«للأمومة اسمٌ آخر مستعار؛ الشعور الذنب». *إليف شافاق، كاتبة تركية
إذا كُنتِ أمًا فمن المحتمل أن تكوني قد تعرضت من قبل للانتقاد أو اللوم الذي يُلقيه عليكِ شخص ما، سواء كان هذا الشخص من عائلتك، أو أصدقائك، أو عائلة زوجك، أو حتى شخص لا تعرفينه بالمرة. غالبًا ما يكون اللوم المُلقى عليكِ بسبب طريقة تعاملكِ مع أبنائكِ، أو طريقة تربيتكِ لهم، أو أي شيء يخص رعايتك لهم في الشكل أو الملابس، أو حتى الأطعمة التي تختارينها لهم.
فأنتِ دومًا محل للتعليق والتقييم والانتقاد ومراجعة قراراتك المُتعلقة بأبنائك، سواء قررتي الرضاعة الطبيعية أم لا؛ مشاركتهم في النوم على سرير واحد أم لا، العودة إلى العمل أو البقاء في المنزل مع أطفالكِ، وجبة الإفطار التي تختارينها لهم؛ كيفية تأديبهم أو اختيار ملابسهم، وقت النوم الذي تحددينه، أو العمر الذي تسمحين فيه، أو لا تسمحين بالجلوس أمام «الشاشات»، فلوم وانتقاد الأم أمر شائع، ومن الأمور المسيطرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أن ممارسات الأبوة والأمومة الحميدة تُصبح محلًا للنقد.
وغالبًا ما تشعر الكثير من الأمهات بعدم الرغبة في سماع هذه النصائح والمقترحات؛ لأنها قد تُشعرها بالذنب، أو التردد والشك في طريقة تعاملها مع أبنائها، لذلك جمعنا لكِ في هذا التقرير بعض الطرق التي قد تُمكنكِ من تخطي هذا الأمر والتعامل معه بفاعلية، والمُضي قُدمًا في حياتكِ دون الشعور بالذنب أو الإحباط من إلقاء اللوم عليكِ.
ليس ذنبك.. لهذه الأسباب تُلام الأمهات ويمارس عليهن التنمر
يمكن القول إن إلقاء اللوم على الأمهات ليس بالأمر الجديد، إلا أن الإنترنت، وخاصةً وسائل التواصل الاجتماعي، قد زادت الأمر سوءًا. ومن يفعلون ذلك يبررون فعلهم بأن سلوك الأم ضحية الانتقاد أو أفعالها أو صورها تستدعي منهم هذا النوع من التصرف، بالرغم من أن كثيرًا من الأحيان لا ترتكب الأمهات خطأ فادحًا، ومع ذلك يتعرضن للهجوم على أي شيء مهما كان بسيطًا، مثل قرار الرضاعة الطبيعية أو الصناعية.
وهناك كثير من الأسباب التي قد تجعل الناس يلقون باللوم على الأم، ومنها:
- قد تشعر امرأة بالغيرة منكِ، ولا تجد وسيلة للتخلص من هذا الشعور سوى بإلقاء اللوم عليكِ وتأنيبكِ.
- قد تُلامين أيضًا؛ لأنه ببساطة هناك أشخاص يتجولون في صفحات ومجموعات «فيسبوك»، ويشعرون بالملل، أو يبحثون عن الترفيه، أو ربما يكونون غاضبين أو محبطين من وضع ما في حياتهم، ويبحثون عن وسيلة للتنفيس، وتكون صوركِ التي تتلقى تعليقات سيئة هي وسيلتهن للتنفيس. ضعي في اعتباركِ دائمًا أنه لا توجد وسيلة لسماع نبرة الصوت أو مشاهدة تعبيرات الوجه، فما يصل إليكِ حادًا وقاسيًا قد يكون محاولة رديئة للمزاح أو التهكم.
- قد يلومكِ البعض لأنهم يرغبون في تبرير مُعتقداتهم لأنفسهم، ويبحثون عن التقدير وإثبات أفضليتهم، فيلقون باللوم عليكِ ليثبتوا لأنفسهم أو للآخرين أنهم الأفضل.
في معظم الأوقات يكون لدى الأمهات اللاتي ينجح الآخرين في وضعهن في حالة الشعور بالذنب خوفًا من عدم كفاية قدراتهن الأمومية، وهو ما يجعل لومهن أمرًا بالغ القسوة عليهن، ويضعهن في حالة نفسية سيئة لفترة طويلة لا يستطعن التغلب عليها أو الخروج منها.
6 طرق لتخطي إشعار الآخرين لكِ بالذنب
فيما يلي بعض النصائح والاقتراحات للمساعدة في دعمكِ ضد أولئك الذين يعتقدون أنهم يعرفون ما يجب عليكِ فعله أكثر منكِ:
1. أنتِ بخير.. الأمر يتعلق بهم أكثر مما يتعلق بكِ
من المهم أن نتذكر أن هذه الأنواع من التعليقات تتعلق دائمًا أكثر بالشخص الذي يُطلقها وليس بكِ، نحن كبشر لدينا جميعًا عيوب وشعورًا بانعدام الأمان، وعندما يرى الناس أمًا تتخذ خيارًا مختلفًا عن اختيارهم، فمن السهل عليهم أن يشعروا بعدم الأمان حيال خياراتهم.
