قد تتعجب عزيزي القارئ من إفراد تقرير كاملٍ للحديث عن نوعٍ من الفاكهة؛ لكن السطور القادمة ستكشف لك أن البطيخ يستحق جدًّا، وذلك عبر مرآة الأدلة الطبية القوية التي توضح مدى فوائد البطيخ، لنعرف أن تربُّع البطيخ على عرش فواكه موسم الصيف الحار، أمرًا مُستحقًا.

لماذا البطيخ؟

نعرف جميعًا أن المعدة بيت الداء، ونعرف أيضًا أن الطعام جزء لا يتجزأ من منظومة علاج معظم، إن لم يكن كل، الأمراض، وقبل ذلك، فالطعام الصحي المتوازن، المحتوي على قدرٍ جيدٍ من المغذيات، والفيتامينات، يضمن نموًّا سليمًا للأطفال، ويساهم في تقليل فرص حدوث العديد من الأمراض المزمنة الخطيرة على الصحة، مثل السمنة، والسكر، وارتفاع ضغط الدم، وهو من أهم ركائز الوقاية من الأمراض، والتي نحفظ جميعًا عن ظهر قلب أنها خير من العلاج.

من فوائد البطيخ أنه يمكن استثماره في تدعيم نظامٍ غذائي متوازن، بالرغم من أنه ليس وجبةً رئيسية. فمن فوائد البطيخ أنه من أغنى الأطعمة بالسوائل، إذ تشكل أكثر من 90% من مكوناته، وتكتظ تلك السوائل بترسانة جيدة من المغذيات، والسكريات المفيدة التي تعد مصادر للطاقة، والفيتامينات المتنوعة. في السطور التالية، سنفصل فوائد البطيخ لصحتنا، ونُسلط الضوء على نتائج العديد من الأبحاث الطبية التي أوكلت عناية خاصة بالبطيخ.

البطيخ و«الريجيم»

تكاد جميع أنظمة إنقاص الوزن، أن تجمع على استبعاد السكريات بمختلف أنواعها، حتى الأنواع الطبيعية منها، وذلك للحصول على نتائج سريعة. فكيف إذن نضع في العنوان صنفًا يحتوي على السكريات بجوار كلمة «الريجيم»؟

دون الخوض في تفاصيل أنواع الحميات الغذائية المختلفة، فإن استمرارية أي نظام غذائي لفقدان الوزن، تتوقف على ثلاثة عوامل رئيسة. أولها، النجاح في السيطرة على الجوع، خاصةً أثناء الليل، وبين الوجبات. وثانيها، التوازن بين الطعم اللذيذ، وكم السعرات الحرارية، إذ للأسف تكون غالبية الأطعمة اللذيذة عالية السعرات الحرارية. أما العامل الثالث فوجود إمداد جيد بالطاقة، حتى لا يشعر الشخص بالإرهاق وفقدان التركيز، وعدم القدرة على الإنجاز، مما قد يدفعه للتخلي عن الريجيم.

يمتاز البطيخ بواحدة من أفضل معادلات الكمية مقابل السعرات الحرارية. فـ100 جرام من البطيخ، تكلفتها حوالي 28- 30 كيلو سعر حراري، وهو أقل قليلًا مما تحتويه الكمية نفسها من اللبن منزوع الدسم – على اختلاف القيمة الغذائية- وأقل أيضًا من الفواكة الأخرى معتدلة السعرات مثل الخوخ (40 كيلو سعر) والكمثرى، والجوافة، وغيرها. بالتالي فقدرٌ معتدل من البطيخ يصلح لملء الفراغ بين الوجبات، ولسد الجوع ليلًا، إذ يملأ المعدة بكفاءة، فيسكن إحساس الجوع. كذلك لا يختلف اثنان في جودة الطعم، وأنه مصدر جيد للطاقة، بما يحتويه من سكريات، دون كلفةٍ كبيرة من السعرات الحرارية الزائدة.

صحة

منذ 5 سنوات
10 نصائح طبية للحفاظ على صحتك في موجات رطوبة الصيف

البطيخ والفيتامينات وأشياء أخرى

الفيتامينات مغذيات حيوية، تقدم منافع عديدة لأجهزة الجسم، إذ تساهم في الحفاظ على حيوية الجلد، والأنسجة المخاطية المبطنة للجهازيْن الهضمي والتنفسي، وتساعد في قيام الأعصاب والعين بعملها بكفاءة، وتمنع تفاعلات الأكسدة التي تتلف الخلايا.

فمن فوائد البطيخ أنه يمكن لـ150 جرامًا فحسب، أن تقدم للجسم حوالي ربع حاجته اليومية من فيتامين سي، والذي يحافظ على الأنسجة المخاطية والطلائية، وجدران الأوعية الدموية من التلف، ويعد من مضادات الأكسدة. كذلك توفر حوالي 20% من الحاجة اليومية من «فيتامين أ»، والمهم للغاية لعملية الإبصار، وصحة وحيوية الجلد، والشعر، والأظافر.

