أن يكون نباتيًّا، لا يحتوي على اللاكتوز، 0% خاليًا من السكر المضاف، صديقًا للبيئة.. «اللون الأخضر» والمنتج الأغلى لا يعني أنه صحي أكثر فهو لن يبقى مغلفًا، إننا أمام منتجات متعددة ونعتقد أن لدينا خبرة نعرف من خلالها الطعام الصحي. في تقرير نشره موقع صحيفة الموندو الإسبانية يقارن الكاتبان مع عدد من الخبراء اتجاهين في الشراء من المتجر: سلّة أغذية عادية، وسلّة من الأغذية الصحّية.
إذا اتجهت أسرة من الطبقة المتوسطة لاختيار«البدائل الصحية» لمشترياتها من المتجر فستستنتج – وفقًا للتقرير- أمرين: الأول أنها ستنفق على الكمية نفسها مبلغًا يزيد بحوالي 50 يورو عن السلة العادية، أما الأمر الثاني فهو أنها ورغم الكم الهائل من المعلومات الذي نتعرض له حول الغذاء لا تعرف على وجه التحديد ما هو حقًا الغذاء الصحي.
تقول كارولينا بيريث إحدى زبائن المتجر الذي تجوّل فيه معدو التقرير «إنني أعيد تعلم كيفية اختيار الطعام، مع ذلك فإذا استجبت لكل ما يُقال حول الغذاء فلن أشترِي شيئًا»، تقول بياتريث أندريس المدير التنفيذي لشركة Art Marketing «في أوروبا هناك الكثير من التشريعات والآليات التي يمكن اتخاذها ضد الإعلانات المضللة بفضل العديد من الوكالات العامة والخاصة التي تعمل على حماية أخلاقيات البيع وتقديم البيانات الصحيحة حول المنتج، وهذا لا يمنع تنفيذ تقنيات التسويق التي تربط المنتجات بقيم صحية، ولهذا السبب يجب أن يكون لدى المستهلك اتجاه نقدي، ومسؤولية نحو القرار الذي سيقوم باتخاذه».
توضح نائبة رئيس الرابطة الإسبانية لرائدات الأعمال في مدريد (ASEME) أن هذه الاستراتيجيات تركز على ما ترمز إليه الألوان – استخدام اللون الأخضر – والطباعة والأشكال التي ترمز إلى الطبيعة، واستخدام الأخشاب أو الأوراق المعاد تدويرها وصور الأشخاص الرياضيين وأقوياء البنية «المقصود هو نقل فكرة صحية مؤثرة حول المنتج».
في السلة الصحية يلاحظ معدو التقرير أن منتجات كثيرة تقدّم توعية ونصائح حول الصحة. بعضها من خلال خبراء وأطباء والبعض الآخر من خلال أشخاص يبدون في صحة جيدة أو مشاهير تتعلق صورتهم لدى الجمهور بمفاهيم مرتبطة بالمنتج. والأمر نفسه يحدث في الجانب الآخر؛ حبوب القمح الكامل التي تحتوي على السكر والشوكولاتة من المفترض أنهما من المنتجات غير الصحية، لكنها تحمل أيضًا علامة خضراء تنطوي على رسالة بأنها «تحتوي على الألياف والفيتامينات» بشكل عام تريد كل العلامات التجارية أن تبدو صحية أكثر، ولهذا تركّز على بعض المكونات بينما تتجاهل الأخرى.
اقرأ أيضًا: يمكن تناول الطعام إذا سقط على الأرض.. قاعدة الـ5 ثوانٍ صحيحة
«خالٍ من السكر المضاف» لا تعني حقًا أنه خالٍ من السكر
يوضح التقرير أن عبارة «خال من السكر المضاف» التي تُكتب على غلاف إحدى الحلويات لا تعني أنه ليس مكتوبًا على الغلاف الخلفي أنها تحتوي على السكر، تقول الخبيرة «لا يمكن فعل أي شيء إزاء هذا، هذه هي الحقيقة كاملة، عليك أن تتعامل مع الشراء بشيء من التعقل».
فقط في عام 2016 أوقفت «لجنة تحكيم الإعلان» التابعة لرابطة التنظيم الذاتي للاتصالات التجارية، 85 من أصل 281 إعلانًا عن المنتجات الغذائية كانت تُعرض بالفعل. «هناك جانب عاطفي ونفسي في قرار الشراء» في الواقع في عام 2015 ورغم الأزمة العالمية كان هناك ثمانية من كل عشرة مستهلكين يفضّلون إنفاق أموال أكثر في المنتجات الصحية، وفقًا لتقرير نيلسن للصحة العالمية.
تجنب الأمراض
وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (FAO) اتباع نظام صحي «يساعد في حمايتنا من سوء التغذية بكل أشكالها، كما يحمي من انتقال أمراض مثل السكري والسكتة الدماغية والسرطان وأمراض القلب» بينما يتسبب اتباع نظام غير صحي وانعدام النشاط البدني في خطورة على الصحة في كل أنحاء العالم «مع ذلك فقد أدت زيادة تصنيع الغذاء وتسارع وتيرة الحياة وتغيّر نمطها إلى وجود عادات غذائية جديدة».
