قبل حوالي عقدين من الزمان قدَّم عمالقة تطوير ألعاب الفيديو تنبؤاتهم بشأن مستقبل الألعاب. وحول هذا الموضوع يرصد الإذاعي البريطاني كريس موريس عددًا من التوقُّعات التي كان مطورو ألعاب الفيديو مُحقِّين فيها، وعددًا آخر من التوقُّعات التي جانبهم فيها الصواب. وذلك في تقريره المنشور بمجلة «فاست كومباني» الأمريكية المتخصصة في التكنولوجيا، والأعمال، والتصميم.

استهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى أنه قبل 18 عامًا كان لدى هؤلاء الذين يلعبون ألعاب الفيديو جهاز «بلاي ستيشن 2» في غرف المعيشة الخاصة بهم. وكان يشار إلى «إكس بوكس 360» وقتها باسم «إكس بوكس نكست». وسُمِّيت ألعاب فيديو «وي» باسمها الرمزي: «ثورة نينتندو». وفي ذلك الحين لم نكن نعلم أننا كنا قريبين جدًّا من التحول الجذري في أنظمة الألعاب، وكانت أعداد الأشخاص الذين يلعبون الألعاب تشهد زيادات بأضعاف مضاعفة، ولم تكن هناك بالتأكيد طريقة للتنبؤ بما سيحدث في عصرنا الحالي.

سؤال عن مستقبل ألعاب الفيديو قبل 20 عامًا!

يُوضح التقرير أنه على الرغم من ذلك لم يمنع هذا الأمر مجموعة من مطوري الألعاب الشجعان من أن يجربوا حظهم في استشراف مستقبل الألعاب، وكان ذلك في عام 2004، وكنت أعمل في شبكة «سي إن إن» الإخبارية، وطرحت في ذلك الوقت سؤالًا على عدد من المطورين والمديرين التنفيذيين المرموقين مفاده: كيف ستكون أنظمة الألعاب في عام 2025؟ وصحيحٌ أننا لم نصل إلى هذا العام تحديدًا، لكننا قريبون بما فيه الكفاية لنحصل على فكرة عن مستوى قوتهم الروحية. إذًا كيف كانوا يستشرفون ذلك؟ وتبيَّن أنهم أبلوا بلاءً حسنًا بصفة عامة.

ويُؤكد التقرير أن التوقعات جميعها لم تتحقق بطبيعة الحال. فعلى سبيل المثال، قال يوجي ناكا، مصمم ومبرمج سلسلة ألعاب سونيك التابعة لشركة سيجا: إن «هناك تصوُّرًا أن تُطوِّر صناعة ألعاب الفيديو تقنية ثلاثية الأبعاد تسمح لأي لاعب باللعب من دون شاشة. وبمجرد تشغيل ألعاب سونيك ستستمر اللعبة أمامك أو حولك»!

ومن الواضح أن هذا لم يحدث، ومع ذلك يمكن أن يكون يوجي ناكا مُحقًّا في نهاية المطاف. وفي عام 2013 أعلنت شركة مايكروسوفت أنها تعمل على نظام إثبات الدليل المُسمَّى «إيلومي رووم»؛ مما يُؤدي إلى توسيع منطقة اللعب خارج شاشة التلفزيون مع المؤثرات البصرية المنتظرة. وهي عبارة عن عدد قليل من الرسومات المُجسَّمة، ولكن (إذا أصدرتها شركة مايكروسوفت)، فمن المؤكد أنها ستجعل الألعاب أكثر فعالية.

Embed from Getty Images

ويفيد التقرير أن التوقع الأكثر تسلية الذي لم يتحقق في المستقبل بالتأكيد هي توقعات جريج زيشوك، المؤسس المشارك لشركة «بيوار» (الذي ترك المجال في عام 2012، وأصبح حاليًا يعمل في صناعة البيرة). وقد تصور زيشوك أنه.. حسنًا، فلندع كلماته تتحدث عن نفسها.

يقول زيشوك: «أعتقد أن المشهد الذي نستخدم فيه جميعًا وحدات تحكم افتراضية دون تمثيل حسي سيكون ممكنًا للغاية. وقد تستخدِم وحدات التحكم تلك إما المجالات المغناطيسية، أو النظم البصرية، على غرار تلك المستخدمة في مجموعات لواقط الحركة الحالية. ويتمثل أحد الخيارات الأخرى بالإدخال المباشر في الجهاز العصبي للاعب (أي بمعني استخدام منفذ إدخال العمود الفقري في الجزء الخلفي من رقبة اللاعب)، ولكن هذا لم يزل بعيدَ المنال.. ومرعبًا».

