كانت معظم قوات الجيش الأمريكي في الخارج تتمركز في القواعد العسكرية الأمريكية في أوروبا وشرق آسيا حتى هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، لكن بموازاة الحملات العسكرية اللاحقة في العراق وأفغانستان، تزايدت عمليات الانتشار الأمريكية على جانبَي إيران، وكثُرَت المرافق العسكرية التي اضطلعت بمهامٍ متعددة على نطاق واسع، وزاد معها عدد القوات الأمريكية المتمركزة في الشرق الأوسط.

يصعب تحديد الأرقام الأعداد والعتاد والمواقع بدقة، باعتراف مدير دراسات السياسة الخارجية في معهد كاتو، جون جلاسر؛ لأن القوات الأمريكية تتمركز على أساس مؤقت وبالتناوب، كما ترخي الحكومة الأمريكية ستارًا من السرية على الكثير من المعلومات حول قواتها المنتشرة في المنطقة.

وعلى الرغم من الغموض الذي يفرضه البنتاجون على منشآته العسكرية، والطبيعة المؤقتة والتناوبيَّة لنشر القوات، سنحاول في السطور التالية رصد أهم المنشآت العسكرية التي يتواجد فيها الجنود الأمريكيون حول إيران، وعدد الجنود الأمريكيين الذين يُطوِّقونها، وأبرز دول الجوار التي تضم أكبر عدد من القوات والقواعد، ثم سننقب عن المزيد من الأصول العسكرية التي يمكن أن تستدعيها الولايات المتحدة من بعيد في حالات الضرورة.

أكثر من 60 ألف جندي أمريكي يُطوِّقون إيران

تُطَوِّق الولايات المتحدة إيران بما لا يقل عن 60 ألف جندي ينتشرون في محيطها، بينما لا تمتلك طهران ما يكفي من المنشآت العسكرية الخارجية لمواجهة الهيمنة التي يتمتع بها الجيش الأمريكي في المنطقة، وإن كان للجمهورية الإسلامية وجود عسكريّ متفاوت في سوريا، والعراق، ولبنان، وإريتريا.

لمعرفة أماكن انتشار القوات الأمريكية حول إيران، تحتاج فقط إلى النظر للخريطة التالية (منشورة بتاريخ 10 يناير / كانون الثاني 2020) التي رسمها موقع هيئة الإذاعة الأسترالية (إيه بي سي)، استنادًا إلى بيانات اتحاد العلماء الأمريكيين ومجموعة الأزمات الدولية.

يوفر محتوى هذه الخريطة إطلالة شاملة على مواقع القوات الأمريكية التي تطوِّق إيران، وإن كان يختلف قليلًا عن تقديرات «رويترز»، المنشورة في يناير 2020 استنادًا إلى بيانات مؤسسات بحثية من بينها «المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية (IISS)».

القواعد العسكرية الأمريكية الخليج العربي

أماكن انتشار القوات الأمريكية حول إيران (منشورة بتاريخ 10 يناير / كانون الثاني 2020). المصدر: موقع هيئة الإذاعة الأسترالية (إيه بي سي)، استنادًا إلى بيانات اتحاد العلماء الأمريكيين ومجموعة الأزمات الدولية.

بترتيب عدد القوات تنازليًا، نجد أن الكويت وقطر يأتيان في المقدمة بـ13 ألف جندي أمريكي يتمركزون في كل منهما، يليهما البحرين بـ7 آلاف جندي، ثم العراق بـ6 آلاف، والإمارات بـ5 آلاف، و3 آلاف في السعودية (كان العدد يقارب 500 قبل الزيادة الأخيرة)، ومثلهم في الأردن.

إلى جانب ذلك يوجد 2500 جندي في تركيا، و800 في سوريا، و606 في عمان، ولو نظرنا إلى الجانب الآخر سنجد أن أفغانستان كانت في المقدمة بـ14 ألف جندي، لولا تخفيض عدد القوات إلى حوالي 8600 جندي تمهيدًا لسحبها بالكامل بموجب الاتفاق الأخير مع طالبان.

