شهدت العلاقات التركية العراقية، في الأسابيع القليلة الماضية، بعض التوترات، وفي الوقت نفسه شهدت العلاقات الثنائية بعض التحركات من الجانب التركي، لتوطيد العلاقات بين حكومة بغداد المركزية، وحكومة إقليم كردستان العراق.
كانت السياسة الخارجية لتركيا فيما يتعلق بالعراق، تعتمد على وجود العديد من العوامل والقواسم المشتركة، لكن نواة هذه السياسة، هو التهديد القادم من الأراضي العراقية بالنسبة لأنقرة، والمتمثل في «حزب العمال الكردستاني».
وعليه، اتخذت أنقرة في الآونة الأخيرة، الكثير من الخطوات لتعزيز التعاون مع حكومة بغداد، وحكومة إقليم كردستان العراق، للحد من هذه التهديدات، وخفض مستوى التوتر بين أنقرة وبغداد.
زيارة طال انتظارها.. الكاظمي في أنقرة
في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2020، زار رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أنقرة في زيارة تأجلت كثيرًا، وبعد طلب تكرر أربع مرات من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ذهب الكاظمي إلى أنقرة، في أول زيارة رسمية له لتركيا، منذ توليه منصبه في يوليو (تموز) 2020.
حاول الرئيس التركي في هذه الزيارة وضع الخطوط العريضة للتعاون المشترك في المستقبل بين البلدين، مثل بعض الاتفاقيات التجارية، والمشاركة التركية في إعادة إعمار العراق، وكان الأمر الأبرز، هو تعاون كلٍّ من أنقرة، وبغداد، وأربيل لمواجهة «حزب العمال الكردستاني»، الذي يقاتل الدولة التركية منذ عام 1984.
ففي أغسطس (آب) 2020، كانت التوترات متصاعدة بين أنقرة وبغداد، عندما قتلت طائرة تركية بدون طيار اثنين من كبار القادة العراقيين على الحدود العراقية التركية، ضمن العمليات العسكرية التركية التي تستهدف «حزب العمال الكردستاني» داخل الأراضي العراقية، حينها كان من المقرر أن يزور وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، بغداد، لكن الأخيرة طلبت منه تأجيل الزيارة.
وحاول الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تلطيف الأجواء في زيارة الكاظمي الأولى لأنقرة، من خلال بحث العديد من الملفات التي يمكن أن يتشاركها البلدان في المستقبل القريب، لكنه ركز تركيزًا كبيرًا على ضرورة التعاون التركي العراقي لمحاربة «حزب العمال الكردستاني».
ففي المؤتمر الصحفي المشترك، قال أردوغان: «بغض النظر عن عرقهم، أو دينهم، سواء كانوا تركمان أو عربًا، شيعة أو سنة، فإننا نرى كل الشعب العراقي أشقاء لنا، ولا مكان للإرهاب في مستقبل تركيا أو العراق».
في المقابل، قال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، دون تسمية حزب العمال الكردستاني مباشرة: «موقف العراق واضح، لا مجال للتسامح مع أي منظمات تهدد الأمن القومي التركي على أراضينا».
وبالرغم من أن الكاظمي وأردوغان، كانا قد اتفقا على العديد من المشروعات الاستثمارية التي تدخل ضمن خطة تركيا للمشاركة في إعادة إعمار العراق، والعمل على زيادة التجارة بين البلدين؛ فإن البعض داخل بغداد رأى أن الزيارة لم تضف كثيرًا للجانب العراقي، ولم تناقش المسائل الحساسة بين الطرفين.
يقول أحد مستشاري رئيس الوزراء العراقي، في حديثه لـ«ساسة بوست»، مفضلًا عدم الكشف عن هويته: «زيارة السيد الكاظمي إلى أنقرة، لم تتطرق إلى أهم المشكلات بين البلدين، فلدينا خلافات على مياه نهر دجلة، ولدينا تحفظات على انتهاكات أنقرة للسيادة العراقية، في اعتقادي أنها كانت زيارة لتلطيف الأجواء ليس أكثر».
