أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، الأربعاء الموافق 21 أكتوبر 2015 قرارًا رئاسيًا بتعيين طارق عامر رئيسًا للبنك المركزي المصري بدلًا من هشام رامز –الذي كان ستنتهي مدته مع البنك المركزي المصري في فبراير 2017 ولكنه كان قد تقدم بطلب استقالة لمجلس إدارة البنك المركزي منذ 3 أشهر، وذلك على إثر خلافات حادة بين المجموعة الاقتصادية في حكومة شريف إسماعيل –المجموعة الاقتصادية التي يقودها وزير المالية هاني داميان- وبين رامز وذلك فقًّا لجريدة المصري اليوم.

 

من هو طارق عامر؟

طارق حسن عامر، والذي أثار تعيينه جدلًا كبيرًا بسبب تصريحات سابقة له، جعلت البعض ينتابه القلق إذا ما كانت سياساته ستتماشى مع الوضع المتأزم لما يمر به الاقتصاد المصري أم لا.

عامر والذي شغل منصب نائب أول محافظ البنك المركزي ورئيس لجنة السياسة النقدية في عهد فاروق العقدة في الفترة ما بين 2003 وحتى 2008، كان قد عمل في قطاع البنوك الأجنبية لفترة طويلة، حيث عمل في بنك أوف أمريكا وكان زميلًا لجمال مبارك، بالإضافة إلى عمله في سيتي بنك.

وقبل صدور القرار الجمهوري الذي يقضي بتوليه عمله في 27 نوفمبر المقبل، كان عامر يعمل كعضو منتدب للبنك الأهلي المصري في لندن.

وقبل ذلك عمل كرئيسًا للبنك الأهلي المصري في الفترة ما بين 2008 و2013 وتقدم بعدها باستقالته.

أبرز تصريحات طارق عامر

لعامر العديد من التصريحات التي تُظهر توجهه الليبرالي على المستوى الاقتصادي، والتي أثارت حفيظة الكثيرين، أثناء عمله كرئيس للبنك الأهلي، وقد نشرها الصحفي وائل جمال على صفحته تباعًا.

وإحدى هذه التصريحات: “الشيء الغريب أن البعض يقول إن الـ٢٠٠ ألف جنيه التي أحصل عليها (كرئيس وقتها للبنك الأهلي) مبلغ كبير بينما المفترض أن يكون مرتبي ٢ مليون”.

Untitled

وتصريح آخر: “من مقولات محافظ المركزي الجديد طارق عامر معلقًا على إلغاء الدعم: المواطن العادي يريد أشياء مجانية وهذه هي المشكلة الأبدية بين المواطنين والحكومات. الحكومة تفكر في المستقبل والمواطن يريد الخبز اليوم وهذه هي المشكلة”.

Untitled

طارق عامر، وهو الابن الأكبر لشقيق المشير عبد الحكيم عامر، كان قد دافع عن عمه في مقال ردًّا على مقال أحمد المسلماني انتقد فيه عمه انتقادًا لاذعًا فرد عليه عامر في مقال بعنوان: “المشير ليس حائط مبكى.. والخونة تخلصوا منه لشجاعته”.

حوارات طارق عامر الصحفية

وفي حواراته الصحفية مع صحيفتي المصري اليوم واليوم السابع، حَرِص قبل الثورة وبعدها على التأكيد على انتفاء صلته بالحزب الوطني وجمال مبارك.

طموحاته العملية

في إحدى حواراته الصحفية، عند سؤاله إذا ما كان يطمح لأن يصبح محافظًا للبنك المركزي أجاب أنه سعيد بعمله المصرفي، وأن ما يطمح إليه أن ينجز الأمانة التي كُلِّف بها، وأنه لا ينظر إلى المناصب، ولا يسعى إليها.

عمله بالسياسة والحزب الوطني وعلاقته بجمال مبارك

وعند سؤاله عن الانتخابات البرلمانية وأنه جزء من الحزب الوطني، وأن لديه حضور سياسي كالزعماء أجاب عامر، بأنه مكتفٍ بدوره في البنك الأهلي، وأن أحدًا لم يعرض عليه الانضمام للحزب الوطني، وأنه يومًا لم يكن جزءًا من لجنة السياسات، وأنه لن يتأخر عن خدمة المصلحة العامة، ولكنه لا يفكر في دخول العمل السياسي، ويفضل عمله كمصرفي عن أي شيء آخر، وأن عمل عائلته بالسياسة كان له تبعات كثيرة لذا يفضل هو الابتعاد عنها.