تطور الألعاب وتنوعها

يُنوِّه التقرير إلى أن فهم الأشياء بصورة خاطئة يُعد جزءًا من المخاطر (والمتعة) الناجمة عن التكهنات الخيالية الغريبة، خاصة في حالات الصناعات السريعة الحركة. إلا أن ما يُثير الإعجاب بوجه خاص هو مدى قُرب عديد من مطوري الألعاب من توقُّع بعض مكونات عالم ألعاب الفيديو الحالي قبل حوالي عقدين من الزمان.

ومنهم على سبيل المثال، ويل رايت، القائم على تطوير لعبة «ذا سيمز» وعدد آخر من الألعاب الإبداعية، الذي نجح إلى حد كبير في ذلك، وتوقع أن ألعاب الفيديو ستنتشر إلى ما هو أبعد من النظم المخصصة وتصبح متوفرة في كل مكان على مجموعة متنوعة من الأجهزة الإلكترونية، حتى لو كان رايت متشائمًا نوعًا بشأن متوسط عمْر وحدة تحكم أنظمة اللعب.

وتنبأ رايت قائلًا: «في عام 2025 أشك في أنه سيكون لدينا حتى شيء نسميه «آلات الألعاب». ولم يعد لدينا «آلات فيلمية» مخصصة، وفي المقابل لدينا العديد من الأجهزة المختلفة التي يمكنها تشغيل الأفلام وعرضها، بالإضافة إلى غيرها من الوسائط. وأصبحت الأفلام قابلة للنقل والحمل بسهولة في إطار الوسائط التي يمكنها أن تستمر على كل هذه الأنماط. وأعتقد أننا بدأنا نلاحظ أن الألعاب تتطور وتتنوع بالطريقة نفسها».

الواقع الافتراضي

يلفت التقرير إلى أنه على الرغم من أن الواقع الافتراضي لم يرتقِ إلى مستوى إمكاناته حتى الآن، لكنه بعيد كل البعد عن تحقيق الخوارق والأحلام التي كانت تتراءى للمطورين في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وتأمل شركة «ميتا (فيسبوك)» في أن تجعل الواقع الافتراضي جزءًا مهمًا من عالم ميتافيرس.

Embed from Getty Images

ويضيف الكاتب: لقد رأي راي موزيكا، المؤسس المشارك لشركة «بيوار» (الذي ترك المجال في عام 2012، وهو يعمل حاليًا مستثمرًا ومستشارًا، ويقيم في كندا) أن ذلك ممكن في عام 2004، حينما قال وقتئذ: «أتطلع إلى أن يكون هناك واقع افتراضي حقيقي في الألعاب بعد 20 عامًا من الآن، حيث يُمكن للاعب أن يستغرق تمامًا في الحركة والقصة».

وعلى نحو مماثل كان تيد برايس، الرئيس التنفيذي لشركة «إنسومنياك جيمز»، متحمسًا حيال التكنولوجيا، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالوسائل التي يُمكنك من خلالها التفاعل مع الألعاب. (وكان برايس قد تنبأ أيضًا ابتكار تقنية بعد ست سنوات من عام 2004 باستخدام جهاز مستشعر الحركة «كنيكت» الذي طورته مايكروسوفت وهي أجهزة تسمح للمستخدمين بالتحكم والتعامل مع في الألعاب دون الحاجة للمس جهاز تحكم).

وفي ذلك الوقت قال برايس «دعونا نتخلص من التلفزيون ونبتكر شاشات ثلاثية الأبعاد مثبتة على الرأس مقنعة أكثر. ودعونا نأخذ وحدات التحكم من أيدي اللاعبين ونبتكر، بدلًا عنها الإحساس الذي يشعرنا أننا نحمل مضرب البيسبول، أو نلوح بالسيف. ودعونا نتخلص من لوحات المفاتيح، بل إن ألعابًا عديدة بدأت الآن بالفعل في الاستفادة من الأشياء التي يمكنك فعلها باستخدام الأوامر الصوتية».

ويختم الكاتب تقريره بالتنويه إلى ما أفادته شركة «المبيعات اليومية الوطنية (NPD)» الأمريكية لأبحاث السوق، أن صناعة ألعاب الفيديو شهدت منذ عام 2004 زيادة كبيرة في مبيعاتها السنوية من 7 مليارات دولار إلى 121 مليار دولار. وأصبحت صناعة ألعاب الفيديو عالمًا مختلفًا تمامًا عما كان عليه عندما سيطرت لعبة «نينتيندوجز»، و«برو إفليوشن سوكر 5» على قوائم الألعاب. ولكن حتى في ذلك الوقت كان هناك أشخاص يستشرفون المستقبل ويُخططون له، حتى وإن لم يكونوا مُحقِّين بنسبة 100٪ دائمًا».

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

عرض التعليقات
تحميل المزيد