جدير بالذكر أن العراق يريد من تركيا إطلاق المزيد من المياه في نهر دجلة لتطوير القطاع الزراعي في العراق، كما تريد بغداد من تركيا أن تتوقف عن عملية تسهيل بيع النفط الكردي محل النزاع بين حكومة بغداد المركزية، وحكومة إقليم كردستان العراق. لكن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لم يناقش أيًّا من هذه القضايا مع الكاظمي، وأشار فقط إلى نية تركيا تقديم الخبراء الأتراك، لمساعدة العراق في تحسين آليات الري.
لكن.. بغداد غير مهتمة بالمشروعات التركية
خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، ناقش الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان العديد من المشروعات التي تنوي تركيا تنفيذها في العراق، ومنها: معبر حدودي بين البلدين، وإعادة فتح خط أنابيب نفط كركوك (المنطقة المتنازع عليها بين بغداد وأربيل)، وخط سكة حديد بين البلدين، وغيره من المشروعات الإستراتيجية التي تستهدف إعادة إعمار البنية التحتية للعراق.
لكن على ما يبدو أن الكاظمي لم يكن مهتمًّا بهذه المشروعات، ولم يشر إليها من قريب أو من بعيد في المؤتمر الصحفي المشترك، خوفًا من الانتقادات السياسية الداخلية لمثل هذا التعاون.
يقول النائب البرلماني، عدي عواد، عن «كتلة صادقون»، الجناح السياسي لعصائب أهل الحق، أحد أكبر وأهم الفصائل الشيعية المسلحة في العراق، والمدعومة من ايران، لـ«ساسة بوست»: «نوايا تركيا من الاستثمار في العراق معروفة، هذا التعاون ستار لمزيد من التدخل التركي في الشئون العراقية، خاصة وأن أنقرة تريد أن تستحوذ على كافة مشروعات إعادة الإعمار في المناطق ذات الأغلبية السنية».
لكن هناك مشروعًا كبيرًا، كانت تركيا مهتمة للغاية بالحصول عليه، وهو مشروع بناء مطار الموصل، وقد أثار الجانب التركي هذا الأمر في زيارة الكاظمي لأنقرة، وعلى الرغم من أن بعض المصادر العراقية التي تحدثت لـ«ساسة بوست»، والمطلعة على تفاصيل الزيارة، أكدت أن رئيس الوزراء العراقي قد وعد الرئيس التركي أردوغان بحصول تركيا على حق بناء مطار الموصل، فإن الأمور لم تسر بهذا الشكل.
فبعد عودة الكاظمي من أنقرة بعدة أسابيع، وبالتحديد في بداية شهر يناير (كانون الثاني) 2021، حصلت فرنسا على حق إعادة بناء وتجديد مطار الموصل على حساب تركيا التي كانت تتوق لهذا المشروع منذ عام 2019!
كان استحواذ الشركات الفرنسية على هذا الأمر، هو أحدث حلقة من حلقات الصراع على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بين فرنسا وتركيا.
وقد علق السفير التركي ببغداد، فاتح يلدز، على الأمر في حسابه على منصة «تويتر»، قائلًا: «قدم المقاولون الأتراك عروضًا مغرية لتجديد مطار الموصل من خلال الاستثمارات المباشرة، وعلى ما يبدو أن شخصًا آخر سيقوم بهذا المشروع».
في هذا الصدد، يقول مسئول عراقي بارز في الحكومة، لـ«ساسة بوست»، مفضلًا عدم الكشف عن هويته، لأنه غير مخول له بالحديث لوسائل الإعلام: «بصراحة، العرض التركي لتجديد وتشغيل مطار الموصل، قد لقي اعتراضًا كبيرًا من الكتل السياسية الشيعية، كما أن العرض الفرنسي كان أفضل من التركي، فالفرنسيون قدموا عرضًا يشارك في البناء فقط، أما الأتراك فقدموا خطة للبناء والتشغيل والمشاركة في الإدارة».
