نحن على مشارف ثورة علمية؛ فمهما حاول العلماء من باحثي الدماغ وعلم النفس المعرفي جاهدين، فلن يستطيعوا العثور على نسخ محفوظة من سيمفونية بيتهوفن الخامسة، أو بعض من الكلمات، أو الصور، أو القواعد اللغوية، أو الأنماط البيئية بين ثنايا الدماغ. بطبيعة الحال، الدماغ ليس فارغًا، ولكنه قد لا يحتوي على جميع الأشياء التي نظن أنه يحتويها، حتى أبسط الأشياء كالذكريات على سبيل المثال.

كان ذلك هو مستهل مقالًا مطولًا للدكتور روربرت أبشتاين، أحد أكبر وأهم المختصين في علم النفس في الولايات المتحدة الأمريكية، يتحدث فيه عن الوظائف التي نظن أن الدماغ يقوم بها، مقارنة بالوظائف التي فعلًا يؤديها، وننشر ترجمة الجزء الأول من المقال بإذن من الكاتب:

في الماضي كانت معظم الأفكار عن طبيعة عمل الدماغ رديئة ومتجذرة تاريخيًا، ولكنها ما لبثت أن تعرضت لشيء من الارتباك بعد اختراع الكومبيوتر في أربعينات القرن العشرين. فمنذ أكثر من خمسين عامًا لا يزال علماء النفس واللسانيات والأعصاب ومتخصصو السلوك البشري يؤكدون أن الدماغ ما هو إلا آلة تعمل مثل الكومبيوتر.

لتوضيح مدى سذاجة هذه الفكرة، علينا إمعان النظر في تطور أدمغة الأطفال. فبفضل التطور يولد الأطفال، وهم مجهزون بوسائل للتفاعل مع المتغيرات البيئية على درجة عالية من الكفاءة، مثل كل صغار الثدييات. على سبيل المثال، وبالرغم من ضبابية الرؤية عند الطفل حديث الولادة بسبب عدم اكتمال تطور الجهاز العصبي، لا يزال باستطاعته الانتباه لمختلف الوجوه ليتبين أمه من بينها، بينما يميز ويفضل أصوات الكلام على الأصوات المجردة. يدلل ذلك إلى أننا – بدون أدنى شك – قد وجدنا لغائية التواصل الاجتماعي.

كما يتميز الأطفال حديثو الولادة الأصحاء بأنهم مجهزون بعدد من ردود الفعل الانعكاسية «غير الشرطية»(1) لعدد من المنبهات التي قد تكون مهمة لبقائه على قيد الحياة. فهم يتحركون برؤوسهم باتجاه أي مؤثر حسي لمنطقة الوجنتين ليلتقطوه بأفواههم، ثم يقوموا برضاعته، وباستطاعتهم إيقاف تنفسهم عند غمرهم بالماء، والإمساك بقوة بأي شيء يتم وضعه في أيديهم، وهو ما من شأنه أن يساعدهم على حمل أوزانهم لاحقًا عند الحبو أو الجلوس. والأكثر أهمية على الإطلاق هو امتلاكهم لآليات تعلم ذاتية غاية في القوة ستساعدهم لاحقًا على التأقلم السريع والتفاعل بشكل مطرد – وبكفاءة – مع عالمهم الذي يختلف تمام الاختلاف عن العالم الذي عاش – ويعيش – فيه آباؤهم وأجدادهم.

بإعادة النظر فيما ذكر، فإن مجرد امتلاك قدرات الإحساس وردة الفعل ليست سوى البداية، وهي كافية لدرجة أن مجرد فقدان أحدها مبكرًا قد يعني انتهاء الحياة أو الدخول في دائرة لا نهائية من المعاناة. من جهة أخرى هناك الأشياء التي لم نولد ونحن نمتلكها البتة مثل المعلومات، البيانات، القواعد، البرامج، المعرفة، المعاجم، التمثيل الذهني، الخوارزميات الحسابية، البرامج، النماذج، الذواكر، الصور، المعالجات، الأكواد، الوظائف الفرعية، التشفير وتحليله، الرموز والحواجز. هذه المصطلحات هي نفسها عناصر تصميم المعلومات التي تسمح لأجهزة الكومبيوتر بأن تتصرف بذكاء على نحو ما. نحن لم نولد فقط بهذه العناصر، بل لن نطورها!

