تستطيع المرأة التأثير فيمن حولها، فبإمكانها أن تدفع المحيطين بها إلى الأمام، وتساندهم في الوصول إلى أهدافهم وتحقيق أحلامهم. وإن لم يتمكن الجميع من رؤية هذا التأثير، فهذا لا يعني انعدامه، فقد يكون ما تفعله خفيًّا، إلا أن آثاره تظهر للجميع. في هذا التقرير، نتعرف على دور المرأة – سواء الأم أو الزوجة – في ظهور بعض الاختراعات التي ساهمت في علو شأن مخترعها.
1- بيرثا بنز.. التي دعمت اختراع السيارة معنويًّا وماديًّا
في أغسطس (آب) عام 1888، انطلقت بيرثا بنز مع طفليها في أول رحلة برية بسيارة لمسافة تجاوزت 100 كيلومترًا بقليل، من مانهايم إلى بفورتسهايم في ألمانيا. كانت بيرثا متوجهة لزيارة والدتها ولكن كان هدفها الدعاية للسيارة التي ابتكرها زوجها، كارل بينز. كانت السيارة ثلاثية العجلات بقوة 2.5 حصان، وتسير بسرعة 40 كيلومترًا في الساعة. وعندما رأت بيرتا أن جهود زوجها التسويقية باءت بالفشل، لجأت لتلك الطريقة للدعاية للسيارة لدفع زوجها إلى طريق النجاح.
عندما أوشك وقود السيارة على النفاد، لم يتسلل اليأس إليها، ولكنها بحثت عن أقرب صيدلية لشراء مادة الليجروين، وهي أحد المذيبات البترولية وكانت تُستخدم لتشغيل سيارات كارل بينز، ونظفت خط وقود السيارة بدبوس شعرها، وتمكنت من استكمال رحلتها التي استغرقت أقل من 12 ساعة، وفور وصولها أرسلت لزوجها برقية تخبره بوصولها.
بعد عدة أيام، عاد بيرثا إلى منزلها ولكن من طريق مختلف لزيادة أعداد من يشاهدونها تقود السيارة عبر البلدات والقرى، وبذلك حققت مبتغاها، وصنعت أفضل دعاية لسيارة زوجها.

سيارة بينز باتنت موديل 3 محفوظة في متحف العلوم في لندن
لم يكن دور بيرثا في دعم ومساعدة زوجها مقتصرًا على تلك الخطوة الدعائية الجريئة، فقد دعمته بالمال حينما منحته جزءًا من مهرها لتأسيس شركة البناء الحديدية التي فشلت فيما بعد. ولأن بيرثا في الأصل من عائلة ثرية، فقد واصلت دعمها المالي لزوجها لتأسيس مشروع جديد عُرف باسم «Benz & Cie»، والتي كان نجاحها محفزًا لكارل لابتكار أول سيارة تتحرك بالوقود.
2- لوكريتيا ووكر.. وفاتها كانت سببًا في ظهور التلغراف
بدأ المخترع الأمريكي صمويل مورس حياته رسامًا، وأراد أن يواصل مسيرته المهنية في الرسم، فأبحر إلى إنجلترا لترسيخ موهبته عبر الالتحاق بالأكاديمية الملكية للفنون. ورغم عودته إلى أمريكا وافتتاحه استوديو للفن في بوسطن عاصمة كومنولث ماساشوستس، إلا أن الفن لم يكن سببًا في الشهرة الواسعة التي اكتسبها صمويل مورس.
كانت وفاة زوجة مورس الأولى، لوكريتيا ووكر، عام 1825 دافعًا له في وضع خطة لإنشاء طريقة جديدة للاتصال السريع لمسافات طويلة. فأثناء رسمه لبورتريه في واشنطن، تلقى مورس رسالة تخبره بمرض زوجته المفاجئ، ورغم إسراعه في الاستجابة وذهابه على الفور إلى ولاية كونيتيكت حيث منزله، إلا أنه لم يلحق بها، فقد توفيت قبل وصوله ببضعة أيام.

لوكريتيا ووكر/ مصدر الصورة
بعد ما عاشه مورس من حزن على فراق زوجته بسبب عجز نظام الرسائل عن تزويده بالأخبار بشكل أسرع، عزم على ابتكار طريقة للمراسلة أكثر سرعة، وهكذا كان لوفاة الزوجة الأولى سوزان ووكر دورًا -ولو بطريقة غير مباشرة- في ميلاد فكرة إنشاء التلغراف أحادي السلك.
3- أم وزوجة جرهام بل كانتا سببًا في اختراع التليفون
كانت السيدة إليزا جريس سيموندز والدة المخترع الأمريكي أسكتلندي الأصل ألكسندر جراهام بيل مصابة بالصمم، وهو ما كان له تأثير على اختيار ألكسندر المهني مدرسًا للصم.
في إدنبرة، ترك ألكسندر المدرسة الثانوية الملكية وهو في الخامسة عشر، من عمره دون أن يجتازها، وظل يتنقل مع عائلته الي استقرت في أونتاريو بكندا، ولكنه فضّل في النهاية الانتقال إلى بوسطن، حيث درس في مدرسة الصم والبكم، وبعدها أصبح مدرسًا للصم في مدرسة كلارك في نورثهامبتون، ماساتشوستس.
هناك تعرف ألكسندر على مابل هوبارد، التي أصيبت بالصمم في الخامسة من عمرها، وتزوجها في عام 1877. وبسبب ما تعانيه كل من والدته وزوجته، اهتم ألكسندر بمبادئ الصوتيات، وأجرى العديد من التجارب لنقل الموجات الصوتية عبر الأسلاك.