على جانب آخر؛ رأى البعض هذا الأمر ردًّا ضمنيًّا من الجانب العراقي على المشاركة الاستثمارية التركية بالرفض، خوفًا من تمادي النفوذ التركي في العراق، والذي يشكل خطرًا كبيرًا على النفوذ الإيراني في البلاد، بينما رأى آخرون أنه من الضروري فتح المجال أمام التعاون مع أنقرة، في محاولة لخلق توازن أمام النفوذ الإيراني.
يقول النائب البرلماني، عدي عواد: «بعد حصول الفرنسيين على حق بناء مطار الموصل، أرسلت أنقرة العديد من الرسائل الغاضبة إلى الحكومة العراقية، آخذة في الاعتبار الخلافات بينها وبين باريس».
كانت تركيا تنوي المشاركة في تحويل الموصل ونينوى إلى مركز إقليمي لربط تركيا بالعراق برًّا وبحرًا، كما أنها أشارت إلى نيتها إعادة خطوط أنابيب النفط في كركوك، وإنشاء معبر حدودي ثانٍ عبر نينوى لتسهيل التجارة بين تركيا وبغداد مباشرة دون الحاجة إلى حكومة إقليم كردستان، وهذا الأمر صعب تحقيقه، لأنه سيضع حكومة بغداد المركزية في صراع مع حكومة إقليم كردستان، والتي هي في غنى عنه على الأقل الآن.
يقول السيد عواد: «نية تركيا من هذه المشروعات هي سد كل الطرق بين المناطق السورية التي تسيطر عليها الجماعات الكردية وحزب العمال الكردستاني الموجودين في شمال العراق، ونحن لسنا بحاجة للتدخل في هذا الصراع، لدينا العديد من التحديات الأمنية الأهم».
هل تعيد زيارة وزير الدفاع التركي للمنطقة المياه لمجاريها؟
في أعقاب زيارة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، إلى أنقرة، زار وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، بغداد وأربيل يومي 18 و19 يناير (كانون الثاني) 2021 برفقة وفد تركي رفيع المستوى، ضم رئيس أركان القوات المسلحة التركية، ياشار غولر.
جاءت زيارة وزير الدفاع التركي، لمتابعة القضايا الأمنية بين البلدين، والتي تهتم أنقرة بتعاون بغداد وأربيل في تنفيذها. إذ التقى وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، وزير الداخلية العراقي، ورئيس الجمهورية برهم صالح، إلى جانب رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
كذلك التقى في زيارته لإقليم كردستان العراق، رئيس حكومة الإقليم، نيجيرفان بارزاني، ورئيس الوزراء مسرور بارزاني، ورئيس حكومة الإقليم السابق، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يتمتع بعلاقات وثيقة بأنقرة، مسعود بارزاني.
خلال زيارة الكاظمي لأنقرة، نوقشت العديد من القضايا الأمنية المشتركة بين البلدين، مثل العمل ضد حزب العمال الكردستاني، وتنفيذ اتفاقية سنجار، وإخراج مقاتلى حزب العمال الكردستاني من بلدة مخمور العراقية، وجاءت زيارة خلوصي أكار، لتأكيد العمل والتعاون مع حكومتي بغداد وأربيل لحل هذه المسائل.
قال أكار في المؤتمر الصحفي، في القنصلية التركية في أربيل: «اتفقنا على العديد من القضايا، وسنواصل المحادثات، وأعتقد أن هذا سيؤدي إلى نتائج إيجابية على الأرض قريبًا»، كما أعلن أكار نية واضحة من الجانب العراقي والكردي على التعاون مع تركيا في محاربة حزب العمال الكردستاني.
لكن هل ستتحقق الرغبة التركية وتجد ما تتمناه من الحكومة المركزية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان؟ سنحاول سرد أهم القضايا الأمنية بين البلدين، والتي تتمحور حول إخراج مقاتلي حزب العمال الكردستاني من الأراضي العراقية، وهل يمكن تحقيق الأمر بسهولة على أرض الواقع؟ كما عبر وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار.
اتفاقية سنجار.. مصلحة تركيا تتعارض مع مصلحة حكومة العراق
في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، وقعت الحكومة المركزية ببغداد، وحكومة إقليم كردستان على اتفاقية أمنية بشأن منطقة سنجار، الواقعة في غرب محافظة نينوى، شمال العراق، وذات أغلبية إيزيدية، تعرضت سنجار لأفظع الجرائم بعد أن سيطر تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على محافظة الموصل، في عام 2014.
