تُعرف الكوارث الطبيعية وفقًا للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر «IFRC» بأنها ظواهر فيزيائية تحدث بشكل طبيعي وتنتج إما عن أحداث سريعة أو بطيئة الظهور، ويمكن أن تكون جيوفيزيائية كالزلازل والانهيارات الأرضية والتسونامي والنشاط البركاني، أو هيدرولوجية كالفيضانات، أو مناخية مثل درجات الحرارة القصوى والجفاف وحرائق الغابات، أو جوية كالعواصف والأعاصير، أو بيولوجية مثل الأوبئة والأمراض.

وتحدث الكوارث الطبيعية نتيجة لاختلال التوازن الناشئ عن العمليات الجيولوجية اليومية، ولذا لا يمكن التنبؤ بها أو التحكم فيها، مما يسبب وقوع خسائر كبيرة سواء في الأرواح أو الممتلكات، ويعتمد التأثير المحتمل لهذه الكوارث الطبيعية على حجم وموقع الحدث. إذا وقعت الكارثة في منطقة مكتظة بالسكان، فإنها تتسبب على الفور في مزيد من الضرر لكل من الأرواح والممتلكات.

هناك جدل حول ماهية أكثر الكوارث فتكًا في كل العصور، بسبب التناقضات في عدد القتلى، خاصة مع الكوارث التي حدثت في الماضي البعيد، إذ فُقِد عدد الوفيات في أقدم الكوارث في التاريخ. وفيم يلي نستعرض أكثر الكوارث الطبيعية حصدًا للأرواح في التاريخ المسجل.

1- الجفاف والمجاعة الصينية الكبرى أواخر الخمسينيات

الجفاف هو ظاهرة بطيئة في دورة المناخ الطبيعية، ناتجة عن نقص هطول الأمطار إلى جانب عوامل أخرى، وغالبًا ما يؤدي إلى نزوح جماعي للسكان. يؤدي الجفاف إلى نقص المياه والغذاء، وغالبًا ما يكون له تأثير بيئي واقتصادي وصحي طويل الأجل على السكان. وتنتشر الأمراض وتحدث الوفيات نتيجة نقص المغذيات، وزيادة فقر الدم، وتنتشر الأمراض المعدية، وأمراض سوء التغذية، فالجفاف ليس بالأمر الهين.

ويعد الجفاف الذي ضرب الصين في الفترة بين عامي 1958 و1961 أكبر الكوارث الطبيعية المعروفة حتى الآن، فقد تسبب في حدوث مجاعة خلفت وراءها ما بين 10 و47 مليون قتيلًا في المناطق الريفية الصينية. أسباب ونتائج المجاعة الكبرى محجوبة جزئيًا وتخضع لنقاش كبير، فعلى الرغم من أنها كانت ناتجة بشكل رئيسي عن الجفاف والظروف الجوية، إلا أنها ساءت بسبب سياسات السلطة الشيوعية.

فوفقًا للحزب الشيوعي الصيني، فإن تلك الفترة بين 1959 و1962 شهدت سلسلة من الكوارث الطبيعية، ولا توجد إشارة إلى وجود مجاعة كبرى، ويستندون في هذا إلى حدوث فيضان للنهر الأصفر في عام 1959، وهو ما تسبب في غرق الآلاف وتدمير ما يقرب من 100 مليون فدان لتصبح خاوية من المحاصيل. تبع الفيضان فترة من الجفاف والحرارة الشديدة وانخفاض إنتاج المحاصيل للنصف تقريبًا، وللربع في العام التالي، وتعرضت المناطق الجنوبية لعدد من الأعاصير.

دولي

منذ 3 سنوات
أبرز الكوارث التي لحقت بالبشر في آخر 10 سنين

يتفق معظم المؤرخين الغربيين على أن السياسات الحكومية الفاشلة وسوء الإدارة البشرية كانت مذنبة أكثر من هذه الكوارث الطبيعية، فقد كانت عواقب غير مقصودة لبرامج اقتصادية غير مدروسة جيدًا وسيئة التنفيذ، بحسبهم. أخفت حكومة الحزب الشيوعي الصيني المعلومات والإحصاءات المتعلقة بالمجاعة، لذا لم يتم حساب إجمالي عدد القتلى بدقة. الإجماع هو أن حوالي 30 مليون شخص ماتوا، على الرغم من أن بعض المؤرخين قد اقترحوا أن ما يصل إلى 45 مليون لقوا حتفهم، بينما قدرها الصحفي الصيني «يانج جيشينج» بحوالي 36 مليون قتيلًا.