اقرأ أيضًا: هكذا يبدو دماغك عندما تكون فقيرًا.. اكتشاف روابط بين شكل الدماغ وقيم الدخل

نحن لا نخزن الكلمات وقواعدها التي تسمح لنا بتركيبها كيف نشاء، ولا نخلق التمثيلات الذهنية(2)للصور الحسية، ثم نخزنها في حواجز(3)الذاكرة قصيرة الأمد، ومن ثم نقوم بنقلها إلى الذاكرة طويلة الأمد. كما أننا لا نقوم باسترجاع المعلومات أو الصور أو الكلمات من خزانة تلك الذاكرة. فقط أجهزة الكومبيوتر هي ما تفعل ذلك، وليس الكائنات الحية، إذ تقوم أجهزة الكومبيوتر حرفيًا بعملية معالجة المعلومات (على سبيل المثال: الأرقام، الحروف، الكلمات، الصيغ والصور).

تبدأ العملية بأن يتم تشفير هذه المعلومات – أو ترجمتها – إلى الصورة التي يستطيع الكمبيوتر التعامل بها معها، وهي النمط الثنائي (الصفر والواحد). كل رقم في هذا النمط يسمى «البت»، والذي يكون مرتبًا في وحدات أو قطع صغيرة أكبر تسمى «البايت». كل «بايت» يحتوي على ثمانية «بت»، وكل نمط لهذه «البتات» يعني مفهوما معلوما بالنسبة لنا كالحرف «ش» أو الحرف «م» أو الحرف «س»، والتي عند اصطفافها سويا ستكون الكلمة هي «شمس».

إن مجرد امتلاك قدرات الإحساس وردة الفعل ليست سوى البداية، وهي كافية لدرجة أن مجرد فقدان أحدها مبكرًا قد يعني انتهاء الحياة أو الدخول في دائرة لا نهائية من المعاناة.

بالنسبة للصور – ولنأخذ على سبيل المثال صورة قطي هنري الموضوعة على مكتبي – يتم تمثيلها بنمط معين لمليون «بت» (وهو ما يعني واحد ميجابايت) مسبوقة بأحرف وأكواد خاصة لتبين للكومبيوتر بأن هذه المليون وحدة تمثل صورة، وليست مجموعة من الكلمات. ومن ثم تقوم أجهزة الكومبيوتر بنقل هذه الأنماط من مكان لآخر – حرفيا – بين أجهزة التخزين الصلبة على شكل إشارات إلكترونية. في بعض الأحيان يقوم الكومبيوتر بنسخ هذه الأنماط أو التعديل عليها، مثل تصحيح أخطاء النصوص أو تعديل الصور والتلاعب بها.

وفي نفس الوقت فإن القوانين التي يقوم الكومبيوتر بموجبها بعملية نقل، نسخ أو معالجة هذه المصفوفات من البيانات تكون مخزنة هي الأخرى داخل نفس الجهاز. تسمى هذه القواعد في مجملها بالبرامج أو الخوارزميات. كما وتسمى مجموعة الخوارزميات التي تعمل معا بهدف مساعدتنا على القيام بمهمة ما (كشراء الأسهم أو إجراء العمليات الإحصائية) بالتطبيقات (apps) كما تسمى اليوم. فليعذرني القارئ الكريم على إسهابي خلال هذه المقدمة الطويلة عن البرمجة، ولكني أردت فقط التأكيد على حقيقة أن أجهزة الكومبيوتر تتعامل فقط مع الرموز التمثيلية لعالمنا. فهي – حرفيا – تقوم بالتخزين والاسترجاع من الذاكرة ومعالجة المعلومات، كما وتمتلك أجهزة تخزين فيزيائية صلبة يتم توجيهها والتحكم بها عن طريق الخوارزميات البرمجية، حصريا وبدون أي استثناءات.