تنص الاتفاقية بين حكومتي بغداد وأربيل على نشر قوات الحكومة المركزية في المنطقة، وقوة شرطية محلية قوامها 2500 فرد، بجانب إصلاح الإدارة المحلية، واختيار محافظ لسنجار بالانتخاب بين حكومة إقليم كردستان والحكومة المركزية ببغداد، والعمل على إعادة إعمار المنطقة من جراء الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
تعرضت الاتفاقية لانتقادات من قبل النخب السياسية العراقية في بغداد، واصفين الاتفاقية بأنها تنازل صريح من حكومة الكاظمي عن سنجار لصالح حكومة إقليم كردستان.
لكن ليس هذا هو الانتقاد الوحيد؛ فالاتفاقية لم يرحب بها الإيزيديون أنفسهم، الذين شكلوا إدارة محلية وقوات تسمى بقوات مقاومة سنجار، لحماية أهالي المنطقة من هجمات التنظيم الإرهابي.
وفقًا للاتفاقية الأمنية بين بغداد وأربيل، فيجب سحب جميع القوات الأمنية الأخرى في منطقة سنجار، والتي يوجد بها عدد من وحدات الحشد الشعبي، خاصة الفصائل الموالية لإيران، وقوات مقاومة سنجار، التي درب أجزاء منها حزب العمال الكردستاني في الحرب ضد تنظيم (داعش).
على جانب آخر، تريد تركيا تنفيذ الاتفاقية بأي شكل من الأشكال، لضمان القضاء على مقاتلى حزب العمال الكردستاني في هذه المنطقة، بينما رفضت القوات المختلفة داخل سنجار ترك السيطرة على المنطقة لقوات الحكومة المركزية.
وفي سياق متصل، زار وفد ضم ممثلين عن مجلس ووحدات مقاومة سنجار بغداد في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، لإعلان رفضهم لتنفيذ هذه الاتفاقية، كما طالبوا بحكم ذاتي في المنطقة، لكن حكومة بغداد لم تظهر أي موافقة لمطالب الوفد الإيزيدي، وبعد هذه الزيارة نشرت القوات العراقية ما يصل إلى 7 آلاف جندي عراقي على الحدود العراقية السورية في سنجار.
هذا الأمر زاد من التوترات في سنجار، وخرج المتظاهرون للاحتجاج على محاولات تفكيك قوة الشرطة المحلية الموجودة حاليًا في سنجار، مصدر أمني كردي، تحدث لـ«ساسة بوست»، شريطة عدم الكشف عن هويته، علق على الموضوع قائلًا: «تريد تركيا تنفيذ اتفاقية سنجار، لمنع حزب العمال الكردستاني من نقل المقاتلين والأسلحة من سنجار إلى شمال شرق سوريا التي تقع تحت سيطرة الأكراد، لكن لا بغداد ولا أربيل إلى الآن استطاعا تنفيذ الاتفاقية، هذه المنطقة تقع تحت سطوة العديد من المصالح».
منطقة سنجار، تمثل ملاذًا آمنًا لحزب العمال الكردستاني، الذي يتخذها منفذًا سهلًا للوصول إلى مناطق شمال شرق سوريا التي يسيطر عليها الأكراد المرتبطون بحزب العمال الكردستاني.
كما أن وحدات الحشد الشعبي، الموجودة في سنجار والموالية لإيران ترفض ترك المنطقة، وفي الوقت نفسه ترى حكومة بغداد أن وجود وحدات الحشد الشعبي، ووحدات مقاومة سنجار، المرتبطة جزئيًّا بحزب العمال الكردستاني، يعملون حائطًا منيعًا ضد هجمات محتملة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية.
في غضون ذلك، تبدو أنقرة مصممة على تنفيذ هذه الاتفاقية ضمن خطتها لمحاربة حزب العمال الكردستاني، يقول مصدر عراقي مطلع على الاجتماعات الأخيرة بين وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وحكومة بغداد، لـ«ساسة بوست»: «يمكن تلخيص زيارة أكار في رغبة أنقرة في تنفيذ اتفاقية سنجار، فقد اقترح وزير الدفاع التركي، إقامة نقاط تفتيش تركية غرب الموصل، لإجبار حزب العمال الكردستاني على ترك سنجار».
