في الستينيات، عُزل الملك سعود بن عبد العزيز بعد أن سبب الحرج للعائلة المالكة بسبب نهب الثروة، والتآمر على اغتيال القادة العرب مثل جمال عبد الناصر، ثم أعلن معاداة الإمبريالية والقومية العربية.

قالت مضاوي الرشيد – المعارضة السعودية البارزة والمقيمة في لندن – في مقال لها في صحيفة «نيويورك تايمز» إن على المملكة التخلص من ولي العهد محمد بن سلمان للحفاظ على ما تبقى من سمعتها، في أعقاب جريمة اغتيال الكاتب السعودي جمال خاشقجي.

وأوضحت الرشيد أنه بفضل تهور ولي العهد محمد بن سلمان – بدءًا من الحرب الوحشية في اليمن إلى افتعال أزمة دبلوماسية مع كندا، وصولاً إلى قتل الصحفي جمال خاشقجي – تتعرض المملكة العربية السعودية لخطر أن تصبح دولة منبوذة. ولا بد أن أفراد العائلة المالكة وعلى رأسها الملك سلمان بن عبد العزيز – يدركون بالتأكيد أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر.

وتشدد الرشيد على أن الملك سلمان لا بد أن يتخذ إجراءات حاسمة. أولها، عزل نجله الأمير محمد من منصبه، والاعتراف بالمسؤولية عن اغتيال السيد خاشقجي، ومواجهة العواقب. أما إذا أرادت المملكة حقًا أن تصبح عضوًا ذا شأن في المجتمع الدولي، فلا بد من التحول إلى الملكية الدستورية.

قد يرى البعض فكرة عزل ولي العهد محمد بن سلمان غير واقعية – تقول الرشيد – لكن لها سوابق. إذا أراد الملك ذلك، فلن يكون الأمر صعبًا. كان الملك سلمان قد عزل اثنين من أولياء العهد عندما أصبح ملكًا في عام 2015، أخوه غير الشقيق الأمير مقرن بن عبد العزيز وابن أخيه الأمير محمد بن نايف.

لكن هناك مثالًا تاريخيًّا أكثر فائدة؛ ففي الستينيات، عُزل الملك سعود بن عبد العزيز بعد أن سبب الحرج للعائلة المالكة بسبب نهب الثروة، والتآمر على اغتيال القادة العرب مثل جمال عبد الناصر، ثم أعلن معاداة الإمبريالية والقومية العربية.

كانت المملكة على شفير الإفلاس وكانت الولايات المتحدة مذعورة. ذهب العديد من الأمراء بقيادة طلال بن عبد العزيز، والد الأمير الوليد بن طلال، إلى المنفى في بيروت والقاهرة، حيث طالبوا بملكية دستورية.

مقتل خاشقجي قد يكتب نهاية حلم ابن سلمان

هناك العديد من المرشحين المؤهلين ليحلوا محل محمد بن سلمان. مثل الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، الذي تم تهميشه لفترة طويلة بعد أن قضى مدة قصيرة في منصب نائب وزير الداخلية.

أصبح الملك سعود عبئًا على العائلة المالكة – تكشف الرشيد – فعمل ولي العهد فيصل بن عبد العزيز، وهو استراتيجي داهية، مع أمراء آخرين، وحصل على مرسوم ديني من رجال الدين، وأجبر الملك سعود على التنازل عن العرش بعد أن حاصر قصره بقوات الحرس الوطني.

لكن الرشيد ترى أن الملك سلمان لا يحتاج بالضرورة إلى محاصرة القصر، لأن الأمر أبسط بكثير في وجهة نظرها.

وتؤكد الرشيد على أن هناك العديد من المرشحين المؤهلين ليحلوا محل محمد بن سلمان. مثل الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، الذي تم تهميشه لفترة طويلة بعد أن قضى مدة قصيرة في منصب نائب وزير الداخلية. وهو شخصية هامشية وليست قوية ولا عدوانية. ونظرًا لحالة الغليان من محمد بن سلمان بسبب إذلاله كبار أعضاء العائلة المالكة، فقد يساعد أسلوب الأمير أحمد الأقل عدائية السعودية على إعادة لم شمل العائلة.