تنتشر هذه القوات في العديد من المنشآت العسكرية الأمريكية التي تحيط بإيران، وتتراوح بين القواعد التي تعمل بكامل طاقتها، والمطارات، وحتى مواقع المراقبة المنتشرة في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

تشمل هذه المنشآت العسكرية: مواقع أمريكية ثابتة أو شبه دائمة في بلدان تضم عددًا كبيرًا من القوات الأجنبية، وتقوم بأعمال عسكرية رسمية، ومواقع أخرى مؤقتة كتلك المصممة لإيواء القوات الأمريكية وقوات التحالف في أفغانستان.

توجد هذه المنشآت في: قطر، والكويت، والبحرين، والسعودية، والإمارات، والعراق، والأردن، وتركيا، وأفغانستان، وأيضًا في جيبوتي، وربما في أماكن أخرى تحجم المصادر الرسمية عن الإعلان عنها صراحةً.

تتبع هذه المنشآت العسكرية المحيطة بإيران القوات البرية، أو القوات الجوية، أو القوات البحرية، أو تُدَار بالاشتراك بين أذرع القوات المسلحة الأمريكية المختلفة، كما تُظهِر الخريطة التالية:

المنشآت العسكرية الأمريكية المحيطة بإيران- المصدر: موقع هيئة الإذاعة الأسترالية (إيه بي سي)، وفقًا لبيانات المشروع الأمريكي للأمن، الحكومة الأمريكية، الجيش الأسترالي.

بعد هذه الإطلالة الشاملة على القوات والمنشآت المحيطة بإيران، حان الوقت لنغوص أعمق في الخرائط السابقة، لنستعرض أهم القواعد العسكرية التي تديرها الولايات المتحدة، أو يشارك البنتاجون مع القوات المسلحة للدول المضيفة في دعم عملياتها.

ولأن هذه القواعد بالعشرات، فسنتوقف مَلِيًّا مع الدول التي تضم أكبر عدد من القوات، وسنبدأ بالثلاثة الكبار (من حيث عدد القوات التي تستضيفها)؛ الكويت، وقطر، والبحرين، ثم نُعَرِّج سريعًا على أبرز القواعد المتبقية.

الكويت.. 8 قواعد نشطة

تستخدم الولايات المتحدة ثمانية قواعد عسكرية نشطة في الكويت – من أصل 15 قاعدة كانت تديرها القوات المسلحة الأمريكية – محاور انطلاق وميادين تدريب ومواقع دعم لوجستي للعمليات الإقليمية.

تعد قاعدة معسكر الدوحة أهم قاعدة عسكرية أقامتها الولايات المتحدة على أراضي الكويت، ولعبت دورًا كبيرًا في مختلف عمليات الغزو الأمريكي للشرق الأوسط، من حرب الخليج 1991، وحتى حرب العراق 2003.

تستضيف الكويت أيضًا قاعدة كامب باتريوت في الساحل الشرقي للبلاد، وتضم حوالي 3 آلاف فرد من مختلف أذرع الجيش الأمريكي، وتمثل مقر العمليات في العراق، وأسهمت في حرب العراق.

ويوفر معسكر عريفجان، في جنوب البلاد، دعمًا أرضيًا لطائرات الهليكوبتر والعربات المدرعة، ويلعب دورًا حيويًا للعمليات العسكرية الأمريكية في جنوب غرب آسيا، ولذلك فحين أثير نبأ انسحاب القوات الأمريكية منه في مايو (أيار) الماضي سارعت الحكومة الكويتية إلى نفي ذلك.

ويقع معسكر بورينج (أطلق عليه اسم مقدِّم أمريكي قتل في العراق عام 2003) في وسط صحراء الكويت، على بعد 25 ميلًا من الحدود العراقية، وهو الذي انطلقت بالقرب منه تدريبات عسكرية العام الماضي استخدمت فيها صواريخ «هايمارس»، وراجمة الصواريخ «بي إم–30 سميرج»، التي تطلق 12 صاروخًا خلال نحو 40 ثانية.