أيضًا تحتوي تلك الكمية على حوالي 3- 4% من بعض أنواع «فيتامين ب»، مثل «ب1» الذي يسبب نقصه فشل عضلة القلب، والدورة الدموية، و«فيتامين ب5» المهم في تصنيع خلايا الدم، وفي التفاعلات الخلوية لإنتاج الطاقة من النشويات والدهون والبروتينات. و كذلك «فيتامين ب6»، والمهم لكفاءة عمل الأعصاب الطرفية والمخ، ومنع حدوث أنيميا الدم.

أيضًا من فوائد البطيخ أنه يحتوي على وفرة من الليكوبينات، وهي مواد صبغية مغذية، مسؤولة عن لونه الأحمر الشهير، وهي من أهم مضادات الأكسدة، ولها أدوارٌ في الحفاظ على صحة العين، ومقاومة حدوث السرطانات.

البطيخ والجلطات

في الأوضاع الطبيعية، يسرى الدم داخل عروقنا بانسيابية، لتصل التغذية الدموية إلى كافة الأجهزة الحيوية. ولا يتجلط الدم، إلا عندما يُجرح الإنسان، بشكل يسبب فتح أحد الأوعية الدموية، إذ تقوم الجلطة بسد الفُرجَة التي ينفذ منها الدم إلى الخارج. لكن أحيانًا تتكون تلك الجلطات داخل الشرايين، فتسبب انسدادها، وانقطاع التغذية الدموية عن الأنسجة المهمة، ويحدث هذا عندما تتلف جدران الشرايين بسبب تصلب الشرايين، الذي تسببه عوامل كثيرة، وكذلك بسبب زيادة لزوجة الدم، كما يحدث عند الإصابة بالجفاف. وفي تلك النقطة يأتي دور البطيخ.

في شهور الصيف الحارة، يفقد الجسم، والدورة الدموية، قدرًا كبيرًا من السوائل في صورة عرق، مما يجعل الدم أكثر لزوجة، وأبطأ في سريانه داخل الشرايين، فتزداد قابليته للتجلط بداخلها. تناول كمية متوسطة من البطيخ شديد الغنى بالسوائل يوميًّا، قادر على تعويض ذلك الفقد في السوائل، والحفاظ على سيولة الدم، وجودة سريانه.

البطيخ والقلب

تعد الجمعية الأمريكية لطب القلب البطيخَ من أهم الأطعمة الصديقة للقلب. فغناه بالسوائل كما ذكرنا، يحسن سريان الدم، وبالتالي يحسن التغذية الدموية لكافة الأعضاء الحيوية ومنها القلب، ويقلل فرص الإصابة بالجلطات.

كذلك من فوائد البطيخ عدم احتوائه على الدهون الضارة بالقلب، كالدهون المشبعة التي تحتوي على نسبةً مرتفعة من الكوليسترول الضار. يحتوي البطيخ أيضًا على العديد من المغذيات المفيدة لعضلة القلب، وغيرها من العضلات والأنسجة الحيوية، فهو الأكثر بين الخضروات والفواكه جميعًا، احتواءً على حامض السترولين الأميني، والأحماض الأمينية.

كذلك من فوائد البطيخ أنه يحتوي على قدرٍ محدود من أملاح الصوديوم، والتي تسبب زيادتها مشكلاتٍ لمرضى القلب، إذ تسبب ارتفاع ضغط الدم، واحتقان الدورة الدموية بالسوائل بقدرٍ زائد عن قدرة عضلة القلب المريضة. في المقابل، يحتوي البطيخ على قدرٍ معقول من أملاح البوتاسيوم التي تسهم في خفض ضغط الدم، وتقلل فرص حدوث الاضطرابات الكهربية الخطيرة في عضلة القلب، والتي تزداد فرص حدوثها عن انخفاض نسبة البوتاسيوم في الدم.

البطيخ والكلى

لكي تعمل الكُلى بكفاءة، فإنها تحتاج إلى تغذية دموية جيدة، في المقابل فإن التعرض للجفاف، قد يسبب فشلًا كلويًّا حادًا نتيجة نقص الإمداد الدموي للكلى. يمكن للبطيخ بحفاظه على كمية السوائل في الدورة الدموية، أن يحافظ على جودة عمل الكلى، وضمان كمية جيدة من البول، بما يساعد في تخلص الجسم من السموم بداخله كالأمونيا والبولينا، وينظف أنابيب الكلى، ويحافظ على جودة عملها.