وهناك أيضًا أمراء بارزون مثل أبناء أخوة الملك سلمان، ولي العهد السابق محمد بن نايف، الذي أزيح وأذِل منذ أكثر من عام، والأمير متعب بن عبد الله، الذي كان يدير الحرس الوطني السعودي قبل اعتقاله وإطلاق سراحه في عام 2017.

لكن الأمير محمد بن نايف معروف بقسوته ولا يحظى بإجماع العائلة المالكة والشعب – تستدرك الرشيد. كان محبوبًا من قبل الحكومات الغربية بسبب حملته ضد القاعدة منذ عام 2003، وقد تقلد وسام جورج تينيت من قبل الاستخبارات الأمريكية قبل أسابيع من طرده من منصب ولي العهد في عام 2015. لكنه نشر الخوف في المجتمع، واعتقل وعذب النشطاء، وقمع المعارضة السلمية بزعم الحرب على الإرهاب.

الولايات المتحدة كانت أكثر المتحمسين لحكم ابن سلمان

وبالنظر إلى الدعم الذي تلقاه من الغرب، وخاصة ترامب، قد تكون معظم الحكومات الغربية سعيدة برؤية محمد بن سلمان جديد يظهر وجهًا للمملكة لاستيعاب الغضب العالمي من اختفاء جمال خاشقجي وقتله.

في المقابل – تشير الرشيد – لا يرتبط اسم الأمير متعب بالقمع. فهو يحظى بدعم الجماعات القبلية التي انضمت إلى الحرس الوطني. ويُعرف عن والده أنه الراعي القديم للمملكة. وإذا سار على نهج والده، فقد يصبح رمزًا محوريًا لإعادة ترتيب البلاط الملكي.

لا أحد يعرف على وجه اليقين ما يفكر به أفراد العائلة المالكة، لكن لا أحد يتحدي الملك سلمان إذا ما عزل ابنه محمد. فمعظم رعاة ابن سلمان هم من المعينين حديثًا ولا يتوقع أن يخوضوا معركة ضد الملك سلمان.

لكن من غير الواضح ما إذا كان الملك سلمان يدرك الضرر البالغ الذي سببه ابنه محمد – تواصل الرشيد كلامها – فقد شُوهت سمعة المملكة بسبب الحروب المتهورة والاعتقالات والتعذيب، والآن القتل، وتهميش دور العائلة المالكة الأوسع، وتفتيت وحدتها. إن التدابير التجميلية التي أدخلها بن سلمان – مثل السماح بقيادة النساء للسيارة، ودور السينما والمسارح – لا تكفي لبدء فجر جديد في المملكة.

وعلى الرغم من أن العملية معقدة، بيد أنه إذا أقدم الملك سلمان على عزل نجله، فعليه أن يحول الملكية السعودية المطلقة إلى ملكية دستورية مع حكومة منتخبة وبرلمان، لتكون مهمتهما إقرار تعيين ملوك المستقبل وأولياء العهد. وهذا وحده هو الضامن لمنع ظهور شخصية جديدة شبيهة بمحمد بن سلمان يمكن أن تنفرد بكل السلطات وتهدد مصالح المملكة.

لقد أهدرت السعودية فرصة ثمينة لتحويل نفسها إلى دولة حديثة تحترم حقوق الإنسان والحريات الأساسية – تشير الرشيد. في الماضي، سعى المواطنون وبعض أفراد العائلة المالكة إلى الحصول على أشكال بدائية من التمثيل السياسي، لكن جرى سجن الداعين إلى الملكية الدستورية.

ولكن ترى الرشيد أن الملك سلمان لن يسعى إلى مثل هذا التغيير دون ضغوط جدية من داخل وخارج البلاد. وبالنظر إلى الدعم الذي تلقاه من الغرب، وخاصة الرئيس ترامب، قد تكون معظم الحكومات الغربية سعيدة برؤية محمد بن سلمان جديد يظهر وجهًا للمملكة لاستيعاب الغضب العالمي من اختفاء جمال خاشقجي وقتله.

قد يبدو عزل ابن سلمان والتحول إلى نظام ملكي دستوري حلمًا بعيد المنال في الوقت الحالي – تختتم الرشيد بالقول – لكن هاتين الخطوتين قد تنقذان المملكة العربية السعودية من الاضطرابات الأكثر خطورة والانفجار المحتمل من الداخل في المستقبل.

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

تحميل المزيد