العالم والاقتصاد

منذ سنتين
الأسوأ منذ 30 عامًا.. القصة الكاملة للأزمة الاقتصادية في الكويت

أما قاعدة معسكر نيويورك، فبالرغم من أنها تقع في صحراء الكويت، إلا أنها تذكرك بالمدينة الأمريكية الشهيرة التي تحمل اسمها؛ ليس بسبب الفنادق الفاخرة والأسرّة الحريرية، ولكن لما تحتويه من مرافق عامة تتيح لك الوصول إلى أي شيء يمكنك التفكير فيه.

وفي المقابل، توجد قاعدة معسكر فيرجينيا في الجهراء، التي تضم مزيجًا من الخيام والمباني البسيطة والإطارات المعدنية، ومستودعات الإمداد المنتشرة على مساحة كيلومترات قليلة في الصحراء.

ومن القواعد التي تتمتع بموقع إستراتيجي، قاعدة معسكر سبيرهيد في الشعيبة، الواقعة بالقرب من قاعدة كامب باتريوت، والتي كانت المملكة المتحدة تستخدمها بكثافة خلال العقد الماضي؛ لأنها قريبة من أحد أكبر موانئ الكويت، على الرغم من أن الأمريكيين كانوا يديرونها في ذلك الوقت بالكامل.

وأخيرًا هناك قاعدة علي السالم الجوية، التي تقول إيران إنها استُخدِمَت في عملية اغتيال سليماني، وتقع على بعد حوالي 39 ميلًا من حدود العراق، وتشرف القوات الجوية الكويتية على عملياتها لكن بمساعدة «القوات الجوية الأمريكية (USAF)».

تتمتع هذه القاعدة بموقع متميز، ويُطلَق عليها اسم «الصخرة» لأنها تقع على أرض مرتفعة عن السهول الصحراوية المحيطة بها، ولهذا توفر دعمًا حيويًا للعديد من العمليات، مثل النقل، والمراقبة، والتحكم، والحماية، والدعم، والإنقاذ القتاليين، والإخلاء الطبي، والدفاع الصاروخي الباليستي.

قطر.. أكبر قاعدة جوية أمريكية في الخارج

تقع قاعدة العُديد الجوية الأمريكية غرب العاصمة القطرية الدوحة، وهي أكبر قاعدة جوية أمريكية في الخارج، ومقر «القيادة المركزية للولايات المتحدة (USCC)» التي تضع على رأس أولوياتها «ردع إيران»، بحسب موقعها الرسميّ، إلى جانب تسوية الصراع في أفغانستان عبر المفاوضات، وتعزيز الحملة الرامية إلى هزيمة «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)» في سوريا والعراق، ومواجهة تهديد الطائرات بدون طيار.

تعمل القاعدة أيضًا مقرًا لـ«القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية (USAFCC)»، وتشمل المركز المشترك للعمليات الجوية والفضائية والجناح الـ379 للبعثات الجوية، وأصبحت في عام 2009 مقرًا ميدانيًا للقيادة العسكرية المركزية للجيش الأمريكي المسؤولة عن آسيا الوسطى وحتى القرن الأفريقي.

القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط

صورة جوية لقاعدة العديد في قطر، أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخارج.

في العام الأول من إنشائها عام 1996، استقبلت القاعدة فوجًا من القوات الأمريكية المحمولة جوا، إضافة إلى 30 مقاتلة حربية، وأربع طائرات تزود بالوقود، وبعدها رفع الجيش الأمريكي عدد طائرات التزود بالوقود بوينج «كيه سي-135» و«كيه سي-10 إيه»، من أربع طائرات عام 1996 إلى 20 طائرة عام 2001، لدعم حرب أفغانستان.

وارتفع عدد الطائرات في القاعدة أواسط العقد الفائت إلى 120 طائرة مختلفة الأنواع (الجناح 379 التابع للقوات الجوية الأمريكية) إلى جانب القاذفات «بي-1»، وطائرات الاستطلاع والقاذفات بعيدة المدى، مثل «بي 52»، وطائرات التموين بالوقود في الجو، إلى جانب وحدات دعم وإسناد ومخازن أسلحة وذخيرة، بالإضافة إلى قاذفتين غير نوويتين من طراز «بي-1 بي» وصلتا في أبريل (نيسان) 2018.