وكان يانج قد عمل متخفيًا لمدة 10 سنوات من أجل تجميع معلومات تفصيلية عن المجاعة التي كانت سببًا في موت والده مع الملايين، فقد كان يانج يعمل مراسلًا لدى وكالة شينخوا الرسمية، وتمكن من الوصول إلى أرشيف المقاطعات للبحث في السياسات الرسمية وقت المجاعة.

2- فيضانات الصين 1931

كان عام 1931 عامًا سيئًا في تاريخ الصين، فقد مرت فيه واحدة من أسوأ الكوارث الطبيعية في التاريخ. في هذا العام اتحدت ثلاثة من أكبر أنهار الصين معًا؛ وهم النهر الأصفر، ونهر يانجتسي، ونهر هواي، ليقرروا أن يغمروا وسط الصين بمياههم لتودي بحياة ما بين مليونين إلى 4 ملايين شخصًا.

مرت الصين بين عامي 1928 و1930 بفترة من الجفاف الشديد، فانخفض معدل سقوط الأمطار، وانخفض منسوب مياه الأنهار، فجفت التربة. أعقب ذلك موجة من العواصف الثلجية في شتاء 1930، وهطول أمطار غزيرة في ربيع 1931، مما أدى إلى ذوبان الجليد المتكون، وارتفاع منسوب مياه الأنهار، وجاء شهر يوليو (تموز) بالضربة القاضية، فشهدت الصين سبعة أعاصير مدمرة في الشهر ذاته.

تكاتفت تلك الظواهر الجوية معًا، لتعمل ضد السدود سيئة التصميم المشيدة على الأنهار، لتفيض الأنهار الثلاثة على ضفافها، حيث بُنيت المجتمعات محل الغابات التي أزيلت بشكل مفرط، واندفعت المياه لتصل إلى وسط الصين في أغسطس (آب).

قُتل حوالي 150 ألف شخص في الفيضانات المباشرة، لكن الناجين واجهوا مشاكل أخرى أدت إلى النتيجة ذاتها. قضت الفيضانات على المحاصيل وجرفت مخازن الحبوب ودمرت الطرق. أصبح سكان الريف بلا مأوى وتقطعت بهم السبل دون طعام، ودون أي وسيلة للوصول إليها. ظلت الأرض مغمورة بالماء حتى مع حلول الخريف، فلم يتمكن المزارعون من زراعة المحاصيل للعام المقبل. لم تتمكن حكومة الصين من إنقاذ القرى المحاصرة. ارتفع عدد القتلى، فمات الملايين من الناس جوعًا، وانتشرت الأمراض في المجتمعات الضعيفة، وظل اللاجئون المشردون عالقين دون مأوى، وقيل إن عدد الضحايا قد بلغ 3.7 مليون قتيل.

3- فيضان النهر الأصفر بالصين 1887

يعد النهر الأصفر ثاني أطول الأنهار في الصين، وقد سبق أن تعرض لفيضان شديد التدمير قبل الذي تحدثنا عنه بالأعلى، ففي الجزء الأخير من صيف عام 1887، سقطت الكثير من الأمطار الغزيرة، فارتفع مستوى المياه في النهر الأصفر، ليتجاوز ارتفاع السدود في مقاطعة خنان الصينية، وحدث انهيار للسدود في 28 سبتمبر (أيلول) من العام ذاته، لتغمر المياه حوالي 13 ألف كيلومترًا مربعًا من الأراضي الزراعية.

وباعتبارها نتائج مباشرة لتلك الكارثة، دُمرت 11 مدينة كبيرة ومئات القرى، كما لقي 900 ألف شخص حتفهم، وتشرد نحو مليونين آخرين، ويتراوح العدد الكلي للوفيات التي حدثت نتيجة الأمراض والتشرد والغرق ما بين مليون إلى مليوني قتيل، ويرجع تعرض النهر الأصفر للفيضانات بكثرة في الماضي بصورة أكبر من الأنهار الأخرى إلى المحتوى العالي للطمي في المنطقة. ملايين الأطنان من الطين الأصفر غالبًا ما تتسبب في فيضان النهر وتغيير مساره، إذ يصبح مجرى النهر أعلى من مستوى الريف المحيط.

