هل شاهدت المسلسل المصري «العسل المر» بطولة شمس البارودي؟ عندما كانت مصابة بالخوف من الرجال، وتتخيلهم على هيئة شياطين لأن أمها تخوفها منهم؟ إن الخوف من الرجال وكرههم حالة نفسية موجودة بالفعل تسمى «الأندروفوبيا».
وتحدث تلك الحالة بنسبة 28% من الناس في العالم، وتعود جذور هذا المصطلح «الأندروفوبيا» إلى الحركات النسوية التي نشطت من منتصف إلى أواخر القرن العشرين، وهذا المصطلح هو المقابل لـ«الجينوفوبيا» وهو الخوف من النساء، وكلمة أندروفوبيا مشتقة من الكلمة اليونانية (andras) والتي تعني إنسان.
ويظهر على الشخص المصاب بالأندروفوبيا أعراض ذعر عندما يُترك بالقرب من رجل، على الرغم من أنه قد يكون قريبًا منه أو حتى من أفراد أسرته مثل الأب، أو العم، وكثرة متابعة الوسائل الإعلامية من الممكن أن تلعب دورًا في ترسيخ المرض، من خلال المشاهدة المستمرة للبرامج التلفزيونية التي تتناول ضحايا العنف الأسري من النساء، والأفلام وتقارير التي تعرض جرائم القتل وخطف النساء، ويؤدي ذلك إلى تطوير الأندروفوبيا.
ويمكن أن يغرس الأهل، والآباء والأجداد في الفتيات، ويمكن أن يؤثر رهاب الذكور في حياة الشخص، فتشمل المضاعفات العزلة الاجتماعية، واضطرابات المزاج، وتعاطي المخدرات، والتفكير في أو محاولة الانتحار، وفي هذا التقرير نتناول أسباب هذه الفوبيا، وطرق علاجها.
ما أعراض الأندروفوبيا؟
تشمل أعراض هذه الحالة خوفًا غير منطقي، ومبالغًا فيه عندما يقترب رجل منك جسديًا، وتميل المصابات إلى تجنب الرجال، وقد تعاني من صعوبة القيام بالأنشطة اليومية لأنها تخاف من الرجال، وقد يصبن أيضًا بالغثيان أو الدوخة عند الاقتراب من الرجال، أو حتى عند مجرد التفكير فيهم، وقد تتجنب النساء المصابات بهذه الفوبيا الزواج، ويخترن أن يعشن عازبات طوال حياتهن.
ليس هذا فحسب فيمكن أن ترفض النساء الخروج خوفًا من الرجال، ويفضلن زيارة الأماكن التي تحتوي فقط على الإناث، أما إذا تواجدن في أماكن بها رجال فإنهن يصبن بضيق التنفس، وتسارع دقات القلب، والدوخة، والتعرق، والارتجاف، وجفاف الفم، وارتفاع ضغط الدم، أما في الأطفال فيظهر رهاب الذكورة على هيئة نوبات غضب، وبكاء، والتشبث بالأم، ورفض تركها.
ما أسباب الأندروفوبيا؟
السبب الدقيق لهذه الفوبيا غير معلوم، ولكن يضع الخبراء بعض الاحتمالات منها التجارب السلبية السابقة مع الرجال، مثل التعرض للاغتصاب، والاعتداء الجنسي، والتحرش، أو الاساءة وهي أسباب 70% من الحالات المتعرضة للأندروفوبيا، وعندما يقع شخص ضحية على هذا النحو، فإن أجزاء الدماغ التي تسمى اللوزة تتعلم إعادة تكوين نفس استجابة الخوف التي كانت موجودة في وقت الحدث.
وتزرع هذه التجارب فكرة لدى النساء أن كل الرجال عدوانيون وقساة، ويمكن أن يتسببوا لها في الضرر، ويكون هذا السلوك في الكثير من الأحيان مكتسب، ففي معظم البيئات يهيمن الرجال، ويعرفون بالعدوانية، وبأنهم أقوى بدنيًا، وهناك أسباب جينية أيضًا، والسماع أيضًا عن إساءات ذكورية، أو تجارب سيئة مع الرجال يسبب الحالة، كما أن أكثر الناس عرضة لهذه الفوبيا هم الأطفال، فمعظم أنواع الفوبيا تظهر في سن العاشرة، ومن المهم معالجة حالات الخوف من الرجال عند الأطفال، لأن رهاب الذكورة يؤثر بشكل كبير في الطفل فهو يصيب الإناث والذكور، ويؤثر في حياتهم.
كيف يمكن علاج الأندروفوبيا؟
يمكن لمعظم الأشخاص المصابين برهاب الذكورة التعافي من خلال جلسات العلاج، والعلاج الأساسي لرهاب الذكورة هو الـ«سايكوثيرابي»، أو العلاج السلوكي المعرفي، ويسمى أيضًا العلاج بالكلام، وأكثر أشكال العلاج النفسي شيوعًا المستخدمة لعلاج رهاب الذكورة هما العلاج بالتعرض والعلاج السلوكي، وفي بعض الحالات ، يتم استخدام الأدوية أيضًا باعتبارها جزءًا من خطة العلاج.
وفي العلاج بالتعرض يحاول الطبيب تغيير الطريقة التي تستجيب بها المصابة لوجود الرجال، فتتعرض بالتدريج لأشياء لها علاقة بالذكورة، وفي النهاية تتعرض لرجال حقيقيين، فيمكن أن تسمع المصابة أولًا صوت رجل، ثم تراه فعليًا، ويساعد العلاج بالتعرض في إدارة الأفكار، والمشاعر، والأحاسيس المرتبطة بالخوف من الرجال.
كيف يمكن استخدام العلاج السلوكي المعرفي لعلاج الأندروفوبيا؟
يستخدم العلاج السلوكي المعرفي (CBT) التعرض مقترنًا بأساليب علاجية أخرى لتعليم المصابة طرقًا مختلفة لعرض مخاوفها من الرجال والتعامل معها، ويعلمها المعالج كيفية أن تنظر إلى خوفها وتتعامل معه بطريقة مختلفة، وأن تعرف كيف تتعامل مع الخوف المسيطر على حياتها.
وتساعد جلسات العلاج السلوكي المعرفي على اكتساب الشعور بالثقة أو السيطرة على الأفكار والمشاعر بدلاً من الشعور بالتغلب عليها، وعادةً ما يكون العلاج النفسي ناجحًا في علاج رهاب الذكورة، لكن في بعض الأحيان يكون من المفيد استخدام الأدوية التي يمكن أن تقلل من مشاعر القلق أو نوبات الهلع المرتبطة برهاب الذعر، ويجب استخدام هذه الأدوية في بداية العلاج للمساعدة على تسهيل التعافي تحت إشراف الطبيب فقط بالطبع. ومن المهم أن تطلب المرأة المساعدة في حالة إصابتها بهذه الحالة، خاصة إذا كان لديها أطفال يتأثرون بهذا الرهاب.