يقول ديليمان عبد القادر في مستهل مقاله الذي نشرته مجلة «ناشيونال إنترست»، أنه مثل كل النزاعات الكبرى في الشرق الأوسط؛ من المحتمل أن يجر الأكراد إلى الفوضى سواء أحبوا ذلك أم لا. مشيرًا إلى التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران التي أدت إلى وضع المنطقة على أهبة الاستعداد للأسوأ. فبعد حرب كلامية بين الخصمين القدامى، دعم كلاهما وجودهما العسكري ونبها حلفاءهما ووكلاءهم مما يرسل إشارات غير مبشّرة.
أنشئ إقليم كردستان العراق (KRI) من قبل الولايات المتحدة خلال حرب الخليج الأولى مع تنفيذ منطقة حظر الطيران ضد صدام حسين. منذ ذلك الحين، تقاسم الأمريكان والأكراد شراكة سياسية وعسكرية فريدة من نوعها استفاد منها الجانبان. ومع ذلك، اتخذ هذا التحالف منعطفًا سيئًا في عام 2017 عندما تجاهل الأكراد الدعوات الدولية ومضوا قدمًا في استفتاء الاستقلال، دون مباركة الولايات المتحدة. الشكوك من الجانب الكردي تجاه الأمريكيين ما زالت حية. فمن منظور كردي، كيف يمكن لإقليم كردستان أن يدعم الولايات المتحدة علنًا ضد جارتها إيران، خاصة عندما لم تكن الولايات المتحدة موجودة في عام 2017 في وقت الحاجة؟ هذا القلق المشروع ما يزال يطارد الحليفين.
يشير الكاتب أنه إذا كانت هناك حرب مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، فمن المحتمل أن يحاول أكراد المنطقة النأي بأنفسهم ما لم تتمكن واشنطن من ضمان حماية جوية وأرضية بنسبة 100 في المائة لعقود قادمة، وهو أمر مشكوك فيه إلى حد كبير. للأسف، لأمريكا سجل حافل في خيانة الأكراد عند حاجتهم إليها. من المؤكد أن إقليم كردستان يجب ألا يخاطر باستقراره ولا يستطيع أن يلقي نفسه في وضع غامض على غرار أكراد سوريا، الذين يواجهون احتمال انسحاب القوات الأمريكية.
يقول الكاتب إننا نعلم أن الحرب بين الولايات المتحدة وإيران ستكون حربًا طويلة ومكلفة، فإيران ليست العراق، جيشها أقوى بكثير، لديها وكلاء في جميع أنحاء المنطقة، أسلحتها أكثر تقدماً، أرضها قاسية وعدد سكانها كبير. من المرجح أن تطالب الولايات المتحدة كردستان بالضغط على المنطقة الجبلية وإتاحة المجال الجوي لها. ومن المحتمل أن تطلب واشنطن أيضًا حدودًا مفتوحة بين حكومة إقليم كردستان وكردستان الإيراني حيث ستراقب قوات البشمركة والقوات المسلحة الكردية المنطقة، مما سيتيح الوصول إلى إيران عبر المناطق التي تسيطر عليها الأكراد.
لكن في موقف كهذا فالكلام أسهل من العمل كما يقول الكاتب، لأن إيران لها جذور عميقة عبر حكومة إقليم كردستان بين جميع الأحزاب، وأبرزها الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة عشيرة البرزاني والاتحاد الوطني الكردستان بقيادة عشيرة طالباني. سوف تجد الولايات المتحدة صعوبة في إقناع كلا الطرفين وقوات البيشمركة المسلحة التابعة لهما بإبعاد إيران من المنطقة. في الماضي، كانت طهران قد هددت بتدمير إقليم كردستان إذا سمحت لواشنطن باستخدام المناطق الكردية كنقطة انطلاق ضد النظام الإيراني. علاوة على ذلك، قامت إيران بما هددت به من قبل بإطلاق صواريخ قصيرة المدى على القوات المسلحة الإيرانية الكردية المتمركزة في إقليم كردستان العراق.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات بين إيران وأمريكا ستضعف العلاقات المتحسنة بين حكومة إقليم كردستان وبغداد، إذ سوف تضطر بغداد أيضًا إلى اختيار الجانبين بين الدولتين، وقد يؤدي ذلك إلى تقسيم العراق ككل.
بحسب الكاتب، إذا كان الأمر متروكًا للأكراد، فسيختارون أن يقفوا إلى جانب الأمريكيين، لكن العلاقات التي تربطهم بإيران ليست ضرورية وبسبب عدم الثقة مع الولايات المتحدة. لم يحشر هذا الأمر المسؤولون الأكراد فحسب بل السكان الأكراد أيضًا. الأكراد حريصون على تدمير النظام الإيراني – فهو نفس النظام المسؤول عن الآلاف من القتلى الأكراد.
المستفيدون المحتملون من التوترات المتزايدة هم الأكراد في إيران، الذين يقدر عددهم بحوالي 12 مليون شخص في الشمال الغربي، والذين يرغبون في الاستقلال الذاتي. لقد تدربوا لهذه الفرصة لتعزيز موقفهم والانفصال عن النظام الإسلامي عسكريًا. من المحتمل أن يشهد هذا مسارًا مشابهًا للطريق الذي سلكه الأكراد في سوريا بأن يثبتوا للأمريكيين أنهم أكثر القوى المؤيدة للغرب والعلمانية والموثوقة. قد يستفيد الأكراد في سوريا أيضًا، فإن زيادة الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط سيعني المزيد من القوات البرية في سوريا، مما يدعم حلفاء الولايات المتحدة، بما في ذلك القوات الديمقراطية السورية التي يقودها الأكراد.
يختم الكاتب قائلا سواء نشبت الحرب أم لا، فإن الصراع مع إيران يثبت فقط أن الولايات المتحدة يجب ألا تتخلى أبداً عن حلفائها، وخاصة الأكراد. وأن الاعتماد الكردي على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط يفيد الجانبين، ولم يعد الأكراد أقلية صغيرة يمكن التغاضي عنها. لقد أثبت الأكراد أنهم صانعو الملوك في النزاعات الإقليمية، وأثبتوا أنهم صامدون في المعارك. يجب على واشنطن أن تقف إلى جانب حلفائها الأكراد اليوم في جميع أنحاء المنطقة، حتى يتمكن الأكراد من الوقوف مع أمريكا عندما يحين الوقت.
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».