البطيخ والقدرة الجنسية

يحتاج الانتصاب الجيد إلى قلبٍ صحيح، ودورة دموية جيدة. يمكن لتناول البطيخ السخي في سوائله ومغذياته، أن يخدم في كلا الأمرين كما أظهرنا سابقًا. كذلك وجدت بعض الدراسات أن حمض السترولين الأميني، الذي تحدثنا سابقًا عن توافره في البطيخ، له القدرة على الإسهام في تحسين التغذية الدموية، إذ يساعد الشرايين على الانبساط – شبيهٌ بما تفعله أقراص الفياجرا- ويساعده في ذلك مغذيات أخرى مثل الليكوبين، والبيتاكاروتين، والتي تتوافر في البطيخ أيضًا.

البطيخ والعين

بجانب الدور الحيوي لـ«فيتامين أ» الذي يحتويه البطيخ، في عملية الإبصار، خاصة الإبصار الليلي في الإضاءة الخافتة، فقد وُجِد أن الليكوبينات يساهم في تقليل فرص حدوث العمى لدى كبار السن، والذي يحدث نتيجة التلف التدريجي للبقعة المركزية بشبكية العين، والمسئولة عن القدر الأهم من عملية الإبصار، وتمييز الألوان والأشكال. أيضًا تساهم وفرة السوائل التي يقدمها البطيخ، في تحسين الدورة الدموية، وتقليل فرص حدوث جلطات الشريان الشبكي، والتي تسبب العمى المفاجئ عند وقوعها، ويصعب علاجها.

البطيخ والسرطان

وجدت الدراسات أن بعض المغذيات التي يحتويها البطيخ، لها نشاط مضاد لحدوث السرطان. من أمثلة ذلك الليكوبينات، إذ وجد أنها تقلل فرص الإصابة بالعديد من سرطانات الجهاز الهضمي، وتبطئ نموها. وكذلك مادة كوكوربيتاسين، والتي تبطء النشاط السرطاني.

البطيخ والعضلات

ذكرنا سابقًا أن البطيخ غني بحمض السترولين الأميني. وُجِد أن لهذا الحمض دورًا في تقليل آلام العضلات بعد التمارين الرياضية، وفي تحسين كفاءتها، وسرعة تعافيها من الإصابات. كذلك تساهم السوائل المتوفرة في البطيخ، في تقليل حدوث الجفاف مع التمارين الرياضية الشاقة، مما يساعد في تأخير حدوث الإجهاد، وفي إطالة وقت التمرين.

البطيخ والهضم

تناول كميات معتدلة من البطيخ، بما يحتوي من سوائل، وألياف طبيعية، يسهل عمليات الهضم والإخراج عبر الجهاز الهضمي، إذ يحسن من كفاءة حركات الأمعاء، وفعاليتها، وانتظامها. كذلك التناول المنتظم للبطيخ له القدرة على أن يقلل كثيرًا من فرص حدوث الإمساك، وتحجُّر البراز، والذي قد يسبب في بعض الحالات الشديدة حدوث الانسداد المعوي، وهو من الطوارئ الخطيرة، التي قد تحتاج إلى التدخل الجراحي العاجل.

كذلك تساهم الفيتامينات الموجودة في البطيخ، مثل «فيتامين سي»، على الحفاظ على صحة وحيوية الأنسجة المخاطية المبطنة للجهاز الهضمي، مما يحسن كافة وظائف الجهاز الهضمي كالهضم والامتصاص والإخراج.

لكن ليس البطيخ من فاكهة الجنة!

لا تعني القائمة العريضة السابقة من فوائد البطيخ، أن الإفراط في تناوله لا يخلو من مشكلات صحية، وإن كانت لحسن الحظ ليست جسيمة. ولا تحدث تلك المضاعفات إلا مع الإكثار من البطيخ بشدة.

بالرغم من احتواء البطيخ على قدرٍ معقول من السعرات الحرارية لكل 100 جم، فإن كون تلك السعرات بالأساس من السكريات، يمثل مشكلة نوعية، خصوصًا إن تم تناول كمية كبيرة من البطيخ مساءً، فهذا كفيل بإفساد خطط إنقاص الوزن. كذلك يسبب تناول كمية زائدة من البطيخ بعض الاضطرابات في أداء الجهاز الهضمي، فتحدث الانتفاخات، والتقلصات، وآلام البطن، وتتفاقم تلك الأعراض خصيصًا لدى مرضى القولون العصبي.

كذلك يجب على بعض أصحاب الأمراض المزمنة أكل كميات معتدلة، ومحسوبة بدقة، من البطيخ. فمثلًا مرضى السكري قد تسبب لهم الزيادة من سكريات البطيخ ارتفاعًا غير محمود في سكر الدم. أما مرضى ضعف عضلة القلب، والفشل الكلوي، الذين يحتاجون إلى حساب ما يتناولونه من السوائل بدقة، فعليهم أيضًا عدم الإسراف في تناول تلك الفاكهة الغنية بالماء.

صحة

منذ 4 سنوات
من بينها البطيخ.. هذه الأطعمة تزيد من الرغبة الجنسية
تحميل المزيد