اكسندر جراهام بيل وزوجته مابل هوبارد/ مصدر الصورة
في تلك الأثناء، كرّس ألكسندر وقته للبحث عن طرق لنقل العديد من رسائل التلغراف في وقت واحد عبر سلك واحد، وأثناء العمل على التجارب تمكن من نقل الأصوات واخترع الهاتف. وفي عام 1880، منحت الحكومة الفرنسية جائزة فولتا لألكسندر بسبب إنجازاته في العلوم الكهربية، فاستخدم ألكسندر أموال الجائزة لإنشاء مختبر فولتا، وهو مؤسسة لدراسة الصمم من أجل تحسين حياة الصم، كما خصص الكثير من وقته لتحسين الفونوغراف.
4- إيفا لوسينا بوردي.. صاحبة الفضل في اختراع الحاسوب
في عام 1941، أنشأ الأمريكي جون فنسنت أتاناسوف بمساعدة أحد طلابه في كلية ولاية آيوا أول كمبيوتر رقمي إلكتروني، ولذا عرف باسم «أبو الكمبيوتر»، ويعود الفضل الأكبر لتحقيق هذا الإنجاز إلى إيفا لوسينا بوردي، والدة جون التي عملت مدرسة لمادة الرياضيات.
كان جون طالبًا مجتهدًا درس الكهرباء في المدرسة الابتدائية، وكان قادرًا آنذاك على إصلاح الأسلاك الكهربائية المعطوبة في المنزل. فيما بعد، لاحظت إيفا اهتمام ابنها بمادة الرياضيات، واستخدامه السليم لمسطرة «Dietzgen» التي يستخدمها والده في عمله، ولم يكن تجاوز التاسعة من عمره، فبدأت في تدريسه الدوال المثلثية واللوغاريتمات.
لم تكفِ الأم بهذا القدر، بل جلبت له كتب الرياضيات لطلبة الجامعة، فأصبح جون على علم ودراية بالمفاهيم الرياضية والمعادلات التفاضلية. كما عرفته والدته على نظام العد الثنائي، وهو نظام يمثل القيم العددية باستخدام رمزين فقط عادةً ما يكونان (0 و1).
كان هذا دافعًا لجون لدراسة الفيزياء النظرية، والحصول على بكالوريوس العلوم في الهندسة الكهربائية، واستكمل دراسته في كلية ولاية آيوا الشهيرة ببرامج العلوم والهندسة. في السنوات التالية، كان جون مصممًا على تطوير آلة حوسبة متقدمة، وعمل مع مساعده «كليفورد إي بيري» على بناء أول كمبيوتر، وبذلك كان جون أول من استخدم الأرقام الثنائية (1 و0) لتمثيل جميع الأرقام في بيانات معينة.
5- نانسي إديسون.. المرأة التي منحتنا 1000 اختراع
سجل توماس إديسون طوال حياته 1093 براءة اختراع مما جعله من أشهر الأسماء على الساحة العلمية. وُلد إديسون في عام 1847، وفي سن مبكرة، أصيب بمشاكل وراثية وصعوبة في السمع رافقته عند دخوله المدرسة، ورغم إبداعه وفضوله إلا أنه كان يشعر بالملل ما جعله يستمر بضعة أشهر في فصل دراسي واحد دون اجتيازه، فوصفه مُعلمه بأن إدراكه بطيء مما يجعله غير ملائم للمدرسة.

نانسي إليوت إديسون/ مصدر الصورة
هنالك أخرجته والدته «نانسي إليوت إديسون» من المدرسة، وتولت تعليمه بنفسها، وجلبت له كتب العلوم حينما اظهر شغفه بالأشياء الميكانيكية والتجارب الكيميائية. وقد اعترف توماس إديسون بفضل والدته عليه خلال لقاء أجراه مع إحدى الصحف في عام 1907، فقد قال في تصريحاته إن والدته كانت أكبر مدافع عنه، فحينما أخبرها بأن مُعلّمه قال إن إدراكه بطيء، أخذته وعادت إلى المدرسة، وأخبرت المعلم بغضب أن ابنها أكثر إدراكًا منه شخصيًا، وهو ما أعطى لتوماس دفعة قوية أكسبته الحماسة وتمكن من إثبات ذاته.