الآن يتزايد استهلاك الهايبركالوريك والدهون المشبّعة والسكر والملح أو الصوديوم؛ ويُساء استخدام الطعام المطهو بسبب ضيق الوقت، هذا إلى جانب أن الكثيرين لا يتناولون القدر المنصوح به من الفاكهة والخضراوات والألياف الغذائية، توضح نوريا رورا مؤلفة كتاب تعلم كيف تعيش.. تعلم كيف تأكل، أن «الأسر التي تتخلى تدريجيًا عن عاداتها الغذائية فتتوقف عن الذهاب للمتاجر التقليدية حيث المياه الغازية والسكاكر، لتستبدل بها المتاجر الصحية حيث تشتري المنتجات الخالية من الدسم، تشتري في النهاية منتجات مليئة أيضًا بالمحتويات الصناعية والمواد الحافظة».
بعد قضاء فترة طويلة من حياتها في تصارع مع جسدها ومعاناة القلق، انتهت من الدراسة في معهد الغذاء المتكامل في نيويورك إحدى أبرز مدارس التغذية في العالم لتقول «بداية على الجميع أن يعرفوا أن الشراء من أقسام الطعام العضوي لا يعني الحصول على منتجات أفضل».
اقرأ أيضًا: «الإندبندنت»: احذر.. «الطعام النظيف» قد يودي بحياتك على المدى الطويل
فيم نستثمر إذن؟
أجمع كل الخبراء المشاركين في التقرير على أهمية العناصر الغذائية الطازجة والموسمية في مقابل الأغذية المعلبة، تقول كونيكا باريال خبيرة التغذية «شراء الحمص الجاف وطهيه صحي أكثر من الحصول عليه معلبًا، إذ يكون محفوظًا في محلول يحتوي على الكثير من الملح».
يسهم كل من الدخل وأسعار الأغذية – التي ستؤثر في إتاحة شكل صحي منها – والتفضيلات والاعتقادات الفردية والعادات الثقافية والعوامل الجغرافية والبيئية في تشكيل العادات الغذائية، وتوصي منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة بتناول خمس ثمرات أو قطع من الفاكهة والخضراوات (حوالي 400 جرام) للحصول على الاحتياج اليومي للجسم من الألياف الغذائية، كما توصي بتقليل قدر الدهون إلى أقل من 30% من مجموع السعرات الحرارية، والحد من نسبة السكر لتكون أقل من 10%، وبألا يتعدى القدر اليومي من الملح خمسة جرامات، مؤكدة «سيمكننا تجنب 1.7 مليون حالة وفاة سنويًا باتباع هذه النصائح».
الخالي من الجلوتين ليس صحيًا أكثر
من قسم الطعام العضوي تنصح نوريا بالحصول على ما نحتاجه من الحبوب والخضراوات والأسماك والبيض واللحوم «لأن ذلك ينعكس على صحتنا ويضمن لنا الحصول على القيمة الغذائية المطلوبة من أصل نباتي أو حيواني جيد دون أن تحتوي على الهرمونات» وعلينا أن نتذكر أن كل ما لا يضر البيئة يكون صحيًا للجسم. لذلك لا تنصح نوريا بالمنتجات المغلّفة.
تقول بيلين أمارو إحدى المستهلكات «الاستثمار في الأغذية الصحية أولوية، لكني قررت أن أتناول الجلوتين، لم أجد الامتناع عنه أمرًا صحيًا أبدًا» تقول خبيرة التغذية «الحركات الداعية لتناول الأغذية الخالية من الجلوتين فكرة خاطئة وهو أمر ضار بالصحة»، لقد تتبع معدو التقرير هذه المنتجات ووجدوا بينها مثلجات خالية من الجلوتين، لماذا يجب أن تكون كريمة الألبان والفواكه المجمدة خالية من الجلوتين؟ «فقط حين يشخّص الطبيب لدى الفرد حساسية من الجلوتين يمكنه الامتناع عنه، وحينها سيحدد له الطبيب أيضًا قائمة بالبدائل التي يمكنه تناولها، علينا الانتباه إلى أن بعض المنتجات التي تحمل علامة خلوّها من الجلوتين مصنّعة وتحتوي على الكثير من السكريات».
ما يخبرنا به أتا بوراميني مؤلف كتاب أنت طبيب نفسك أن الحل هو كما تقول الأساطير حول ماري أنطوانيت «إذا لم تجد الخبز فلتأكل الكعك»؛ إذا لم يكن بوسعك صنع كل طعامك فاشترِه من المتجر، لكن إذا كان عليك شراء المربى مثلًا فلتقرأ كل المكونات، وعليك أن تشك في خداع المصنعين، إذا ما أخبروك عن مكون واحد فليكن سؤالك لهم «وماذا أضفتم أيضًا؟» ومن المهم دائمًَا أن تبدو كل المكونات واضحة ومفهومة بالنسبة لك.
إذا كان المنتج يحتوي على أكثر من خمسة مكونات ولم تتحدد نسبة كل مكوّن فإنه ليس الخيار الصحي، وتوقف أيضًا عند السكريات وزيت النخيل الذي يظهر أحيانًا باسم آخر مثل إسترين النخيل أو نخيل الزيت (Elaeis guineensis).
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».