لنبدأ من الأرقام فهي لا تكذب عندما يتعلق الأمر بترويج حقائق أو معلومات عن قضية معينة، حوالي 90٪ من الشركات الناشئة تفشل في تحقيق النمو المطلوب، وتضطر إلى إعلان الإفلاس خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الشركة، بلغة أخرى تسع شركات من أصل كل 10 شركات يتم إنشاؤها حول العالم، يضطر مؤسسها للتخلي عن أحلامهم بالدخول إلى عالم أصحاب الملايين، والعودة إلى نقطة البداية من جديد.
الكثير من المحتوى المنشور على الإنترنت وكذلك الدورات والمؤتمرات خاصة في العالم العربي التي تناقش موضوع ريادة الأعمال تلقي الضوء فقط على الجانب المضيء، وتغفل عن غير قصد -وأحيانًا كثيرة عن قصد لأهداف ترويجية- الحديث عن الصعوبات التي تواجه رواد الأعمال لإنشاء شركات خاصة في منطقة لا تقدم الكثير من الدعم لرواد الأعمال مثل العالم العربي.
ريادة الأعمال ليست أسهل طريق للثروة
يُروج لريادة الأعمال في المقام الأول بصفتها الطريق الأسهل للتحول من موظف لصالح إحدى الشركات إلى صاحب أعمال يحقق الملايين من أرباح شركاته، الحقيقة أنه إذا كان هدفك الأول هو الحصول على المال، فربما تكون هناك طرق أسهل من إنشاء شركة ناشئة مثل أن تعمل موظف لإحدى الشركات الدولية، أو تستثمر أموالك في مشاريع قليلة المخاطر، مثل العقارات والأسهم والسندات الحكومية، لا يصل رائد الأعمال إلى مرحلة يكون فيها قادرًا على التمتع بحريته بعيدًا عن الالتزام اليومي، إلا بعد أن تنمو الشركة بشكل كبير؛ مما يحول كثيرًا من رواد الأعمال مع الوقت للعمل كموظفين لصالح أنفسهم، بدلًا من العمل كموظفين لصالح الآخرين.
النجاح لا يأتي في يوم وليلة
متوسط عدد السنوات التي تقضيها الشركات الناشئة للوصول إلى مرحلة من الاستقرار النسبي يصل إلى ما يقارب 5 سنوات، هذا يعني أن النجاح يتطلب الكثير من الجهد، وليس بالإمكان الوصول إليه بين ليلة وضحاها كما يروج الكثير من المدربين، المشكلة أننا عادة لا نسمع غير قصص النجاح، مثل قصص بيع تطبيقات للهواتف الذكية بملايين الدولارات، وراء قصة النجاح الوحيدة التي يروجها الإعلام هناك عادةً العشرات من قصص الفشل على مدار سنوات، أدت في النهاية إلى تراكم خبرات مختلفة ساعدت رواد الأعمال في الوصول إلى أحلامهم.
الفكرة لا تساوي شيئًا على الإطلاق
كثير من الذين يرغبون في الدخول إلى عالم ريادة الأعمال يعتقدون أن امتلاك فكرة جيدة يكفي لإنشاء شركة وتحقيق الأرباح، الحقيقة الصادمة لكثيرين أن الفكرة في عالم ريادة الأعمال لا تساوي شيئًا على الإطلاق، كثير من الأفكار العبقرية فشلت بسبب عدم القدرة على تنفيذها بالشكل الصحيح، وكثير من الأفكار العادية نجحت بسبب قدرة رواد الأعمال على إدارة عمليات الشركة بشكل صحيح. الفيس بوك على سبيل المثال لم يكن المنصة الأولى للتواصل الاجتماعي، وإنما كان المنصة الأولى التي تستطيع إدارة عملياتها بشكل ساعدها على التوسع؛ لتصبح المنصة الاجتماعية الأضخم في العالم.
غالبًا لن تتمكن من إنشاء «فيس بوك» جديد
هناك الكثير من رواد الأعمال الذين يحققون مبيعات بملايين الدولارات سنويًّا ولا يتصدرون الصحف، مثل مارك زوكيربيرج وستيف جوبز، المشاريع العملاقة مثل أبل وفيس بوك لا تتكرر في التاريخ إلا نادرًا، وإذا كنت تفكر في إنشاء أبل القادمة فربما عليك التريث والتفكير مرة ثانية، أبل نجحت لأنها كانت فريدة من نوعها في صناعة منتجات تكنولوجية بجودة عالية لم يسبق لها مثيل، وبالتالي كل محاولات التقليد للأفكار لن تنجح في استنساخ قصة النجاح مرة أخرى، عليك اتباع نموذج مختلف للأعمال، وكن واقعيًا في وضع أهدافك للسنوات الأولى من عمر الشركة.
يجب أن تكون في مقتبل العمر
الشباب الذين لم يتجاوزوا الثلاثين بعد واستطاعوا تأسيس شركات بملايين الدولارات يتم تسليط الضوء عليهم في الإعلام دائمًا، لكن هل هذا الوضع يعكس الحقيقة فعلًا؟ الأرقام تشير إلى أن أكثر من 85٪ من الشركات الناجحة يتم تأسيسها بواسطة أشخاص تجاوزوا الأربعين من أعمارهم بعد سنوات طويلة من الخبرة، الحقيقة أن الخبرة تساعد بشكل كبير في تجنب الكثير من الأخطاء عند تأسيس الشركات، وبالتالي قد يكون القرار الصحيح هو الانتظار، وليس الشروع في إنشاء الشركة فورًا.