تعد القاعدة كذلك مقرًا للمجموعة 319 الاستكشافية الجوية التي تدعم عمليات المنطقة الواقعة في نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية، وفرقة المهام المشتركة في القرن الأفريقي، ذلك أنها تضم قاذفات ومقاتلات وطائرات استطلاعية، إضافة لعدد من الدبابات ووحدات الدعم العسكري وكميات كافية من العتاد والآلات العسكرية المتقدمة؛ ما جعل بعض العسكريين يصنفونها «أكبر مخزن إستراتيجي للأسلحة الأمريكية في المنطقة».

تستضيف قطر أيضًا قاعدة «معسكر السيلية»، على أطراف مدينة الدوحة، التي اكتمل بناؤها في صيف عام 2000، وتكلفت نحو 110 مليون دولار. أنشئت القاعدة لتكون مستودعًا للذخيرة لقيادة الجيش الأمريكي المركزية، وتعد اليوم أكبر مستودعات الذخيرة الأمريكية خارج أراضيها.

البحرين.. «الستون فدانًا الأكثر ازدحامًا في العالم»

تعرف القاعدة البحرية الأمريكية في البحرين باسم «نشاط الدعم البحري – البحرين»، وتبلغ مساحتها حوالي 60 فدانًا، وهي مقرّ القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية (USNAVCENT)، ومقر الأسطول الخامس الأمريكي – الذي كان يسمى في السابق «الستون فدانًا الأكثر ازدحامًا في العالم» – وهو عصب الوجود البحري الأمريكي في الخليج؛ مما يجعله ركيزة أساسية في احتواء إيران، كما يقول الباحث الأول في برنامج الشرق الأوسط في مؤسّسة كارنيجي للسلام الدولي، فريدريك ويري.

موقع «نشاط الدعم البحري NSA – البحرين» في المنامة. المصدر: خرائط «جوجل».

توسَّع الوجود العسكري الأمريكي في البحرين، منذ الحرب بين العراق وإيران بين عامي 1980 و1988، لكن قدم الولايات المتحدة هناك ليست بالرسوخ الذي قد تبدو عليه للوهلة الأولى، حتى أن مسؤولًا في البحرية الأمريكية قال ساخرًا خلال مقابلة أجريت معه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012: «يحتاج الأمر صاروخًا إيرانيًا واحدًا لإبعاد الأسطول الخامس من البحرين».

وكان أفراد القوات الأمريكية وعائلاتهم في البحرين الأكثر عرضة للخطر في الخليج، و«هدفًا سهلًا جدًا» لوكلاء إيران إذا قرروا شن عمليات انتقامية (هجمات خاطفة وليست جماعية)، للرد مثلًا على اغتيال قاسم سليماني، كما تقول ريبيكا واسر، محللة السياسات الدفاعية الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط، في مؤسسة «راند».

إلى جانب ذلك تضم البحرين مركزًا عسكريًا آخر يعمل بالتعاون الوثيق مع البنتاجون، ويعدّ إحدى ثلاث مفارز تديرها البحرية الأمريكية حول العالم، وتتبع المقر الرئيس في نابولي الإيطالية، والاثنتان الأخريان إحداهما في لندن البريطانية، والثاني افتتح مؤخرًا في دبي الإماراتية.

وتتمثل إحدى مهام مفرزة البحرين الأساسية في دعم جميع العمليات التي تجريها البحرية الأمريكية في المنطقة، بما في ذلك التوجيه والإشراف، إلى جانب دعم السفن وقطع الأسطول التابعة لخفر السواحل وقيادة النقل البحري العسكري، بالإضافة إلى كونها مركزًا مشتركًا يقدم دعمًا لوجستيًا لجميع القواعد العسكرية التي تديرها الولايات المتحدة الأمريكية في أفريقيا وأوروبا والجزء الغربي من آسيا.

إلى جانب ذلك، هناك قاعدتان. أولاهما قاعدة الشيخ عيسى الجوية التي شهدت تطويرًا قبل عامين بتمويل أمريكي يبلغ 45 مليون دولار، وفيها مدرج يبلغ طوله 12467 قدم.

والقاعدة الثانية هي قاعدة المحرق الجوية التي تتمركز فيها وحدة الطيران 53 التابعة لفرقة العمل المشتركة، بينما هي في الأصل جزء من مطار البحرين الدولي.