4- زلزال شنشي 1556

رغم أنه في المركز الرابع في قائمتنا، إلا أن زلزال شنشي يحتل المركز الأول باعتباره أكثر الزلازل فتكًا في قائمة الزلازل التي تم تسجيلها على الإطلاق، ففي 23 يناير (كانون الثاني) لعام 1556، ضرب زلزال قُدرت قوته بنحو 8 إلى 8.3 درجة مقاطعتي شنشي، وشانشي في الصين، وشعر به سكان تسع مقاطعات أخرى.

على الرغم من أن الزلزال لم يستمر سوى ثوانٍ، إلا أنه أدى إلى تسوية الجبال وتغيير مسار الأنهار وتسبب في فيضانات عارمة، وشقوق أرضية، ووصل الضرر إلى بعد 800 كم. أسفر الزلزال عن مقتل ما لا يقل عن 830 ألف شخص، يُعتقد أن هذا العدد الهائل من القتلى قد قلل من عدد سكان المقاطعتين بنحو 60% آنذاك.

5- إعصار بولا بخليج البنجال 1970

بشكل عام، تنشأ الأعاصير نتيجة ارتفاع درجة حرارة الهواء الذي يعلو مياه المحيطات، مما يسبب ارتفاع الهواء للأعلى سريعًا، فيصطدم بالهواء البارد في الأعلى، فيتكثف وتظهر السحب والأمطار. يتسبب تكثف الهواء في انطلاق طاقة كبيرة في صورة الرياح، وبسبب إحدى الظواهر الفيزيائية، تدور الرياح حول بعضها فيتكون الشكل الحلزوني المميز للأعاصير.

في الفترة بين 8 و13 نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 1970، شهد خليج البنغال وشرق باكستان إعصارًا هائلًا. أثناء تفكك عاصفة استوائية في المحيط الهادي، تشكل منخفض استوائي في خليج البنجال في الثامن من نوفمبر 1970، ووصلت سرعة الرياح 185 كم في الساعة، وتوجه ناحية شرق باكستان شمالًا ليصل إلى الساحل في 12 نوفمبر مع تزايد سرعته إلى 205 كم في الساعة.

غمر الإعصار سهول الأراضي المنخفضة المكتظة بالسكان في دلتا نهر الغانج ودمر مئات القرى طوال الليل في 12 نوفمبر خلال موجة مد أعلى من المتوسط وصل ارتفاعها ما بين 6 و10 أمتار، وسرعة رياح 225 كم في الساعة.

هُدمت المناطق الساحلية، وتدمرت المنازل وتشرد أهلها أو ماتوا، فقد توفي حوالي 300 إلى 500 ألف شخص بشكل عام معظمهم من حالات الغرق، وقد كان ساحل الفقراء هو المنطقة الأكثر تضررا. كانت العواقب أسوأ من التأثير الأولي، حيث كان هناك القليل من الطعام، وكانت المياه ملوثة، فإما أن يموت الناس من الجفاف أو من الأمراض لأنهم شربوا الماء.

6- أعاصير 1737 و1839 و1881

تشمل المرتبة السادسة ثلاثة أعاصير تسبب كل منها على حدى في مقتل نحو 300 ألف شخص، وتشمل هذه الأعاصير:

– إعصار نهر هوجلي في عام 1737

في 11 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1737، ضرب إعصار كبير اليابسة داخل دلتا نهر الجانج، الواقعة جنوب كلكتا، غرب البنجال، الهند. تسبب الإعصار في حدوث عاصفة في نهر الغانج مع سقوط الأمطار. تركت العاصفة دمارًا كبيرًا، وقتل ما بين 300 إلى 350 ألف شخص.

العالم والاقتصاد

منذ 8 سنوات
أعلى 10 كوارث طبيعية من حيث الخسائر المادية

– إعصار كورينجا في عام 1839

كانت كورينجا مدينة ساحلية هندية، ضربها الإعصار في 25 نوفمبر 1839، ودمر نحو 20 ألف سفينة، وخلّف وراءه ما يقرب من 300 ألف قتيل.

– إعصار هايفونج 1881

في 8 أكتوبر لعام 1881، ضرب إعصار شديد خليج تونكين، مما تسبب في موجات المد التي غمرت مدينة هايفونغ في شمال شرق فيتنام، وتسبب في دمار واسع النطاق، وقتل ما يقدر بنحو 300 ألف شخص.

المصادر

تحميل المزيد