على الطرف المقابل، فالبشر لم ولن يكونوا كذلك. بالنظر إلى الوقائع السالفة الذكر يتبادر إلى الذهن سؤال وجيه: لماذا يصر العديد من العلماء على الحديث عن حياة الإنسان العقلية كما لو كنا مجرد أجهزة كمبيوتر؟

يصف خبير الذكاء الصناعي جورج زاركاداكيس في كتابه «داخل صورنا الخاصة» المنشور سنة 2015 ستة استعارات مختلفة استعملتها البشرية خلال الألفي سنة الماضية لشرح وفهم طبيعة الذكاء البشري. أولها على الإطلاق – وهو المذكور في الكتب السماوية المقدسة – أن الإنسان قد خلق من صلصال من حمأ مسنون بيد الخالق العاقل كلي الحكمة والذكاء والقدرة الذي نفخ فيه من روحه. هذه الروح الإلهية القابعة بداخلنا هي ما يفسر لنا الذكاء البشري.

في وقت لاحق، أدى اختراع الهندسة الهيدروليكية في القرن الثالث قبل الميلاد إلى رواج الاستعارة (النموذج) الهيدروليكية للذكاء؛ وهي الفكرة القائلة بأن تدفق الأخلاط (المزاجات الأربعة: الحار والبارد والجاف والرطب) هو ما يفسر طبيعة وظائفنا الجسدية والذهنية. استطاع هذا النموذج الهيدروليكي الصمود لأكثر من 1600 سنة، ليعوق تطور الممارسة الطبية طوال هذه الفترة. تظهر الاستعارة الثالثة بحلول القرن الـ16، حيث أصبحت آلات الحركة الذاتية سمة عصرها بفضل اختراع النابض، وهو ما ألهم كبار المفكرين – مثل رينيه ديكارت – ليؤكدوا أن البشر ما هم إلا عبارة عن آلات معقدة، ثم في القرن الـ17 اقترح الفيلسوف الانجليزي توماس هوبز أن التفكير ما هو، إلا عملية تنشأ من الحركات الميكانيكية الصغيرة داخل المخ.

لاحقًا، تطورت الاستعارة مرة أخرى بسبب الاكتشافات في حقلي الكهرباء والكيمياء والتي أدت إلى إعادة صياغة نظريات الذكاء مرة أخرى خلال القرن الـ18. ثم بحلول منتصف القرن الـ19 ألهمت التطورات في مجال الاتصالات الفيزيائي الألماني هيرمان فون هيلموتز ليقارن المخ بالتلغراف. كل من هذه الاستعارات عكست أرقى الأشكال التطور التكنولوجي التي وجدت في عصرها. وبالمثل، فما إن بدأ فجر عصر الكومبيوتر في أربعينات القرن العشرين، حتى تم القول بعدها بسنوات قلائل أن المخ يعمل مثل الكومبيوتر. حيث يلعب المخ نفسه دور أجزاء الكومبيوتر الصلبة، بينما تكون الأفكار هي البرمجيات.

إن الحدث التاريخي الذي أعلن انطلاق ما يعرف اليوم بالعلوم المعرفية (cognitive sciences) كان الكتاب الذي نشره عالم النفس الأمريكي جورج ميلر عام 1951 والمعنون بـ«اللغة والاتصال». اقترح ميلر بأن العالم العقلي يمكن أن يدرس بصرامة باستخدام مبادئ اللسانيات والحوسبة ونظرية المعلومات. هذه الفكرة قد تطورت لتخرج في أبهى حللها في الكتاب القصير المنشور سنة 1958 «الكومبيوتر والمخ»، والذي صرح فيه عالم الرياضيات الشهير جون فون نيومان بشكل قاطع بأن الجهاز العصبي البشري ما هو إلا «واجهة رقمية متميزة».

اقرأ أيضًا: مترجم: علماء يحددون المناطق المسؤولة عن التطرف في الدماغ

وعلى الرغم من اعترافه بأن القليل كان معروفًا يوم ذاك عن دور المخ في التفكير المنطقي والذاكرة، إلا أنه انطلق ليرسم خطًا موازيًا بعد الآخر بين مكونات أجهزة الكومبيوتر في عصره ومكونات الدماغ البشري. ومع مرور الوقت تطور بشكل تدريجي جهد طموح يجمع بين مختلف التخصصات لفهم طبيعة الذكاء الإنساني، مدفوعًا بالتقدم الملحوظ في تكنولوجيا الكومبيوتر وأبحاث المخ، ومتأثرًا بشكل كبير بالفكرة القائلة بأن أدمغتنا ليست إلا معالجات للمعلومات، تمامًا مثل الكومبيوتر.