وفي حوار آخر، قال إنه ينتمي لعائلة ثورية، وأنه لطالما حارب الفساد، وعند سؤاله عن ما إذا كان جمال مبارك هو السبب في ترأسه للبنك الأهلي، رد عامر مجيبًا بأنه تم اختياره في المناصب المصرفية سواء السابقة أو الحالية بناءً على تاريخه المصرفي وعمله في بنوك دولية وأجنبية، والخبرة التي اكتسبها طيلة 25 عامًا –آنذاك وقت إجراء الحوار-، وأنه عمل في كبرى المؤسسات العالمية، وأنه عمل في منطقة الخليج، حتى تواصل معه محمد بركات رئيس بنك مصر وطلب منه تولي منصب نائب رئيس البنك، وبعدها قابل فاروق العقدة –محافظ البنك المركزي آنذاك- وطلب منه العمل كنائب له فوافق، وذلك بهدف المساهمة في برنامج إصلاح الجهاز المصرفي والسياسة النقدية، وتنفيذ خطة عمل لإنقاذ البنوك، وأضاف أن فاروق العقدة لم يقبل مطلقًا تدخل جمال مبارك في تعيين القيادات المصرفية.

وأن ما جمعه بجمال مبارك هي صلة زمالة هو وأكثر من 300 موظف مصري كانوا يعملون في ذلك الوقت في بنك أوف أمريكا فرع القاهرة.

وأنه عمل في إدارة تمويل الشركات في شمال إفريقيا وتركيا، وعمل جمال مبارك في إدارة تمويل الشركات في مصر، وتولى “جمال” بعد ذلك إدارة شراء ديون الدول الناشئة ومنها “ديون مصر”. ونفى نفيًا قاطعًا أن تكون جمعته صلة صداقة بجمال مبارك، وأشار أنه يجب التفرقة بين زمالة العمل والصداقة. وأشار أن قيادات البنوك جاءت باختيار محافظ البنك المركزي ورؤساء الوزارات المتعاقبين في مصر، وجمال مبارك لم يتدخل في اختياراتهم، وأضاف أنه لا يحب أن يجامله أحد، لأنه وفق تعبيره “رجل صعيدي”.

موقفه من ثورة الخامس والعشرين من يناير

وعن سؤاله عن موقفه من الثورة وهل شارك فيها أم لا، أجاب أنه ينتمي لعائلة ثورية وأنه شارك مع بعض موظفي البنك الأهلي في تظاهرات جمعة الغضب.

وبسؤاله عن راتبه أجاب بأنه يتقاضى 200 ألف جنيه مصري شهريًّا، وهو أقل مما يتقاضاه رؤساء مجالس إدارات البنك الأهلي في عهود سابقة، وأن إجمالي دخولهم كان يصل إلى 4 ملايين جنيه سنويًّا، مضيفًا أنه يخدم بلده ولن يتخلى عنها في مثل هذه الظروف.

ما الذي ينتظر محافظ البنك المركزي الجديد؟

يتولى طارق عامر رئاسة البنك المركزي المصري في ظروف قاسية للغاية، فالبنك المركزي وهو المسئول عن ضبط العملة وإدارة سعر الصرف، يواجه الآن مشاكل اقتصادية عصيبة، حيث انخفض الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر لمستوى يمكن وصفه بأنه حرج، حيث وصل في سبتمبر 2015 إلى 15.3 مليار دولار وهو ما ينذر بأزمة اقتصادية كان رامز قد حاول جاهدًا ضبطها عن طريق العديد من القرارات المتعاقبة، ومع تخفيض الجنيه المصري مقابل الدولار 79 قرشًا منذ بداية العام لمحاولة السيطرة على الاحتياطي النقدي الأجنبي من الدولار، وضبط الأسواق تظل المعضلة قائمة، وعلى الأرجح هو التحدي الأصعب على الإطلاق الذي يواجهه عامر.

للاطلاع على المزيد، من  هنا.

الدولار وعامر.. من يهزم من؟

ووفقًا لموقع أصوات مصرية، فإن أحد الخبراء الاقتصاديين مسؤول في إدارة الخزانة بأحد البنوك الخاصة، أوضح أن عامر اقتصادي بارع لكنه فيما يختص بإدارة سعر الصرف فإن رامز هو الأجدر، وهو من كان يقدر على التعاطي مع هذه الفترة الصعبة.

ووفقًا لوكالة رويترز، فإن الخبير الاقتصادي جيسون توفي، الاقتصادي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، أوضح أن تولي طارق عامر لإدارة البنك المركزي ينذر باحتمالات المزيد من خفض قيمة الجنيه.

وكان رامز قد أجرى العديد من الإجراءات والقيود لتداول الدولار، ومن المتوقع أن يقوم عامر بإزالتها.

أهم هذه الإجراءات كان قد فرض سقفًا للإيداع الدولاري اليومي والشهري، وخفّض الجنيه أمام الدولار 3 مرات.

الكثير من الجدل قد أُثير عقب الإعلان عن تولي طارق عامر لرئاسة البنك المركزي المصري، ما بين مخاوف من توجه سياساته الليبرالية، وما بين ثقة في أدائه المصرفي الذي يشيد به العديد من الاقتصاديين، تبقى أزمة الاحتياطي النقدي شبحًا يهدد عامر كما أجبر رامز من قبله على الاستقالة، فهل ينجح عامر في هزيمته؟

 

 

المصادر

تحميل المزيد