من خروج الرجال الذين شوهدوا وهم يحملون الأكياس، شوهد «دوبلير» يغادر القنصلية بملابس خاشقجي ويتجول في شوارع مدينة إسطنبول. وسرعان ما جرى إحباط تلك الحيلة عندما اكتشف مراقبون أن الرجل كان يرتدي حذاء مختلفًا عن حذاء الصحفي السعودي.
تشير تقارير نقلا عن مسؤولي استخبارات أتراك إلى أن أجزاء من جثة خاشقجي ربما تكون قد تم نقلها إلى منزل القنصل السعودي بالقرب من مقر القنصلية، حيث تم حرقها هناك في فرن.
هناك خط آخر في سير التحقيقات تتبعه السلطات التركية، وهو أن رفات خاشقجي قد تمت إذابتها في حمض وتم التخلص منها في أحد الآبار بمنزل القنصل. ولم يتم تأكيد أي من تلك الفرضيات حول مصير جثة خاشقجي سواء من السلطات التركية أو السعودية.
2- ماذا حدث لـ«سعود القحطاني»؟
يكمل الكاتب: من المعروف أن سعود القحطاني هو حليف وثيق لولي العهد السعودي ويعمل مستشارًا إعلاميًا للديوان الملكي. بالإضافة إلى هذا المنصب، لعب القحطاني دورًا أكثر غموضًا حيث أنشأ «قائمة سوداء» لمنتقدي السعودية عبر الإنترنت.
في الأشهر التي سبقت اختفاءه، أخبر خاشقجي أصدقاءه أنه تلقى دعوات من القحطاني يحثه خلالها على المجيء إلى الرياض. بعد مقتل خاشقجي، سخر القحطاني من التحقيق التركي في مقتل الصحفي ونفى أي دور له في الجريمة.
رغم ذلك، عندما اعترفت السعودية في نهاية المطاف بضلوعها في مقتل جمال خاشقجي، أعلنت أنها أقالت خمس مسؤولين كبار وألقت القبض على 18 سعوديًا نتيجة لتحقيق مبدئي. وكان القحطاني من بين من تمت إقالتهم. في الشهر التالي، قال ممثلو الادعاء إن القحطاني يخضع للتحقيق كما أنه ممنوع من مغادرة البلاد.
منذ ذلك الحين، لم يُسمع الكثير عن القحطاني. كما لم يُشاهد في المحكمة السعودية المعنية بالقضية وقال دبلوماسيون إنه لم توجه إلى القحطاني أية اتهامات. وزعمت بعض التقارير أنه شوهد على مسافة من منزله في مدينة جدة في حين قال آخرون إنه لا يزال تحت الإقامة الجبرية .ونمت تكهنات بأنه قد لقي حتفه، حتى أن حسابه على تويتر تم تعليقه.
3- هل لم يكن ولي العهد على علم بمقتل خاشقجي؟
ويضيف المقال: في مقابلات مع وسائل الإعلام الأمريكية في الذكرى الأولى لمقتل خاشقجي، نفى محمد بن سلمان أي ضلوع له أو معرفة مسبقة بالجريمة، لكنه قال إنه يتحمل مسؤولية وفاة خاشقجي، حيث إنها وقعت في نهاية المطاف تحت ناظره.
وقال ابن سلمان لمحاورته نورا أودونيل في برنامج «60 دقيقة» الذي يُبث على قناة (سي بي إس) «إذا كانت هناك أي معلومات من هذا القبيل تتهمني، آمل أن يتم تقديمها علنًا».
وخلصت تقديرات لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بعد فترة قصيرة من مقتل خاشقجي «بثقة عالية» إلى أن محمد بن سلمان أمر باغتيال خاشقجي، مستشهدة بمجموعة من الأدلة من بينها اتصال هاتفي لشقيقه الأمير خالد بن سلمان، الذي كان حين ذلك سفيرًا للسعودية في الولايات المتحدة، مع خاشقجي.
الأكثر من ذلك، من المعروف أن ولي العهد، القوة السياسية البارزة في المملكة، هو مدير تفصيلي بمعنى أنه يراقب ويتحكم بعمل مرؤوسيه بشكل كبير، كما زعم عديد من المحللين أنه لن يسمح بتنفيذ عملية حساسة كتلك (مقتل خاشقجي) دون موافقته الشخصية.
في عام 2017، قال القحطاني في تغريدة تمت مشاركتها على نطاق واسع بعد مقتل خاشقجي باعتبارها دليلًا على أن محمد بن سلمان يحتفظ بالرقابة الصارمة على جهود القحطاني لإسكات المعارضين والمنشقين: «هل تعتقد أني أقدح من رأسي دون توجيه؟». وأضاف القحطاني: «أنا موظف ومنفذ أمين لأوامر سيدي ولي العهد».
4- هل أنهت السعودية سياستها لاستهداف المعارضين في الخارج؟
ويتابع تايلور: كان جمال خاشقجي منتقدًا لمحمد بن سلمان غادر السعودية ووجد نفسه يواجه غضب الدولة السعودية. هناك العديد من المعارضين الذين فروا للخارج حيث جرى استهدافهم، سواء كانوا شيوخ قبائل أجبِروا على العودة من الأردن أو نشطاء صغار واجهوا تهديدات ومراقبة في كندا أو حتى أمراء سعوديين دخلوا في خلافات مع من يتولون زمام السلطة.
