تعهد المرشح الجمهوري، الأوفر حظا، دونالند ترامب، بتطبيق سياسة تقتضي عمل قاعدة بيانات لمسلمي الولايات المتحدة بغرض تتبع نشاطهم، الأمر الذي أثار الكثير من الجدل داخل أمريكا وأعاد للأذهان التجربة النازية في ألمانيا.

وفي حوار أجراه ترامب مع صحيفة (إن بي سي الأمريكية) الثلاثاء الماضي-بعد حوالي أسبوع من هجمات باريس- قال فيه: “بالتأكيد سوف أطبق نظام قاعدة بيانات لملاحقة وتتبع مسلمي أمريكا” لافتا: “لا يمكن أن نسمح باستمرار الوضع على ما هو عليه في أميركا الآن”.

وعندما سُئل ترامب ما إذا كان مسلمو أمريكا سيتم إجبارهم بقوة القانون على تسجيل بياناتهم بقاعدة البيانات شدد ترامب على ذلك مكررا: “سيضطرون إلى ذلك.. سيضطرون إلى ذلك” وتجاهل ترامب الإجابة على سؤال حول العواقب المحتملة على المسلمين الذين لن يسجلوا في قواعد البيانات المحتملة.

وراوغ ترامب في الإجابة على سؤال حول ما إذا كان ما يريد فعله مع مسلمي أمريكا يتطابق مع ما فعلته ألمانيا النازية باليهود في ثلاثينيات القرن العشرين؛ إذ رد أربع مرات على هذا السؤال بإجابة واحدة وهي “أنتم قولوا لي”.

وذهب ترامب إلى ما هو أبعد من ذلك عندما قال: “يجب أن تكون لدينا أنظمة رقابة أكثر من مجرد قائمة بيانات، ويمكنك أن تفعل ذلك اليوم…الآن يجب أن تكون لدينا حدود وقوة، يجب أن يكون لدينا جدار، لا يمكن أن نسمح بتكرار ما يجري الآن، في هذا البلد مرة أخرى” في إشارة لهجمات باريس التي جرت قبل تلك التصريحات بحوالي أسبوع وراح ضحياتها ما لا يقل عن 127 قتيلا.

وبرر ترامب فكرته بأن قاعدة البيانات المحتملة ستلبي حاجته في التعرف على الأشخاص الموجودين بأمريكا بشكل قانوني و”ستوقف من يأتي إلى بلدنا بشكل غير قانوني.. علينا أن نوقف من يأتي إلى بدلنا بشكل غير قانوني” على حد تعبير ترامب، ولفت ترامب بكلمة له في مقر حملته الانتخابية إلى ضرورة منع استقبال اللاجئين السوريين بأمريكا واصفا قدومهم إلى أمريكا ب”الانتحار”. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما قد سمح بدخول 10 آلاف لاجئ سوري بأمريكا خلال عام.

ولم تكن تلك التصريحات هي الأولى التي يُظهر فيها ترامب عداءه للمسلمين بأمريكا؛ إذ قال في تصريحات سابقة أن “الإسلام في أميركا مشكلة يجب التخلص منها” متعهدًا بإغلاق المساجد إذا ما فاز بالانتخابات الرئاسية، وأعاد التفكير في إمكانية إعادة احتلال العراق.

ردود أفعال وانتقادات

أثارت تصريحات ترامب موجة من الجدل والانتقادات بالداخل الأمريكي طالت زملاء له في الحزب الجمهوري، فوصف منافسه داخل الحزب جيب بوش تعهدات ترامب  ب”الخاطئة” وأنها علامة ضعف، وليست علامة قوة، وقال:” أنت تتحدث عن الاعتقال وغلق المساجد وتسجيل بيانات المواطنين.. وهذا خطأ” ولفت إلى أن ذلك نوع من الدعايا للتلاعب بهموم الناس ومخاوفهم  وينم عن ضعف لا قوة”.

وصفت هيلاري كلينتون من جانبها تصريحات ترامب ب”الصادمة” وقالت في تدوينة لها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “هذا خطاب صادم يجب أن يدينه كل من يسعى لقيادة هذه البلد”.

وانتقد عدد من الخبراء وقادة منظمات المجتمع المدني تصريحات ترامب عاقدين مقارنة بينما يريد أن يطبقه ترامب على مسلمي أمريكا، وما طبقته ألمانيا النازية على اليهود.

وعلق إبراهيم هوبر المتحدث الرسمي باسم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية على تصريحات ترامب، متسائلا: “ما الذي يمكنك أن تقارن به ما قاله ترامب غير الأوضاع في ألمانيا النازية في فترة ما قبل الحرب؟” ليجيب: “لا يوجد مقارنة أخرى، ويبدو أن ترامب يرى أن ذلك جيد تماما”.

تلك المقارنة عقدها أيضا الحاخام جاك مولين المدير التنفيذي لمنظمة التحالف بين الأديان غير الربحية، عندما قال: “شارك والدي في الحرب العالمية الثانية وحارب من أجل الحفاظ على أمريكا ضد ما كان يفعله النازيون.. هذا هو بالضبط سبب وجود أمريكا، لا أن تكون شبيهة بألمانيا النازية”.

ترامب لا يغرد وحيدًا!

ليس وحده ترامب هو من يظهر في تصريحاته عداءً للمسلمين، فمنافسه بالحزب الجمهوري والمرشح للرئاسة بن كارسون اتخذ موقفا معاديا للاجئين السوريين الذي وصفهم ب”الكلاب المسعورة” داعيا إلى اتخاد إجراءات أكثر شدة وصرامة تجاههم.

وقال كارثون: “إذا كان هناك كلب مسعور يركض في منطقتكم، فمن المحتمل أن تبعدوا أولادكم عن طريقه.. هذا لا يعني أنكم تكرهون الكلاب، بل تفكرون في طريقة حماية أطفالكم منها.”

لافتا: “يجب أن نتبع آليات للفرز، من أجل تحديد الكلاب المسعورة بكل صراحة، ومن هم الأشخاص الذين يريدون القدوم إلى هنا وإلحاق الضرر بنا، ويريدون تدميرنا.”

وتجدر الإشارة إلى أن قضية اللاجئين السوريين تمثل نقطة خلاف كبيرة بين الجمهوريين والديموقراطيين،  وكان الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما قد اتخذ قرارا باستقبال 10 آلاف لاجئ سوري بأمريكا خلال عام، ومن جانبهم صوت289 عضوا بالكونجرس معظمهم من الحزب الجمهوري لصالح قرار يقضي بتعليق استقبال اللاجئين السوريين والعراقيين في أمريكا حتى تطبيق آليات تدقيق أشد صرامة، مما دفع أوباما بالتلويح باستخدام حق الفيتو لرفض قرار الكونجرس.

المصادر

عرض التعليقات
تحميل المزيد