عندما يرتكب الطفل خطأً ما، أو يصنع «كارثة» كما اعتاد الأمهات تسمية أفعال أطفالهن، عادة ما تقع الأم في فخ نوبات الغضب والعصبية وتبدأ في إيذاء صغيرها وكذلك نفسها، دون أن تدرك الآثار المترتبة على نوبات الغضب تلك، والتي ذكرناها في تقرير سابق، وقدمنا نصائح من متخصصين للسيطرة عليها.

وبعيدًا عن الصراخ أو الضرب أو الدخول في نوبة غضب، نقدم في هذا التقرير طرقًا تربوية للتعامل مع سلوكيات الطفل المختلفة، وكيفية توجيهه إلى الصواب دون التأثير في سلامته النفسية أو إلحاق الأذى بسلامة الأم النفسية، علاوة على بناء جسر من الثقة بين الطفل وأبويه.

بادئ ذي بدء.. لن يكبر طفل دون أن يخطئ

في البداية يجب أن تضع كل أم أو مسؤول رعاية في ذهنه قاعدة تقول إن الطفل يتعلم من أخطائه، فلن يكبر الطفل دون أن يخطئ ليعرف الصواب ويكتشف البيئة من حوله، ومن هنا «لا عقاب على محاولة تعلم».

توضح دكتور رنا هاني ياسين الأخصائية النفسية والتربوية في حديثها مع «ساسة بوست»، أن للعقاب العديد من الأضرار ولا يفضل إتباعه، لكن يمكن التعامل مع الطفل في نطاق ما يسمى العواقب المنطقية والطبيعية. والعواقب المنطقية تكون وفقًا لشروط وهي أن تكون مرتبطة بالفعل، مثل تنظيف مكان العصير الذي سكبه، أو أن يدخر من مصروفه لشراء شيء كسره أو أضاعه.

Embed from Getty Images

أما العواقب الطبيعية فتعني تعلُم الطفل من الموقف نفسه دون تدخل أو لوم، فهي أي شيء يحدث بشكل طبيعي، دون تدخل الكبار؛ عندما تقف تحت المطر، تبتل، عندما لا تأكل طعامك، فإنك تشعر بالجوع، عندما ترفض ارتداء معطفك تصاب بالبرد وغيرها من المواقف، ما يضمن أكبر استفادة لمخ الطفل فيما بعد، حين يسترجع الموقف، مع التأكيد على عدم تدخل الأم بكلمات لوم مثل «تستاهل» أو «لماذا لم تستجب لنصيحتي»، لأن ذلك يجعل مخ الطفل يتشتت بدلًا من التركيز على الموقف وعواقبه.

ما هو الفرق الفعلي بين العقاب والعواقب؟

تشدد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) بدورها على أهمية إتباع العواقب وليس العقاب موضحة الفرق بينهما. فالعواقب هي فرص أمام أطفالك ليعلموا أن تصرفاتهم وأفعالهم سيكون لها تأثير فيهم وفي الآخرين، كما أن العواقب تساعد الأطفال على تعلم الاستقلالية، واتخاذ القرارات، وتحمل المسؤولية.

كيف نعلِّم الطفل عواقب أفعاله؟

توضح منظمة اليونيسيف طريقة توصيل مفهوم العواقب المترتبة على عدم إتباع القواعد للأطفال وفق عدد من الخطوات التي يجب على الأبوين أو مسؤولي الرعاية اتباعها:

  1. حدد المقصود بسوء السلوك: ما تريد أن يفعله أطفالك، وما لا تريد منهم أن يفعلوه.
  2. حدد عاقبة واضحة ستحدث في حالة قيامهم بالسلوك السيئ (إذا حدث كذا، ستكون نتيجته كذا).
  3.  عند حدوث ما سبق رغم تحذيرك، طبِّق العواقب على الفور، وذلك بعد لفت نظر الأطفال إلى العلاقة بين السبب والعاقبة.
  4. امتدح الأطفال إذا اتبعوا القواعد.
  5. ساعدهم في التعامل مع مشكلاتهم.

وهذه شروط تطبيق العواقب

  • يجب أن تكون مختلفة عما يستخدمه الآباء للمكافأة؛ فإذا كانت المكافأة هي قضاء بعض الوقت مع الأصدقاء فلن تكون العاقبة هي إلغاء هذا الوقت.
  • أن يتضمن اعتذارًا من شخص آخر إذا كان السلوك السلبي يؤثر فيه، مثل: «إذا كسرت أشياء تخص شخصًا آخر، عليك الاعتذار ومساعدته على إصلاحها أو تعويضه».
  •  قد تكون مقيدة لأحد الامتيازات/ مثل تقليل وقت الراحة مع الأصدقاء، أو إضافة مسؤوليات كالقيام بالمزيد من المهام والأعمال.

