في ديسمبر (كانون الأول) 2021، أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مذكرة لتغيير اسم تركيا، وطلب من الجمهور استخدام اللغة التركية لوصف الدولة بكل لغة، فلفظة «Türkiye» -بحسبه- أفضل تمثيل وتعبير عن ثقافة الشعب التركي.
وبحسب تصريحات مسؤولين تركيين لموقع «ميدل إيست آي»، فإن الحكومة تخطط لتغيير اسم تركيا الرسمي المعترف به دوليًّا من «Turkey» إلى «Türkiye»، وهو الاسم التركي للبلاد. وقد جرى اتصال بين الجانب التركي والأمم المتحدة بهذا الشأن، إلا أن التوقيت الدقيق للتغيير لا يزال قيد نظر الحكومة التركية.
أردوغان يبدأ الحملة والإعلام الحكومي يسير على خطاه
بدأت حملة تغيير اسم تركيا بعد إعلان الرئيس في ديسمبر الماضي، وطلبه من الجمهور استخدام اللغة التركية لوصف الدولة بكل لغة، إذ إن لفظة «Türkiye» تعد أفضل تمثيل وتعبير عن ثقافة الشعب التركي وحضارته وقيمه، بحسب تعبيره.
وقد نصح أردوغان الشركات والمصانع التركية باستخدام شعار «Made in Türkiye» بدلًا من «Made in Turkey»، وقد بدأت جمعية المصدرين الأتراك في استخدام الشعار منذ يناير (كانون الثاني) 2020 بالفعل، أي إن هذه الخطوة ليست مفاجئة، فيما أصدر الرئيس التركي تعليماته لأجهزة الدولة باستخدام الاسم الجديد في المراسلات خاصة مع المنظمات الدولية.
بعد مذكرة الرئيس، بدأت الشبكات الإخبارية الممولة من القطاع العام مثل: وكالة «أنباء الأناضول»، و«تي أر تي وورلد» في استخدام اسم «Türkiye» في البرامج الناطقة باللغة الإنجليزية، كذلك غيرت مواقع الحكومة الرسمية اسم الدولة للاسم الجديد، فصارت الصفحة الرسمية لوزارة الخارجية التركية على سبيل المثال: «Republic of Türkiye»، وعلى النهج ذاته سار الموقع الرسمي للسياحة في البلاد، وأصبح اسمه «Go Türkiye»، فيما أطلقت مديرية اتصالات الرئاسة التركية حملة إعلانية جديدة عبر وسم «HelloTürkiye» عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم التغيير للجمهور.
والديك الرومي يقف وراء حملة تغيير اسم تركيا!
شرحت إحدى المقالات عبر شبكة «تي أر تي وورلد» السبب في تغيير اسم تركيا، وقالت إنه قد يكون بسبب نتائج عمليات البحث باللغة الإنجليزية عن معلومات حول تركيا «Turkey»، وأن نتائج البحث تجلب الكثير من المعلومات التي لا علاقة لها بالدولة التركية، وتأتي أغلبها عن طائر الديك الرومي، الذي يعد وجبة أساسية لدى الأمريكان في عشاء عيد الشكر، ما يتفق – أي نتائج البحث – مع معنى اسم «Turkey» في قاموس «كامبريدج»، والذي يفسر اللفظ بأنه طائر كبير يُربى في المزارع، قاصدًا بهذا «الديك الرومي» الذي يعرف في اللغة الإنجليزية بـ«الديك التركي».
بينما جاء في تفسير آخر لمعنى الاسم أن لفظ تركي يعني شيئًا فشل فشلًا ذريعًا، بينما يأتي التفسير الثالث للكلمة فيعني شخص غبي أو سخيف، في حين أن المقصود بأن الكلمة تعني دولة في جنوب شرق أوروبا وغرب آسيا (أي تركيا) تأتي في التعريف الرابع للفظ «Turkey».