السعودية.. 5 قواعد تُحدق بإيران وتُؤَمِّن المملكة

سحبت الولايات المتحدة غالبية قواتها من السعودية في عام 2003، بعد غزو العراق، وكان من تبقى من القوات الأمريكية يركز على مهام التدريب العسكري، دون توفير قدرة قتالية تشغيلية. لكن في خضم تصاعد التوترات مع إيران، نشرت الولايات المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، حوالي 3 آلاف جندي في السعودية، تدعمهم مقاتلات «إف–15» ومنظومة صواريخ باتريوت، وجناح استطلاع جوي.

وإجمالًا تستخدم القوات الأمريكية خمس قواعد في السعودية، أبرزها قاعدة الأمير سلطان الجوية الواقعة جنوب العاصمة الرياض – التي تتمتع باتصال قوي مع أهم المراكز في الدولة من خلال شبكة طرق ممتدة – ومنها تنطلق عمليات المقاتلات الأمريكية متعددة الأغراض من الجيل الخامس، وهي مقر عدة كتائب من أنظمة الدفاع الجوي باتريوت (PAC–3).

عربي

منذ سنتين
«نيويورك تايمز»: هل تساعد الصين السعودية في إنتاج قنبلة نووية؟

لذلك، تشكل هذه القاعدة الجوية تحديدًا «هدفا صعبا بالنسبة لإيران، وموقعا نائيا للقوات والمقاتلات والأصول العسكرية الأمريكية الأخرى، علاوة على دورها في ضمان أمن السعودية التي طلبت المساعدة من واشنطن عقب الهجوم على شركة «أرامكو» في سبتمبر الماضي»، على حد قول قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال كينيث ماكينزي.

إلى جانب هذه القاعدة «الاستثنائية»، التي يرجح الكاتب الروسي يفغيني دامانتسيف أن يكون لها دور في أي هجوم على إيران، تستخدم القوات الأمريكية أيضًا قاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط، وقاعدة الملك فهد الجوية بالدمام ، وقاعدة الملك عبد العزيز الجوية ذات الموقع الإستراتيجي في المنطقة الشرقية (الأقرب لإيران)، وقاعدة قرية إسكان الجوية في الرياض، التي تستضيف المجموعتين الـ320 والـ64 الاستكشافيتين الجويتين.

أول تعاون عسكري معلن مع عمان.. والإمارات تعترف متأخرًا

في عمان، تستطيع الولايات المتحدة استخدام القواعد التابعة للدولة بموجب اتفاقية الوصول إلى المرافق العمانية، التي وقعت في عام 1980، وجددت في عام 2010، وجعلت عُمان الدولة الأولى من بين دول الخليج التي تعقد شراكة عسكرية واضحة مع الولايات المتحدة.

وفي مارس (أذار) 2019 وقعت البلدان اتفاقية إستراتيجية للموانئ تضمن للولايات المتحدة الاستفادة من المنشآت والموانئ في الدقم وصلالة، بما يمنح الجيش الأمريكي تسهيلات أكبر في منطقة الخليج، ويحد من الحاجة لإرسال السفن عبر مضيق هرمز قبالة ساحل إيران.

بينما تحتفظ الولايات المتحدة بحوالي 5 آلاف فرد في الإمارات بموجب اتفاقية تعاون دفاعي، تعززها العلاقات الأمنية القوية بين البلدين، والتي ظهرت في الدعم الجوي الذي قدمته الطائرات الإماراتية للقوات الأمريكية في عملياتها القتالية في أفغانستان.

لم يكن هناك اعتراف علني بتواجد القوات الأمريكية في قاعدة الظفرة الجوية إلا في عام 2017، رغم أنها القاعدة الأمريكية الأكثر ازدحامًا في العالم لرحلات المراقبة، وتستضيف جناح الاستطلاع الجوي 380، كما تستضيف مركزًا مشتركًا للحرب الجوية تستخدمه الولايات المتحدة لتدريب أفراد من دول متعددة على المهام القتالية وقابلية التشغيل البيني.