Embed from Getty Images

وماذا تفعل الأم في حالة الأخطاء الكارثية؟ 6 وسائل للتقويم غير الضرب

مهما كانت تسعى الأم للسيطرة على أعصابها فإن للأطفال مواقف تجعل الأم تفقد أعصابها، خاصة مع الأخطاء التي تتطلب وقفة واضحة تجاه الطفل، حتى يعلم أنه أقدم على تصرف غير سليم، لكن كيف تتعامل الأم مع تلك المواقف دون اللجوء إلى الضرب أو إيذاء الطفل؟

1- كرسي العقاب.. فلنعيد التفكير فيما حدث

يمكن اللجوء إلى الوقت المستقطع أو كرسي العقاب لكن وفقًا لشروط أهمها أن لا يكون أمام أحد، فيمكن للأم تخصيص مكان في المنزل يجلس به الطفل حتى يدرك خطأه وتهدأ الأم أيضًا، لكن لا يفضل أن تطول مدة الجلوس فلا تزيد عن 10 دقائق، وقبل جلوس الطفل على الكرسي المخصص للعقاب، على الأم توضيح السبب والخطأ الذي فعله.

2- التجاهل.. أنت غير مرئي حتى تُحسن سلوكك

يمكن للأم تجاهل الطفل بشكل خاص إذا كان التصرف الخطأ الذي ارتكبه الطفل، من أجل لفت الإنتباه كأن يرفع صوته ليستحوذ على انتباه أمه. ويجب على الأم أو مسؤول الرعاية أن يلفت انتباه الطفل إلى أن سبب تجاهله، هو التصرف الخاطئ الذي فعله، وهنا يمكن أن تتجاهله الأم بالنظر في الاتجاه الآخر، وتخيل أنها لا تسمعه ولا ترد، وعندما يسأل أو يطلب شيئًا بشكل مهذب، هنا تعيد الأم انتباهها إليه، ومع التكرار سيتعلمون أن السلوك المهذب هو أفضل طريقة لتلبية احتياجاتهم.

3- فقدان الامتيازات.. «ممنوع من الخروج»

هنا يكون ارتكاب الخطأ يقابله فقدان في أحد المميزات التي يحصل عليها الطفل، مثل الخروج للملاهي أو شراء لعبة جديدة، وغيرها من الامتيازات ليتعلم أن الخطأ يفقده ميزة.

4- الحرمان من أحد ألعابه المفضلة.. العقاب على قدر الخطأ

يمكن للأم كذلك أن تمنعه من اللعب بأحد ألعابه المفضلة لفترة زمنية يفضل ألا تزيد عن ثلاثة أيام، لأنه قد ينسى الخطأ واللعبة أيضًا ولا يعود يهتم بأمرها، وهنا نوضح أيضًا أن سبب حرمانه من لعبته أو الموبايل أو البلاي ستيشن وغيرها، الخطأ الذي أقدم عليه.

5- نظام النقاط.. «طارت النقاط»!

في حال كانت تعتمد الأم مع الطفل طريقة النقاط الأسبوعية والتي تعتمد على تجميع الطفل لعدد من النقاط خلال الأسبوع يكتسبها بتصرفاته الحسنة ويكون في نهاية الأسبوع له مكافئة من اختياره، يخسر الطفل كافة نقاطه أو يحرم من المكافأة هذا الأسبوع، إذا ارتكب خطأً كبيرًا، أو تحذف من مجموع نقاطه بعض النقاط على حسب الخطأ المُرتكب.

6- اعتماد الثواب والعقاب في التعامل مع الطفل على الدوام

على الأم أن تعلم الطفل بشكل عام أن كل فعل حسن يفعله يقابله جائزة أو امتداح، وكل تصرف خاطئ يكون له عاقبة وهي كما ذكرنا العواقب المنطقية والطبيعية.

وإليكم الفرق بين التدريب والتأديب في التعامل مع السلوك الخطأ

فيما ذكرنا أنه يختلف رد فعل الوالدين ما إذا كان الطفل أقل من سبع سنوات أو أعلى، ففي حالة أقل من سبع سنوات، وصفت هاجر مصطفى المدربة النفسية تلك المرحلة بأنها «مرحلة التدريب»، فطفل ألقى المياه على الأرض لا يفعل ذلك من باب العند لكنه يفعل ذلك السلوك لشعوره بالملل ودليل على بحث الجسم والمخ عن ألعاب جديدة مسلية، وهنا ندربه على عدم فعل هذه الأمور.

تربية

منذ سنة واحدة
الأم أيضًا تصاب بنوبات غضب: هذا ما تفعله العصبية بطفلك و8 نصائح للسيطرة عليها

أما إذا كان في سن أكبر من سبع سنوات، فتسمى «مرحلة التأديب» لأن الطفل يكون قادرًا على تحمل العواقب، كون عقله قد نضج بالفعل وبات مدركًا للعالم من حوله، فإذا كسر الطفل غرضًا أو لعبة، يكون ملزمًا بتجميع المال من مصروفه لتصليح الغرض أو شراء جديد، أو زيادة مهمة جديدة إلى مهامه اليومية في المنزل، أو حرمانه من وقت الراحة أو اللعب مع الأصدقاء، وذلك على حسب تقدير الأم أو الأب.

المصادر

تحميل المزيد