أصبح هذا المجهود اليوم حاضنًا لآلاف الباحثين، ومستهلكًا لبلايين الدولارات، ومنتجًا لمحيطات شاسعة من الأدبيات العلمية، سواءًا المقدمة منها للمتخصصين أو لغيرهم. ففي نفس الصدد، قدم المخترع وعالم المستقبليات الأمريكي ريموند كورزويل في كتابه «كيف تصنع عقلا» المنشور سنة 2013 تجسيدًا لهذا المنظور متأملًا في مدى التشابه الظاهري بين معالجة الخوارزميات عن طريق الدوائر الكهربائية ومعالجة البيانات عن طريق أنسجة المخ.

إن الصورة المجازية للتعبير عن الذكاء الإنساني كعملية معالجة للمعلومات لم تلبث أن أصبحت هي الرؤية الحاكمة للمنظور الإنساني في هذا العصر على المستويين العام والعلمي. إذ لا توجد فرصة حقيقية أبدًا للحوار حول ماهية طبيعة السلوك الإنساني الذكي بدون استعمال هذه الاستعارة، تمامًا كما كانت طبيعة الحوارات في العصور القديمة حينما كانت لا تخرج عن تفسير روح عصرها. وكنتيجة لذلك أصبحت مصداقية نموذج معالجة المعلومات غير قابلة للنقاش في عالم اليوم(4).

استعارة معالجة المعلومات أصبحت ملتصقة بتصورنا بشكل لازم فائق القوة، بطريقة أعاقت تفكيرنا ولغتنا وأفكارنا للخروج عن هذا المنظور.

كما ذكرت سالفًا، فمعالجة المعلومات ليست سوى نموذج آخر للتعبير عن ظاهرة لم يتم فهمها بعد. وكما تم استبعاد كل النماذج والاستعارات القديمة، فسيتم التخلص من هذا النموذج في وقت ما، سواءً بالاستبدال به استعارة أخرى أو بحقيقة أخرى. قبل حوالي السنة، أثناء زيارتي لواحد من أكثر مراكز الأبحاث عراقة في العالم، قمت بتحدي الباحثين هناك بأن يصفوا لي السلوك الإنساني الذكي بدون استخدام أي من مصطلحات نموذج معالجة المعلومات. لم يستطيعوا فعل ذلك، حتى عندما أعدت التأكيد على القضية لاحقًا بشكل مهذب من خلال البريد الإلكتروني. فهم لم يصرفوا النظر عن التحدي باعتبار تفاهته، ولكنهم رأوا المشكلة على حقيقتها بحيث أنهم لم يستطيعوا أن يقدموا أي تفسير بديل.

بعبارة أخرى فإن استعارة معالجة المعلومات أصبحت ملتصقة بتصورنا بشكل لازم فائق القوة، بطريقة أعاقت تفكيرنا ولغتنا وأفكارنا للخروج عن هذا المنظور. يمكن بسهولة وصف المغالطة المنطقية لنموذج معالجة المعلومات والمتمثلة في مغالطة القياس باستخدام مقدمتين منطقيتين للوصول إلى استنتاج خاطئ.

المقدمة الأولى: كل أجهزة الكمبيوتر تمتلك القدرة على التصرف بشكل ذكي. المقدمة الثانية: كل أجهزة الكومبيوتر تعالج المعلومات. النتيجة الخاطئة: كل الكيانات ذات القدرة على التصرف الذكي تقوم بمعالجة المعلومات. بعيدًا عن هذه اللغة المنمقة، فمجرد التفكير بلزومية معالجة البشر للمعلومات فقط لمجرد أن الكومبيوترات تعالج المعلومات هي فكرة سخيفة. لذا فحينما يأتي ذلك اليوم الذي نتخلى فيه عن هذه الفكرة، لن ينظر لها إلا بتلك الطريقة، كما يفعل اليوم مؤرخو العلم بإزاء النظريات القديمة السخيفة، مثل النظريات الهيدروليكية والميكانيكية للذكاء السالفة الذكر.