أما ميناء جبل علي فهو أكثر المنافذ التي تستخدمها البحرية الأمريكية ازدحامًا، لكن على الرغم من أن الميناء مهيأ لرسُوّ حاملات الطائرات الأمريكية، لا تتمركز فيه سفن دائمة، ولا تُمنَح سفن البحرية الأمريكية الأولوية على السفن التجارية. وهناك أيضًا قاعدة الفجيرة البحرية، التي توفر «ارتباطا بريًا» لوجستيا لميناء جبل علي حال إغلاق مضيق هرمز.

سوريا والعراق وأفغانستان.. قواعد غير مستقرة لكنها تطوِّق إيران من الجانبين

على جانبَيْ إيران، توجد سبعة قواعد نشطة في العراق من أصل 13 تابعة للجيش، ومثلها مشتركة، وقاعدة جوية. وتوجد ست قواعد في أفغانستان، واحدة تابعة للقوات الجوية، واثنتان مشتركتان، وثلاث تابعة للقوات البحرية.

وأقامت الولايات المتحدة 11 قاعدة عسكرية داخل سوريا، في محافظات الحسكة والرقة ودير الزور، خصوصًا قرب منشآت النفط والغاز بمحاذاة الحدود مع العراق، إضافة إلى قاعدة التنف قرب الحدود السورية مع العراق والأردن.

جدير بالذكر أن دولًا مثل العراق وسوريا، توجد فيها منشآت كانت قائمة مسبقًا تشغلها الولايات المتحدة، أو تدير فيها قواعد مؤقتة مبنية على عجل، لم يعترف البنتاجون بها علنًا لأسباب أمنية عملياتية، بحسب ورقة نشرها «مشروع الأمن الأمريكي» في يونيو (حزيران) 2018.

وتلفت الورقة إلى أن الولايات المتحدة، منذ انسحاب قواتها في عام 2011، لم تعد تحتفظ بمرافق دائمة في العراق، ويتركز وجودها الأساسي هناك في قاعدة الأسد الجوية، التي تبنى الحرس الثوري الهجوم عليها في يناير الماضي انتقامًا لمقتل سليماني، وإلى جانبها توجد قاعدة أربيل التي قصفهما الإيرانيون بصواريخ باليستية في الشهر نفسه، وقال الجيش الأمريكي في سبتمبر: إنها تضم «أكثر من 3600 جندي وموظف مدني من 13 دولة مختلفة».

القواعد العسكرية الأمريكية في العراق.

لكن التواجد العسكريّ الأمريكي يظل غير مستقر في تلك المنطقة؛ في العراق بسبب الضغوط التي تمارسها إيران مباشرة أو عبر وكلائها، وتوجت مؤخرًا بإعلان واشنطن انسحابها من ثلاث قواعد – استهلتهم بقاعدة القائم – وعلى الجانب الآخر في أفغانستان بموجب الشروط التي استطاعت حركة طالبان فرضها بعد قرابة عقدين من الحرب الضروس. وإن كان الانسحاب الأمريكي من سوريا في رأي خبير الشؤون السياسية جوزيف برامل له هدف إستراتيجي هو: «التقليل من الهجمات المعادية، والتي قد تأتي من إيران».

تركيا.. قاعدتان تكبلهما التوترات بين أنقرة وواشنطن

تستضيف في تركيا قاعدتان، إحداهما قاعدة إنجرليك الجوية الشهيرة، التي تديرها الحكومتان الأمريكية والتركية، على عكس معظم القواعد المشتركة الأخرى التي تشغلها حكومة الولايات المتحدة، ولكن تحت إشراف حكومة الدولة المضيفة. وتستضيف القاعدة بضع مئات من الجنود البريطانيين والأتراك إلى جانب حوالي 5 آلاف أمريكي.

يمنح الموقع الجغرافي لقاعدة إنجرليك أهمية خاصة للإستراتيجية العسكرية الأمريكية، خاصة لقربها من روسيا ودورها في التعامل مع أزمات الشرق الأوسط. بينما يشير خبراء إلى أن القاعدة تضم 50 رأسًا نوويًا من أصل 150 رأسًا نوويًا نشرتها الولايات المتحدة في القاعدة إبان الحرب الباردة.