بينما أشارت الصحافية في «تي أر تي» مريم إليدا أطلس، في تصريحها لموقع «ميدل إيست آي» أن الهجمات المعادية للإسلام غالبًا ما تشبه تركيا بطائر الديك الرومي، وأن الطلاب الأتراك على دراية بهذا الأمر أثناء تعلمهم اللغة الإنجليزية، كما أشارت أن كون اسم «Turkey» معروفًا بطائر الديك الرومي في اللغة الإنجليزية، قد سبب ألمًا للعديد من الأتراك على مدى عقود، على حد تعبيرها.
لكن كيف أصبح اسم تركيا مرادفًا للديك الرومي في الإنجليزية؟
رغم أن الأتراك يطلقون على دولتهم اسم «Türkiye» منذ عام 1923 بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى، فإن لارتباط اسم تركيا بالديك الرومي «Turkey» نظريتين؛ تقول النظرية الأولى إن تجار إسطنبول نقلوا طائر الديك الرومي من أمريكا إلى بريطانيا في القرن السادس عشر، ومن هنا، جاءت عادة ربط أي شيء يمر عبر إسطنبول أو تجارها باسم «Turkey»، فقد أُطلق على السجاد الفارسي اسم سجاد تركي، وكذلك الدقيق الهندي اسم دقيق تركي.
أما النظرية الثانية، فتشير إلى أن الأوروبيين قبل اكتشاف أمريكا بوقت طويل كانوا يحبون أكل أحد أنواع الطيور البرية التي جلبها التجار الأتراك من غينيا غرب أفريقيا، وأطلقوا على الطائر اسم «Turkey coq»، وعندما وصل البريطانيون إلى أمريكا، واكتشفوا أحد الطيور البرية، أطلقوا عليه اسم «Turkey» لأنه يشبه طائر غينيا ولكن بحجم أكبر.
ويشير قاموس تركي أعده المفكر التركي الأرمني سيفان نيسانيان إلى أن أصل كلمة «Türkiye» المراد التغيير إليها تأتي من اللغتين الإيطالية والفرنسية، حيث إنها اقتباس من «Turchia» الإيطالية أو «Turquie» الفرنسية، واللتان تعنيان الدولة التركية.
و«حرف تركي» في الاسم الجديد قد يكون العقبة
منذ الإعلان عن تغيير اسم تركيا، وهناك اتصال دائم للبعثة التركية مع بروتوكول الأمم المتحدة للتحقق من إجراءات الإبلاغ عن تغيير اسم البلد. وكان من الممكن أن تغير تركيا اسمها عبر إخطار بسيط للأمم المتحدة، لكن حرف «Ü» الموجود ضمن حروف الاسم الجديد ليس من حروف الأبجدية اللاتينية، وهو ما قد يكون عائقًا في استخدام الاسم الجديد، ووفقًا لما يراه بعض المراقبين، فقد يكون الحل في استخدام حرف «U» اللاتيني بدلًا من «Ü».
معارضات داخلية لتغيير اسم تركيا
يعتقد السفير المتقاعد أونال جيفيكوز، وهو عضو برلماني وعضو بارز في حزب المعارضة الرئيسي التركي «حزب الشعب الجمهوري»، أنه «لا داعي لأن تكون حساسًا بشأن ارتباط تركيا بطائر»، ويقول إن الاسم مرتبط بالبلاد منذ قرون، وأنه لا داعي لتغيير اسم تركيا؛ فهناك دول لها اسمها الخاص محليًّا بينما اسمها الدولي يكون بالحروف اللاتينية، مثل: اليونان، فاسمها المحلي «Hellas» بينما تعرف دوليًّا باسم «Greece»، كذلك سويسرا تستخدم اسم «Helvetica» محليًّا، و«Switzerland» عالميًّا، ولم تسع أي منهما لتغيير اسمها.
كذلك يرى جيفيكوز أن تغيير الاسم على الساحة الدولية شيء، وإقناع الجميع باستخدامه شيء آخر، فلا تزال جمهورية التشيك معروفة بهذا الاسم رغم تغييره إلى تشيكيا منذ عام 2016، على جانب آخر تشير الصحافية مريم إليدا أطلس إلى أن تغيير اسم تركيا ليس بالأمر الصعب في حال وجود الإرادة اللازمة لذلك، فقد غيرت دول يوغوسلافيا السابقة أسماءها إلى أسماء جديدة.