فإذا كانت فكرة معالجة المعلومات بهذا السخف، فلم إذا تمتلك كل هذا القدر من الالتصاق بالتصور؟ ما الذي يمنعنا من طرحها بعيدًا كما نفعل مع غصن الشجرة الذي يعيق الطريق؟ هل هناك طريقة لفهم وتفسير الذكاء الإنساني بدون الاعتماد على هذا العكاز الفكري الواهي؟ وما هو الثمن الذي يجب دفعه لقاء هذا الاعتماد الامتناهي على هذا العكاز لكل هذا الوقت الطويل؟ بعد كل شيء فلا يزال نموذج معالجة المعلومات يقود عددًا كبيرًا من الكتابة والبحث في «عدد من المجالات العلمية» لعدة عقود، فما الثمن لكل ذلك؟

خلال السنين الماضية ولعدد من المرات أثناء التمارين الفصلية، طلبت من أحد الطلاب أن يرسم على السبورة صورة للعملة من فئة دولار واحد بكل التفاصيل الممكنة أمام الطلبة. وعندما ينتهي أقوم بتغطية رسمته بقطعة ورق، ومن ثم ألصق ورقة دولار واحد من محفظتي على السبورة، وأطلب منه أن يعيد الرسم مرة أخرى. بعد الانتهاء من الرسم الثاني أزيل قطعة الورق عن الرسم الأول وأطلب من جميع الطلاب التعليق على الاختلافات بين الرسمين. لتوضيح الأمر طلبت من جيني هيون – طالبة متدربة في المعهد الذي أقوم فيه بأبحاثي – أن ترسم الصورتين بنفس الطريقة التي أستخدمها أثناء الدرس. فكانت النتيجة كالتالي:

هذا الرسم المنقول من مخيلتها (ذاكرتها) – لاحظ الاستعارة في الرسم –

هذا الرسم المنقول من ورقة الدولار المعروضة أمامها

لقد اندهشت جيني – كما أنكم ربما أيضًا اندهشتم – بمدى فظاعة الفرق بين الرسم من الذاكرة والرسم من الدولار المعروض، هذا على الرغم من أن جيني قد شاهدت ورقة الدولار تلك آلاف المرات. إذًا ما المشكلة، أليس من المفترض أن نمتلك تمثيلًا لورقة الدولار «محفوظًا» في «مخزن الذاكرة» في داخل أدمغتنا، أولا نستطيع «استرجاعها»، ومن ثم استخدامها لإكمال رسمنا؟ بكل تأكيد لا، ولن يتمكن علم الأعصاب ولو بعد ألف سنة من تحديد تمثيل لورقة الدولار محفوظًا بداخل أدمغتنا؛ لسبب بسيط وهو أنه ليس موجود هناك أصلًا ليتم اكتشافه.


[1] ردود الفعل الانعكاسية غير الشرطية هي ردود الفعل التي يقوم بها الكائن الحي بشكل تلقائي لا يعتمد على ما تعلمه من المعرفة، بل هي محفورة في صميم البنية العصبية. وتتميز بأنها إما تخلق قبل الولادة أو تتطور تلقائيا مع تقدم العمر.

[2] المقصود هنا «الترجمة الدماغية» للتغيرات البيئية. فكما أن الصور والكلمات بالنسبة للكمبيوتر ليست سوى إشارات كهربائية، فكذلك تكون لها «ترجمة» أو تمثيلات دماغية على شكل إشارات كيميائية وحيوية في الدماغ. انظر الشرح في المقاطع التالية.

[3] أفضل تعريب لكلمة buffer هو حواجز. وهي استعارة صاغها العالم الإنجليزي الشهير دونالد برودبنت عام 1954 من نظرية المعلومات ليقدم تفسيرًا للكيفية التي ننتقي بها ما نريد الانتباه إليه. فالحواجز هي فضاءات نظرية تصد المعلومات التي نرصدها بالحواس تمهيدا لترشيحها بناءً على اهتماماتنا اللحظية.

[4] لم يذكر الكاتب تأثير الفلسفات المادية والبراجماتية على مدى تبني عالم اليوم لهذا النموذج المادي المعلوماتي للإنسان.

 

هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».

عرض التعليقات
تحميل المزيد