وبحسب المصدر العراقي، فإن الاقتراح الأخير بشأن نقاط التفتيش، قوبل بالرفض من الحكومة المركزية ببغداد، التي في الأساس تعارض الوجود التركي العسكري في مدينة بعشيقة، وتطالب تركيا بسحب قواتها من البلدة لما يمثله الأمر من انتهاك للسيادة العراقية.
لذلك، فإن الرغبة التركية الكبيرة في تنفيذ اتفاقية سنجار، لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع؛ فمصلحتها في طرد مقاتلي حزب العمال الكردستاني من المنطقة تتعارض مع مصالح الكثير من الجهات الفاعلة بما فيها حكومة بغداد.
بلدة مخمور.. رغبة تركيا تتعارض مع رغبات أربيل وبغداد
شملت المطالب التركية، والتي ناقشها وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، مع كلٍّ من حكومة بغداد وأربيل، التخلص من مقاتلي حزب العمال الكردستاني في بلدة مخمور العراقية.
تقع مدينة مخمور في محافظة نينوى شمال العراق، وتبعد من أربيل حوالي 60 كيلومترًا، يعيش بها أكثر من 13 ألف كردي، فروا من تركيا في التسعينيات بعد أن أقدمت الحكومة التركية على محاربتهم لصلاتهم المزعومة بحزب العمال الكردستاني.
كانت بلدة مخمور بعيدة من كل الصراعات السياسية في السابق، لذلك لجأ مقاتلو حزب العمال الكردستاني للسيطرة على مخيم بلدة مخمور وإدارته بشكل شبه مستقل عن الحكومة المركزية ببغداد، لكن لم تسلم البلدة من هجمات تنظيم الدولة الإسلامية الذي اجتاح الأراضي العراقية في صيف عام 2014، مما دفع مقاتلي حزب العمال الكردستاني للدفاع عن البلدة وتدريب السكان وتسليحهم ضد تنظيم (داعش).
تريد تركيا محاربة حزب العمال الكردستاني في بلدة مخمور، وبالطبع ناقشت هذا الأمر مع حكومتي بغداد وأربيل، وأثارت مخاوفها من وجود حزب العمال الكردستاني وسيطرته على مخيم بلدة مخمور.
يقول المسئول الأمني الكردي، لـ«ساسة بوست»: «لا تريد أربيل التورط في أمر طرد حزب العمال الكردستاني من بلدة مخمور، فقد سبق وأن اشتبك الحزب في معارك دامية مع قوات البيشمركة، والتي كانت من الممكن أن تنتهي بمذابح لولا ضبط النفس».
على ما يبدو أنه الحال نفسها بالنسبة لحكومة بغداد، التي ترى أن حزب العمال الكردستاني وسكان بلدة مخمور نقطة قوة في صد هجمات تنظيم الدولة الإسلامية في تلك المنطقة الجبلية الوعرة، فقد نجح حزب العمال الكردستاني وسكان مخمور في التصدي للعديد من الهجمات الإرهابية في هذه المنطقة التي لم تستطع قوات الأمن العراقية، أو حتى وحدات الحشد الشعبي، القتال بها بسبب جغرافية المكان الصعبة.
ومن الواضح أن هناك الكثير من العقبات التي تواجه محاولات تركيا لتطبيع العلاقات مع العراق، فمن جهة، هناك رفض كبير من قبل النخب السياسية الشيعية في العراق لمثل هذا الأمر؛ لما يجدونه محاولة لزيادة النفوذ التركي خاصة في المحافظات السنية العراقية، ومن جهة أخرى، يقف حزب العمال الكردستاني عائقًا كبيرًا أمام هذا التعاون المشترك.
علامات
أربيل, اتفاقية سنجار, العراق, بلدة مخمور, تركيا, حزب العمال الكردستاني, كردستان العراق, نهر دجلة