فقبل أن تتألمي أو تغضبي، عليكِ سؤال نفسكِ: «ما الذي يجعلهم يشعرون بعدم الارتياح أو عدم الأمان في هذا الموقف؟»، بهذه الطريقة ستكونين قادرة بشكل أفضل على الاستجابة بطريقة إيجابية.
2. حولي التعليقات السلبية إلى رسائل إيجابية لنفسك
هناك الكثير من التعليقات السلبية التي تتردد داخلكِ وفي رأسكِ، عليك تعلم كيفية تحويل هذه الأصوات إلى تأكيدات إيجابية تعمل لصالحكِ، فعلى سبيل المثال، بدلًا عن أن ترددي لنفسكِ أنكِ لن تستطيعي أبدًا أن تلدي طفلكِ بشكل طبيعي بدلًا عن العملية القيصرية، رددي لنفسكِ: «جسدي يعرف ما يفعله وقد تم تصميمه لولادة طفلي بشكل طبيعي».
قومي بتطبيق هذا الأمر على الأصوات السلبية التي تتعلق بأدائك كأم، وابحثي عن تأكيد داخلي إيجابي، ستجعل هذه التأكيدات الإيجابية أداءكِ أفضل وستجعل أيضًا حالتكِ النفسية في تحسن مُستمر.
3. اختاري الأشخاص الذين تقضين وقتكِ معهم
ليس عليكِ أن تقضي وقتكِ مع من يحاول مُضايقتكِ أو جعلكِ في حالة نفسية سيئة، تجاهلي هؤلاء كلما أمكنك ذلك، وحاولي قضاء الوقت مع الأشخاص المُفضلين لديكِ الذين لا يحرصون على إنتقادك إن لم تتفقي معهم في كل ما يقولونه أو يفعلونه، اقضي وقتكِ مع من يدعمونك بدلًا عمن يحكمون عليكِ.
4. لا تحاولي الرد أو تبرير نفسك
لا تجعلي التعليقات السلبية تستحوذ علي كامل عقلكِ، توقفي عن التفكير فيما قاله الآخرون عنكِ؛ لأن هذا بإمكانه أن يسرق وقتكِ ويستنزف طاقتكِ، بالإضافة إلى ذلك، فإنه يجعلكِ تشعرين فقط بحالة أسوأ، ركزي على أشياء أخرى بدلًا عن ذلك تناول القهوة مع صديق أو شاهدي فيلمًا لممثلكِ المُفضل.
من الأفضل أيضًا ألا تحاولي الرد، ولا الدفاع عن نفسكِ ولا تبرير موقفكِ وشرح وجهة نظركِ، بنسبة كبيرة من أمامكِ يرغب أن يتكلم و«ينصح» فقط ولا يريد أن يسمع، تصالحي مع أن الأمر لا يعنيكِ ولا تُجهدي نفسكِ في محاولة الرد.
5. كوني أمًا لأبنائك ولا تلقي لآخرين بالًا
اسمحي لنفسكِ بالغضب والحزن عند سماع التعليقات السلبية حولكِ، لكن لا تبقي هناك طويلًا، اسمحي لنفسكِ أن تتخطي الأمر وعيشي حياتكِ بغض النظر عن منظورهم السلبي عنكِ، كوني قوية، ولا تحرصي على معرفة كل ما يُقال عنكِ من أمور سلبية، لا تهتمي أبدًا وامضي في طريقكِ، وإذا كانت التعليقات السلبية تصلكِ على صفحتكِ الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي فحاولي تجاهلها وعدم قراءتها من الأساس.
حاولي التركيز على ما هو مهم بالفعل، مثل استمرار رعايتكِ لأبنائكِ وتربيتكِ لهم بالطريقة التي تُفضلينها وترينها صحيحة، ولا تدعي هذه المواقف تُحبطكِ.
الشعور بالعجز والضعف مشاعر شائعة لدى الأمهات اللاتي يشعرن بالذنب، ويمكن لهذه المشاعر أن تنتقل إلى مناطق أخرى من الحياة، فقط عليكِ تذكر أنه لا يُمكنكِ التحكم في ما يقوله الآخرون عنكِ، ولا يمكنك التحكم في من يصدق تلك المعلومات، ولكن كل ما يُمكنكِ التحكم فيه هو كيفية رد فعلكِ، ضعي طاقتكِ في أن تكوني الأم التي تتمنيها لأطفالكِ بغض النظر عن تقييم الآخرين وآرائهم.
6. تقبّلي أخطاءك
لا أحد كامل، عليكِ إدراك هذا جيدًا، كلنا يُحاول ويُخطئ، ويحاول من جديد مُجتهدًا أن يكون صائبًا، هذه هي الحياة بالأساس، تقريبًا كل الآباء يرتكبون أخطاء، متصورة أو حقيقية، بين الحين والآخر، أعطي لنفسكِ هذه المساحة في الخطأ والتعلم والاجتهاد ومُحاولات الإصابة، وافهمي أن الحكم والنقد يجعل بعض الناس يشعرون بتحسن، حتى والدتكِ قد يكون ضغطها عليكِ بالنصائح نابعًا من رغبتها في الشعور بمُشاركتكِ.