دولي

منذ 3 سنوات
مترجم: هل يستطيع أحد سرقة الأسلحة النووية الأمريكية من قاعدة «إنجرليك» التركية؟

لكن مع توتر الأجواء بين البلدين خلال السبعينات، ومنع تركيا من استخدام المعدات الأمريكية في نزاعها مع قبرص، وفي المقابل قرار تركيا إغلاق جميع القواعد الأمريكية وتحويلها إلى قواعد تركية، لم تبقَ إلا هذه القاعدة، وقاعدة إزمير لأنهما كانتا جزءًا من اتفاقية مع «حلف شمال الأطلسي (الناتو)».

وفي 2017 قال مستشار الرئيس التركي، إبراهيم قالن: إن بلاده يحق لها إنهاء التواجد الأمريكي على أراضيها، وتجدد التوتر مؤخرًا عندما هدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بطرد القوات الأمريكية منها حال فرض عقوبات أمريكية على بلاده.

ويديرر الأمريكيون قاعدة إزمير، أحد المنشآت العسكرية الإستراتيجية، وتقع تحت إشراف القوات الجوية الأمريكية في أوروبا، لكن الواقع ليس كذلك بسبب التوتر بين البلدين، ولذلك ينصب التركيز فيها – وشقيقتها إنجرليك – حاليًا على أنشطة حلف الناتو.

أصول عسكرية أخرى.. حاملات طائرات ومرافق دعم ومنشآت خارجية

إلى جانب ذلك تمتلك الولايات المتحدة حاملات طائرات تستطيع تحريكها إلى تخوم إيران، كما فعلت في الفترة التي سبقت حرب العراق عام 2003، بالإضافة إلى أصولها المنتشرة خارج منطقة الشرق الأوسط، في مواقع إستراتيجية وسط المحيطات شبه المفتوحة، مثل: مرفق الدعم التابع للبحرية الأمريكية في جزيرة دييجو جارسيا، الذي يقدم الدعم اللوجستي للقوات الأمريكية المنتشرة في المحيط الهندي والخليج العربي.

وعلى الرغم من أن المنشآت الأمريكية في تركيا، وإسرائيل، وجيبوتي، ودييجو جارسيا ليست في نطاق مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية، يمكن استخدامها أيضًا في حالة حدوث أي نزاع مع إيران.

ناهيك عن انتشار قوات الكوماندوز الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة تحت قيادة «العمليات الخاصة (SOCOM)» التي تقوم بأنشطة سرية مع قوة مشتركة من القبعات الخضراء، وقوات الصاعقة البرية، وقوات العمليات الخاصة التابعة للبحرية، وقوات الكوماندوز التابعة لسلاح الجو، وفرق العمليات الخاصة التابعة لقوات مشاة البحرية.

إيران ليست الهدف الوحيد.. لكنها الذريعة الأكبر

صحيحٌ أن المنشآت العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط تعمل على مراقبة إيران، ولا يحتاج المشهد إلى عالم صواريخ ليدرك أن الجمهورية الإسلامية محاصرة عسكريًا، لكن لابد وأن نضع في الاعتبار أن الولايات المتحدة كانت تعمل على توسيع تواجدها الإقليمي قبل أن تصبح إيران «التهديد» الأجنبي الأكثر إثارة للضجيج.

دولي

منذ سنتين
مترجم: كيف يهدد كورونا مستقبل حروب أمريكا حول العالم؟

قبل حرب الخليج الأولى، كانت هناك ثلاث أولويات للنشاط العسكري الأمريكي، هي: تأمين الموارد النفطية، وضمان أمن إسرائيل، ومكافحة التهديدات المحدقة بالمصالح الأمريكية.

لكن لاحقًا لم يعد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة مفروضًا، بل اتخذت دول الخليج بشأنه قرارًا سياسيًا اختياريًا، على اعتبار أنه «مظلة أمنية» تخدم مصالحها.

ولذلك يلفت مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية في جامعة جورج تاون في قطر، مهران كامرافا، إلى أن هذه القواعد لا تستهدف إيران بالضرورة، ولكن طهران بالتأكيد منحت الولايات المتحدة سببًا مقنعًا لزيادة عدد قواعدها في المنطقة.

المصادر

تحميل المزيد