وتابع المقال: رغم أن الجهود المبذولة لإسكات منتقدي المملكة العربية السعودية ترجع إلى عقود خلت، يبدو وأنها زادت تحت قيادة محمد بن سلمان. ففي الأعوام الأخيرة، وجد معارضون أنفسهم مستهدفين في شتى أنحاء العالم من خلال عملاء سعوديين يعملون في الخفاء أو بالمشاركة مع الحكومة المحلية.
في عدد من القضايا، اختفى المستهدفون عن أعين العامة. وأكدت الحكومة السعودية أن مقتل خاشقجي كان خطأً مأساويًا وتعهدت بإعادة هيكلة أجهزة استخباراتها، لكن المملكة لم تكن واضحة بشأن ما إذا كانت ستنهي جهودها لاستهداف وترهيب النقاد الذين فروا إلى بلدان أخرى.
5- ما مصير عائلة خاشقجي؟
يذكر تايلور أن أبناء خاشقجي، وهم ولدان وبنتان، حرصوا على عدم الظهور كثيرًا على مدار العام، منذ مقتل والدهم، وامتنعوا عن انتقاد المملكة علنًا. وحتى الابن الأكبر صلاح التقى مع ولي العهد والملك سلمان بعد فترة قصيرة من مقتل والده. وأخبر صلاح (سي إن إن) لاحقًا أن الملك طمأنه بأن كل من تورط في مقتل والده سيتم تقديمه إلى العدالة وأنه يؤمن أن ذلك سيحدث.
وكانت صحيفة (واشنطن بوست) قد أفادت في أبريل (نيسان) الماضي بأن أبناء خاشقجي حصلوا على منازل بملايين الدولارات داخل المملكة ومبالغ شهرية (مكونة من 5 أرقام) تعويضًا عن مقتل والدهم وربما يحصلون على مبالغ أكبر عندما تنتهي المحاكمة.
لكن بعض أصدقاء خاشقجي ألمحوا إلى أن صلاح، الابن الوحيد لخاشقجي الذين يعيش داخل السعودية، ربما يكون ممنوعًا من مغادرة المملكة، بحسب المقال.
6- هل سيكون هناك تحقيق دولي شامل في مقتل خاشقجي؟
يواصل الكاتب قائلًا: منذ يناير الماضي، يُحاكَم مسؤولون في المملكة العربية السعودية لدورهم المزعوم في مقتل خاشقجي. ومع ذلك، تجري المحاكمة خلف أبواب مغلقة. ولم تحدد السعودية أسماء المتهمين وتم إغلاق المحاكمة أمام وسائل الإعلام، على الرغم من السماح لعدد قليل من الدبلوماسيين بالحضور. وليس واضحًا ما هو وضع المحاكمة أو حتى عدد جلسات المحاكمة التي عقدت.
وقد وجدت المقررة الأممية الخاصة كالامار نفسها عراقيل من جانب المسؤولين السعوديين. ورغم أنها صرحت بأنها لم تجد دليلًا دامغًا يربط محمد بن سلمان بمقتل خاشقجي، فقد دعت لتجميد أصول ولي العهد وفرض عقوبات ضده حتى تتم إما تبرئته أو إثبات تورطه نهائيًا. وعارضت السعودية أي جهود لإطلاق تحقيق دولي.
7- هل تغيرت بالفعل العلاقة بين الولايات المتحدة والمملكة؟
يلفت تايلور إلى أن مقتل خاشقجي أدى إلى صدور دعوات من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لاتخاذ إجراءات من جانب مجلس الشيوخ، حتى مع اقتراح أنصار المملكة منذ فترة طويلة مثل السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام فرض عقوبات على السعودية.
في أوساط الرأي العام، يبدو أن جريمة القتل تضر بسمعة السعودية المتأثرة بالفعل سلبًا، وفقًا لاستطلاعات رأي صدرت مؤخرًا. ورغم ذلك، يبدو أن إدارة ترامب غير راغبة في تهميش حليف طويل الأمد ومربح (السعودية).
لقد حافظ ولي العهد على علاقة ودية مع صهر ترامب جاريد كوشنر ووزير الخارجية مايك بومبيو بالإضافة إلى الرئيس نفسه. وفي أبريل الماضي، اعترض الرئيس على قرار من الحزبين لإنهاء المشاركة الأمريكية في التدخل العسكري الذي تقوده السعودية داخل اليمن.
وفي اجتماع مجموعة العشرين، بين قادة العالم في أوساكا باليابان في يونيو (حزيران) الماضي، وقف ترامب بسعادة بجانب الأمير محمد للحصول على صورة جماعية لزعماء العالم. ويتشهد الكاتب في ختام مقاله بما نقلته شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية الأسبوع الماضي حول تقييد البيت الأبيض الوصول إلى نص مكالمات ترامب مع محمد بن سلمان ووالده.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».
علامات
إسطنبول, السعودية, ترجمات, تركيا, جمال خاشقجي, خاشقجي, ذكرى خاشقجي, سعود القحطاني, محمد بن سلمان, مقتل خخاشقجي